نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2304 - 2008 / 6 / 6 - 08:37
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
المعاملة بالمثل هو مبدأ معروف في العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين الدول، وأي تقصير في استعمال هذا المبدأ، أو التلكؤ في تطبيقه يعتبر انتهاكاً لسيادة البلد المعني، وانتقاصاً من كرامة مواطنيه. ومن هنا، لا أدري لماذا، وما الحكمة في عدم قيام وزارتي الداخلية والخارجية في سوريا بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على المواطنين الخليجيين عموماً، وعلى السعوديين الوهابيين، بشكل خاص، الذين يتفنـّون في إذلال السوريين أيما إذلال، بمجرد دخولهم إلى مضارب أشقائنا في "العروبة والإسلام"، عن طريق التشدد والتلويع و"المرمطة" في منح أذونات الزيارة "الفيزا"، والإقامة والشروط التعجيزية الأخرى في العمل والتملك وشراء العقارات أوالزواج وهضم وإنكار حقوق العمل والتعويضات والمعاش وعدم وجود أي نوع من التأمينات الصحية أو التقاعدية ومنح الجنسية أو الإقامة الدائمة، وعدم السماح بالقيام بأي نوع من النشاطات الاقتصادية المستقلة، وفرض الخوات والأتاوات والتمييز الصريح في الأجور والرواتب والتعويضات.....إلخ، وتحديداً، وهو الأهم عن طريق فرض نظام الكفيل العنصري عليهم، هذا النظام العبودي النخاسي الاسترقاقي المذل المهين الذي لم يكن موجوداً في حقب السبي البدوية السوداء، ولا حتى في روما القديمة حين كان العبيد يعرضون في أقفاص للبيع في الشوارع العامة، وانتفض لهم فيما بعد سبارتاكوس انتفاضه المشهورة وكانت أول ثورة في منظمة ضد أنظمة الأبارتهيد والعبودية والفصل العنصري.
ولا أدري، في المقابل، لماذا لا يكون هناك كفيل سوري لكل زائر خليجي إلى سوريا مهما كبر كرشه، ومهما بلغت ثروته، وعلت مرتبته؟ ولماذا تتلكأ الجهات المعنية حتى الآن في تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على الخليجيين، والسعوديين بشكل خاص الذين يدخلون سوريا وكأنها وكالة من غير بواب، وبدون إجراءات الفيزا المسبقة، ويسرحون ويمرحون فيها بكل حرية ويتملكون العقارات ويتزوجون ويشترون المساكن والفلل ويبنون البنايات، ويسمسرون و"ينكحون ما طاب لهم من النساء"، ويعاقرون الخمر والمسكرات والمخدرات، ويتنقلون بحرية ويقضون الليالي المخملية الحمراء في الكباريهات والكازينوهات، ويعاملون بكل أريحية واحترام وعلى عينيك يا أيها المواطن السوري المسكين المحتار؟ وللعلم، فهناك اليوم أحاديث مرعبة عن مضاربات وعمليات شراء محمومة لأراض وعقارات وفي مناطق معينة في سورية من قبل مستثمرين ورجال أعمال سعوديين بغية تغيير الطابع الديموغرافي والسكاني والملكية لمناطق بعينها، مما رفع أسعار الأراضي، حتى الزراعية منها، بشكل جنوني. فقد أصبحت منطقة صلنفة الحراجية الجبلية السياحية الساحرة، مع مناطق أخرى لا تقل سحراً وجمالاً، "مستوطنات" خليجية يتملك أجزاء كبيرة منها خليجيون، بكل ما في الكلمة من معنى، ونقلوا إليها عاداتهم وتقاليدهم وسلوكهم البدوي المريب المحافظ والمتخلف، ونرجو ألا يكون هنا، أيضاً، أي ربط هنا بمصطلح "المستوطنات الصهيونية" المعروف، فيما يتجرع السوري الذل والمر والمهانة عندما يفكر، مجرد تفكير، بدخول بلد خليجي حيث يحرم من أي حق إنساني بسيط ويقاسمه الكفيل تعبه وجهده ورزقه وعمله في عملية ابتزاز وتشليح وسطو وتشبيح قل نظيرها في تاريخ العلاقات الإنسانية بين الشعوب، وعلى مرأى ومسمع من السلطات الخليجية التي جعلت من الكفيل في نظام الفصل والتمييز العنصري إلهاً ورباً وشريكاً في كل قرش ويتحكم برقبة ومصير الوافد المقيم.
فقد كثرت القصص، وبات تزكم الأنوف، تلكم المآسي المتداولة والشائعة عما يلاقيه السوريون على أيدي إخوانهم في العروبة والإسلام، من حيق وقهر وضيم وعنصرية وإهانة وتجريح يومي وإرهاب ديني فاشي على أيدي المطاوعة، والسلطات الرسمية، ومعاملة فظة قاسية باتت من تقاليد الحياة ويومياتها في "أرض الحرمين الشريفين" بدءً بالقطع المتعمد لرؤوس السوريين، وليس انتهاء بالتسفير والحجز التعسفي والفصل من العمل وقطع الأرزاق ومنع الدخول ودفع الخوة والأتاوات ناهيكم عن العجرفة والتعالي والعنصرية والاحتقار والعنجهية والفوقية والفظاظة في المعاملة. فقد روى لي المواطن السوري مجد الدين. ح، ما حل به من ضيم وحيف وظلم وإذلال، إذ كان يعمل بصفة سائق خاص، أي "شغل دراويش"، حين كان ذاهباً لإحضار طعام الغذاء لزوجته وأطفاله المقيمين في مدينة الرياض بالسعودية، وعند المخرج 17 المتفرع من شارع الأمير سلمان، قامت دورية مرور بقيادة العقيد خالد ماجد السبعاني بإيقافه، مع مجموعة أخر إلى أن بلغت حوالي الثلاثين "نفراً"(هكذا يسمي الوهابيون المقيمين)، وحالما تم التأكد من هويتهم السورية جميعاً، وتحديداً، خـُفرواً فورياً إلى "الترحيلات"،(المكان الذي يتم منه طرد المقيم من البلد)، ومنهم من كان ذاهباً لإحضار بناته وأطفاله من مدارسهم، لم يعد إليهم حتى اليوم ولا يعرف مصيره. وفي الترحيلات كان هناك حوالي الثلاثة آلاف سوري حسب ما نقله لي السيد مجد الدين، تم تجميعهم ظلماً وافتراءً وبحجة قيام هؤلاء بسرقة كابلات كهرباء نحاسية عائدة للأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وبيعها في السكراب. ولقي هؤلاء من صنوف الإهانات والاحتقار والتجويع والازدراء ما لا يوصف وما لا يطاق. ومن أتى كفيله تم ترحيله فوراً ومنهم السيد مجد الدين( كفيله هو جمال عطية الحارثي)، ومن لم يأت كفيله حتى اللحظة فهو ما زال عالقاً في الحجز التعسفي ليواجه العدم والمجهول مع أسرته وأطفاله، وربما تقطع رقيته، ويصبح بلا رأس، بتهمة ملفقة فكل شيء جائز في المهلكة الوهابية.
ورافق هذا الوضع الشاذ والغريب، غارات أمنية مكثفة على منطقة الفيصلية والسلـّي حيث تقع محلات "السكراب"، أي بيع المواد الخردة، ويتم التنكيل بالمقيمين في هذه المنطقة وجلـب المزيد من السوريين تحديداً من المقيمين الفقراء، وبدون أي وجه حق أو قرائن إدانة قانونية. وتجري بعد ذلك كما أسلفنا عمليات الإبعاد القسري والترحيل الجماعي والتعسفي والطرد من البلاد للسوريين، وإنهاء لخدماتهم دون تعويضات ودون إعطائهم أي فرصة لتخليص أمورهم وترتيبها، ومنهم من ترك زوجته وأطفاله دون معرفة أي شيء عن مصائرهم، وتم قطع أرزاقهم جميعاً لسبب وحيد وهو حملهم للهوية السورية في بلد لا يملك الشخص فيه أي حق للدفاع عن النفس فلا محاكم ولا مرافعات ولا محامون ولا قضاة، وكل ما هناك مجموعة من البدو الأجلاف من فظي القلوب والقساة الذين تلقوا بعض العلوم الشرعية في إقامة الحدود وقطع الرقاب، وبمؤازرة رجال الهيئة، الذين يقومون بحز أعناق الناس، والتنكيل بهم، بسادية ومزاجية غريبة، وهكذا على الطالعة والنازلة، وبسبب ومن دون سبب، تحت ذريعة ويافطة تطبيق شرع وقانون الله؟
فهل من بعد الكفر ذنب؟ وهل من بعد الوهابية كارثة ومنكر وسوء طالع وحظ وشر مستطير وإثم ؟ ومن ينصف هؤلاء المظلومين المساكين الفقراء الذين وقعوا في شرك وبراثن أمراء الوهابية الأشرار؟ والأهم، من كل ذلك، ما هو رأي المعارضة السورية المتسعودة، وخاصة، بفصيليها القومي( رفعت الأسد)، والخلاصي الإخواني (خدام البيانوني) حلفاء آل سعود، في هذا السلوك البربري والعنصري المشين؟
أنقذوا السوريين من العنصرية والعبودية والهمجية الوهابية الرعناء.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟