الدين بشكل عام هو فكرة احترام خالق ما ، يرجع له الفضل بوجودنا ووجود العالم الذي نعيش فيه ، والطقوس العبادية هي تعبير عن الشكر لهذا العمل . والعازف عن هذه الطقوس هو مجحف وجاحد ، اكان رجلا او امراة ويتحمل تبعات جريرة عمله في الاخرة ووعده الله بجهنم وبئس المصير . والطائع أعدت له جنات تجري من تحتها الانهار وحور العين وما تشتهي الانفس . والملاحظ ان ما أُعد للرجل اكثر بأضعاف مما أُعد للمرأة التي لا يعرف مصيرها او نصيبها من الرجال في الجنة، ولا احد يود ان يتحدث عن ذلك لانه لا يعرف الجواب . ولان الجواب يتعارض مع الوعد بكثرة حور العين للرجال وشعور المرأة الفطري بأمتلاك رجل واحد ، وأن يكون لها وحدها . للرجل في الجنة مطلق الحرية في ما يشتهي او يرغب ، وله مطلق الحرية في الدنيا ايضا وفق المعاير الدينية ، اما المرأة فليس لها في الجنة سوى المكان وليس لها في الدنيا سوى البيت وتربية الاطفال والقيام بواجبات الرجل ومتطلبات الزوجية ، وليس لها الا الطاعة والموافقة اذا اراد الرجل ان يتزوج عليها ثلاث زوجات اخراو ان يضاجع ما ملكت يمينه دون عدد ودون مراعاة لمشاعر الزوجة .
الديانات بشكل عام لا تعير اهتماما كافيا لقضية المرأة كاحاسيس او مشاعر بل تنظر اليها مخلوقا مكملا لسعادة الرجل ، وتابعا له , وملبيا لرغباته ونزواته . ومهما ادعى البعض من اكرام الدين للمرأة فانها تبقى عنصرا مثيرا للشهوات الجنسية وعليها الاحتشام في كل شيئ.
لا يحس الرجل بوطئة الدين ولا بثقلة عليه لكن الدين يكون عبئا ثقيلا على المرأة لانه يعتبرها عورة ، كل شيئ فيها عورة حتى صوتها او اصبعها او مشيتها . فاذا كان الجسد عورة فماذا يتبقى من المراة اذن واي احترام لها ككائن بشري .؟ وكيف يكرم الدين المرأة عندما يعاملها وفق احاسيس الرجال الجنسية .؟
اكثر الناس المكتوين بنار الدين هن النساء ، ولهذا السبب كان نظال النساء قويا للتحرر من هذه النير الذكوري المسلط عليهن بأسم الدين . المرأة وحدها لم تكن لها المقدرة والاستطاعة الكاملة لمواجهة ذلك بمفردها فهبت مع اخيها الرجل المتنور ، اكان رجل دين ام رجل سياسة ، بوجه التعسف والاستغلال واستطاعت ان تقطع اشواطا كبيرة نحو الانعتاق الكامل من هذه العبودية المقننة الا ان وصل الامر في المجتمعات المتمدنة للمطالبة بمساواة الرجل مع المراة . وقدم احدهم شكوى الى محكمة الاتحاد الاوربي يشتكي فيها من تفضيل النساء على الرجال في العمل ، وكسبها ..لقد حققت المرأة جدارة وكفاءة عاليتين في جميع الميداين العلمية والعملية والقتالية والاجتماعية والرياضية . ولم ينظر الى المراة شبه العارية في مهرجانات الرياضة العالمية على انها مثيرة للجنس او الشهوات ، لم ينظرالى جسدها احد بل الى مقدار الانجاز الذي حققته في هذا المجال .
ومع ان مطلب النساء في المجتمعات الشرقية لا يتعدى حدود المطالبة بتعديل القانون في التعامل والموقف من انسانيتها مثل الاستشارة عند زواج امراة اخرى او حق الحضانة وعقد زواج يضمن حقوقها والموقف من العمل ومساواتها مع اخيها الرجل في الاجور وحقها في التعليم وفي السكن والسفر دون محرم وحق طلب الطلاق عند انتفاء شروط الزواج والقضاء على حالة النشوز غير الانسانية التي اصبحت صفة ملازمة لرجعية الديانة الاسلامية وموقفها من المرأة ....هذه المطالب هي انسانية الطابع ولا تعتدي على الدين او الاعتقاد ولا تحد من سيطرة الرجل الشرقي.
ولكن رجال الدين لا يمكن ان يرضيهم هذا ولا يريحهم ان تتحرر المرأة ، ويبدوا ان القوانينين الدينية لا تتميزعن القوانين العملية الا في حالة حجب الحريات فقط والموقف من بعض الامور الطبية والعلمية ، فلا توجد نظرية اقتصادية اسلامية ، ولا ديمقراطية اسلامية خاصة ،ولا قوانين عمل اسلامية متميزة ، مجمل هذه القوانين الاسلامية المعمول بها في التجارة والاقتصاد والسياسة هي قوانين غربية معدلة ومحورة بما يناسب المحافضة على وضع الطبقة الحاكمة .كل شيئ يشبه القوانين الرأسمالية ما عدا قوانين الحريات ، فهي اسلامية خالصة مشبعة بروائح العصور الوسطى او قبل هذه العصور وخاصة بما يخص المرأة.
اللامر الافت للنظر هو ان هذه الاحزاب التي حاولت الغاء قانون الاحوال الشخصية الصادر في ستينات القرن المنصرم، تدعي انها تناظل وناظلت من اجل حرية الانسان وانعتاقة من بوتقة الاستبداد السلطوي ،واذا بها تحاول حجب حرية المرأة نصف المجتمع واكثر من نصفه في العراق الحالي ..ربما ان المرأة لا تعتبر انسانا بنظرهم ..!
هذه المحاولة تكشف وبوضوح محاولة زرع الفكر الاسلامي بشكله الظلامي المشابه لصاحبه الايراني او السعودي في البيئة العراقية . وتكشف كذلك ان هناك توجه لارغام المشرعين القانونين باتباع الشريعة وجعلها اساسا لجميع القوانين التي ينبغي تشريعها ومن ثم كتابة الدستور على اسس دينية او افراغه من محتواه اذا تعارض مع هذا التوجه .
ولنا ان نعرف الان اصرار الاطراف الدينية على ضرورة الانتخابات في الوقت الحاضر متوخين جهل الناس وعدم معرفتهم على قراءة الوضع السياسي الحالي قراءة صحيحة ومن ثم مجيئهم بأغلبة تعطيهم الحق بأجراء التغيرات التي يزمعوا ان يقوموا بها وكتابة القوانين وكتابة الدستور حسب الرؤية الدينية .
مجلس الحكم الذي حضى بدعم ومساندة العراقين في بداية الانتصار على همجية البعث سوف لن يحضى باية مساندة اودعم اذا استمر على ماهو عليه الان . فلم يثبت هذا المجلس ولا وزاراته المتعددة امكانياتهم على تحسين حياة الناس ولا حل المشاكل ولا الحفاظ على الامن ولا الحد من الرشوى في مرافق الدولة ولا الاشراف على المشاكل التي تعصف بالطبقات الفقيرة. والواضح ان عدم الانساجام وطريقة التفكير المتباينة بين اعضاء المجلس هي احد المعوقات الرئيسة التي تعيق العمل وخاصة الاحزاب الاسلامية التي تثبت يوما بعد اخر مواقفها الخاطئة فمن تصريح السيد عبد العزيز الحكيم بضرورة دفع التعويضات الى ايران والى الموقف الخاطئ من مظاهرات كركوك الى الغاء قانون الاحوال الشخصية والاصرار على الانتخابات بظروف غياب الامن وانتشار التزوير والارهاب الى ملاحقة النساء غير المحجبات او اجبارهم على الحجاب او مطاردة الخمارين وجلدهم في المساجد ، الى انظمام الحزب الاسلامي لمجلس الشورى الطائفي ومحاولتهم ارجاع البعثين واجراء المصالحة غير الوطنية وغياب موقف سياسي صريح من مجمل الاحداث التي تتطلب الجرأة والصراحة في الطرح . كل هذا يعطي انطباعا عن عدم قدرة الاحزاب الدينية ،اكانت شيعية او سنية ، على اتباع سياسة عصرية خالية من الهموم الالاهية ومشبعة بهموم الانسان ومصالحة الدنيوية وليست الدينية التي هي من اختصاص الانسان نفسه ولا يحتاج الى اي واسطة او وسيط للوصول الى الله .
الا يحق لنا اخيرا ان نشير الى ضرورة ان يملك الاجنبي حق الفيتو لمنع مثل هذه القرارات الظلامية ..؟ الا يمثل حق الفيتو مصباحا امام خفافيش الظلام في دهاليز التامر الديني المعتمة .؟ لولا هذا الحق لكانت نسائنا لها ، عمل كان ، لا غير .. الرفع فقط...! اما حكم الخبر فعند الرجل ..