يوم صدر قانون الأحوال الشخصية برقم 188 لعام 1959 ، نتيجة نضالات المرأة العراقية طيلة أربعين عاما ، منذ تأسيس الحكم الوطني في العراق في العام 1921 ، حتى وقت صدور القانون . وجد فيه ( حلف الكراهية ) الذي كان يضم في صفوفه حينها كل القوى المعادية لتقدم العراق من قوميين وناصريين وإسلاميين من كلا الطائفتين ( شيعة وسنة ) وقوى رجعية وإقطاعيين وغيرهم، ضالته في التشهير بإلحاد حكومة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ، ونعتها بشتى النعوت ( لغاية في نفس يعقوب ) وهي العداء للحكومة الوطنية والتحضير لإسقاطها . وكان أول ما بشر به إنقلابيو 8 شباط الأسود 1963 ) هو الغاء المادة التي يتضمنها القانون والتي كانت تساوي بين الذكر والأنثى في الميراث . وطوال الواحد والأربعين عاما منذ يوم شباط الأسود لم يتجرأ الساديين من ورثة يوم 8 شباط على التجاسر وإلغائه ، رغم التعديلات التي جرت عليه ، لكن يبدو أن بقايا أولئك الذين كانوا ضمن تشكيلة ( حلف الكراهية ) ، والتي لم تسنح لهم الظروف السابقة بالتطاول على القانون ، وجدوا فرصتهم سانحة الآن ، فلعبوا لعبتهم الخاسرة التي سوف يجنون ثمارها المرة في قادم الأيام .
فبدل أن يعيدوا صياغة القانون بموجب الظروف الحالية ، نسفوه بجرة قلم ، معيدين قضايا الأحوال الشخصية عشرات السنين إلى الوراء ، مساهمين بشكل متعمد في تصنيف المجتمع العراقي بموجب ذلك إلى ( سنة وشيعة) ، في قرارهم البائس الذي يحمل الرقم 137 .
لكن هل أدرك مجلس الحكم عظمة فعلته المنافية للتقدم البشري الحاصل الذي ينادي برفض مثل هذه الممارسات ، والتي تصنف ضمن التمييز العنصري والطائفي ، ثم لمصلحة من تثار مثل هذه الضجة التي لسنا بحاجة إليها ؟؟
ثم أين دور الأحزاب والقوى التقدمية داخل المجلس التي قدمت جماهيرها النسوية الكثير على مذبح الشهادة لتحرير الوطن ، والتعجيل بسقوط الطاغية ؟؟ .
أسئلة عديدة تضع مجلس الحكم في الزاوية الحرجة التي لن يستطيع التخلص منها ، لكنها تضع عليه عدة علامات إستفهام يوم تجرى إنتخابات حقيقية في العراق ، ويختار شعبنا ممثليه الحقيقيين ، فهل من مجيب؟؟؟!!.
* كاتب وصحفي عراقي / فيينا