خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2320 - 2008 / 6 / 22 - 08:28
المحور:
القضية الفلسطينية
اهم مستجد في القرن العشرين
انتهى القرن العشرون من حياة البشرية , ولم تنتهي منها اثاره ونتائج الحركة العالمية والاقليمية فيه بل تمتد فاعليتها الى القرن الحالي , وفي حين كان نصيب قسم من البشرية فيه مفرحا , كان ولا بد ان يكون نصيب القسم الاخر المعاناة والالم , وكانها متلازمة تاريخية لا فكاك للبشرية منها , وحتى لا نخوض متاهة التقييمات المختلفة لاحداث القرن , نكتفي هنا بالاشارة الى اهم حدث , يشكل في الواقع العامل الرئيسي الذي اشترط اتجاه حركة البشرية فيه, وهو الانتصار النهائي الحاسم لاسلوب الانتاج الصناعي البرجوازي /وممثله الاقتصادي السياسي, انظمة الراسمال الغربية على اسلوب الانتاج الزراعي الفلاحي الاقطاعي الاسيوي/ وممثله الاقتصادي السياسي, الدولة التركية العثمانية . في الحرب العالمية الاولى, التي مثلت حلقة العنف الاخيرة في العلاقة بين الاسلوبين وقواهما , وترتب على نتيجتها / بغض النظر عن الاامها الانسانية / فتح المجال العالمي على مصراعيه وبلا قيود / تقريبا / امام اسلوب الانتاج الراسمالي في اغلب المجتمعات الانسانية , تحت مراقبة واشراف وتقييد المراكز العالمية الاساسية لاسلوب الانتاج الراسمالي
لقد كان هذا العامل وجدل الية حركته وتحققه , الناظم الشارط للحركة الانسانية في القرن العشرين وفي مجالاتها الرئيسية الصراعين القومي والطبقي , والذي انتهى الى نتائج عالمية واقليمية متنوعة متفاوتة بحسب الشروط الاقليمية والقومية للمجتمعات وموقعها وشروطها في اطار الصراع العالمي الشامل
ولم تكن الحرب العالمية الثانية , ولا انبثاق اسلوب الانتاج الاشتراكي وقواه الاقتصادية السياسية وصراعها مع المعسكر الراسمالي الغربي , ولا معسكر اللاانحياز , ولا قضايا التحرر القومي الاقليمية ولا قضايا التحرر الطبقي الديموقراطية سوى نتائج حتمية لواقعة تحقق انتصار الراسمالية وشروطها , كذلك حقيقة سرعة تحقق وتائر التطور الحضاري والتفوق الانساني في مجالات الخبرة العلمية والتمكن التقني والتكنولوجي الذي يعاد توظيفه سريعا من قبل الانسانية من اجل رفع الامكانيات الاقتصادية لها,والتي هي رافعة المستوى الحضاري للتفوق والتطور , رغم انه اعيد توظيفها ضد قسم من الانسانية خدمة للقسم الاخر , بل يمكن القول ان النتيجة الرئيسية للانقلاب الصناعي الراسمالي في الحياة الانسانية تمثلت في نقل الوعي الانساني من نطاق الية رد الفعل , على الفعل الطبيعي او الانساني المقابل لينتهي الى صيغة الوعي الانساني الاستراتيجي الافق. وهو الوعي المؤسس على الرؤية بعيدة المدى يخدم الوصول لها القدرة على البرمجة والتخطيط التي اصبحت من مستلزمات البقاء والتفوق وتطويرهما دون ان يْسقط ذلك طبعا تفاوت وتنوع شروط القدرة الانسانية في التعامل مع الضروريات المستجدة اللازمة لاستمرارية النوع وحفظ امن القدرة البشرية على الاستمرارية .
التفوق اهم المقولات الفلسفية في القرن العشرين
من غير الضروري البحث عن , التعبير الاجتماعي سياسيا كان او اقتصاديا , او مهما كانت صيغته التي يوردْ بها , الاشارة الى ان تفاوت التفوق اصبح جوهر وشارط نوعية العلاقات الانسانية ليس ببعضها البعض فحسب بل وبعلاقتها في محيطها البيئي والكوني ايضا , كما انه لا ضرورة للاشارة الى ان التفوق بغض النظر عن العامل المتحقق من خلاله , هو الشارط التاريخي الذي حدد نتيجة العلاقات الانسانية في ما مضى , لكن ما نود الاشارة له وتوضيحه ان الصدفة لم تعد هي التي تحدد وضع التفوق في المجتمع الانساني وما يترتب عليه من نتائج بها , وانما اصبح في القرن العشرين ( موضع توجه انساني ارادي ) قافزا بذلك عن دور الصدفة في تحديد موقع المصير الانساني في الحياة, لذلك يمكن القول ان التفوق اصبح اهم مقولة فلسفية انسانية بل اهمها اطلاقا في القرن العشرين , بل ولا يجري صرف اي جهد انساني فردي او جماعي , طبقي او قومي او عالمي , الا بهدف رفع مستوى التفوق وذلك ليس من اجل هدف مباشر فحسب وانما من اجل ادامة استراتيجية له على الاكيد , دون ان يعني ذلك ايضا شرط نجاح كل محاولة انسانية تبذل من اجل هذا الهدف , وهو هدف انساني بصورة عامة اولا , إلا انه هدف قومي اثناء العلاقات الانسانية على الصعيد العالمي , كما انه هدف طبقي وجنسي في العلاقات القومية الداخلية , اثناء العلاقات الديموقراطية . ان هذه الاهمية لمقولة التفوق لا تترسخ بصورة متساوية لدى المجتمعات الانسانية طبعا كما انها لا تترسخ بصورة متساوية لدى طبقات وافراد كل مجتمع قومي ايضا , بل ربما لا تزال كثير من المجتمعات القومية تتعامل مع هذه المقولة بصورة التحسس الغريزي لا الوعي الارادي , لذلك نرى العالم ينقسم الى مستويات تبعا لمقدارتحقق التفوق بها , حتى اصبح المجتمع الانساني ينقسم عالميا الىمعسكرات تبعا لمستوى التفوق المتحقق بها, الى جانب تسميات اخرى من مثل دول التقدم والتخلف الصناعي و الدول الغنية والدول الفقيرة ....الخ وهي جميعا تشير في النهاية الى نفس المحتوى الفلسفي .
ما بين التراكمي والارادي في تحقيق التفوق
مما لاشك فيه ان كل انسان بصيغته كفرد او مجموع يسعى الى التفوق / محروم من ذلك المعاقين عقليا طبعا/ لكن اول شروط تحقيق التفوق وتطوير مستواه لا يمكن ان تخرج عن مواكبة ارقى وسائط ووسائل واساليب ومفاهيم تحقق التفوق عالميا وشرطه القدرة على تطوير القدرات الموضوعية بصورة علمية ارادية برنامجية وتسخير المستوى المتحقق من الامكانيات لهذا الهدف, لذلك لا يمكن قبول نظرة ونهج الاحباط والانهزامية بهذا الشأن من قبل المسئولين عن ترسيخ المفاهيم الايجابية في المجتمع , وهي هنا السلطة اما بحالتها النظرية السياسية كمرشد وموجه او بحالتها المادية كمؤسسة في صورة الدولة والمنظمة والحزب ...الخ , لذلك وفي الاغلب فان السقوط من وضع التفوق , إن أخذ صورة الهزيمة السياسية او الفشل التنموي او الانفلاش الاجتماعي او الانفلات الامني فهو معلل بفشل المحتوى والنهج القيادي المشرف على تحديد وتوظيف الخصائص الشارطة لعملية محاولة التفوق , والبرنامجية التي صاغتها النخبة القيادية , ومعالجة التنفيذ الاستراتيجي بالتاكتيك المرحلي , وما يحتاجه ذلك من تعبئة ومتابعة وتوجيه مستمر, وهوامر لا يزال نصيب مجتمعات منطقتنا منه قليل غير وافر لاسباب متعددة , وفي موقع القلب والاولوية منها مسئولية النهج القيادي في مجتمعاتنا , وصيغة علاقته اللاديموقراطية بالمجتمع , حتى في المجالات التي من المفترض انها مؤسسة على كونها اتحاد حر. وان ادواتها تاسست على هذا الاساس , ويستكمل هذا بترسخ الارادية بديلا للموضوعية كنهج للتعامل مع القضيايا موضوع العلاج . واهم مسالة بهذا الخصوص ضرورة مراجعة مدى تناغم وانسجام وانطباق مقولة القومية العربية الواحدة على واقع الصيرورة التاريخية وشروط التحقق القومي في تاريخ المنطقة ؟ فهي ولا شك المسالة المركزية لاساس اي برامجية تتصدى لمهام تحقيق التفوق ورفع مستوياته اثناء الصراع من اجل تطويرالمستوى العام لكل اجتماع انساني في المنطقة , او في التصدي لمهام التحرر الوطني , او في التصدي لمهام التحرر الديموقراطي.
في الحلقة الثانية سنرى كيف ومن اي موقع وفي اي شروط دخلت منطقتنا القرن العشرون
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟