أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - الإعلام وصناعة الأزمات !















المزيد.....

الإعلام وصناعة الأزمات !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2301 - 2008 / 6 / 3 - 05:55
المحور: الصحافة والاعلام
    


منذ أكثر من ستة شهور استمعتُ إلى تقارير عديدة من محطاتٍ فضائية وإذاعية تتوقّع أن يرتفع سعرُ برميل النفط من ستين دولارا إلى أكثر من مائة وخمسين خلال الأشهر القليلة القادمة !
ومنذ أسابيع عديدة عاد الإعلام من جديد (يُبشّر) العالم بأن أسعار الأرز سوف ترتفع وتتضاعف خلال فترة وجيزة !
ومنذ أيام أعلن الإعلامُ نفسه عن نبوءة اقتصادية جديدة ، وهي ، أن أسعار المواد الغذائية كلها سوف ترتفع خلال السنوات السبع القادمة ، حتى عام 2015
ويستعدّ النظام (الإعلامالي) العالمي بأن يُفجِّرَ القنبلة النووية (القمحية) القادمة ، والتي ستُبشِّر العالم بالكارثة القمحية المتوقعة خلال السنوات القليلة القادمة ، بسبب ضمور المساحات المزروعة بالقمح في العالم ، وبسبب التصحُّر والكوارث البيئية ، مما جعل المخزون العالمي من القمح يتدنى إلى أقل مستوى ، بحيث لا يكفي الاستهلاك العالمي أكثر من أيام محدودة فقط .
وللعلم فقط فقد استغنتْ دولٌ فقيرة كثيرة عن حقول قمحها منذ عقود اعتمادا على قمح أمريكا الأبيض الشهي وقمح سهول روسيا اللدن ،وحولت المساحات الزراعية الواسعة إلى مشاريع إسكانية أو مصانع تحويلية شكلية ، وأبقتْ شعبها تحت رحمة سهول وحقول الدول المنتجة ، اعتمادا على حسن نواياها ، واتكالا على كرمها !
قد يظنُّ كثيرون بأن الأخبار السابقة جزءٌ رئيس من رسالة الإعلام ، وهي الرسالة التي يحملها الإعلام المتمثلة في التحذير من الكوارث والملمات والمصائب القادمة ، وهذه في الحقيقة هي أهم رسائل الإعلام ، غير أن المتابعين المدقِّقين في مضامين الرسائل السابقة يجزمون بأن تلك الرسائل ليستْ بريئة ، وليست غايتها التوعية ، بل هي تغريرية تسعى لقيادة البشرية جميعها نحو أزمة خطيرة .
إذ أن الغاية من التركيز على التنبؤ بالأزمات ، يصل إلى درجة قيادة البشرية نحو تلك الأزمات ، لغاية مكارثية تبريرية، وهي تمهيد الطريق أمام المحتكرين ليوظفوا الأموال لتحقيق أكبر قدر من الأرباح ، حتى ولو كان الثمن إثارة الهلع ، وتشجيع القادرين على التخزين وممارسة الاحتكارات لمضاعفة رؤوس الأموال ، اعتمادا على أن ثلاثة أرباع العالم من الفقراء وهم من العاجزين عن شراء حتى قوت يومهم !
حاولتُ أن أتابع هذا الإعلام لكي أتمكن من إيجاد دليل براءة واحد من التهمة السابقة ، ولكنني لم أجد .
فالمفروض في الإعلام الملتزم برسالة سامية وبهدف يرمي إلى التوعية والتثقيف ، أن يسخر برامجه من أجل منع الكوارث المتوقعة التي يبشر بها الناس في كل يوم .
غير أن هذا الإعلام يقوم بدورٍ معاكس تماما ، فهو يحثّ الناس ليسيروا في طريق الكارثة نفسها ، وما يزال يدفعهم نحوها بقوة وتواصل .
وكان مفروضا أن يقوم هذا الإعلام بدوره في توعية الجمهور بمخاطر الاستهلاك الزائد عن الحاجة ، وبتوجيه الأفراد والأوطان إلى أفضل الطرق للاقتصاد، واستغلال العلوم والتكنولوجيا لزيادة الإنتاج ، وعدم الاعتماد على الاستيراد ، إذا كان هذا الإعلام يسعى لتأدية رسالة سامية .
وكان مفروضا على الإعلام أن يُشير بجرأة إلى الدول التي تسعى لهذه الكارثة ، وعلى رأسها أمريكا التي حوّلت مزارعها لزراعة الذرة من أجل استخدامها كوقود للسيارات !
غير أن معظم الإعلام يقوم بدور عكسي تماما :
ومن منطلق رغبتي في متابعة وسائل الإعلام ، فإنني حاولت أن أعثر على قناة واحدة تقوم ، بإرشاد الناس إلى الاقتصاد في استهلاك المواد التموينية تحسُّبا للمجاعة المقبلة والكارثة الغذائية المحتملة ،فحاولتُ أن أعثر على برامج أسرية تدعو للاقتصاد وتوفير النفقات ، فلم أجد بين كل القنوات التي تابعتها خلال أسبوع في القنوات التي تبث عبر القمرين عرب سات ونايل سات، وعددها أكثر من ثلاثمائة قناة ، لم أجد قناةً واحدة متخصصة في هذا الأمر .
فكل القنوات تتبارى في مسابقة واحدة لا غير وهي ( إثارة الشهوات) بالوصفات التي يؤديها أبطال العولمة الجدد نجوم الفضائيات ،محرضو الشهوات ، وفنيو وصفات الغذاء ، وهم شيفات المطابخ .ممن أصبحت مؤلفاتهم الغذائية تباع بأغلى من أسعار دوائر المعارف الثقافية .
ومعظم القنوات تتوافق في مبدأ واحد وهو زيادة الاستهلاك باستخدام وصفات الأطعمة (المعقّدة) التي تشمل كل مكونات الأغذية ، من الدقيق إلى الحليب إلى السكر إلى كل مشتقات الألبان، بالإضافة إلى مزيج آخر من العصائر والمعلبات والروائح .... وكلها بالطبع في وجبة واحدة فقط !
وقد أصبحتْ برامج الأطعمة هي سيدة البرامج في القنوات الفضائية وحتى في الصحف المقروءة ومحطات الإذاعة .
وغابتْ أيضا الأغذية التقليدية المفيدة المكونة من نباتات الأرض ومن البقوليات المجففة ، ومن الوجبات الخفيفة غير المكلفة ، وأصبحت كلها تراثا غير مرغوبٍ فيه لبساطتها ولأنها لا تحتاج إلى براعة نجوم المطابخ ، ولأنها أيضا تَضُرُّ برسالة تُجَّار العولمة ، التي تقوم على أساس توسيع المَعِدَات ومغط الأمعاء وتكبير الأحجام لإنعاش صناعات عديدة أخرى مصاحبة للغذاء ، وهي صناعات وسائل الرفاهية والدواء .
أعرف بأن الاقتصاد والتوفير وضبط الاستهلاك والتوعية بمخاطره على الأسرة والبيئة ، هو ألدّ أعداء العولمة التجارية.
وأعرف بأن التثقيف وتقنين الاستهلاك يُشكل عقبة في طريق الجشع الربحي ، لأنه يُقلِّل من الأرباح السريعة !
واعتمادا على ما سبق ؛ فإنني أعتقد بأنه يجب على المثقفين وجمعيات المستهلكين ومؤسسات الفقراء في كل أنحاء العالم أن يؤسسوا قنوات فضائية ومحطات إذاعية لحماية وإرشاد المستهلكين لأفضل الطرق لاستهلاك الطعام، على غرار جمعيات حماية البيئة .
وما زلتُ لا أجد تفسيرا لنُدرة القنوات الفضائية المتخصصة في حماية الصحة العامة ، وقلة القنوات المتخصصة في تشجيع إنتاج مواد غذائية بديلة من أعشاب البحر ومن النباتات الطبيعية الأخرى ، وندرة القنوات والمحطات المتخصصة في تشجيع أساليب زراعية جديدة تُضاعف الإنتاج التقليدي الحالي بواسطة الزراعة الطبقية ، وهي زراعة بتربة صناعية في مدرجات فوق بعضها ، وعدم وجود قنوات ومحطات أخرى متخصصة في أفضل الطرق لحماية مخزوناتنا من الأطعمة الآخذة في النضوب ؟!
وأخير هل غيّر الإعلام جوهر رسالته من إعلام التثقيف والإرشاد والإخبار والإنذار ، إلى إعلام جديد وخطير وهو إعلام صناعة الأزمات ، وافتعال الكوارث لغاية وحيدة وهي تحقيق الربح المالي لمالكيه ومسيريه وقادته وأباطرته ، بغضّ النظر عن النتائج الخطيرة والمدمرة المترتبة على ذلك ؟!
إنه سؤال سيظل مطروحا خلال العقود القليلة القادمة على الأقل !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود درويش يبحث عن ظله في الذكرى الستين للنكبة !
- مجامع اللغة العربية ليست أحزابا سياسية !
- لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !
- كارتر وهيلاري كلينتون وأوباما !
- الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)
- أوقفوا هذا العبث في غزة !
- سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من ...
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !


المزيد.....




- أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق- ...
- لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا ...
- ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب ...
- شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
- لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم ...
- السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما ...
- الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي ...
- ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
- لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - الإعلام وصناعة الأزمات !