أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر سعيد - الالحاد و الأخلاق















المزيد.....

الالحاد و الأخلاق


تامر سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2301 - 2008 / 6 / 3 - 04:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المؤكد أن الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر ليسوا أبدا شرط دخول النعيم الأبدي بعد البعث، فالشيطان-في الأدبيات الدينية الإسلامية - يعلم بوجود الله، فهو يؤمن بوجوده، و يؤمن بوجود الملائكة و الرسل و كتبهم(المقدسة!)، و يؤمن أيضا بيوم القيامة، فهو من طلب من الله أن يبقيه حيا حتى ذاك اليوم،حتى يتسنى له لإغواء البشر ، و استجاب الإله!

إذا فشروط النعيم-الجنة-الملكوت ليست الايمان بوجود الإله، بل بتنفيذ تعليمات الاله، و ربما كانت مسألة الايمان بوحدانية الله ليست ذات أهمية مثل مسألة الطاعة وتنفيذ الأوامر الدينية.

ولماكانت الطاعة و تنفيذ الأوامر في حاجة إلى وجود هذه الاوامر في حد ذاتها ، و بالتالي وجود خالقها،فإن طاعة الإله تتضمن اعترافا بوجوده، فلولا وجود الإله ماوجدت أوامره، الأمر بسيط.

و لكن ماذا يفعل ذلك الذي يحاول التيقن من وجود الله فلا يهديه عقله و قلبه إلا أن ذلك الاله ليس سوى صناعة بشرية؟ فالذي ينكر الإله يؤمن بأن كل ما يسمى بالأخلاق ليس سوى اشتقاقات من الكتب الدينية، و شروط مجتمعية تراكمت على المدى البعيد، فهو حل من الاستمرار في ممارسةالاخلاق طالما آمن أنها فعل بشري محض، و بالتالي فكل ملحد يفعل ما يفعل بناء على اقتناع تام بأن أفعاله تحقق المراد من وجوده كما يراه هو

و لكن هل معنى الانحلال من الالتزام بالاخلاق و المبادئ الموروثة و كل المقدسات البشرية، هل معناه الضروري هو السير عكس هذا الاتجاه و ممارس ما يسمى بالغش و الخداع و الرشوة و الاستقواء على الضعيف و.. و.. الخ؟
الجواب هو :لا ، فانحلال الملحد من الالتزام بالأخلاق الموروثة يضع كل الصفات البشرية -بما في ذلك صفتي الخير و الشر-على نفس المسافة من قلبه، فهو ان اتبع الخير لن يكافأ ، و إن مارس الشر فلن يعاقب من إله قوي قادر.

إذا ، ما الذي يمنع أغلب الملحدين من الانغماس في اعمال الشر كما تعرفها المجتمعات المختلفة؟هناك سببين: أولهما أن الملحد يفعل ذلك احتراما لرغبته الحرة في الاستمتاع بالحياة بدون أن يؤذي الآخرين،و ثاني الأسباب هو احترام قانون مجتمعه.و في المجتمعات المتقدمة العلمانية يجتمع السببين معا ، لأن القانون الوضعي هناك يحقق الهدف الذي من أجله اخترعت القوانين ، و هو تنظيم علاقة الأفراد ببعضهم حتى لا يجور فرد على آخر ، فالمجتمع في هذه الحالة يقوم على خدمة الانسان-كما هو مفترض- و ليس خدمة الذات العليا كما يحدث في المجتمعات المتخلفة

و هناك من يقول أن القانون البشري ليس كعين الله الساهرة، أو انه ليس كالملكين المكلفين بكتابة أعمال البشر ، بمعنى؟أن كثيرا من الجرائم ترتكب بعيدا عن سلطة القانون البشري لأنه ناقص، و بالتالي ففي الالحاد مفسدة للانسان لأنه ما ان يشعر أنه بعيد عن سلطة القانون فسيرتكب كل الجرائم، و اعتقد ان هذا ادعاء سخيف و يقوم بلا دليل، بل إنه ينم عن جهل بمعنى الطبيعة الانسانية، فالانسان ليس شرا مطلقا ، و عموما فإن هذا الفعل -و هو كسر القانون كلما اتيحت الفرصة-لا يقوم به الانسان الذي التزم بالعرف الاجتماعي الذي يتغير بتغير الزمن و تبعا لحاجات البشر ،كما أن هذه النفس المعطوبة التي ترتكب الجرائم بعيدا عن سلطة القانون كانت لتفعل نفس الشئ اذا كانت مؤمنة و غير ملحدة، فالتحايل على القانون موجود وسط أتباع الديانات ايضا ، و هناك تحايلات كثيرة على القانون الديني ، و لنتذكر معا قصة أصحاب السبت في الديانة الاسلامية حيث تحكي القصة عن قوم من اليهود كان يتحايلون على اوامر الرب الذي منعهم من مزاولة الاعمال يوم السبت ، فكانوا ينصبون الفخاخ للاسماك يوم الجمعة لتقع فيها يوم السبت و يجمعونها بعد ذلك في اليوم التالي، و هذا ما ذمه الدين الاسلامي و اعتبره تحايلا. كما أحب أن اضيف ان المجرمين ليست لهم ملة و لا ديانة محددة ، بل منهم المؤمن الذي يقوم بتبرير جرائمه من منطلق ديني مقدس، وأشهر هؤلاء هم الارهابيون باسم الدين

الالتزام بالعرف و الميثاق الاخلاقي للبشرية ليس أبدا وهم، قال لي أحدهم ذات مرة : ما الذي يمنعك من القتل او السرقة او الاغتصاب اذا انت كنت في مأمن من العقاب الالهي؟ كان جوابي عليه كالتالي: و ما الذي يجعل لا عبي كرة القدم من الفريق(أ) يعيدون الكرة الى لاعبي الفريق المنافس(ب) بعدما أخرجها لاعبي (ب) بسبب إصابة احد اعضاء الفريق(أ)؟ليس هناك قانون يجبرهم على هذا ، انما هم يلتزمون بعرف كرة القدم
مثال اخر: ما الذي يمنع اعضاء المجالس النيابية الانجليزية من تجاوز الدستور الانجليزي وهو دستور عرفي غير مكتوب؟
ما الذي يلزم الجنود و الثوار ، و حتى اللصوص ، ما الذي يلزمهم بالصمت و عدم ادلاء معلومات عن شركائهم؟ انه الهدف الماثل في روح كل منهم ، بالاضافة الى توقع المعاملة بالمثل ، فكأن الذي يحترم حقوق الاخرين انما يتمسك بحقوقه هو، لأنه يتوقع من الاخر التزاما مماثلا و احتراما مقابلا ، باختصار:ما يلزم المرء باتباع العرف الاخلاقي للبشرية هو القانون الداخلي لكل انسان ، سلطته الداخلية العقلانية التي حلت محل كل السلطات الخارجية اللاعقلانية، هذا بالاضافة بالطبع الى الردع القانوني كما اشرت من قبل

على هذا فإن اتهام الالحاد بافساد اخلاق الشر امر غير عادل و غير منطقي، فالالحاد لا يتطلب منك ان تفعل الشرور ، الالحاد يتطلب منك هدم منظومة القيم المتوارثة لديك و التي تأسست من أجل تنظيم حياة بشر عاشوا منذ آلاف السنين، ثم إعادة بناء منظومة قيم جديدة على أسس راسخة من احترام الآخر و صيانة حقوقه. المدهش في الأمر انك تشارك في بناء منظومتك القيمية و صرحك الخلاقي الجديد و تشاهد خطوات البناء تمر أمام عقلك خطوة بخطوة، و تحت اشرافك شخصيا، فتصبح ملتزما تماما بهذا العمل الذي أنجزته و تصبح فرصة خروجك عن منظومةالقيم التي أنشأتها ضعيفة لأنها ليست مفروضة عليسك من قبل اله قوادر او سلطة دينية او مدنية باطشة ظالمة

هناك بالفعل بعض الملحدين الذين يتحررون من كل الأخلاق بلا استثناء ، و لايقيمون وزنا لحقوق اقرانهم من البشر، و لكن ليس من العدل ان يتم جعلهم عنوانا للملحدين،هؤلاء الذين انحلوا من اي التزام اخلاقي تجاه البشر الاخرين فقدوا طريقم الى الانسانية، ضاع منهم هدف الاحاد وهو تحرير العقل مع الاستمتاع بالحياة بدون ان نضر الاخرين، من اجل هؤلاء توجد عيادات الاطباء النفسيين....



#تامر_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكتئاب
- فلسطين .... ليست عربية!!
- لماذا تسود الطحالب
- الأوغام
- الرسوم و الأفلام: اساءة أدب أم توضيح بأدب؟؟
- آلهة بلا رصيد
- الحرية النقية
- الاحترام المفقود:لماذا لا تحترم من هو مثلي الجنس؟؟!
- بلاد الشر...ق


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر سعيد - الالحاد و الأخلاق