|
الاتحاد الاشتراكي وقيمة الزمن والوجود ...أية علاقة ؟؟ ( 2 )
مليكة طيطان
الحوار المتمدن-العدد: 2301 - 2008 / 6 / 3 - 11:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
...حزب الاتحاد الاشتراكي منذ البدء وأيضا في خضم المسار والمنعطفات تختلف الواحدة عن الأخرى ...في البدء كان النضال وحده مجردا وأن الرغبة في تحقيق البرنامج من خلال الوصول إلى السلطة كانت بعيدة المنال ، بل الحزب نفسه كان في وضعية مريحة ومقتنع بها تتطلب منه أخذ الأنفاس الكافية لكي يعبد طريق الوئام ، لهذا السبب العميق فالثروة البشرية المناضلة والمتعاطفة والنصيرة مع حزب الحركة الاتحادية آنذاك شيء آخر يختلف جملة وتفصيلا عن كائنات تنبث الآن فجأة كالفطر منها من تظهر على سطح الحزب طمعا في تحقيق الأحلام ، ومنها من تختفي في أحشائه ، والحكاية برمتها لا يعاني منها حزب الاتحاد الاشتراكي بقدر ما أصبحت تعبر عن التهافت الانتهازي ولو عبر الدوس على ما تبقى من الكرامة لا حرثها سواء بالمحراث التقليدي أو التراكتور العصري . أن أتكلم عن الاتحاد الاشتراكي كما سبق لي وعرفته لا كما هو عليه الحال الآن علينا أن نتفق على نفس المعطيات ...ولأن توظيف أو الاستعانة بالتاريخ أمر وارد وباستمرار ومتى سنحت الفرصة بذلك فإن المتتبع للشأن السياسي عموما وللقوة الحزبية الأولى مرغم على فك رموز الماضي الذي يحن إليه الحزب ....رجعت مليا إلى تلك اللحظات الأولى في بناء مداركي الفكرية لأتساءل هذه المرة ولكن بشكل مختلف عن حقبة العنفوان والشباب والمراهقة الفكرية ...وأنا أقف أمام تأريخي الشخصي الغير مهم أو ملفت للنظر علىالإطلاق إلا لنفسي ، لماذا الحزب يضم في غرفه أيضا بضائع تنتمي إلى عصر وسيط مليىء بالوسخ السياسي والدسائس والكذب والمؤامرات بلغت أحيانا إلى غير الوطنية ؟؟ لا أتكلم من فراغ بل من حقل مفهومي في حوزة هذا الحزب أنطلق ، بل هو زاد معرفي حتمته الرغبة في بناء الوعي اتجاه هذا الانتماء الانساني ، بل هو الشغف بمعرفة الأساس الذي ينبغي أن أؤسس عليه مداركي ...كنت ملحاحة وهذا سبب تعاستي ...أستفسر عن سر تلك المصادر التي ينبغي على كل سياسي أو مثقف أو حزبي الاطلاع عليها وجعلها القاعدة والأساس للمنطلقات الفكرية والسياسية والثقافية فالثالوث يستدعي بعضه البعض بطبيعة الحال ، سوف لن أقف عند سفر تكوين العقل الاتحاد كما صاغه المنظر الشهيد الممثل في ( الاختيار الثوري ) فإلى حدود الآن لا أخفيكم سرا أنني مازلت عاجزة على فك شفراته ... وقفت مليا أمام مجموعة من المنعطفات على سبيل المثال لا الحصر أنطلق من المعطى المسمى قرارات فك الارتباط ( 30يوليوز 1972)...أمر دوما مرورالأهل والأحبة على باب ماجاء في المقرر الاديولوجي وما أتى به من تحديث ...بحثت عما هو عقيدي ديني فلسفي اقتصادي سياسي اجتماعي نفسي نوعي يسكن الحزب ...حاولت قدر الامكان أن أبني جسور تواصل فكري بين هذا وذاك ...تعلق في فكرك وتتشابك معطيات متضاربة شكلت مفارقات غريبة وبكل مقاييس التحليل والتركيب ...الحزب أيضا استدعى قبسا من أفكار تغري تلك المرحلة بل موضة التباهي بالثقافوية وتمرس السياسة ...وجبة من ماركسية لينينية وما تفرع عنهما ...تروتسكية وماوية وحتى كرامشية ، في لحظة من أمر بحثك وتنقيبك سيحصل آنذاك الارتباك والخلط في المفاهيم أو ما نعتقد بأنها كذلك فالمساحة أيضا يتربع فيها من يواصل الكفاح بصيغة الثورة والأصولي الذي بقي متشبتا بها إلى أن وصل مرحلة الاعلان عنها جهرا من خلال دعمه مسيرة الظلام المناهظة لشعل شمعة تنوير في صفوف النساء ...من نفس الشجرة سينبث فرع وضع ركائز المادية الجدلية الماركسية يؤرخها زمن اسمه 23 مارس ...تلك حقيقة حزب الحركة الاتحادية كما كانت . اليوم نتساءل عن الماضي بأسسه وقواعده ومنطلقاته والذي له قيمة في حد ذاته دون أن يمكن إسقاطه في الحاضر أو المستقبل فقط من أجل استحضاره دوما قصد اسخلاص الدروس والعبر . حزب الاتحاد اشتراكي وللإشارة في زمن ولى وكما عرفته عن قرب كائن حي يتحرك في جنبات الحقل السياسي كحامل لمشعل الثورية الايجابية هذه حقيقة لا يمكن أن يتغاضى عنها إلا جاحد أو من يريد أخذ الثأر و أعتقد كما سبق وأن أشرت تجاوزنا هذه المرحلة ، لكن هذا لا يمنع أن نستحضر في هذه الورقة بعض الأمراض لعل التذكير بها كما حصلت تسعف أصحاب ما تبقى من الحزب في كتابة دستور ايمان جديد وحداثي فالوضعية العامة في الوطن كارثية وبكل المقاييس فمن المربع المعلوم يتحرك الطابور الثالث الذي يسعى إلى اغتيال السياسة في وطني وليس الحزب فحسب . في البدء لعلنا لا نتجاوز الصواب إذا قلنا أن التشنجات والانجذاب والانكسارات التي زامنت الحزب جاءت لأنها تمثل الصراع الأبدي في حياة حزب حي ، ما بين نزوع إلى مثالية غالبا تستمد من تاريخ يستحضر متى سنحت الفرصة وبين واقع عملي نفعي ملموس شق فيه يساير التحولات الوطنية والكونية أيضا يطمح إلى التغيير ولو على حساب الدوس على ما تبقى من المبادىء والخيارات ، والشق الثاني أيضاواقعي عملي نفعي كما هو مصور في ذهنية من يهمهم الأمر وأكثر تحديدا المسألة تتعلق بتوابع تمثل الواقعية التي تتهافت على الربح الملموس والنفع السريع الخاص جدا ، في العمق صراع بين المثالية والواقعية لكنها النفعية الضيقة الخاصة في كل الأحوال ...صراع لا يجسد نماذج ثابتة ...تتداخل الأمور وفي كل محطة تنزل كائنات تختلف عن سابقاتها وظروف نزولها ، فأعضاء اللجنة الادارية االتي غادرت القطار في محطة 8 ماي 1983ليست هي نفس الكائنات الحزبية التي اضطرت إلى النزول في محطة مؤتمر الحزب السادس حين تألمت عندما عاينت ضعف عائدات النضال رغم أنهم يتباهون بامتلاك برصة للضغط على ماهو حزبي ، في نفس المحطة لم يكن المقاطعون أو المنسحبون أي الذين وضعوا نفسهم خارج الحزب على حد تعبير أصحاب الحزب ، أقول سوف لن يكونوا على ملة واحدة فما زلت إلى حدود اللحظة أبحث عن نقط تحول تحققت تشير إلى أن مبدعيها ومنفذيها هم من اختصر مشروعه في وفائه للديمقراطية والانسانية والحداثة والتنوير . نستحضر أيضا تلك المتعة والتسلية المختزلة في توظيف المفهوم الرياضي المسمى الازاحة ...التفت حوله وفي كل الاتجاهات قرأ مستقبله في الحزب وتوصل إلى مآله هو الهامش بفعل الازاحة ، ضرب أخماسا في أسداس على حد المثل المألوف لكي يخرج بنتيجة أن جميع أوراقه أحرقت وأن مآله أقرب مزبلة لمقر الحزب ، عقد العزم وفتح دكانا أتثه ببضائع مستوردة وأخرى محلية على العموم انتهت صلاحيتها ...كم من مناضل مزيف سكن الحزب عبر عن حماسه الخاوي من أي حس أو اقتناع فكري لكي يصبح في نهاية المطاف كما هو حال دون كيشوت العتيد الذي سرعان ما تبددت أحلامه وتلك هي المصيبة ...هناك كائنات تختفي في أحشاء هذا الحزب اختصت في الصفاقة والكذب والبهتان وبالمناسبة الكذب عند بعض أهل الحزب له نكهة خاصة ، أيضا خلق الاشاعات والنفخ فيها لأجل تمكينها من الانتشار ، كل هذه المسالك من أجل البحث عن جواز مرور إلى الفضاء العام عبر بوابة الحزب ...في الحزب الآن تصادف نماذج من مشارب شتى ...مثلا اتحادي إلى النخاع يقول قبل أن يلصق باليسار الجذري فلا لوم عليه ولا هم يحزنون إن اختار التوبة والرجوع ، يشجب العدميين كمايسميهم لكي يدخل باب الحزب بل منه إلى عقر المقرات والأجهزة لكن سرعان ما يلفظ كقطعة ( لبان) مزعجة ، هذه نماذج يحبل بها الحزب لا تختلف البتة عن ذلك الذي يعترف مع نفسه بأنه يكذب على الله ورغم ذلك مستمر في ممارسة طقوس العبادة . من الواضح إذن أن يكون قدر حزب الاتحاد الاشتراكي بل الحركة الاتحادية عموما هو العيش تحت نظام ديكتاتورية النخبة التي تفرض نفسها بوسيلة أو بأخرى حتى تتحقق فيه مقولة المنظر التنويري تشومسكي والتي مفادها تلك الأحزاب التي تتحول فيها الكائنات الحزبية إلى مجرد أدوات ميكانيكية مع العلم أنه ليس هناك ولو أدنى مبرر يجعلها أي الكائنات مجرد حلقات في سلسلة إنتاج ما يراد به داخل الحزب من طرف الزعماء . قدر هذا الحزب أيضا أن يعرف ممارسة طقوس صوفية عشوائية تجسد ارتباط الشيخ بالمريد ، كم من زعيم استغل طبيعته ( الأولمبية )لكي يرتفع إلى مستوى الأرباب من خلال تأليهية عائمة متموجة لا أن يمتلك شعبا وحسب . هذه معطيات لابد من التذكير بها تبعا لقيمة الزمن والوجود في حياة الحزب موضوع الاشتغال وكم سيكون أرباب هذا الحزب رائعين لو قرأوا مستقبلهم الحزبي حيث يرصدون قرب تقلص شبح الحزبية من حياتهم فيخصصون جهودهم لتحرير سيرهم تكون بمثابة مذكرات ماوراء قبورهم .
#مليكة_طيطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتحاد الاشتراكي وقيمة الزمن والوجود ...أية علاقة ؟؟ (1 )
-
حكاية أحمد الدغرني وقوانين التقليد
-
مالكة عسال ...هل قرأت الرسالة ؟؟؟
-
الأديبة المغربية مالكة عسال ...هل قرأت التعليق ؟؟؟
-
العنف والتهميش وجهان لعملة واحدة
-
على هامش حكومة مغربية ...رحلة خاطفة في اتجاه الفن
-
ياعباس الفاسي نخاف من ...تمخض الجبل فولد فأرا
-
الانتحاري هشام الدكالي ...نحن الأمهات معنيات بالأمر
-
رسالة موجهة إلى جلالة الملك محمد السادس
-
وفاء لروح الفقيد بن زكري ...رجاء ...اتركوه يرتاح
-
حينما تستدعي تجارة المتعة الجنسية التاريخ
-
ديمقراطية غريبة ، تترجمها حكاية مجلس أمة العراق وقناة الجزير
...
-
سعيدة الشهيدة ...ميلودة حازب ... زيت لوسيور حقق مالم تستطعه
...
-
اغتيال مسؤول بسجن آسفي ....المؤسسة السجنية المغربية إلى أين
...
-
رسالة إلى الصحفي الرائع أبو بكر الجامعي
-
تقديم وثيقة النقاش في المرحلة التحضيرية للمنتدى المدني بمراك
...
-
هل بالفعل السياسة عديمة الأخلاق ؟؟؟
-
أحمد ياسين المتساكن مع الحيوانات الضالة برهان ساطع لهشاشة ال
...
-
هل الاسلام يحث على التمايز بين أركان الجسد ؟؟؟؟
-
تأبين مناضل ....الفقيد المصطفى كحيري
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|