|
الدغرني واحترام العمل السياسي :
عزيز العرباوي
الحوار المتمدن-العدد: 2299 - 2008 / 6 / 1 - 04:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لا يمكننا مطلقا أن نكون ضد حرية التعبير حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب والتفاعل السياسي والاجتماعي في مغرب اليوم ، ولا يمكننا أن نكون ضد أي شخص يريد أن يعبر عن رأيه بكل حرية وبكل وسيلة يقتنع بقدرتها على إيصال فكرته ورأيه وموقفه السياسي والثقافي . ولا يمكننا في نفس الوقت أن نقبل أن تكون حرية التعبير والرأي ضد قيم المجتمع وقوته وتماسكه المجتمعي والروحي الذي يحافظ على بقائه وبقاء تماسك عضده ولحمته . مناسبة هذا الكلام هو ما حصل مؤخرا للحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي يرأسه الناشط الأمازيغي أحمد الدغرني المثير للجدل في المغرب وخارجه ، بحيث حكمت المحكمة بحل الحزب ومنعه من العمل السياسي والاجتماعي في المغرب تحت ذريعة أنه حزب ينافي قانون الأحزاب الذي يحظر على الأشخاص تأسيس الأحزاب على أساس عرقي أو ديني ، فكانت تصريحات الدغرني تلك المنفذ الذي مرت منه السلطة إلى حل الحزب عن طريق المحكمة .
أحمد الدغرني صار مثيرا للجدل بعدما أصبح يمارس المعارضة الأمازيغية المتطرفة التي تؤمن بالعرقية حيث يتهم المغاربة الذين يتحدثون اللغة العربية بأنهم مستعمرون للمغرب وأنهم أتوا إلى المغرب قبل 14 قرنا على ظهر الإيديولوجية الدينية وأقنعوا سكان المغرب الأصليين بالإسلام في مقابل ضرب باقي الديانات والتشكيك فيها ، وبالتالي فإنه يؤمن بأن العرب في المغرب سيسقطون ويضعفون كما ضعفت كل الإمبراطوريات الأخرى في التاريخ الإسلامي . لقد أبدع الدغرني ثقافة العنصرية والعرقية في المغرب بعدما عاش المغاربة طيلة قرون مضت في وئام وود وتعايش واحترام بين كل مكونات المجتمع المغربي ولم يعف المغرب مطلقا أي بادرة لإيقاظ الفتنة بين المغاربة التي لم يستطع الاستعمار الفرنسي أن ينجح في هذا العمل ولم يقدر أن يتوغل في المجتمع المغربي لتشتيته وتفريق أهله وخلق حرب أهلية داخلية يستفيد منها .
لا يمكننا أن نمانع أي مبادرة للمطالبة بالحقوق الأمازيغية المتمثلة في الكثير من المطالب التي تطالب بها العديد من الجمعيات الأمازيغية العاملة في المجال من دسترة للأمازيغية وجعلها لغة وطنية والاهتمام بها إعلاميا وسياسيا واقتصاديا ، ولا يمكننا أن نطالب بإقصاء هذه الجمعيات وهؤلاء الناس الذين يناضلون من أجل الحقوق الأمازيغية المقبولة والمحترمة والتي لا تخالف العرف المجتمعي والسياسي في المملكة الشريفة . أما ما يريد أن يدخلنا فيه الدغرني وأصحابه الذين يريدون أن يفرقوا بين المغاربة عرقيا وطائفيا ودينيا ويطالب به من مطالب تدخل في باب التفرقة المجتمعية لهو عمل غير مستساغ وغير مقبول ولا يمكن قبوله لأنه عمل مدان أصلا .
ومن هذا المنطلق نقول بأن العمل السياسي والمدني والفكري والثقافي لا بد أن يحترم قيما وأمورا تدخل في باب الحفاظ على التماسك المجتمعي الذي يحفظ للمغرب أن يناضل على واجهات أخرى . كان على الدغرني أن يناضل ويجهد نفسه من أجل الدفاع عن حقوق المغاربة جميعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لا أن يناضل من أجل تقسيم الوطن إلى كانتونات سياسية تحت ذريعة الحكم الذاتي . أظن أن السيد الدغرني لا يفهم أن الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لأقاليمنا الصحراوية لم يأت اعتباطا ولم يكن إلا نتيجة لضغوط خارجية وتاريخية جعلت الدولة تفقد القوة السياسية للحفاظ على مواقفها في الحفاظ على الوحدة الترابية دون مبادرات جديدة ، ولكن أتت رياح الواقع السياسي العالمي بما لا تشتهيه الدولة المغربية في الموضوع ، فكان عليها أن تقترح هذه المبادرة التي تحافظ على الوحدة الترابية المغربية وفي نفس الوقت إنهاء هذه القضية التي عمرت لعقود . وليس من الحكمة أن يركب الدغرني على هذا الوضع اليوم والدولة المغربية تحاول إقناع العالم بالحكم الذاتي لكي يمرر مواقفه المتطرفة بالحكم الذاتي لمناطق أمازيغية في البلاد ، ولكن السيد الدغرني لا يتفهم هذا الوضع .
لقد أبان السيد الدغرني على أنه يريد إثارة الجدل من جديد بعد أن أثاره بعد زيارته إسرائيل ومصافحة الصهاينة الذين يسفكون الدماء المسلمة والعربية في غزة دون أن يرف له جفن ، أو يندد بذلك أو يمتنع عن تلبية الدعوة لزيارة إسرائيل الدولة التي اغتصبت أرضا غير أرضها ومقدسات دينية ودمرتها بدون وجه حق . فهل الإنسانية التي يدعيها والتي من خلالها يريد أن يمارس حقه في التعبير والعمل السياسي أن يزور بلادا تنافي منطق هذه الإنسانية ومنطق الاحترام المتبادل بين المجتمعات والبشر في العالم ؟ وهل يحق للدغرني أن يطالب الناس باحترام مواقفه بينما هو ينتقد من يندد بزيارته إسرائيل ؟ وهل يحق له أن يؤسس حزبا يقوم على أساس عرقي وفي نفس الوقت ينتقد أحزابا ذات مرجعية دينية كالعدالة والتنمية ؟ ...
كنا نتمنى أن لا يصل السيد الدغرني لهذا الوضع ويمنع من تأسيس حزبه لأننا بكل بساطة لا نؤمن بالعرقية والطائفية ، وكنا نتمنى أن يتراجع الدغرني عن تصريحاته المنافية لاحترام التعدد البشري حتى يضمن لنفسه العمل السياسي والمدني بكل حرية . وبالتالي فالدغرني يتبقى عليه أن يصحح مواقفه وطريقته في العمل السياسي والمدني حتى يضمن لنفسه مقعدا في هذا الوجود المجتمعي المغربي .
#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
االشعر و - الشعرية - والشعير :
-
- سامي الحاج - وأكاذيب أمريكا : عزيز العرباوي :
-
الدولة والمجتمع وثقافة العنف :
-
المنع يطال الجزيرة في الرباط :
-
لماذا هذا الصمت تجاه العراق ؟
-
نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية يصف موقف وزير الاتصال ب
...
-
المحرقة مسؤولية من ؟ :
-
التعليم والديمقراطية المغربية :
-
أنا الحرف التائه في الظمات
-
- المساء - تسجل هدفا في مرمى الدولة المغربي :
-
حوار مع الشاعر والكاتب المغربي عزيز العرباوي : أجراه حيدر عب
...
-
من يكون ؟ :
-
سلطان الشعر العربي
-
وليد جنبلاط يرقص على ايقاع الحرب الأهلية :
-
تهديدات باراك ومبررات العرب :
-
تركيا تكرس الحريات الفردية لمواطنيها :
-
الأحلام المستحيلة
-
ليس دفاعا عن المعرض الدولي للكتاب بالقاهرة : منع روايات محمد
...
-
بسياسة التماطل والعجز : لبنان سيضيع :
-
عندما يكتب العرب تاريخهم : شعر :
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|