|
حملة لا للحرب في لبنان... بين السياق والنتائج
عماد الدين رائف
الحوار المتمدن-العدد: 2296 - 2008 / 5 / 29 - 02:33
المحور:
المجتمع المدني
شكلت حملة "لا للحرب" الناتجة عن التحرك الفوري للمجتمع المدني اللبناني وعلى رأسه اتحاد المقعدين اللبنانيين في أيار/ مايو 2008، بشعارها المرفوع "إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!" صدمة إيجابية شديدة الفعالية إثر الاقتتال الداخلي الذي شهده لبنان، نتيجة التصادم السياسي، وقد كانت الرسالة المرفوعة ومن خلفها الأهداف الثلاثة: نبذ العنف والاقتتال، نبذ التحريض السياسي، نبذ التحريض الإعلامي، كانت بسيطة سهلة ممتنعة، وصلت أصداؤها إلى اللبنانيين كافة، والمجتمعين العربي والدولي؛ وتناقلت الألسن الشعار والرسالة من مواطنين وسياسيين وإعلاميين، حتى وصلت إلى عنوان مقال بقلم د. سليم الحص، وتوجت الإعلان الختامي لاتفاق الدوحة على لسان الأمير القطري الذي استضافت عاصمته القادة المتناحرين. إلا أن نجاح الحملة لا يكمن في انتشارها الواسع فحسب، إنما في تحقيقها لهدفها المعلن في الشعار، ولأهدافها الثلاثة من خلال اتفاق الدوحة. ويندر أن تحقق حملة عفوية يطلقها المجتمع المدني هكذا نجاح. بشكل عام، تم تنظيم الحملة بشكل سريع بعد جوجلة أفكار في اجتماع 15 أيار، تلاه اتصالات مكثفة من إدارة الاتحاد، وتنظيم تحرك 16 أيار الذي تحول إلى اعتصام رمزي صاحبه وتلاه ظهور إعلامي مكثف، وتبعته اجتماعات اتحادية لرصد وتحضير تحركات تالية، ثم اعتصام تذكيري في 20 أيار، وتحضير ومتابعة مع بيانات صحافية ومؤتمر صحافي، وتحضير خاص بتحرك 25 أيار الذي لم يكتب له التنفيذ لدواع أمنية صاحبت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وقد كان للحملة نجاح من نوع آخر، إذا أنها كانت باكورة تحركات المجتمع المدني اللبناني بعد الضربة التي تلقاها جراء الاقتتال، وأتت الحملة لتبرهن أن المجتمع المدني يمكنه أن يتعالى على الجراح وأن يلملم نفسه وينطلق من جديد في توعية شاملة وحركة تنموية مستمرة في لبنان.
في التحضير
بعد فترة الاقتتال التي تلت إضراب الاتحاد العمالي العام في 7 أيار واستمرت مصحوبة بعصيان "مدني" جزئي شمل المطار والمرفأ وبعض المعابر البرية، إلى ما بعد وصول اللجنة العربية، المنبثقة عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية، العاملة على حلحلة الأزمة بين القادة والفرقاء المتنازعين في لبنان، عقد اتحاد المقعدين اللبنانيين أول اجتماعاته في 15 أيار، في مكتبه الرئيسي الكائن في محلة وطى المصيطبة، حيث التقى الاتحاديون بعد غياب قسري عن مركزهم دام ثمانية أيام. كان الاجتماع الأولي المفتوح الذي امتد طيلة النهار عبارة عن جوجلة أفكار في ما آلت إليه الأمور من اقتتال بين الميليشيات في لبنان، ومدى فاعلية أي تحرك سلمي لا عنفي على الأرض من قبل الاتحاد، وجدوى التحرك. وقد دارت النقاشات الطويلة فيه حول نقطتين أساسيتين: ما هو دور الاتحاد في حال استمرار الصراع المسلح؟ وهل يمكن مكافحة العنف المسلح بتحرك من قبل الاتحاد؟ وعلى الرغم من تعدد الآراء والاقتراحات لأشكال التحرك الميداني، إلا أنها كلها صبت في نقاط ثلاث: تشكيل هجوم على فهم الطرفين المتنازعين لمنطق الدولة، كبح الجنون الإعلامي التحريضي، ودعوة إلى المصالحة الوطنية الحقيقية.
وثيقة الحملة
شكلت وثيقة الحملة الموقعة باسم الزميلة سيلفانا اللقيس، والتي صدرت في 16 أيار، الإطار العام للتحركات القادمة ضمن حملة "لا للحرب"، وجاء فيها: "يمر وطننا الحبيب لبنان في هذه الأيام بأزمة حالكة غير محسوبة النتائج والاتجاهات، تقوده فيها قوى متناحرة إلى اقتتال طوائفي مناطقي فئوي مذهبي؛ وتفتح أبواباً جديدة للصراع بين الأخ وأخيه، مصحوبة بتحريض إعلامي مسعور موجه ممنهج، بعيداً عن كل المواثيق والقوانين ورسالة المهنة. كل طرف من الأطراف المتقاتلة يدعو الآخر إلى مفهومه لمنطق الدولة، محتكراً أحقية تفسير هذا المنطق، فيما منطق الدولة الصحيح هو في مكان آخر يبدو أبعد من أن يوصلنا إليه كلا الطرفين المتنازعين على مكاسب آنية وفق مصالح ضيقة تتجاهل الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الملحة وحاجات الفئات المهمشة من المواطنين اللبنانيين على طول خارطة الوطن. تحمّل حملة اتحاد المقعدين اللبنانيين "لا للحرب" كافة المتقاتلين والمتنازعين والقوى السياسية الواقفة وراء التحريض المسلح والإعلامي المستهتر بأرواح الناس وأرزاقهم، كامل المسؤولية عن خيانة الشعب اللبناني المتمثلة بالسلوك اللامسؤول والمتهور الذي انتهجته قوى السلطة والمعارضة في لبنان منذ 14 شباط 2005 إلى اليوم؛ وبناء عليه فإننا نرى ما يلي: أولاً: استحالة تبرير استخدام العنف المسلح، وتخزين السلاح، وتوزيعه على المواطنين، من أي طرف من الأطراف المتقاتلة في الشوارع والأزقة وبين الآمنين، مهما كانت الظروف، ومهما بلغت حدة الصراع السياسي بين الأطراف المتنازعة؛ إذ لا يمكن تفسير ما حدث من كل الأطراف المتنازعة من قتل متعمد لبعضهم البعض، وانتهاك حرمات الأبرياء وأرزاقهم بأي شكل من الأشكال ووفق أي من المعايير الإنسانية. ثانياً: انغماس الأطراف المتنازعة في ضرب القيم الإنسانية والديمقراطية إلى أبعد الحدود، لا سيما في تمثيل كل طرف دور الضحية عاملاً في الوقت نفسه على شحن مناصريه طائفياً ومذهبياً وفئوياً؛ مما هدد أسس العيش المشترك، وجعلنا أبعد ما نكون عن السلم الأهلي؛ كما أن استعمال الأطفال من المناصرين لقتل بعضهم بعضاً يؤسس لأجيال لاحقة تخزّن الحقد تجاه الآخر، ما يوصل أطفالنا إلى عنف لاحق. ثالثاً: استهتار السياسيين من جميع الأطراف المتنازعة بأرواح الناس، ومن خلفهم مجموعة هائلة من الصحافيين والمراسلين المروجين لهذا الفريق أو ذاك غير آبهين بأن كلامهم على الشاشات أو عبر الأثير يشكل أحد أهم أسلحة السياسيين، مهيئين الأرضية بالتالي لأي قتال ينشأ بين المواطنين، شاحنين النفوس بجرعات كبيرة من الكراهية والحقد، مسهّلين الطريق لانتهاك حرمات الناس. بناء عليه، توجه حملة "لا للحرب" دعوة إلى كافة المواطنين اللبنانيين إلى الكفّ عن استخدام السلاح لأي أسباب كانت، وإعادة إنتاج الثقة بالقوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، التي تمثل الملاذ الصحيح لكل مواطن ذي شكوى لرفع الغبن عنه. إننا ندعو السياسيين الذين لا يوفرون فرصة إلا وبثوا فيها حقدهم على الآخر إلى الاعتبار مما جنت أيديهم من قتل وانتهاك لكافة القيم الإنسانية، والعودة عن الخطاب التحريضي المسموم العامل على شحن النفوس إلى خطاب العقل والتهدئة. إننا ندعو الإعلاميين والصحافيين والمراسلين الإخباريين، ومعدي البرامج الحوارية ومقدميها، للعودة إلى رسالية المهنة، والكفّ عن التحريض الطائفي المذهبي الفئوي الممنهج الذي صار ديدنهم منذ تركوا رسالتهم، والتحقوا بركب السياسيين المغامرين بأرواحنا جميعاً تبعاً لمصالحهم الآنية الضيقة. نؤمن بأن بلدنا يستحق منا وقفة جامعة ضد العنف والتحريض من كل الأنواع، كما نؤمن أن هذا الشعب العزيز يستحق حياة كريمة. فلنعمل معاً لبناء وطن لا يهرب منه أولادنا".
اعتصام 16 أيار
مع ورود خبر اتفاق مبدئي بين الأطراف المتقاتلة على عدد من النقاط، ليل الخميس الجمعة، بما عرف بورقة "اتفاق فينيسيا"، وسفر المسؤولين إلى الدوحة لعقد مؤتمر للحوار "الوطني" سرّعت الإدارة من وتيرة العمل على تحرك ميداني لمواكبة القادة المغادرين، فأتت فكرة تحرك 16 أيار نتيجة اتصالات أجرتها رئيسة الاتحاد مع عدد كبير من الاتحاديين والمناصرين والأصدقاء، وأفكار تم تطويرها ليلاً مع الزميلة سيلفانا اللقيس، أنتجت اعتصاماً رمزياً سلمياً تحت شعار "إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!"، وذلك ضمن حملة "لا للحرب"،على الجانب الغربي من طريق المطار يستمر من التاسعة صباحاً حتى مغادرة المسؤولين إلى الدوحة، حيث لم يكن لدى أحد من المتصل بهم خبر يقين عن موعد المغادرة. تجمع الاتحاديون والمناصرون للحملة من مناطق لبنانية عديدة وانطلقوا في يومهم الطويل حاملين شعار الحملة مرددين النشيد الوطني اللبناني وأغان منها "فلوا الزعما من لبنان" للفرسان الأربعة. والتحق بهم في فترة بعد الظهر عدد من الشبان المنتمين إلى حملة "خلص". وقد حظي هذا الاعتصام بتغطية إعلامية وافية، لا سيما مع اقتراب موعد مغادرة المسؤولين، واستمر حتى الخامسة من بعد الظهر.
اجتماع 18 أيار
عقد الاتحاديون اجتماعاً في مقهى عروس البحر، في محلة الروشة، ضم أعضاء الهيئة الإدارية والناشطين المتابعين للحملة، وتابع الاجتماع موضوع التحركات المقبلة ضمن استراتيجية شاملة ذات شقين، الأول الدعوة المتواصلة إلى تعزيز السلم الأهلي ونبذ العنف والاقتتال ومنع استعمال السلاح في الشارع تحت أي ذريعة مستقبلاً. أما الثاني فنحو إيجاد قانون انتخابي يعمل على تبني النقاط الثماني الإصلاحية التي نتجت عن جهود لجنة فؤاد بطرس. أما التوجه الذي رآه المجتمعون على رأس سلم الأولويات في هذه المرحلة فكان التوجه إلى القواعد الاتحادية لزيادة من التماسك الداخلي في هذه المرحلة.
بيان 19 أيار
تداعى الاتحاديون مساء 19 أيار إلى عقد مؤتمر صحافي دعت إليه الوحدة الإعلامية في الاتحاد، عند السادسة والنصف، كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وذلك بعد ورود أخبار من الدوحة عن ملامح فشل الحوار الوطني بين الأطراف المتنازعة، تلت البيان الزميلة سيلفانا اللقيس، وتضمن خطاباً قاسي اللهجة من المجتمع المدني اللبناني إلى الزعماء، أتى البيان موقعا باسم الحملة وفيه: "زعماؤنا المجتمعين - المنقسمين في الدوحة، على الرغم من أننا لم نختركم لكنكم زعماءنا، ذهبتم إلى الدوحة حاملين أحلامنا وآمالنا وهمومنا وجراحنا النابضة في الأزقة والزواريب، تلك الجراح التي لمّا تتوقف عن النزف بعد. توجهتم إلى حواركم، ومررتم بنا وبشعاراتنا المرفوعة وحناجرنا الصارخة بكم "إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!". كثيرون منكم أعادوا ترداد هذا الشعار على مسامعنا في تصريحاتهم التي مهدت لعدم اتفاقكم؛ أو مهدت بالأحرى لاتفاق جديد غير معلن بينكم علينا، على حاضرنا ومستقبلنا وأحلامنا، على دموع الثكالى واليتامى بفضل ما اقترفت أيديكم، وكذلك على كل ما استطاع المجتمع المدني من مراكمته من جهود توعوية – تنموية منذ اتفاق الطائف حتى اليوم. ذلك الاتفاق الذي خطته أيديكم وعملتم جاهدين على عدم تطبيقه. ها أنتم تتفقون مجدداً علينا، على اللبنانيين الذين أفقرتموهم، وهجرتموهم، وسلبتموهم أفضل ما عندهم، سلبتموهم نعمة الإحساس بالأمان والانتماء إلى وطنهم. تتفقون على عدم الاتفاق، تذبحوننا مجدداً، نحن الذين قدمنا كل ما نملك على مذبح أهوائكم ومصالحكم الضيقة النتنة. ها أنتم تراهنون على أرواحنا من جديد، تستهترون بكل القيم الإنسانية والوطنية لتعودوا إلى أدوات التحريض الطائفي المذهبي المناطقي الفئوي، لتحولوا كثيرين ممن تبقى منا إلى شهداء، وجرحى، ومعوقين، ومعوزين يتسولون حقوقهم منكم؛ لتحولونا من جديد إلى مجرد أرقام في أرصدتكم الضيقة المصالح التافهة الرؤية، ما سيقودنا إلى حرب شوارع أخرى حرصتم بكل جهودكم على تجييش النعرات الطائفية فيها. زعماؤنا... يا من تزعمون أنكم حريصون على لبنان ووحدته وسيادته واستقلاله، وقد برهنتم بالفعل أنكم حريصون على مصالحكم الشخصية ومصالح حاشيتكم. اليوم نقول لكم. ها نحن في المجتمع المدني اللبناني، الخط الثالث المغيب، لسنا قلة في لبنان، ولم نكن يوماً قلة، لكن غالبيتنا الصامتة هذه لم تتجه يوماً العنف، وليس صحيحاً ما تروجون له في كل فرصة أن كل بيوت اللبنانيين لا تخلو من سلاح. إننا اليوم نحذركم بصريح العبارات من العودة إلى انتهاك الحرمات عبر استعمال الشارع وتجييش العصبيات واستباحة الأرواح، لأن أعمالكم الأخيرة قد انتهكتم فيها كل القيم والأعراف الإنسانية والوطنية، ولا يوجد فرق في ذلك بينكم جميعاً؛ لقد اختبرناكم جميعاً وفشلتم في الاختبار على الأرض، وها نحن نحذركم من العودة مختلفين من الدوحة في اختبار الحوار، فما أنتم فاعلون؟ نعيد على مسامعكم مجدداً "إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!"، ونعدكم بأننا سننتظركم عند كل مفرق، عند كل تحرك، عند كل اجتماع في المؤسسات الرسمية التي تعمدتم تعطيلها طلية الفترة السابقة، ولن نعدم حيلة في تحركاتنا اللا عنفية – السلمية، ونعدكم بأنكم لن تكونوا بمأمن من حناجرنا وأصواتنا، ومطالبنا المستمرة أن تكفوا عن قتلنا اليومي.. أيها المجتمعون في الدوحة نحن هنا في انتظاركم في لبنان". وقد أسس هذا المؤتمر، مع الأخبار المتواترة من الدوحة حول أجواء الصحافيين والجالية اللبنانية هناك، عن حث مستمر لتحرك ميداني تذكيري أوسع للضغط على المجتمعين للخروج بصيغة توافقية للاتفاق.
اعتصام 20 أيار
لاقت صرخة الاتحاد صدى كبيراً لدى منظمات المجتمع المدني اللبناني التي شاركت الاتحاد اعتصاماً تذكيرياً على طريق المطار صباح الثلاثاء في 20 أيار، من العاشرة صباحاً حتى الثانية عشرة والنصف ظهراً، وقد زاد عدد المعتصمين عن 250 شخصاً تجمعوا من كافة المراكز القاعدية الاتحادية في بيروت، جبيل، صيدا، النبطية، صور، بر الياس، بعلبك، ومشغرة. بالإضافة إلى عدد من متطوعي حملتي "خلص"، و "وحدتنا خلاصنا". وقد أكد المعتصمون على شعاراتهم وأهدافهم، التي تجاوب معها الناس من سياراتهم وانضم إليهم عدد منهم. وشكل الاعتصام مادة إعلامية مهمة لعدد كبير من وسائل الإعلام في ظل ضبابية الحوار في الدوحة.
بيان 22 أيار
رأي الاتحاديون في ظل تتابع الأخبار الواردة من الدوحة عن الاتفاق بين المتحاورين أنه لا بد من إصدار بيان يحث المجتمع المحلي المدني والسياسي بمتابعة تطبيق ما اتفق عليه، فكان البيان، وفيه: "نتوجه في بياننا هذا إلى اللبنانيين، إلى المواطنين الذين تحملوا الكثير من زعمائهم.. يا من تضامن معنا في حملتنا التي لهجت بها الألسنة والقلوب في لبنان والخارج، ورفعتم معنا شعارنا وشعاركم "إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!"في وجه السياسيين الذين توجهوا إلى الدوحة ليعودوا باتفاق الدوحة الذي نأمل أن يؤسس للسلم الأهلي في لبنان. أثبتم بكل فخر أنكم على قدر المسؤولية في وقفتكم التضامنية الحرة لتوجهوا كلمة واحدة إلى المسؤولين عن كل ما مر به وطننا من مآس ومحن منذ عام 2005 إلى اليوم، ونثمن جهودكم الجبارة لا سيما جهود حملتي "خلص" و "وحدتنا خلاصنا"، وإلى المجتمع المدني اللبناني عامة، منظمات وجمعيات مدنية حقوقية ومطلبية لوقفتها الجريئة في التضامن والمشاركة في الحملة التي أثبتت بكل فخر أن الإرادة الحرة تستطيع التأثير على القرار، ويمكن أن يعول عليها في الأزمات، وقد أثبتم كذلك أنكم قادرون على فتح بؤرة يمرّ منها شعاع المدنية في جسد الطائفية البغيضة. كما نتوجه إلى الجيش الوطني اللبناني قيادة وأفراداً بالتقدير الكبير للقيام بواجبه في تسهيل عمل الحملة في أنشطتها العفوية الأولى في 16 و18 الجاري. نتوجه إلى السياسيين الذين مروا بنا مسرعين في وقفتا على طريق المطار، وأطلوا علينا من خلف زجاج سياراتهم المصفحة، ولم يكلف أحد منهم نفسه أن يترجل من عربته المصفحة ليقف وقفة تاريخية تضامنية إلى جانب الناس، نقول لكم: لم نتوقع منكم أكثر من ذلك. أما اليوم، وقد عدتم، وعلى الرغم من كون النقاط التي اتفقتم عليها لا تكفي لإرساء قواعد وطن ديمقراطي مدني، وعلى الرغم من تقسيماتكم الفئوية المناطقية الطائفية للمقترعين في اقتراحات قوانينكم الانتخابية، نتأمل أن يشكل اتفاقكم هذا الآتي برعاية عربية مشكورة، لا سيما بضمانة الأمير القطري الذي يحظى بكل احترام وتقدير لدينا، بداية التأسيس لوطن يتمتع جميع أبناؤه فيه بحقوق المواطن المدنية والسياسية، مع إلغاء أي شكل من أشكال التمييز. ونتأمل أن تلزموا أنفسكم بما التزمتم به تجاهنا جميعاً، لا سيما النقاط التالية: أولاً: حظر اللجوء إلى السلاح تحت أي ظرف وبأي شكل من الأشكال في الداخل. ثانياً: حصر السلطة الأمنية والعسكرية في الدولة التي تحفظ اجهزتها الأمنية، وعلى رأسها الجيش الوطني اللبناني، الأمن ليستعيد المواطن اللبناني شعوره بالأمان في بيته، ومكان عمله، ومدينته وبلده، وليستعيد كثيرون الشعور بالانتماء إلى وطنهم. ثالثاً: إلزام المؤسسات الإعلامية التابعة لكم الترويجية التحريضية بالتوقف عن كل أشكال التحريض، والسعي الجدي من قبلكم لمنع استخدام لغة التخوين على أي مستوى من المستويات. كما نعلمكم باننا في حملة "لا للحرب"، وبالتضامن والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني اللبناني، سنرصد ونراقب ونواكب التزامكم بما يعرف بـ "اتفاق الدوحة"، ونعيد على أسماعكم بأننا سننتظركم عند كل مفرق، عند كل تحرك، عند كل اجتماع في المؤسسات الرسمية التي تعمدتم تعطيلها طلية الفترة السابقة، ولن نعدم حيلة في تحركاتنا اللا عنفية – السلمية، ونعدكم بأنكم لن تكونوا بمأمن من حناجرنا وأصواتنا، ومطالبنا المستمرة أن ترتقوا إلى مصاف الدول الديمقراطية التي تأخذ قراراتها من المجتمع والناس وليس وفق مصالح الطبقة السياسية الشخصية". وقد أرسل هذا البيان إلى جميع الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
تجمع 25 أيار
عقد الاتحاديون العزم على التحرك في الشارع من خلال اعتصام حاشد أمام مبنى البرلمان اللبناني أثناء عقد الهيئة العامة الانتخابية التي أقرت في 25 أيار الساعة الخامسة مساء لانتخاب رئيس للجمهورية، وبدأت الاجتماعات التحضيرية للتحرك الواسع في 23 أيار، حيث قسمت المجموعات واللجان بين إعلامية، تنظيمية، لوجستية، وغيرها. على أن تطبع قمصان باسم الحملة وقبعات تحمل شعار الحملة والاتحاد. وبالفعل تم إرسال علم وخبر إلى محافظة بيروت والداخلية، لكن هذا التحرك لم يتم تنفيذه بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي جعلت من ساحة النجمة في بيروت منطقة أمنية منعت فيها كل أشكال التحرك المدني السلمي.
رسالة 25 أيار
مع ختام هذه المرحلة من حملة "لا للحرب"، ومع انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وفي ظل مسار التطبيق المعتمد لما تم الاتفاق عليه في الدوحة، قامت إدارة الاتحاد ممثلة بالزميلة سيلفانا اللقيس بتوجيه رسالة شكر وتقدير إلى كافة المشاركين والمناصرين والمتعاطفين مع الحملة في لبنان والعالم العربي، وجاء فيها: "اعزائي وعزيزاتي, تحية عطرة وبعد, في هذا اليوم السعيد حيث لبنان يرتدي ثوب العرس وحيث الفرحة تسكن القلوب والبسمة تشع من الوجوه. في هذا اليوم, جاءت اصداء البلاد لتحييكم ولتشكر كل شخص منكم .انتم الذين حركتم الشارع اللبناني وايقظتم الهمم. وهنا, لا بد ان نهنئ الجميع على هذا الانجاز العظيم. ونحييكم على هذه الجهود الجبارة. ونخص بألذكر الذين تعالوا على الاوجاع والمصاعب، والذين حاولوا التغاضي عن التعب. والذين واجهوا الكثير من اجل ان يشاركوا ويتحركوا الى الاعتصام في بيروت. لكم جميعا الف مبروك! مبروك للبنان!. انظروا! انظروا كيف ان الفرحة تسكن الوجوه. انظروا الى الناس كيف تخاطب بعضها بسعادة! كل ذلك كان لكم مساهمة اساسية فيه .حيث شغلتم الناس والمنابر والاعلام ,الجميع يحاول ان يفهم من انتم ؟ والأهم, كيف يمكن ان تكونوا بهذه الاستقلالية وفي نفس الوقت تعملون للجميع .انتم الذين جئتم من عمق قرانا ومدننا ,جعلتم العالم يتعرف على المواطن الفعلي والحقيقي المنتمي مباشرة الى الوطن والى القيم الانسانية والحضارية, بعيدا عن الفئوية والطائفية. تحية لكم يا اجمل الناس. لكم كل التقدير والاحترام. هنيئا لكم المصالحة, هنيئا لنا روحكم الرائعة. تابعوا, فنحن نعول على وعيكم وعلى تحيزكم المطلق للعدالة والمساواة. نحن نفتخر بكم ونأمل ان نتابع العمل معا لنجلب المجد للبنان ولنكرس السلم الاهلي وندعم ونبني وطن للجميع. زميلتكم, رئيسة اتحاد المقعدين اللبنانيين".
في نتائج حملة "لا للحرب" 2008: 1. قدرة المجتمع المدني على المبادرة والإصرار على الحقوق المدنية للبنانيين في كافة الظروف، وتحدي كافة المصاعب لإيصال رسالته. 2. قدرة المجتمع المدني الكبيرة على حشد الأعضاء والمناصرين لأي دعوة لا عنفية سلمية مهما كانت الظروف. 3. قدرة المجتمع المدني على إيصال صوته إعلامياً من خلال تحركاته الميدانية، ما يمثل تطورا كبيرا في الأداء حتى لو كان عفوياً. 4. بروز الاتحاد كممثل طبيعي للمجتمع المدني اللبناني، على الرغم من بساطة التحرك الميداني. 5. التأثير الإيجابي لدى المجتمع المدني الذي تحلق حول التحرك الاتحادي. 6. وصول الصدى الإيجابي من العالم العربي والمنظمات الأجنبية غير الحكومية. 7. تحقيق الحملة لكامل أهدافها المعلنة. 8. ذكر الحملة في صلب كلمة التوافق الختامية في الدوحة. 9. ذكر الحملة على لسان مختلف السياسيين المجتمعين في الدوحة، والمنتظرين في لبنان، والإعلاميين في برامجهم الحوارية. 10. الصدى الإيجابي الكبير لدى المواطنين اللبنانيين في لبنان والاغتراب. 11. تبني حقوق الأشخاص المعوقين في خطاب القسم للرئيس اللبناني الجديد المنتخب في 25 أيار/ مايو 2008.
أما السياق الذي وجدت فيه الحملة فهو السياق الطبيعي للعمل الاتحادي الأساسي والمركزي نحو الوصول إلى الحقوق المشروعة من خلال العمل المستمر على القضايا الاجتماعية الملحة، وكان الخوف كبيراً من العودة إلى مرحلة جديدة من مراحل الحرب الأهلية التي لم يبارح شبحها لبنان منذ 2005، فوجد الاتحاد نفسه في الواجهة للعمل على إيقاف صوت العنف والرصاص والانهيار المستمر لمؤسسات الدولة، إذ أن الحركة المطلبية للاتحاد تقوم على مساءلة ومطالبة الدولة ومؤسساتها، أما في حالة الحرب فلا مطالبة ولا حقوق، وقد خبر الاتحاديون مرحلة الحرب الأهلية في لبنان وكان من واجبهم التحرك، وكان تحركهم مثمراً على كافة الصعد.
#عماد_الدين_رائف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع المدني اللبناني ينتصر!
-
دور المجتمع المدني في الترويج للحقوق عبر التلفاز 3-4
-
دور المجتمع المدني في الترويج للحقوق عبر التلفاز 4-4
-
دور المجتمع المدني في الترويج للحقوق عبر التلفاز 2-4
-
دور المجتمع المدني في الترويج للحقوق عبر التلفاز 1-4
-
إلى آلهة مخضبين بعرقهم... تحية
-
33 عاماً على ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية
-
رصاص ابتهاج سياسي يودي بحياة المواطنين
-
المدوّن اللبناني منفعل.. وغير منتج
-
الحملة المطلبية المستمرة للاشخاص المعوقين في لبنان
-
الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان 5 - 6
-
الطفلة - الأم.. في يومها العالمي كامرأة
-
الحملة المطلبية المستمرة للاشخاص المعوقين في لبنان 4 - 6
-
الحملة المطلبية المستمر للاشخاص المعوقين في لبنان 3 - 6
-
المرأة اللبنانية.. نضال طويل نحو المشاركة والتغيير
-
الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان 2 - 6
-
الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان 1 - 6
-
أمهات معوقات يتغلبن على الإعاقة والمجتمع
-
حقوق الشخص المعوق ببيئة تحترم حاجاته وكرامته
-
توظيف الأشخاص المعوقين.. مستقبل وآفاق
المزيد.....
-
اعتقال المئات وإخلاء وسط إسلام آباد من أنصار عمران خان بعد م
...
-
الأمم المتحدة ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان
-
الأمم المتحدة ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان
-
معاناة النازحين اللبنانيين مستمرة
-
الأمم المتحدة: غوتيريش يرحب باعلان وقف اطلاق النار بين -إسرا
...
-
المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين الهجمات الإسرائيلية على لبن
...
-
وزير الخارجية الإيراني يلتقي الامين العام للأمم المتحدة
-
الوفد الجزائري يطرد تسيبي ليفني من منتدى الأمم المتحدة لتحال
...
-
وفد جزائري يطرد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة من منتدى للأمم
...
-
عراقجي يؤكد على التنفيذ الفوري لأمر المحكمة الجنائية الدولية
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|