|
الإقرار بمشاعر الذنب عن الإبادة الجماعية في العراق- البروفسور ديفيد مودل
كهلان القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 2295 - 2008 / 5 / 28 - 08:22
المحور:
حقوق الانسان
ترجمة: كهلان القيسي
لا يختلف جورج دبليو بوش كثيرا عن الرؤساء الآخرين، فعلى الرغم من الهبوط الكبير في شعبيته والنقد المتزايد لكفاءته وأسلوبه كشخص، ولتحقيق طموحاته أو ميوله القيادية فانه لا يتردد في استعمال القوة لإنجاز أهداف السياسة الخارجية، والاستمرار في أنماط تاريخية ، فان الرئيس بوش وجميع الرؤساء الأمريكان منذ الحرب العالمية الثانية قد ارتكبوا جرائم بشعة ضد الانسانية من اجل حماية وتعزيز المصالح الأميركية تحت ستار تحرير الشعوب من جزم الطغاة ووحشية المخربين الشيوعيين ، وإحلال الديمقراطية في دول شمولية ، وتحسين حياة الذين يعانون من الإرهاب والقضاء عليه. هذه أهداف جديرة بالاحترام فهي تعكس شعارات سائدة داخليا.، ولكنها تشكل عباءة الفتنة للأسلوب الحقيقي الذي يتحكم بالسياسة الخارجية خدمة للمصالح الأمريكية مع عدم الاكتراث تماما بالنتائج المترتبة التي تقع على الشعب الأمريكي الذي كان ضحية المثل العليا التي تعود على سماعها. التناقض الكبير بين الأهداف المعلنة للسياسة الخارجية الأميركية والتطبيق العملي لها، تمثل في أفضل صوره في جرائم الحرب: وهي الإبادة الجماعية. وفي سعيها لتحقيق هذه الأهداف" السامية"، فان الولايات المتحدة قد ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في العراق. وان التورط في عمليات الإبادة الجماعية يثبت على اقل تقدير الخداع الكامل للدوافع المعلنة لقرارات السياسة الخارجية لحكومة أمريكا. التبريرات التي أعطيت لاستخدام القوة العسكرية في العراق قد استندت على مذهب التلطيفية التي ليس لها قاعدة في القانون الأمريكي أو الدولي. فإن نظرية جورج دبليو بوش في الحرب الوقائية ليست جديدة على استراتيجيه السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية، لكن يمكن إرجاعها الى منهج (دين اخيسون) وهو رفض تطبيق القانون الدولي على الولايات المتحدة، كما لخص ذلك في خطاب حول القانون الدولي وجه الى المجتمع الأمريكي في عام 1963 والذي حاجج فيه قائلا: إن قوّة ومكانة وسمعة الولايات المتّحدة قد تم تحدّيها (أزمة الصواريخ الكوبية) من قبل دولة أخرى وان القانون لا يعالج مثل هذه القضايا التي تتطلب القوة المطلقة، القوة التي تهدد مصدر السيادة. وبعبارة اخرى، إن تهديد المصالح الوطنية بما فيها التهديدات المبهرجة لسيادة الدولة الأمريكية، تلغي القانون الدولي بالرغم من إن ميثاق الأمم المتحدة يحوي على بنود لمثل هذه الضرورات. فإن الشهية المتزايدة للتطبيق الأحادي الجانب للقوة قد تمخض عنه" تدخّل إنساني " أو " غير قانوني لكنه مشروع " وساد هذا المذهب أثناء حكم كلنتون و بوش، الذي رافق تطبيقه القيام بإجراءات احترازية وقائية للأعمال التي تبرر الاستخدام المفرط للقوة ضد تهديدات وشيكة أو محتمله وهذا الاستخدام ضروري للدفاع عن المصالح الأمنية للولايات المتحدة ضد تهديد مختلق صنع بسهولة من خلال دعاية الخوف. غزو واحتلال العراق تحت ذريعة للحرب الوقائية ، البلد الذي سبق أن دمر بحرب عاصفة الصحراء، والعقوبات الدولية وحظر الطيران، يمثل المأساة المثالية و لنفاق السياسة الخارجية الأميركية. للتحقق من إن الحكومة الأمريكية هي من مرتكبي الإبادة الجماعية في العراق ، سوف نضع مجموعة من المعايير المستندة على أساس اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية وتطبيقها على العراق. اتفاقيه الأمم المتحدة بشأن منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية تحدد عددا من المعايير للتقييم فيما إذا كانت الجريمة من جرائم الحرب أو انها تصنف على انها بحجم الإبادة الجماعية. هذه المعايير لا تخلو من الجدل ولكن من خلال دراسة المؤلفات العلمية حول هذا الموضوع والأحكام التي قامت على أساسها المحكمة الجنائية الدولية ، وضعت معايير محافظة لتقييم فيما إذا كانت أو لم تكن الحكومة الأمريكية هي المسئولة عن جريمة الإبادة الجماعية في العراق.
طبقا لهذه الاتفاقية: تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية ، المرتكبة عن قصد وهي : التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قوميه أو اثنيه أو عرقيه أو دينية ، مثل 1- قتل أعضاء من مجموعة. 2-التسبب بضرر جسدي أو عقلي. 3-فرض ظروف معيشية عمدا يراد بها التدمير المادي كليا أو جزئيا. 4- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة. 5- نقل أطفال قسرا من الجماعة الى جماعة اخرى.
وبالرغم إن عبارة "كليا أو جزئيا" تبدو غامضة ، فان نطاقها حدد بأحكام المحكمة الجنائية الدولية. ووفقا لمقررات للجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية ، "المتهم يهدف الى تدمير جزء كبير من المجموعة في مجال معين. وقد خلصت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة الى إن: "قتل جميع أفراد مجموعة صغيرة داخل منطقة جغرافية هو بمثابة إبادة جماعية. على الرغم من عدم دقة هذه التعاريف لمصطلح ـ "جزء" ،حول البوسنة مثلا لكن هذه ألاحاكم تثبت أسس لحالات مستقبلية. فإن رافاييل لمكن الذي وضع بنود هذه الاتفاقية، قصد ب( جزئيا) كمستوى للدمار الكبير الذي يهدد وجود المجموعة.ولإلقاء مزيد من الضوء على هذه المشكلة،، فإن الاتفاقية نفسها ترى إن محاولة الإبادة الجماعية التي يعاقب عليها بموجب الاتفاقية مما يعني إن النية وحدها كافية لإثبات التهمة: "النية" هو مصطلح آخر بحاجة الى توضيح. ماعدا الدليل المباشر الذي تسببت عن طريق الأوامر والبيانات أو تنسيق الأعمال ، فانه يمكن إثبات النية إذا كانت "أعمال التدمير التي ليس لها أهداف محددة وإنما هي نتائج يمكن التنبؤ بها من قبل - أو ناتجة عن سياسة معينة، والتي ربما كان يمكن تجنبها جراء تغيير في هذه السياسة. اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية تعرف مستويين أساسيين من مستويات الذنب : الشروع بجريمة الإبادة الجماعية والتواطؤ لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. التواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية يجب إن يجسد قي:
-الاشتراك المتعمّد - معرفة النية الإبادية للجناة من تنظيم، وتخطيط، وتجهيز السّلاح، التدريب الاستخبارات، أو الدعم عسكري مباشر. العراق احد الأمثلة عن جريمة الإبادة الجماعية الأمريكية المباشرة ، حيث عانى من تدمير واسع النطاق لبنيته التحتية ، والاقتصادية والحياة البشرية ، ولا سيما منذ فرض العقوبات الأميركية في عام 1990 ، والقصف ألتدميري الذي وقع في عام 1991. قرار الأمم المتحدة 661 قصد منه في الأصل فرض العقوبات على العراق لسحب قواته من الكويت. القرار صيغ على هذا النحو منح الولايات المتحدة حق النقض على المنتجات التي يمكن أن يتاجر بها مع العراق. لكن الحكومة الأمريكية استغلت حق النقض لتوقيع عقوبات شديدة على شعب العراق في أمل من شأنه الإطاحة بصدام حسين نفسه. - ووفقا لدراسة أجرتها اليونيسيف في عام 1993 ، " مما أصبح واضحا وبشكل متزايد انه لا يوجد تحرك كبير نحو تحقيق الأمن الغذائي للشعب العراقي طالما إن الحظر لا يزال قائما. - وكشفت الوثائق حقيقة أن الأميركيين كانوا على علم ومسؤولية عن الأزمة الانسانيه الناجمة عن العقوبات. وكما جاء في تقرير وكالة استخبارات الدفاع في 18 كانون الثاني / يناير ، 1991 الذي يخلص الى إن: عدم تأمين الموارد [للعراق] سوف يؤدي الى نقص في المياه الصالحة الشرب لعدد كبير من السكان. وهذا يمكن أن يؤدي الى زيادة حدوث إن لم يكن قد أدى الى تزايد الأمراض والأوبئة… وتفاقم مشاكل الصحة العامة التي تفتقر الى الحد الأدنى الطبيعي من الطب الوقائي ، والتخلص من النفايات ، وتنقية وتوزيع المياه والكهرباء ، وانخفاض القدرة على السيطرة على تفشي الأمراض.. - في يناير/كانون الثاني 15, 1991،كانت قاذفات بي 52 ك تطير نحو أهدافها في العراق وصواريخ كروز أطلقت من السفن في المحيط الهندي. والدفاعات العراقية كانت عاجزة عن أيّة مقاومة. التقيد بقصف الأهداف العسكرية لم يكن جزءا من الحرب الأميركية في حين إن أهداف الخطة شملت المستشفيات والمرافق الكهربائية ، والمدارس والمصانع ، ومحطات معالجة المياه وشبكات الري والغذاء ومرافق التخزين والمراكز الصحية العامة. ولقي أكثر من 200 ألف شخص مصرعهم ، معظمهم من المدنيين. - وفي عام 2003 ، الحق جورج بوش الابن مزيدا من الأعمال الوحشية المدمرة بشعب العراق، القصف الذي ارجع البلد الى عصر ما قبل التصنيع ، عبر ما يسمى "بحرب". لحد هذا اليوم ، العراق قد عانى من المزيد من الإصابات منها مليون قتيل وأربعة ملايين لاجئ. سواء كان أو لم يكن لإدارات كل من بوش الأب وكلينتون ، وبوش الابن النية في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في العراق، لا يهم لأن الآثار المترتبة على العقوبات والقصف كان يمكن التنبؤ بها من قبل أي شخص عاقل. من الواضح إن أفعال هذه الإدارات قد أدت الى القتل الجماعي ، والأذى الجسدي و العقلي الخطير ، والتسبب في ظروف ستؤدي حتما الى تدمير صحة العراقيين كليا أو جزئيا. والحالة في العراق كليا أو جزئيا هي إبادة جماعية. المجزرة الناتجة عن هذه الإبادة الجماعية تكشف بوضوح عن عدم التكافؤ بشكل واضح بين المبادئ المعترف بها للسياسة الخارجية الأمريكية وممارستها الظاهرة. هذا النفاق ينم عن عدم اكتراث قادة أمريكا لمبادئ الديمقراطية الأساسية والى احترام كل من القانون المحلي والقانون الدولي
الكاتب:
ديفيد مودل: هو أستاذ العلوم السياسية في كلية سينيكا. وهو مؤلف أمم الظلام : التواطؤ الأمريكي في الإبادات الجماعية منذ - 1945 يمكن التواصل معه عبر البريدي الالكتروني: [email protected]
#كهلان_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا تنقل سجناء أجانب للعراق لتفادي التحقيق الإعلامي والقا
...
-
القناصة في العراق القتل بالأعداد – تقرير خطير- الجزء الأول
-
كشف النفاق: التواصل الإيراني - الإسرائيلي
-
السويد تغلق أبوابها بوجه العراقيين
-
شهادات لجنود أمريكان عن نصف عقد من الحرب – وثائق للتاريخ – ا
...
-
شهادات لجنود أمريكان عن نصف عقد من الحرب – وثائق للتاريخ – ا
...
-
إحصائيات الموت للقوات العسكرية الأمريكية في العراق
-
أرهب ب الحرب على الإرهاب كيف قوّضت ثلاثة كلمات سحرية الروح ا
...
-
تطبيع الحرب الجوية من كارينكا (الاسبانية) إلى عرب الجبور( ال
...
-
الامريكان والبريطانيون يعيدون تجربة المرتزقة الالمان(Hessian
...
-
سيكو- لمايكل مور- بين أمريكا والعرب الكل سيكو
-
دموع من اجل العدالة،، من رجل توقع أن نحميه- روبرت فسك
-
مايك ويتني: تغطية المذبحة في النجف
-
بعد خمس سنوات من النفي في جزيرة نائية في أعالي البحار ، اخر
...
-
الواشنطن بوست: رواج زواج المتعة في العراق
-
حتى ميزانية العراق تقسم على أساس المحاصصة الطائفية- الخشية م
...
-
تحذيرات من استخدام الخطة الأمريكية البديلة وهي ما تعرف بالخط
...
-
السناتور الديمقراطي جوزيف بايدن: البيت الأبيض يؤجّل خسارته ف
...
-
نيويورك تايمز: اختفاء مئات السجناء في الدهليز المظلمة للسجون
...
-
التطورات السياسية والعسكرية المثيرة في بغداد، ربما ستسرع بال
...
المزيد.....
-
المحكمة الدولية: على الدول التعاون بشأن مذكرتي اعتقال نتنياه
...
-
الأمم المتحدة: نصف عناصر الجماعات المسلحة في هايتي أطفال
-
اليونيسف: نسبة غير مسبوقة... نحو نصف أعضاء الجماعات المسلحة
...
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وتزامناً مع انطلاق
...
-
آليات الاحتلال تطلق النار العشوائي على خيام النازحين في مواص
...
-
الأونروا: نصف مليون شخص في غزة معرضون لخطر الفيضانات
-
-هيومن رايتس ووتش-: استهداف إسرائيل الصحفيين في حاصبيا جريمة
...
-
عدنان أبو حسنة: منظمات الأمم المتحدة ليست بديلا عن الأونروا
...
-
تشديد أمني وحملة اعتقالات تستهدف مسيرة لأنصار عمران خان في ب
...
-
منخفض جوي على غزة.. أمطار غزيرة وأمواج البحر تغرق خيام الناز
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|