|
ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(2)
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 2295 - 2008 / 5 / 28 - 08:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(2): ثانيا: حركات دارفور: 1- حركة العدل والمساواة اشار بيان القيادة الثورية لحركة العدل والمساواة الصادر في نوفمبر 2001م الي أ ن السودان(يتكون سياسيا وثقافيا وتاريخيا من سبعة أقاليم معلومة وهي: الاقليم الاوسط، الاقليم الجنوبي، منطقة الخرطوم، اقليم دارفور، الاقليم الشرقي، الاقليم الشمالي، اقليم كردفان حسب الترتيب الابجدي. بالرغم من ذ لك ظل السودان تحكمه وتسيطر عليه فئة قليلة من مثقفي اقليم واحد من جملة هذه الاقاليم وهو الاقليم الشمالي الذي عاني ايضا من تسلط هذه العصابة واهمالها وعقوقها له، والامثلة علي ذلك كثيرة. لقد استغلت هذه المجموعة ميزة الوعي النسبي التي كانت في صالحها عند استقلال البلاد ، فاستمرت متسلطة علي مقاليد الامور منذ ذلك الحين وظلت تحتكرها وتتوارثها جيلا بعد جيل الي يومنا هذا). يواصل البيان ويقول( لقد مر علي حكم السودان اثنا عشر رئيسا للدولة منذ استقلاله في عام 1956م، جميعهم من الاقليم الشمالي الذي لايزيد عدد سكانه عن 5% من سكان السودان. جاءت حكومات هؤلاء الرؤساء علي نمط الحكومة الحالية التي تحتل فيها ابناء الاقليم الشمالي منصب رئيس الجمهورية ونائبه الاول والامين العام للحزب الحاكم ومناصب مستشاري رئاسة الجمهورية ومناصب جميع الوزارات السيادية : الخارجية، الداخلية، المالية، البترول ، الدفاع، العدل ، اضافة الي وزارات اخري متعددة بصورة لم يشهدها السودان من قبل ، كما انهم ينفردون بحكومة العاصمة القومية، وكذلك ، فانهم يسيطرون سيطرة كاملة علي قطاع المال من بنوك وشركات وطنية وهيئات ومؤسسات مختلفة بتدبير سري دقيق ادي الي حرمان ابناء الاقاليم الاخري من حقهم في هذا القطاع). ويرى البيان أن هذه الاقلية (مارست تمييزا عنصريا في حكمها للبلاد بطريقة ماكرة ساعدت علي بقائها في السلطة لفترة طريلة واحتكارها للحكم والثروة في البلاد). فالبيان، اذن يحدد القضية أو الازمة بانها ازمة عنصرية تتجلي في هيمنة الاقلية المتسلطة من ابناء الشمال واحتكارها للحكم والثروة. ولكن تبرز هناك عدة اسئلة منها: اذا افترضنا أن التركيبة الاثنية الحاكمة تغيرت سواء جاءت من ابناء دارفور أو الجنوب أو الشرق..الخ، أو بالتساوي من كل الاثنيات ، واستمر ت السياسات نفسها والتي قادتها الاقلية المتسلطة من ابناء الشمال والتي افقرت الشعب السوداني حتي اصبح 95% منه يعيش تحت خط الفقر، هل تكون الازمة قد تم حلها؟. اذن ازمة البلاد ليست عنصرية ، وان كانت العنصرية تشكل احد الاقنعة الايديولوجية التي تغبش بها الطبقات الحاكمة وعي الجماهير الكادحة غض النظر عن اثنياتها ، والتي يهمها ويوحدها ازالة الفقر وتوفير احتياجاتها الاساسية والتنمية المتوازنة بين جميع اقليم السودان. صحيح ان طريق التنمية غير المتوازن الذي سارت عليه البلاد وكرس التنمية والتعليم في وسط وشمال السودان هو الذي ادي لهذا الواقع، ولكن هذه الفئة الحاكمة كما اشار البيان تنكرت حتي لجماهيرها في الشمالية، واصبحت الشمالية نفسها تعاني من الفقر والتهميش، والامراض مثل: السرطانات والملاريا، والهدام ومشاكل السدود والزحف الصحراوى، وهجرة شبابها وتوقف خدمات التعليم والصحة..الخ. التمييز العنصري والديني والثقافي واللغوي هو ايديولوجية زائفة للطبقات الرأسمالية التي تهدف الي تزييف الصراع الدائر في البلاد والذي يتمثل في طريق التطور: هل نواصل السير في طريق التنمية الرأسمالية الذي يعيد انتاج عدم المساواة والتوزيع غير العادل للثروة والسلطة، والقهر الاثني والعنصري والثقافي واللغوي، ام طريق الثورة الوطنية الديمقراطية التي تفضي الي تحرير الانسان السوداني من القهر الطبقي والقومي والاثني والثقافي. وطرح بيان حركة العدل والمساواة اهداف عامة تتلخص في: انهاء التمييز العنصري في منهج الحكم في السودان، ورفع الظلم الاجتماعي والاقتصادي والاستبداد السياسي عن كاهل الجماهير رجالا ونساءا واشاعة الحرية والعدل والمساواة بين الناس كافة، وقف جميع الحروب وبسط الامن للمواطنين وتأمين وحدة البلاد، التنمية المتوازنة ومحاربة الفقر، النظام الفدرالي الذي يستجيب لخصائص اهل السودان، اصلاح دستوري جذري يضمن حقوق الانسان الاساسية التي اقرتها الاديان والقوانين والمجتمع الدولي وحق جميع الاقاليم في حكم البلاد، اضافة لانتهاج سياسة خارجية قائمة علي الاعتدال واحترام حقوق الانسان ومراعاة حسن الجوار والانفتاح السياسي مع كافة دول العالم وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الأخري. كما أشار البيان الي ضرورة تحقيق الاصلاحات الدستورية: باعتماد النظام الفدرالي، تاكيد سيادة حكم القانون والتوزيع العادل للمناصب بين الاقاليم المختلفة، اعتماد المواطنة اساسا للحقوق والواجبات دون تمييز علي اساس الدين أوالجنس أو العرق أو اللون أو الجهة وحماية حقوق الانسان، اضافة الي سياسات عادلة في الاستيعاب في الجيش والامن، واختيار رئيس الجمهورية وولاة الولايات بالانتخاب الحر المباشر ..الخ. عموما برنامج حركة العدل والمساواة اكد علي وحدة السودان والتوزيع العادل للثروة والسلطة بين الاقاليم المختلفة، وهي شعارات عامة تعبر عن ظلامات حقيقية عمقها نظام الانقاذ، وان الحركة رغم انها تنطلق من دارفور الا انها تطرح قضايا تهم كل السودان، وتربط حل قضية دارفور بحل مشاكل البلاد كلها، رغم الملاحظات الناقدة التي قدمناها لرؤية الحركة بتصوير الازمة في البلاد باعتبارها ازمة عنصرية، في حين ان العنصرية منتوج لازمة التطور الرأسمالي الذي سارت عليه البلاد وامتداد للبنية الفوقية التي ورثتها البلاد من انظمة الرق والاقطاع السابقة المذلة للانسان، وكرستها الطبقات التي حكمت بعد الاستقلال وسارت بالبلاد في طريق التطور الرأسمالي.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2004م
-
ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(1)
-
حول ابعاد اتفاق حزب الامة مع المؤتمر الوطني
-
تاريخ أول انقسام في الحزب الشيوعي السوداني
-
تاريخ الانقسام الثاني في الحزب الشيوعي السوداني: اغسطس 1964م
-
وداعا زين العابدين صديق البشير
-
في الذكري الثالثة لتوقيع اتفاقية نيفاشا: المآلات وحصاد الهشي
...
-
ما هي طبيعة وحدود الحركات الاقليمية والجهوية؟
-
دروس احداث امدرمان
-
هل اصبحت الماركسية في ذمة التاريخ؟
-
وداعا البروفيسور محمد سعيد القدال
-
حول تجربة المناقشة العامة في الحزب الشيوعي السوداني
-
المتغيرات في تركيب الراسمالية السودانية
-
بمناسبة الذكري ال 36 : دروس انقلاب 19 يوليو 1971
-
موقع الراسمالية الطفيلية الاسلامية في خريطة الراسمالية السود
...
-
في الذكري ال 90 لثورة اكتوبر الاشتراكية
-
نقاط منهجية في تناول الاشتراكية
-
حول حوار ضياء الدين بلال مع محمد ابراهيم نقد ومصادر تاريخ ال
...
-
الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني( الحلقة الاخيرة)
-
الماركسية والدين
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|