|
الحل الدستوري القانوني هو الأنسب لقضية كركوك وليس الحل السياسي
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 2294 - 2008 / 5 / 27 - 09:43
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الكثير من المراقبين تابعوا بالتأكيد التداعيات التي رافقت كتابة الدستور العراقي والخلافات حول العديد من مواده حتى بعدما طرح للاستفتاء الشعبي ووافقت الأكثرية عليه والخلافات منذ البداية نشبت حول البعض من المواد والبنود وهي مسالة طبيعية نتيجة الاختلاف في وجهات النظر والصراع من اجل ترسيخ نهج المختلفين لكن ذلك لم يكن عائقاً في السير نحو عملية معالجة الأخطاء والنواقص للوصول إلى حلول مشتركة تهدف إلى خدمة مصالح الأكثرية الشعبية وحسب الأخبار الواردة فإن اللجنة التي كلفت بالتعديلات أنجزت الكثير منها وهو عامل ايجابي، نقول إذا ما أنجزت التعديلات بشكلها المقبول ثم حظيت بتأييد واسع النطاق فذلك يسهل سن دستور وطني يوازن بين الحقوق والواجبات ويكون معياراً للمواطنة بين جميع العراقيين على اختلاف مشاربهم ومعتقداتهم وأيديولوجياتهم وسوف يبقى الصراع قائما ولكن على شرط بدون التجاوز على الدستور والقوانين واحترام ما اتفق عليه وبخاصة إذا طرح للاستفتاء الشعبي وكانت الأكثرية إلى جانبه. لقد شهدت بلدان كثيرة في العالم خلافات داخلية تحولت بفعل الحوار والنقاش والشعور بالمسؤولية الوطنية إلى تجارب تركت آثاراً غير قليلة بتقبل الرأي والرأي الآخر واعتبار الحلول الوقتية أو المستقبلية مستلزمات تحترمها حتى الأقلية التي عارضت ولم تتفق عليها وهذا يكمن في سيرورة الهدف الذي يسعى اليه كل من يهمه مستقبل البلاد واستقرارها وتجاوزها الكثير من الصعاب في سبيل التطور واستكمال بناء الدولة ومؤسساتها المختلفة، وعلى ما نعتقد لم تكن المادة ( 140 ) من الدستور العراقي قد اختلف على طرحها ونصها ومضامينها الثلاث التي تشير إلى الحل وهي 1ـ التطبيع 2 ـ إجراء إحصاء سكاني 3 ـ والاستفتاء بين السكان على مصير كركوك، بل ظهرت الخلافات السياسية حول الكيفية التي يتم فيها تطبيق هذه البنود ومن هم الذين يحق لهم التصويت وكيفية إجراء الاستفتاء وانعكست هذه الخلافات بين المكونات الأساسية على لغة الحوار وطريقة إدارته وانتقل ذلك الخلاف إلى وسائل الإعلام وأخذت الاتهامات غير الموضوعية تكال بالقناطير بدون التدقيق فيها ومعرفة مدى خطورتها على العلاقات بين المكونات الأساسية التي تتعايش في كركوك منذ عشرات السنين وانتقلت عدوى التحريض واتهام اللجنة المكلفة بتطبيق المادة الدستورية بشتى التهم بما فيها انحيازها لجانب واحد على الرغم من تكليفها من قبل الحكومة لإيجاد حلول منطقية للقضية الأنفة الذكر، وبمرور الزمن فقد أتضح أن هناك من يختفي خلف الكواليس ذو المصلحة الحقيقية في عدم وجود حل يرضى به الجميع فبدأ يعزف وخلفه البعض مصرحين أن المادة أصبحت ملغية بسبب التأجيل الزمني المتفق عليه الذي حاول حقن الدماء ومنح الفرصة لإيجاد حلول وقناعات لدى الإطراف المعارضة أو المطالبة بالتوازن القومي للمناطق المتنازع عليها وكأنها آلة حسابية وليس محكومة بالتغيرات السكانية التي مرت على هذه المناطق خلال السنين المنصرمة، بالإضافة إلى المماطلة التي انتهجتها الحكومات العراقية المتعاقبة منذ وزارة علاوي والجعفري وأخيراً المالكي التي صبت الزيت على النار ولم تتخذ الإجراءات القانونية والأصولية التي تعتبر المادة ( 140 ) من الدستور العراقي مادة أساسية وشرعية صوت عليها من قبل أكثرية الشعب، البعض من الأطراف مازال يعتقد أن القوة هي الحل الامثل ويستشهد بنظام صدام حسين ولو تابع مجريات القرارات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحل بخصوص سياسة التطهير العرقي الذي شمل ليس الكرد فحسب بل التركمان والكلدواشوريين وغيرهم لوجد نفسه أمام الحقيقة التي يرفضها: وهي الحل يأتي عن طريق العراقيين أنفسهم وبشكل حضاري يعتمد الحوار والشفافية دون الاعتماد على القوة أو التهديد بها أو التعويل على دول الجوار والجيوش الأجنبية، ومما يفرح أن الأمور راحت تتوضح يوماً بعد آخر وابتهج الجميع عندما أعلن عن تقديم برنامج لحل لقضية كركوك ووفق المادة ( 140 ) من قبل ممثل الأمم المتحدة في العراق ستيفان دي مستورا وهذه المساعدة الأممية قد تكون آخر المحاولات وعليه من الضروري التأني وعدم التطير والتسرع والرفض منذ البداية لبعض النقاط وبدون مناقشة الموضوعة بمسؤولية أمينة على مصلحة العامة، ولقد سربت بعض وسائل الإعلام أخيرا ثلاث نقاط من هذا الحل وهي 1ــ اعتماد نتائج الانتخابات التي أجريت عام 2005 لتحديد المناطق المتنازع عليها 2 ــ الأخذ بنتائج الإحصاء السكاني لعام 1957 3 ــ الاستناد إلى قرارات مجلس قياد الثورة المنحل بخصوص سياسة التطهير العرقي في تلك المناطق ونحن بدون تحيز لأحد نستشف من هذا التسريب أن هناك شبه اتفاق على ضرورة إيجاد حل يرضي جميع المكونات المتواجدة في كركوك والمناطق المتنازع عليها وعلى الأقل إنصافاً لضحايا التهجير والتطهير العراقي الذي مارسه النظام السابق ضد الكرد والتركمان والكلدوىشوريين والآزيديين وغيرهم ومن هنا نستشف أيضاً أن الحل السياسي لقضية كركوك يبقى حلاً عسيراً وان الحل الدستوري والقانوني يكمن في المادة ( 140 ) التي تعتبر قاعدة للحل الصحيح الذي يمنح الحقوق للجميع أما ركب الموجة المعادية للفيدرالية الجغرافية وليس الطائفية وخلط الأوراق وحفر الخنادق والمتاريس المعرقلة والتهديد والوعيد بحرق الأخضر بسعر اليابس فهي طرق محفوفة بالصعوبات المختلفة التي عانت وسوف تعاني أكثر منها الجماهير بمختلف أطيافها في منطقة كركوك والمناطق المتنازع عليها وبخاصة الاكثرية من عمال وفلاحين وموظفين وكسبة وكادحين وباقي الفئات الأخرى .
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواقع الانترنيت الالكترونية وتشويه وعي المتلقين
-
الانتخابات النيابية القادمة مركز انتخابي واحد لا عدة مراكز
-
من الضرورة إنهاء مرحلة التحالفات الطائفية المستوردة
-
مشكلة حل المليشيات المسلحة السرطانية
-
أولا الكلبة تُبَع
-
البطالة والفقر والآفات الاجتماعية قديماً وحديثاً أساس البلاء
-
أول أيار عيداً أممياً لشغيلة اليد والفكر
-
الحديث عن أي وحدة لليسار العراقي ووفق أي عينات؟؟
-
الهاجس الأمني وراء السعي للحصول على السلاح النووي
-
خرق حقوق الإنسان لطالبي اللجوء في السويد والنرويج
-
نشأت الدولة ووظائفها ليس بالخدعة او من خلال اصطدام سيارتين
-
الصراع الإقليمي والدولي وتصفية الحسابات على الساحة العراقية
-
الكرد الفيليون بين المواطنة والحقوق المغتصبة
-
مواقف التحالف المتناقضة
-
القمة العربية الاعتيادية العشرون وماذا بعد؟
-
جزر الإمارات العربية تطابق بين موقفين
-
حزب شيوعي عراقي طائفي بعد 74 عام
-
كركوك وتفجير العراق
-
هل إسقاط النظام والاحتلال جاء نتيجة حرب تحرير شعبية؟
-
نوروز يغني لعيون الورد
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|