|
الحركة من اجل مناهضة الغلاء في مواجهة التقييمات الانتهازية
و. السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 2294 - 2008 / 5 / 27 - 09:41
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
صدر العدد 19 من جريدة المناضلة وهي بالمناسبة لسان حال إحدى التيارات التروتسكية التي وجدت أخيرا من يتكلم باسمها داخل المغرب، مقال مشترك بين اثنين من مراسلي الأممية الرابعة، إبراهيم الوالي ورفيق الرامي، مقال اعتبرته الجريدة تقييما للملتقى المنعقد بالبيضاء ليومه الأحد 2 مارس 2008. وبالنظر لما عجٌ به المقال من مغالطات ومن تشويه للحقائق ارتأينا التصويب والرد في نفس الوقت على هذا التزييف الذي نعتبره هجوما صريحا ضد الحركة المناهضة للغلاء وضد آلياتها المتقدمة التي هي التنسيقيات المحلية الشعبية. وباعتبارنا معنيين مباشرة بهذه الحركة التي انخرطنا فيها منذ انطلاقاتها الأولى والتي عايشنا جميع محطاتها وملتقياتها وساهمنا في جميع النقاشات التأسيسية المحلية والوطنية الخاصة بها.. لا يمكن إلاٌ أن نكون مدافعين شرسين عن تراكماتها التي نعتبرها ونقدرها على أنها مجهود جماعي لجميع فصائل الحركة اليسارية التقدمية بمختلف تياراتها. والتراكمات من طبيعتها إيجابية وسلبية وإذا كان من الطبيعي أن يقدم المراسلون التروتسكيون لمراكز القرار بالعواصم الأوربية ـ مدريد، لندن، باريس، بروكسيل.. ـ التقارير السوداوية عن مجهود وعن حالة اليسار الجذري "الستاليني" "البيروقراطي".. لنيل الدعم والسيولة! فذلك شأنهم ـ لكن شأننا بالمقابل كان وسيظل فضح كل الأقلام المأجورة الممتهنة للتزوير وقلب الحقائق والطعن في الجميع بهدف الظهور بصفة "المهدي المنتظر" حامي الملة اليسارية من الخطر ـ افتتح المقال بتقديم بسيط يضع فيه محطة 2 مارس دون تقديم أي موقف من هذا اللقاء والحال أن المراسلان عنونا تقريرهما بالتقييم بعد أن اختارا لذلك هذه المناسبة بالذات. فالمناسبة بالذات تحتاج لتقييم ولن نعود ونذكر بالظرفية وبتأثيراتها على مسار الحركة وعلى تجربة التنسيقيات وعلى لقاء 2 مارس بالذات.. بالنظر للعديد من المقالات التي أسهمنا بها في هذا الباب. لأن اعتبار 2 مارس محطة عادية دون أخذ بعين الاعتبار لسياقها المرتبط بموجة الانتفاضات والعصيانات والمحاكمات التي عرفتها قواعد ونشطاء الحركة والتنسيقيات، لن تكون في نظرنا قراءة تستحق النقد.. وبدون الأخذ بعين الاعتبار لتوجيهات وتهديدات النظام القمعي عبر وزير داخليته، لقيادات النقابات ولبعض قيادات اليسار المرتبط بتجربة التنسيقيات. سنكون خارج السياق، كذلك وبدون وضع اقتراحات التخلي عن التنسيقيات واستبدالها بـ"شبكة للتضامن الاجتماعي" ثم هيكلتها على أساس وبشرط "شرعية وقانونية" الإطارات والهيئات المشكلة منها نعتبره هروبا من النقاش.
بعض التوضيحات التي لا بد منها وهي في الحقيقة لا بد منها وإذا كانت ستتطلب منا الجهد الكبير حتى لا يتيه قراءنا بالنظر لتداخل المهمات في الرد، ما بين التصحيح والنقد والتقييم والنقاش النظري حول مفاهيم ومسميات..الخ وسنبدأ من الخلط البين والمتعمد ما بين الحركة المناهضة للغلاء وما بين التنسيقيات المحلية لمناهضة الغلاء كإحدى مكونات الحركة الفاعلة والناشطة ويبدو واضحا ومنذ البداية خطر هذا التعمد الذي لا نعرف هل هو انزلاق نظري أم هفوة أو خلط متعمد يريد منه المراسلان الوصول بالقارئ لاستنتاجات على المقاس؟ فالتأريخ للحركة لن يكون بالسنة والنصف ولا بعشرات السنين إذا كنا نتكلم بشكل عام عن انتفاضات الجوع والخبز التي ارتبطت دوما بزيادات في أسعار المستهلكات الأساسية للفقراء، وإذا كنا نتكلم عن الزيادات الأخيرة التي تم تبريرها بالظرفية الدولية التي تعرفها سوق المحروقات والتي أثرت في أسواق أخرى ذات الصلة ببعض المواد الغذائية زيوت، سكر.. فعمرها يتجاوز السنتين وتقييمها لا بد وأن يدرج في جدول أعمال اليساريين لأنها على ما يبدو تستحق الإحاطة بالتقارير وتستحق كذلك إرسالها لمراكز القرار عوض الجري واللهث وراء عورات اليسار. فالحركة ليست هي التنسيقيات وقاعدة الأولى ليست هي قاعدة الثانية وأشكال النضال والاحتجاج لدى الأولى ليست هي نفسها بالنسبة للثانية.. وهذا بالطبع لا يخفى عن المناضلين المرتبطين حقا بالحركة وبقواعدها من الجماهير الكادحة على اختلاف مشاكلها. أما انخراط اليسار في الحركة وانخراط مناضليه في دينامية التأطير والتنظيم لقاعدة هذه الحركة، فلم يكن رد فعل على تفاقم أزمة الحركة النقابية العمالية كما ادعى التروتسكيون بل هو اختيار مبدئي مبني على قناعات واضحة، وبشكل خاص المناضلون اليساريون المرتبطون بمشروع الطبقة العاملة، المناضلون اللينينيون المرتبطون دوما بجميع مظاهر الاحتجاج والمستغلون لجميع بوادرها للتوسيع والتجذير في اتجاه التغيير لمصلحة عموم الكادحين وجميع المتضررين من استمرار نظام المِلكية الفردية والخاصة لوسائل الإنتاج الرأسمالي.
ارتباك وأخطاء منهجية فنتيجة للخلط الذي انطلق منه النقاش، سيتضح أن المقال الذي أشار على التقييم المرتكز على لقاء الأحد 2 مارس، قد ابتعد عن هذا كله، فمرة سيتناول من خلال فقرة "مسؤولية القيادات النقابية" حالة وأوضاع الحركة المناهضة للغلاء وبالتالي أسباب تعثرها، ومرة يتجه بسهامه نحو اليسار الجذري على اعتباره المسؤول عن إخفاق تجربة التنسيقيات مقدما نموذج تنسيقية الدار البيضاء كأسوأ التجارب "المتآمرة والمتواطئة" ضد الحركة وقواعدها. ورغم أن الارتباك واضح وتأثيراته واضحة على مستوى المنهجية، فسنحاول تقديم رؤيتنا للموضوع بعيدا عن تكرار ما تقدمنا به من إسهامات في مجالات أخرى تخص الموضوع الأصل الذي هو المناهضة للغلاء والبحث عن السبل النجيعة لتطوير حركيتها وآلياتها. فالمراسلان لم يكن من همهما سوى تصفية الحسابات مع القيادات النقابية ومع تيارات وأحزاب ومناضلي "اليسار الجذري" من زاوية النظر التروتسكية المعروفة، سواء القديمة الكلاسيكية التي تضع أمميتها كبديل عن الحركة الشيوعية العالمية بمختلف تياراتها الفوضوية والفوضوية النقابية والماوية والماركسية اللينينية.. أو تلك المناهضة للعولمة اللبرالية المتوحشة، و"المناضلة" تدخل ضمن تياراتها، والتي اختارت مسلك نزع الوحشية عن النظام الرأسمالي وأنسنته التدريجية في اتجاه بناء عالم جديد، بل وانخرطت من خلال تأسيسها لنسخة من أطاك الفرنسية "المناضلة" بدون هوادة من أجل تطبيق ضريبة طوبين على العمليات المضارباتية العالمية الخاصة بالشركات الإمبريالية المتعددة والمتعدية الجنسيات.. وبالتالي لن تبدو الفكرة غريبة إذا تابعنا خطابات جميع التيارات التروتسكية وهي في الغالب متشابهة، من حيث التجني والافتراء وادعاء ما ليس فيها ومحاكمة الآخرين بأخطائها هي.. خطابات لا تعترف بالفشل ولا بالنقد الذاتي.. تيارات تضع نفسها ضمن الخانة الناجية من النقد والمصبوغة بشيء من الطهرانية المثالية، تيارات لا تعترف سوى بأخطاء خصومها بل وبتحميلهم لجميع أزمات ومآسي الطبقة العاملة والكادحين والبشرية جمعاء. فالخطاب المرتكز على نقد النقابات وانتقاد تيارات "اليسار الجذري" مع التمجيد للحركة المناهضة للغلاء يدخل في خانة "حق أريد به باطل" ولن تشفع له في شيء صياغات الإشارات المحتشمة حول "كفاحية النقابات ودورها في ساحة النضال الشعبي" أو حول وظيفة اليسار حسب الفتوى التروتسكية التي هي وكما حددها المراسلان في "تجميع قوى النضال العمالي" التي من شأنها تعزيز الكفاحية المذكورة أعلاه.. إلى هنا سيتضح للرفاق وخصوصا مناضلي الحملم، المتشبثين بمنطلقات الفكر الماركسي اللينيني والمتشبثين بأهداف الطبقة العاملة الثورية من أجل التحرير والتحرر وقيادة الكادحين نحو الثورة الاشتراكية.. صعوبة محاكمة التروتسكيين على خلفية الانتماء للحركة الماركسية وخصوصا أمام تشبثهم بما شاخ ومات من النظريات الإصلاحية الاشتراكية ـ الديمقراطية.. يصعب علينا كذلك محاسبتهم على دور النقابة ودور النضال النقابي في مفهوم الماركسيين ويصعب علينا كذلك تذكيرهم بالمسافة الضوئية التي تفصل لينين بأطروحته حول حزب الطبقة العاملة المستقل فكريا، سياسيا وتنظيميا وبين أطروحة تروتسكي الاشتراكية ـ الديمقراطية المتفسخة قبل أن تتحول لعصبوية انعزالية من خلال أمميته الرابعة المفلسة، مرورا بتجارب "الولوجية" التي تبيح للتروتسكيين الدخول خفية للأحزاب ذات الطابع الجماهيري الشعبي رغم تعارض الأهداف والمرجعيات! وبالرجوع إلى تاريخ هذه التيارات ببلادنا ومنذ أواخر السبعينات ستتبين زئبقيتها وانتقالاتها المفاجئة بين هوامش الحملم أولا وفي قلب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و"النهج الديمقراطي" خلال التسعينات ثانية.. دون نسيان المفاجئة الأخيرة التي هي أمامنا في شكل "إنه التعامل السلبي (بالمعيار الإيديولوجي) مع التيارات السياسية الدينية".. فـ"الرفيقان المراسلان" ينتقدان تعامل اليسار مع التيارات الدينية التي هي أساسا "جماعة العدل والإحسان"، ولم تكن له الجرأة لتسمية المسميات بأسمائها، تخيلوا السؤال إذن "كيف يمكن إقناع الكادحين بجدوى اليسار وبرنامجه، مقارنة بالقوى ذات المشروع المجتمعي الرجعي.. ثم كيف يمكن لليسار أن يقنع الكادحين بخطه إن لم يدل بالممارسة أنه مناضل فعلا من أجل حقوقهم مع كل من يناضل من أجلها؟.. ولكم كامل الحرية في استنتاج ما تريدونه والنطق بالحكم الذي ترونه مناسبا على هذه الترهات وأن تنظموا الخيط بين من يريد للكادحين مستقبلا أكثر رجعية وأكثر ظلامية وأكثر استبدادا من الحاضر وفي نفس الوقت يناضل من اجل حقوق الكادحين الضعفاء المغلوبين على أمرهم.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى رأيها في اليسار الجذري، ماذا تعني "المناضلة" باليسار واليساريين الجذريين؟ فخلال "الاجتهادات النظرية" التي تقدم بها الرفيقان، ذهلنا لمٌا اطلعنا على بعض التصنيفات والتعريفات وبشكل خاص "اليسار الإصلاحي" وهو حسبها ذلك "اليسار" الحكومي ـ الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية ـ الذي انتقل لموقع الإسهام المباشر في تمرير السياسة النيولبرالية"! ومع ذلك يبقى يسارا وإصلاحيا!! و"اليسار غير الإصلاحي".. في تعريفات الفقهاء الضمنية هو اليسار الذي لا علاقة له بالتدبير الحكومي! ليبقى الدرس بسيط ولا داعي لعصر الدماغ وتكفيك "المناضلة" شر المناظرة والجدال إذا أردتم أن تتعلموا الماركسية في خمسة أيام بدون الحاجة للمرجعية ولا للمبادئ ولا للتجربة فملاذكم لن يكون سوى صفحات "المناضلة" ومنشوراتها!! فما استنتجناه إذن من انتقادات "المناضلة" والتي لم تكن سوى افتراءات وتجني في غالبيته وصفت خلاله وضع النقابات وانتقدت بيروقراطية قياداتها من زاوية نظر بيروقراطية أسوء وسلطت سياط النقد الأهوج ضد اليسار واليساريين من زاوية نظر يمينية لا تتعدى "الإصلاح" ومقاومة النيولبرالية لتحتفظ هي لوحدها بسر الموقف الملائم الذي ستتخذه بميعة جمهور الكادحين الفقراء تجاه اللبراليتين بعد الانتصار مستقبلا على المتوحشين منهم. وبالرغم من استعمال المراسلان لصيغ "أكثرية" و"أغلبية".. في حق "اليسار الجذري". وبالمناسبة، فباستثناء "النهج الديمقراطي" وتيارات الحملم فلا أحد من الأحزاب الأخرى يدعي "جذريته" التي تريد "المناضلة" إلصاقها عنوة به لا من حيث الخطابات ولا من حيث البرامج والأهداف.. فلم أتمكن بعد قراءتين متمعنتين من التعرف عن المستثنيين من "الأكثرية" و"الأغلبية"، هل هي تيارات أم مجموعات متنوعة من مناضلي الأحزاب والتيارات أو هي مجموعة "المناضلة" بنفسها؟ لا أعرف! فقط أن ترجع مسؤولية الأزمة "لليسار الجذري" فذلك فيه افتراء وحقارة والمثال أمامكم "جلي أن سياسة أكثرية اليسار الجذري ساعدت البيروقراطيات على شل النقابات العمالية وجرها إلى مباركة تعديات أرباب العمل ودولتهم على حقوق العمال ومكاسبهم".. "وكان هم أكثرية قوى اليسار الجذري الظفر بمواقع سلطة أي المقاعد في الأجهزة" وهي اتهامات خطيرة وبدون سند وتكمن خطورتها في التركيز فقط على أخطاء ومنزلقات مناضلي الحركة اليسارية وهي أساليب عادة ما تستعمل من طرف "مناضلين" لا خبرة لهم بالنقابة وبالنضال النقابي، أو من طرف دجالين يعلمون حق المعرفة حقيقة النقابات المغربية وحقيقة إسهامات وتضحيات اليساريين من أجل ولوج أبواب عماراتها أو فقط من أجل مشاركة الطبقة العاملة في فاتح ماي لسنوات وسنوات تحت جبتها. وحين تنضاف لهذه الاتهامات، اتهامات أخرى أخطر منها كالتي تمت بها متابعة تجربة تنسيقية البيضاء في شكل "تمثل تنسيقية البيضاء، ولا شك، المثال الحي عن الدور الكابح لقسم من اليسار الجذري.. بل بداخلها من يعمل لخنق المبادرات المتجهة نحو العمل مع السكان داخل الأحياء بالطعن فيها".. آنذاك تتضح حقيقة النقد وطموحات التقويم لتبقى شعارات الوحدة والتوحيد والتنسيق مجرد هراء وتراهات لا أقل ولا أكثر. فلا يجب أن تعمينا خلافاتنا النظرية والسياسية لهذا الحد، فالأحزاب الإصلاحية المنخرطة داخل تجربة الحركة المناهضة للغلاء ليست بالثورية ولا بالحازمة وليست لها من القدرة التنظيمية والسياسية ما يكفي لمتابعة ملف الغلاء الذي لا نتصوره وليد الظرفية ولا "السنة والنصف" بل هو من صلب حالة التعفن الذي يعيشها نمط الإنتاج الرأسمالي وبالتالي ليست مهمة الماركسيين مطالبة الأحزاب والتيارات السياسية بأن تغدوا ثورية، كذلك ليس من شيمهم بث السموم والتجريح في حق المخالفين.. إذ ليس من المقبول ولا المعقول أن نستسيغ ضعف "قسم من اليسار الجذري" على التعبئة لوقفة احتجاجية وفي نفس الوقت قدرته على منع وكبح جماح أخرى ونحن نعرف حق المعرفة أن تصميم الجماهير لا توقفه هراوات ولا خراطيم ماء ولا قنابل مسيلة للدموع ولا أحيانا حتى الرصاص.. فما بالك بتنسيقية لا يتجاوز عدد نشطائها العشرين نفرا!!
معطيات حول التدبير فيما يخص النقطة التي أثارها المراسلان حول تدبير عمل التنسيقيات، نجد نفس الأساليب والمواقف تتكرر وكأن المراسلان لا هم لهما سوى التعريف بحالة "اليسار الجذري" والتشريح لجثته للتشهير بأمراضه ومناطق ضعفه وعرضها على العموم بما فيها الجهات الغربية المانحة في مراكز القرار.. الخ فلن نخالفكم الرأي بأن اليسار المعارض ضعيف جدا، اليسار بإصلاحييه وثورييه، باشتراكييه وشعبوييه، بماركسييه وبتروتسكييه وفوضوييه..الخ ضعيف في آرائه وفي توجهاته السياسية وفي قدراته التنظيمية.. لكن كل هذا لن يدفع بنا للتجني على أحد، ننتقد ونحاسب ولكن في حدود المحاسبة المبنية على وثائق واقتراحات مكتوبة لا تقبل التأويل، نشهر أحيانا ببعض الممارسات الخطيرة ونعمل ما في الإمكان على حصرها وربطها بالشخص المعني عسى أن يقدم نقدا ذاتيا أو أن ينوب عنه حزبه أو تياره في النقد والتقويم.. نعمل كل ما في جهدنا على التمييز بين المناضلين المبدئيين والشرفاء الذين يقاسموننا الميدان رغم الاختلافات ورغم تعدد وتنوع الانتماءات، نحاسب الرفاق والرفيقات في الأحزاب وفي مختلف المجموعات والتيارات على التباين الذي يحصل بعض الأحيان فيما بين الادعاءات والممارسات..الخ وإلى جانب ذلك لنا أخطاءنا ومنزلقاتنا الخاصة التي نعترف بها في حينها، لسبب بسيط هو ارتباطنا بالميدان وبالأحياء الشعبية وبالعمال والكادحين وبشباب الثانويات والجامعات..الخ ومن يمارس لا بد له وأن يخطأ ومن يكتفي بكتابة التقارير لا بد وأن ينتقد الثورة من الآن لأنها ستكون بيروقراطية بحكم يقينه بعدم المشاركة فيها. فبالنظر لطموحاتنا وتطلعاتنا فما زلنا مجموعة ضعيفة وضعيفة جدا، وما زال عمل اليسار في المدن الآن ضعيف جدا، كذلك الشأن بالنسبة لعمل التنسيقيات المحلية فهو ضعيف لأقصى حد.. لكن بالرغم من هذا كله فاليسار المعارض مؤثر والتنسيقيات لاقت تعاطفا ودعما إيجابيا من الكادحين ومن جميع المتضررين من سياسة الغلاء والخوصصة، وبالتالي فالمطلوب تقديم نقد ذاتي جماعي تجاه هذه الأوضاع، المطلوب إجراء تقييم موضوعي لتجربة الحركة وتنسيقياتها، المطلوب كذلك العمل على تقويم الحركة بالمزيد من المبادرات التنظيمية داخل الأحياء الشعبية وبالمزيد من الوقفات الاحتجاجية داخل الأحياء وأمام المؤسسات وكذا أمام مقرات الولايات والعمالات..الخ صحيح أننا بردنا هذا لن يغير من حقيقة أحوالنا زعيق التروتسكيين حول البيروقراطية شيئا، لكن للأمانة والتاريخ وبحكم متابعتي لجميع الملتقيات الثلاثة الشرعية، فلم يتم إقصاء أحد من المسؤولية، جميع التجارب التنظيمية تمت بتوافق من طرف التيارات المتواجدة داخل الملتقى، فعدا بعض الأعضاء من "التقدم والاشتراكية" و"الاتحاد الاشتراكي" و"الحزب العمالي" الذين تم إحضارهم بطرق ملتوية دون أن يمثلوا أي من التنسيقيات المحلية بحكم مسؤولياتهم الحكومية وبحكم خطهم اللبرالي الذي لا يقبل الشك. من المنصف كذلك أن نقدم المعطيات الحقيقية كما هي قبل الخوض في تأويلها وتقييمها، فمن السهل إذن التشكي والتباكي على الديمقراطية المفقودة، ونعث الجميع بالبيروقراطية لكن من الواجب على المتشكي إبراز مظاهر البيروقراطية، إذ لم يسبق لأحد من أنصار "المناضلة" أن تقدم للمسؤولية ورفض ترشيحه بل إن مراسلهم من تنسيقية أسفي لم يسبق له أن أتم أي من أشغال الملتقيات الثلاثة وكان ينسحب دائما بدعوى بعد المنطقة، فكيف النفاق إذن بالتباكي عن سيدي افني، بوعرفة، طاطا وورزازات.. فمثل هذه الأساليب الحقيرة في النقد لا يمكنها أن تساهم في إثبات مصداقية أحد! ولم يحصل أن عملت أية لجنة متابعة في تاريخ الملتقيات على إقصاء أية تنسيقية كيفما كان لونها ومسافتها عن المركز. صحيح أن العديد من التنسيقيات ما زالت تفضل العمل المحلي والدليل أن اللقاء الوطني الأول لم يشمل سوى 20 تنسيقية ثم 9 في الملتقى الثاني و 6 في الملتقى الثالث.. صحيح كذلك أن الإجراءات التنظيمية متساهلة لأقصى حد داخل الملتقيات والتنسيقيات بالنظر لطموحات المناضلين التي تبتغي مشاركة وإشراك الجميع.. لكن أن نستعمل سلطة الفتاوي في حق الرفاق المخالفين وننعتهم "بالمفصولين عن الجماهير" و"بجماعات ذات الأصول الطلابية" أنصار "التطرف اللفظي" المولوعين "بإفشال الملتقيات الوطنية"..الخ فذلك ليس من شيمنا. فلن تحارب الفتاوي سوى أصحابها، وسبق أن ذكٌرت بضعف اليسار، وبالتالي فالجميع على حد سواء مفصول عن الجماهير بهذه الدرجة أو تلك، أما عن الأصول الطلابية فكفانا بهتانا وعجرفة فالجميع كذلك من أصول طلابية ولا علم لنا بيسار من أصول عمالية أو فلاحية ولم يسبق في التاريخ أن تأسس اليسار بعيدا عن مبادرة وعن تأطير وتنظيم المناضلين ذوي الأصول الطلابية ـ المثقفون التقدميون والمثقفون الثوريون ـ وكل التيارات السياسية اليسارية في المغرب وفي العالم أجمع، خلال هذا القرن أو في القرون السابقة تأسست على يد الأطر المناضلة من الأصول الطلابية وماركس، لينين، تروتسكي، ماو، هوشي منه، غيفارا.. هم من أصول طلابية قحة ولم يخرجوا عن القاعدة. آخر المعطيات بخصوص الرد عن الزعيق البيروقراطي حول البيروقراطية وعلى أصحابها، هو أن جل التنسيقيات المحلية في تشكلها وهيكلتها كانت تعرف التهرب من مسؤولية سكرتاريتها، نفس الشيء عرفته لجن المتابعة الوطنية وإذا كانت التقارير تنقل بحذافيرها فللحقيقة والتاريخ لم نعرف خلال الملتقيات الوطنية أي نقاش بهذا الصدد ولم تكن هناك أية منافسة على المقاعد بل أن العديد من المناضلين تهرٌبوا من هذه المسؤولية تحت هذا الظرف أو هذه الذريعة ـ بمن فيهم كاتب هذا الرد ـ.. لكن أن تقدم الصورة بهذه السوداوية المركزة على الجانب التنظيمي ووصفه بالبيروقراطية الإقصائية فذلك ما لن نقبله ولن نسكت عنه. صحيح أن بعض التنسيقيات المحلية عرفت خلال التأسيس بعض الانزلاقات والإغراقات ليجتاحها من هب ودب من الأحزاب الرجعية والظلامية واللبرالية وجمعيات "التنمية" والارتزاق.. وكان ذلك بتنسيق وبمبادرة من الأحزاب الإصلاحية المعروفة بتجمع اليسار الديمقراطي "تيد".. لكن الأمور حسمت في الأرض والميدان بعدها مباشرة سقطت ورقة الرهانات الفارغة في الماء وانتصب اليسار الحقيقي بجميع مناضليه الميدانيين وباختلاف تلاوين تياراته كقائد منظم ومؤطر للحركة بمالها وما عليها، وبمالهم وما عليهم. صحيح أن جل التنسيقيات لم تدخل بعد في تصورها وثقافتها إشراك جميع مناضلي المدينة أو القرية التي تتكلم باسمها، وصحيح أن التخوف ما زال قائما تجاه مناضلي الحملم وتجاه شبيبة الأحياء الشعبية، الغير مؤطرة سياسيا.. وقد لامسنا هذا الخوف والتخوف من خطابات أجهزة الدولة ومن خطابات أحزاب "تيد" سواء بسواء.. لكن انخراطنا ومبادراتنا وقدرتنا على خلق تنسيقيات الأحياء الشعبية في غياب الأحزاب المنسحبة والمتنصلة أعطانا وسيعطينا مصداقية وثقة لا مثيل لها في صفوف الكادحين ولن تقدر سوى بمجهودنا وبتضحياتنا المعطاءة. فمناهضة الغلاء في نظرنا وفي تصورنا ليست مربوطة بإطارات التنسيقيات التي لا زالت في مرحلتها الجنينية، فلا يمكن للوسيلة أن تكبل عملنا من اجل الأهداف ولا قدسية للوسائل في قناعتنا مقارنة مع أهدافنا الإستراتيجية. ولن تكون القدرة لأي كان على منع المناضلين من الارتباط بالوقفات الاحتجاجية أمام الأسواق وأمام شركات ووكالات توزيع الماء والكهرباء.. وإذا كانت الدولة كجهاز قمعي عجزت عن منع المناضلين من الاختراق والتنظيم والتأطير للعديد من المظاهرات والانتفاضات العفوية فلماذا الخوف أو التخوف إذن من البيروقراطية والقيادات الخائنة..الخ
فما المطلوب إذن؟ المطلوب في نظرنا هو إطلاق المبادرات في جميع الاتجاهات التي تنحو منحى الارتباط بجميع التحركات العفوية الجماهيرية المناهضة للغلاء ولسياسات الخوصصة المدمرة، قصد التأطير والتنظيم على قاعدة إشراك جميع المناضلين والنشطاء وطلائع شبيبة الأحياء. المطلوب كذلك اتخاذ المبادرات في جميع المواقع والجهات التي ما زالت لم تنخرط في هذه التجربة من اجل التأسيس لتنسيقيات بين المناضلين اليساريين من جميع الألوان والتوجهات على قاعدة الرفض لجميع الأصوات التبريرية القريبة من أحزاب الحكومة إلى هذا الحد أو ذاك. المطلوب أيضا تدعيم ما تبقى من تنسيقيات ونشر تجاربها على أوسع نطاق والعمل على إنجاح الملتقى الرابع وحدويا يتمم المسيرة المشتركة التي أنتجها الرفاق والرفيقات بعد سنة ونصف من التضحية والاجتهاد. المطلوب أخيرا اعتماد النقد والنقد الذاتي داخل جميع تجاربنا الوحدوية واعتماد أساليب المحاسبة الموضوعية فيما بيننا عوض التجني والافتراء. تنبيه أخير لجميع مناضلي ومناضلات التنسيقيات ولجميع نشطاء وناشطات الحركة المناهضة للغلاء، بأن ما ينتظرنا وما ينتظر كادحي هذا البلد وجميع الكادحين في كافة البقاع لخطير وخطير جدا، فإضافة للمجاعة والأوبئة والحروب المدمرة الآتية بدون شك.. فهناك خطر الطموحات والمنافسة من اجل الزعامة والقيادات، التي غالبا ما تنسي البعض مبادئه وتصريحاته التي تتحول فجأة لدماغوجية وادعاءات فقط. فالشعوب الكادحة لن تتحرر سوى بتحريرها لنفسها بنفسها وكذلك الشأن بالنسبة للطبقة العاملة، ومن يدعي الدفاع عن مصالح الكادحين فيجب أن يكون معهم، وسطهم وإلى جانبهم.. حتى يستحق المواقع الأساسية لقيادتهم أما مهمة رفع التقارير فلن تصعب على أحد ويكفي الانتباه لجنبات الوقفات ليتبين للمرء عدد "المقررين" و"المراسلين" و"المصورين" و"المتتبعين"..الخ فالحاجة الآن لزعماء حقيقيين ولمناضلين مبادرين وميدانيين، ولعباقرة منظمين.. الحاجة لطلائع شجعان ومواظبين، الحاجة لمنظرين ومؤطرين مرابطين دوما وأبدا في الميدان إلى جنب الكادحين. انتهى
#و._السرغيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على هامش المعركة الطلابية الأخيرة بمراكش
-
إلى صاحب ربطة العنق الحمراء
-
الطبقة العاملة المغربية تخلد يومها الأممي للنضال ضد الرأسمال
-
توضيح خاص للأوساط اليسارية التقدمية المغربي
-
الحركة المناهضة للغلاء بالمغرب
-
ضرورة الإضراب الوطني بين الحق والمزايدة السياسية
-
حتى لا نعارض -التسيس الفج والاعتباطي- بالسياسة الانتهازية ال
...
-
-ندوة وطنية- أم ملتقى ثالث ونصف لتنسيقيات الحركة المناهضة لل
...
-
وجهة نظر في تجربة التنسيقيات المناهضة للغلاء
-
تجربة حركة مناهضة الغلاء بين القتل المفضوح والقتل الرحيم
-
محاولات خسيسة لإجهاض عمل التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء بط
...
-
فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطنجة غياب أم غيبوبة!!
-
نجاح المسيرة الوطنية ضد الغلاء و لكن..
-
موقفنا من الانتخابات الماركسيون المغاربة يدعون الجماهير الك
...
-
فقهاء -النهج الديمقراطي- وعلاقتهم بالماركسية من التبشير إلى
...
-
شكاية ضد الجلاد -لعنيكري- أم مطالبة -بالحماية الحقوقية-ا
-
التروتسكيون -المغاربة- و اطاك التروتسكية
-
قضية الصحراء الغربية و مبادرة -النهج الديمقراطي- للوساطة
-
الملتقى الثالث لتنسيقيات مناهضة الغلاء ملتقى فاشل بكل المقاي
...
-
تصريحات عبد الله الحريف غباوة أم استغباء
المزيد.....
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
-
النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|