أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة















المزيد.....

ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 712 - 2004 / 1 / 13 - 05:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على بلاطة .. ودون لف او دوران .. قالت منظمة " مراسلون بلا حدود " ان سنة 2003 التى كسرنا وراءها " القلل " منذ ايام ، كانت سنة سوداء للصحافة .
أما حيثيات هذا الحكم القاسى فهى ان 42 صحفيا قتلوا خلال العام المنصرم ، وهو  اكبر عدد يسجل فيه عام 1995 .
والى جانب شهداء الصحافة الـ 42 جرى فى نفس العام اعتقال 766 صحفياً على الأقل ، كما تعرض 1460 آخرين لاعتداءات او تهديدات ، بينما خضعت 500 من وسائل الإعلام لإجراءات رقابية ، وذلك مقابل 25 قتيلاً من الصحفيين فى العام الأسبق ، اى فى عام 2002 ، و 692 معتقلا و 1420 تعرضوا لاعتداءات او تهديدات ، فضلا عن فرض إجراءات رقابية على 389 من وسائل الإعلام .
وأضافت منظمة " مراسلون بلا حدود " ان 124 صحفياً و 61 من المعارضين الذين يستخدمون شبكة الإنترنت كانوا معتقلين كذلك عندما كانت البشرية تحتفل برأس السنة الميلادية الأخيرة .
وقالت المنظمة التى تدافع عن حقوق الصحفيين ان المؤشرات على المساس بحرية الصحافة فى عام 2003 وصلت الى "  الخط الأحمر " ، موضحة ان عدد الاعتداءات والتهديدات التى تعرض لها الصحفيون لم يتغير كثيراً مقارنة بالعام الأسبق لكن الانتهاكات الأخرى لحرية الصحافة فى ارتفاع كبير بالمقارنة مع 2002 وبشكل عام منذ 2001 .
وأشارت منظمة " مراسلون بلا حدود " فى هذا السياق الى الانتشار العسكرى الكبير والتغطية الإعلامية التى لا سابق لها لحرب العراق ، لكنها رأت ان تغطية الحرب تزداد خطورة على الصحفيين .
وهذه المسألة الأخيرة تستحق ان نتوقف أمامها قليلاً ، لان هذه الحرب العدوانية الامريكية على العراق شهدت كذلك عدواناً بالغ الضراوة والقسوة والفظاظة على " الحقيقة " التى كانت – ولاتزال – اولى ضحايا هذه الحرب الإمبراطورية .
ومع سحق عظام " الحقيقة " تحت جنازير دبابات الاحتلال واحذية قوات المارينز ، تعرض الصحفيون لحملة أمريكية واسعة النطاق حدت من حريتهم فى التحرك والوصول الى مواقع الاحداث والى مصادر الاخبار الموثوق بها ، ومن نجح منهم فى اختراق هذه الحواجز الكثيفة تعرض الى مضايقات شتى وصلت الى الاعتقال وتحطيم كاميرات التصوير واجهزة التسجيل ، بل تجاوزت الفظاظة الامريكية هذه الحدود ووصلت احياناً الى تعرض حياة بعض الصحفيين للخطر . ومن جراء ذلك استشهد صحفيون برصاص القوات الامريكية اثناء تأديتهم لواجبهم الصحفى ، بينما تعرض بعضهم الأخر الى الاعتقال بتهمة مساعدة المقاومة العراقية .
وبالمقابل ابتكرت قوات الاحتلال الامريكية صيغة جديدة للتعامل مع الصحافة فى الأيام الاولى لغزوها للعراق ، حيث اصطحبت معها عدداً مختاراً من الصحفيين ، وهؤلاء لم يكن بمقدورهم – ولم يكن مسموحاً لهم – سوى ان ينقلوا أخبار المعارك من وجهة نظر القوات الامريكية وبالشكل الذى تريده .. وكانت هذه – ولاتزال – اكبر إهانة للصحافة وللصحفيين على يد الدولة التى لا تكف عن التغنى بالديمقراطية والحريات !
ونتيجة للتعامل الامريكي غير الديمقراطي مع الصحافة والصحفيين ، مازالت حلقات جوهرية من هذه الحرب العدوانية على العراق مجهولة الملامح والتفاصيل ، ومازالت الحقيقة ضائعة وغائبة فيما يتعلق بتطورات دراماتيكية خطيرة فى تلك الحرب .
ورغم الثورة المذهلة فى مجال المعلومات والاتصال ماتزال البشرية معصوبة العينين تماماً ، بفضل التعتيم الامريكى الفظ ، امام أحداث فاصلة مهمة مثل سقوط بغداد ، وملابسات اعتقال الرئيس العراقى صدام حسين ، ومسار التحقيق معه .
وهو نفس التعتيم القائم بالنسبة لكل من اعتقلتهم القوات الامريكية من كبار المسئولين العراقيين السابقين او من مئات وآلاف المواطنين المتهمين بالاشتراك فى أعمال المقاومة او المعتقلين من قبل فى جوانتانامو .
كل هذه الأحداث والتطورات مغلقة بالضبة والمفتاح ليس فقط أمام الصحفيين العرب ، وانما أيضا امام الصحافة الامريكية. والعجيب ان هذه الصحافة الامريكية التى طالما تفاخرت بانها تعرف دبة النملة فى دوائر صنع القرار الامريكي ، وفى سائر أنحاء العالم ، والتى طالما تندرت على تخلف الصحافة خارج الولايات المتحدة وخاصة فى العالم الثالث ، لا تكاد تنبس ببنت شفة عن هذه القضايا المسكوت عنها!
والفضيحة الأكبر لهذه الصحافة الامريكية – فى معظمها  وفى الأغلب الأعم – انها تصمت صمت القبور امام الانتهاكات المتوحشة لحقوق الإنسان العراقى على يد قوات الاحتلال الامريكية وحلفائها ، وبخاصة قتل الآلاف من المدنيين الأبرياء بدم بارد ، والمعاملة غير الآدمية للمواطنين الذين يتم إلقاء القبض عليهم بصورة عشوائية، او بناء على وشايات وتصفية حسابات ، بتهمة الاشتراك فى المقاومة الوطنية .
وفى مقابل الصحافة الامريكية التى رسبت بجدارة فى الامتحان العراقى ، وخانت أمانة مهمة البحث عن الحقيقة مهما كانت المتاعب ، شهدت نفس الحرب ميلاد صحافة عربية محترمة مهنياً ، وبخاصة من جانب عدد من القنوات الفضائية .
ورغم سياسات التعتيم والحصار الامريكية نجحت هذه الفضائيات فى التواجد فى مواقع الأحداث الملتهبة ، واستطاعت ان تنقل تلك التطورات الدراماتيكية – فى احيان كثيرة – الى ملايين المشاهدين بالصوت والصورة .
والعجيب ان الادارة الامريكية – التى صدعت رؤسنا بالحديث عن الديمقراطية وعن رغبتها فى تدريس الف باء هذه الديمقراطية المزعومة للأنظمة العربية – أصبحت اكثر من مرة على هذه الفضائيات  وطالبتها بالتوقف عن بث البرامج التى لا تروق لواشنطن !
خلاصة القول انه اذا كانت 2003 سنة سوداء على الصحافة والصحفيين ، فان المسئول رقم واحد عن هذه الحالة السلبية هو الادارة الامريكية. ولا عجب فى ذلك فلا يمكن ان تنتهج سياسة استعمارية وان تحافظ على الديمقراطية والحريات فى نفس الوقت . والدليل على ذلك ان عدوان الادارة الامريكية لم يستهدف الصحافة "الأجنبية" فقط بل انه طال أيضا الحريات المدنية الامريكية ذاتها التى طالما تمتع بها الأمريكيون قبل وصول المحافظين الجدد الى البيت الأبيض فى عهد الرئيس جورج بوش .
ومع ذلك لا يكفى ان نلقى باللائمة على المتطرفين والعنصريين الممسكين بزمام الأمور فى الإدارة الأمريكية . صحيح انهم هم المسئولون  رقم واحد عما أصاب الصحافة والصحفيين فى العام الأسود المنصرم ، لكن هذا لا يغسل أيدينا من تحمل جزء من المسئولية .
وهذا الجزء الذى نقصده يتعلق بـ " الغياب " المذهل للصحافة المصرية عن التغطية الحية والميدانية للمسألة العراقية . ورغم ان بعض الصحف ووسائل الإعلام المصرية لديها مراسلين فى واشنطن وموسكو وبكين وطوكيو ودلهى وغيرها من عواصم العالم الكبرى والصغرى ، المهمة وغير المهمة ، كان الغياب عن بغداد وسائر أنحاء العراق هو  القاعدة لجميع الصحف ووسائل الإعلام المصرية  . والجهة الصحفية الوحيدة التى كان لها مراسل مقيم فى بغداد ، فقدت اتصالها بهذا المراسل الهمام الذى فر من العراق فرار السليم من الأجرب، وهرب الى الأردن، ودأب على بث رسائل مفبركه من عمان زاعماً ان مصدرها بغداد !!
وجريدة قومية كبرى أوفدت مراسلاً الى العراق – بعد فوات الأوان – ومع ذلك فانه فضل الإقامة فى احد فنادق الكويت ، ومن هذا الفندق أمطرنا برسائل عن سير المعارك فى الساحة العراقية !!
حتى الجرائد الحزبية المعارضة التى انتقدت تغطية وسائل الإعلام الحكومية للحرب العراقية لم تكن افضل حالاً واكتفت بالنقل عن جرائد أجنبية وإعادة إنتاج الأخبار والتحليلات التى تروق لها .
وبطبيعة الحال فاننا سعداء لان احداً من الصحفيين المصريين لم يصبه مكروه  على ارض المعارك فى العام الأسود المنصرم الذى كسرت منظمة " مراسلون بلا حدود " وراءه ألف " قلة " و " قلة " ، لكن هذا كان بسبب بلادتنا المهنية وسلبيتنا المعيبة فى التعامل مع هذا الحدث الخطير .
ونتيجة لهذه البلادة وتلك السلبية – الى جانب أسباب اخرى كثيرة – تراجعت الصحافة المصرية عن موقع الريادة للصحافة العربية .
وهذه حقيقة مؤسفة لا مناص من الاعتراف بها إذا كنا نريد التقدم لصحافتنا التى لعبت من قبل دوراً خطيراً فى معارك الاستقلال الوطنى كما لعبت دوراً فى معارك التنوير والعقلانية وكسر اطواق التخلف والتبعية والظلامية .
ولم يعد يكفى ان نتغنى بهذه الأمجاد الغابرة .
المهمة العاجلة – التى لا تقبل التأجيل – هى مكاشفة النفس بالسلبيات العديدة التى زحزحت الصحافة المصرية عن مكانتها الرفيعة وجعلت الناس يتندرون على تراجع مصداقيتها بوصف اى كلام فارغ بانه " كلام جرائد " !!
ولعل المؤتمر العام للصحفيين المصريين الذى سينعقد بعد أيام .. ان يكون خطوة على طريق إستعادة صاحبة الجلالة المصرية لعرشها المفقود .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مضــاعفــات انتقــال المبـــادرة مـن - المـركـز - إلى -الهام ...
- الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!
- رحلة طــائــر جميــل.. في غـابــة لا تعـتــرف إلا بالغــربان
- ثقافة الاحتفاء بالصغائر والتفريط فى الكبائر
- تراجيديا ثلاثية المثقف والسلطة والمال كاتب كبير .. مات ثلاث ...
- لماذا تسلل رئيس الدولة الأعظم إلى عاصمة الخلافة العباسية مثل ...
- لا تفكـــروا فى الـذهــاب الى لنـــدن .. يــوم الأربـعــاء !
- الســحابـة الســــوداء .. والكتــاب الأبيــض
- مفارقة - الابراهيمين - .. صنع - الله - وسعد - الدين -
- العولمــــة المتوحشــــة والعولمــة البديلــــة حيرة العرب ب ...
- ضمير مصر .. لا ينام في الاسكندرية .. ولا يرقص علـى سـلالم ال ...
- دولة تحت الإنشاء - القناة - و - القاعدة - و - المؤسسة - .. ث ...
- عين الصاحب - .. تذرف الدموع وعلامات التعجب
- صحوة حزب استمرأ النوم فى العسل الميرى
- إدوارد سعيد ... الرجل الذى كره اسمه واحترم نفسه
- انتــفاضـــة كانكــون !
- مع الاعتذار لأمينها العام عمرو موسى جـــامعـــة الـدول العــ ...
- بمناسبة اجتماعهم المليون فى القاهرة اليوم رسالة مفتوحة إلى أ ...
- أهمــية الكـــتاب ... يـا نــاس !
- مانديلا يرفض مصافحة بوش .. والعرب يقبلون يد بريمر


المزيد.....




- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة