|
فرسان رفعت الأسد
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2293 - 2008 / 5 / 26 - 09:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
عندما أرسلت لي ما تسمى بجماعة التيار الشيعي الحر(جماعة مجهولة محسوبة على رفعت الأسد في طرابلس-لبنان)، برسالة إليكترونية فيها، وكالعادة، الكثير من التضمينات والتلميحات الإجرامية الدموية، وتتضمن عنوان موقعهم النضالي الكبير، أصابني الهلع واعتراني الذهول حين فاجأني ذلك الموقع بشعارهم المرفوع والمكون من سيف وشعار لا إله إلا الله محمد رسول الله، على رقعة خضراء، أي نفس علم "المهلكة" الوهابية ( لا يوجد خطأ إملائي هنا). ولا أدري إذا كان القاسم المشترك بين الوهابية السعودية والشيعية السياسية والقومجية العربية البلطجية هو السيف؟ ولا أدري إذا كان السيد رفعت الأسد وجماعاته تريد أن تعيد سورية العلمانية التعددية إلى ثقافة السيف وترفع فوقهم جميعاً راية الوهابية وتفرض عليهم الحل الديني؟ وهل هذا مؤشر إفلاس أم شطارة وفهلوة سياسية تتماشى مع الموضة السلفية البترودولارية الرائجة هذه الأيام بحيث صار يتوه المرء بين اللحية السلفية والماركسية والقومية التي اجتمعت فوق رؤوسنا في وقت واحد وبالكاد يفرق بينها؟ ولا أدري إذا كانت السيوف المدماة هي من ضمن خيارات رفعت الأسد السياسية لمسائل الديمقراطية والإصلاح وحقوق الإنسان في سورية؟ وهل توصل سيادة "القائد" ( هكذا يسميه أزلامه وحاشيته من المغاربة والتوانسة والمصاروة ولا يوجد بينهم ولا سوري واحد)، إلى أن السيف هو الحل، بدل شعار الإسلام هو الحل الذي يرفعه أقرانه السلفيون من جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل لدى القومجيين البلطجيين أي تفسير لاختيار السيف كرمز وخيار لهم ولعصاباتهم اللبنانية التي يمدونها بالمال والسلاح والسيف؟ (هناك حاشية مغربية تخطط لهم وتقودهم وتدلهم على ما يفعلون وما لا يفعلون، وكونها تجهل طبيعة الوضع السوري وشعابه وخلفياته فربما لا يوجد ولا سوري واحد ممكن الوثوق به، فقد جعلت بينهم وبين جميع السوريين مسافة كبيرة وسنيناً ضوئية من الافتراق ولذلك لم يستطيعوا تحقيق أي نوع من الاختراق السياسي خلال سنوات "نضالهم" الطويلة) هذا والله أعلم. والسؤال ما الذي يجمع تجمعاً قومجياً مع فكر وهابي وتياً يتخذ من الشيعية صفة له؟ والجواب لا شيء يمكن أن يجمع هؤلاء هو سوى السيف. نعم السيف ولا غيره هو ما يجمع هذه "الأضداد" السلفية.
لا أدري إذا كان رفعت الأسد يريد أن يقود المعارضة السورية من لندن بنفس العقلية التي كان يقود بها سرايا الدفاع وكما كان يقود اللواء الجبلي والدفاع المحيطي في برزة واجترار نفس تجربته السلطوية البلطجية المرعبة مرة أخرى؟ أوعبر دعم جماعات وعصابات مجهولة نكرة وخارجة عن القانون في لبنان تسمى بالفرسان، وتتلطى خلف اسم التيار الشيعي الحر، وترفع صوره وصور أبنائه المناضلين، رضي الله عنهم وقدّس سرهم أجمعين، جنباً إلى جنب مع السيف الوهابي السعودي مع إقحام شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله". والصور الشخصية في الواقع، وحقيقة الأمر، لا تحتاج إلى أي من تلك المؤثرات الغيبية، فهي لوحدها تثير في نفس المواطن لواعج الهلع والفزع والأسى والألم والحزن الكبير. وإذا كان "القائد" يريد إعادة إنتاج تلك التجربة القاسية التي تركت آثارها الكارثية على سوريا حتى اليوم، فهذا يعني أن الرجل لم يستفد من تجربته السياسية، ولا من إقامته الأوروبية، ولم يتعلم شيئاً، أو يتطور قيد أنملة واحدة على ما كان في ذروة طيشه وبلطجيته ومغامراته وشقاوته ومراهقته السياسية التي ولدت تجربة قاسية ما تزال تنعكس فقراً وألماً وشؤماً ودماراً على كثير من السوريين.
وبالمناسبة، فإن جماعة الإخوان المسلمين ترفع أيضاً السيف كشعار دائم وحل جاهز من قبلها لمشاكل هذه الشعوب المنكوبة، برغم ادعائها تطوير خطابها وإبداء مرونة بقيت كلها في إطار المناورات البلاغية ولم تقنع حتى البلهاء والأطفال. وهذا ما يؤكد الكثير من التكهنات حول العلاقة الروحية الحميمة بين القومجية البلطجية والسلفية الإخونجية. وهو ربما ما يفسر سر أنباء التقارب بين الجماعة الإخونجية والتجمع الذي يقوده رفعت الأسد. وهذا إن عنى شيئاً فهو يعني بأنهم متفقون على شيء واحد وهو "رقاب" السوريين من خلال "المشترك السيفي". وأن لا فرق ولا خلاف جوهري كبير بين الجماعتين من حيث التطابق في الرؤية. وإذا كان هناك ثمة فرق، ولا سمح الله وكلا وحاشا، فهو حتماً في الدرجة وليس في النوع. فلا ضير، البتة، بين أن تكون قومياً عربياً أو إخوانياً. ولا بد من المرور بالمرحلة القومية قبل الوصول إلى السلفية الإخوانية ونيل شرفها فالمنطلقات واحدة، والمشتركات كثيرة، والحمد لله. وشخصياً أرفض أن أكون قومياً عربياً، أو سلفياً إخوانياً، وأخشى أن ينعتني أحد بهذا التوصف لأنني أعتبره شتيمة قاسية تستوجب المساءلة القانونية فالسيف سلاح دموي إرهابي وغير شرعي والتلويح به أمر غير قانوني.
ولا أدري إذا كان السيف الوهابي هو ما يبشرنا به "القوميون العرب" بعد كل هذه السنين، وبعد إفلاس خياراتهم؟ لقد جربنا سيوف أعرابكم وحلولهم السحرية 1400 عاماً وكفى. كفانا سفك دماء وجز رقاب. لقد سئمنا السيوف وسئمنا الزعيق والعويل والبكاء والأنين. سئمنا الوجوه العابسة الكالحة،السوداء، والابتسامات السامة الصفراء.
ولا أدري أيضاً لماذا يفرض التجمع مقتطفات للملك عبد الله بن عبد العزيز على مسامع السوريين، هي فضيحة وإساءة للملك نفسه، وليس لأي شخص آخر سواه، كونها تنم عن جهل مفزع باللغة العربية وصعوبة بالغة في نطقها، وتأتأة لا يعاني منها سوى المعوقون؟ ولو كنت من محبي الملك الوهابي وعشاقه كما هو حال القومجيين البلطجيين والإخونجيين، لعملت على رفعها وحجبها فوراً لأنها لا تشرف أحداً، ولا تليق أبداً. وللعلم فإن نفس هذا الملك الوهابي هو الذي يقوم "عمال على بطال"، ويشرف شخصياً، وبتلذذ وسادية مفرطة، بقطع رؤوس مواطنين سوريين معيلين لعائلات ولأطفال بسطاء ومساكين، وذلك بعد صلاة كل جمعة في مملكة السيوف التي يملكها جلالته من الباب للمحراب. هل يريد التجمع وفلاسفته القوميون أن يقول لنا هذا الملك هو دواؤكم أيها السوريين؟
ولا أدري ما هي علاقة ما يسمى بالتيار الشيعي الحر بمواطنين سوريين ليهددهم ويتوعدهم ويهدر دمهم ويصدر ضدهم البيانات المأجورة ويحشر أنفه في قضايا سورية داخلية؟ وكيف صار واتفق القومجي البلطجي، مع الوهابي السعودي، والشيعي اللبناني؟ أليس هذا واحداً من أغرب التحالفات السياسية إذا علمنا كيف تعامل نفس المملكة الوهابية مواطنيها الشيعة بقدر كبير من الإقصاء والإجحاف والتنكيل؟
لا نريد سيوفاً بعد اليوم، ولا شعارات جوفاء، ولا دماء أو تصفيات وقطع رقاب، بل وروداً وزنابق وسنابل وقبلات حب ووفاق وعناق. فنحن نرفض ثقافة السيف والدم، وفكر السيف، وآيات السيف الكبار. صحيح، وبالمناسبة، لماذا لا يوجد أية وردة، أو مجرد ورقة نبات خضراء على شعار أي حزب قومي أو سلفي ديني؟ هذه عينة بسيطة وصغيرة من مآثر القوميين، وإستراتيجيتهم "السيفية" في الإصلاح والتغيير، ولنا معهم الكثير من الوقفات المطولة والمثيرة، وفي وقت قريب.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نَسْفُ الثقافةِ العربية
-
خبر عاجل: اختفاء معارض سوري
-
صدِقَ البعثيّون ولو كذبوا
-
نكبة الأديان
-
خدام: والمشي في جنازة القتيل
-
احذروا آل سعود
-
الأقليات العربية في دول الخليج الفارسي
-
متى يكف رفعت الأسد عن إهانة السوريين؟
-
هل هي حقاً نكبة، أم نعمة على العرب والمسلمين؟
-
هل أعرض الناس عن المعارضين؟
-
رسالة إلى المرشد العام للإخوان السوريين
-
رفعت الأسد والإخوان: غرام ووصال
-
قطع الرؤوس باسم الله: من يرسم الصورالدانماركية؟
-
قطع الرقاب السورية: شراكة المعارضة في الجريمة الوهابية
-
نداء استغاثة: إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
...
-
رد على قومي عربي
-
المملكة الوهابية: قطع الرقاب باسم الله
-
خرافة أمة العرب الواحدة: إشكالية اللغة والانتماء
-
ورطة خدّام
-
القرضاوي وفتوى إباحة الكحول
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|