أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد العودي - تأملات في تجربة -المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف- على خلفية قضية اكتشاف المقابر الجماعية/ 1 2














المزيد.....


تأملات في تجربة -المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف- على خلفية قضية اكتشاف المقابر الجماعية/ 1 2


محمد العودي

الحوار المتمدن-العدد: 2291 - 2008 / 5 / 24 - 09:05
المحور: حقوق الانسان
    


وإنه ليس عسيرا عند استحضار المصير المجهول للعديد من الضحايا من أبناء الشعب المغربي من خلال موقف "المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف"، التأكد بالفعل من أن ثمة شيء جوهري لا يزال بالفعل غائبا حتى يتم التسليم بفكرة الطي النهائي لصفحة الماضي. وذلك بالرغم مما قد يكون قد تحقق في إطار توصيات "هيئة الإنصاف والمصالحة" أو متابعة الملف من طرف "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان". بحيث إن الجروح العميقة عند ضحايا تلك الانتهاكات الجسيمة التي يرجع بعضها إلى بداية الاستقلال، مهما كانت إجراءات جبر الضرر تجاه ذوي الحقوق وعائلاتهم ومهما بلغت قيمة التعويض المادي المرصود، لن تندمل. وذلك ما لم يتم اتخاذ تدابير حفظ الذاكرة الجماعية وإعمال مبدأ عدم النسيان، ومادام العديد من المسؤولين المباشرين عن تلك الجرائم السياسية يتقلدون مناصب هامة في هرم السلطة.
ضمن هذا المنظور الذي يشكل الإطار الواقعي لتقدير الضرر وهول المعانات، يتحرر أيضا الضمير لدحض أي اعتراض تجاه موقف شريحة من الضحايا التي فرضت عليها الحاجة ورتابة المعيش اليومي، بعد محنة الاعتقال وعواقبه الصحية والنفسية والمهنية، القبول بالتعويض المادي دون الخوض في الشروط المبدئية المعينة. خاصة وإن الذاكرة الشعبية تقدر ولا ريب مدى سادية الانتهاكات وفظاعة القمع الذي أصاب الضحايا في أجسادهم وأرواحهم، في ممتلكاتهم وذويهم، في إنسانيتهم وهيام شبابهم.
إذ، بخصوص جبر الضرر الذي طالب به "المنتدى"، كونه بالفعل حق مشروع وواجب أخلاقي تجاه الضحايا، لابد من التذكير بأن الأموال المرصودة لم ولن تخصم كما هو مفترض من الثروة الخاصة بالقصر أو "المخزن"، المسؤول الرسمي والرمزي عن تلك الانتهاكات. بل، ولا حتى من ثروات زمرة المنفذين والجلادين الذين اغتنوا بوقاحة من نهب الملك العام، وريع مناصبهم "المخزنية". وإنما يتم خصمها من ميزانية الدولة، بمعنى الرسوم والضرائب التي تستخلص من جيوب عامة أبناء الشعب المغربي بما فيها الطبقات الشعبية المستضعفة التي عانت من القمع طيلة سنوات الاضطهاد. وحتى في هذه الحالة يمكن اعتبار ذلك، من باب الذاكرة المشتركة، بمثابة "كفارة" جماعية عن تخاذل شرائح واسعة من المجتمع وصمتها المريب عما كان يحدث في البلاد. ذلك، دون إغفال عنصر التعاضد والتكافل الذي يدخل ضمن سيرورة التضامن التقليدي الذي ميز السلوك الاجتماعي عند المغاربة عبر العصور.
لا مجال إذن لطي صفحة الماضي، في ظل العهد الجديد/ القديم، دون الوقوف مجددا عند الثوابت التي يقوم عليها موقف الحركة الحقوقية و محدداته الجوهرية ! خاصة في هذا الزمن الرديء الذي لازالت فيه مع الأسف شرائح واسعة من الشعوب العربية والإسلامية تعاني من الاستبداد وتتعرض بكل صلافة إلى مختلف أشكال الاستغلال والظلم الاجتماعي. تشكيلات ونظم سياسية ظلت تتستر عن الفقر الدائب على الانتشار والفوارق الطبقية من خلال العودة والانشغال بنزعات فكرية متزمتة من خلال التشبث، بشكل انتحاري، بفكرة بعث الماضي وماهية وجود تدفع نحو تراث يفصلنا عنه عمق التاريخ بصورة لا رجعة فيها. مما يجعل اليوم فصائل هامة من المجتمعات العربية والإسلامية تخطا كليا الحاضر؛ بل أصبحت غاية وجودها مبهمة إلى درجة أن المسألة الجوهرية المتعلقة بمواكبة العصر ورهاناته صارت شبه لاغية وغير ذات موضوع.
على أن موقف "المنتدى" ليس نابعا من وعي شقي أو رغبة في جلد الذات أو فكر سياسي متعصب. وإنما قوامه نبالة شعور قوي وعميق تجاه أرواح شهداء الكرامة وحقوق الإنسان ومعانات عائلاتهم ليس بالمغرب فحسب، بل عبر الاتحاد المغاربي و باقي الأقطار العربية والإسلامية. إذ يتم من خلال هذا الموقف استحضار تضحيات هموم ومعاناة أجيال بكاملها من المناضلين مع محنة المطالبة بالحقوق الاجتماعية وبناء الدولة العصرية. بحيث نحن أمام خط نضالي يساري كافح بفصائله المختلفة، من أجل المستقبل، من اجل الأجيال المقبلة، من أجل بناء المجتمع الحداثي الديموقراطي.
بحيث إن كل التصرفات والسلوكيات النضالية كانت تتجذر في أفق مثالي لوطن ومشروع مجتمعي أفضل. فكيف القبول اليوم بمجرد تعويض مالي، في الوقت الذي لازالت فيه مظاهر الفساد والفقر والجهل والظلم الاجتماعي تنخر كيان الأوطان؟ إلى درجة أصبح معها العديد من الأدمغة العلمية، والطاقات الفكرية النيرة تختار المنفى؛ بل إن الألوف من الشباب المغاربي صارت تغامر بحياتها عبر البحار، من خلال مسالك الهجرة السرية، هروبا من قتامة العيش في الوطن المروم الذي حتى الأمس القريب كانت الأجيال تضحي من أجله بالغالي والنفيس. على أن حشود المهاجرين / اللاجئين من باقي الأقطار العربية والإسلامية والإفريقية لا تقل عددا. وذلك إما بسبب بطش الحاكمين، أو دمار ومآسي الحروب السياسية المغلفة بدواعي عرقية أو دينية واهية، أو نتيجة ظروف الاحتلال في ظل المد الإمبريالي الجديد كما في العراق.
وختاما، في ما يخص القضية المغربية، فانه سواء بالنسبة للذين قبلوا حقهم في التعويض أو بالنسبة للذين تشبثوا في إطار "المنتدى"، قبل جبر الضرر، برمزية الاعتذار ومبدأ إرساء جذور ديموقراطية حقيقية لإقامة دولة الحق والقانون وعدم التكرار، فإن قيم النضال أكبر من كل شيء. إذ، مهما كان الاختيار، فإنها قيم لن تنحل بفعل تعويض مادي أو معنوي من أي نوع كان. وسوف يبقى الطرف الوحيد الذي يظل خارج العصر، ككل رواد القمع الذين لفظهم التاريخ، هي تلك العينة البشرية المتجسدة في بقايا الاستبداد والجلادين سواء بالأرض المغاربية أو بباقي الأقطار العربية والإسلامية وغيرها من بقاع العالم الثالث.



#محمد_العودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأمم المتحدة تحذر: شبح المجاعة يهدد 40 مليون شخصًا في غرب أ ...
- تظاهرات في تل أبيب مطالبة بصفقة للإفراج عن الأسرى
- الشروق داخل معسكرات النازحين فى السودان.. حكايات الفرار من ا ...
- استشهد زوجتي وإصابتي أفقدتني عيني
- مصدر فلسطيني: عودة النازحين قضية رئيسية في المفاوضات وتوجد ع ...
- دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى
- مندوب فلسطين بالجامعة العربية يدعو لتفعيل الفصل السابع من مي ...
- عبد الرحمن: استقبال عناصر النظام البائد وتسوية أوضاعهم ممن ل ...
- دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى
- في رسالة لذوي الأسرى.. القسام تنشر صورة نجل نتنياهو على شواط ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد العودي - تأملات في تجربة -المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف- على خلفية قضية اكتشاف المقابر الجماعية/ 1 2