|
بديل نقابي مستقل .. مرة ثانية - إلى النقابي المعتقل مروان العش
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 2291 - 2008 / 5 / 24 - 09:06
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
الأوضاع المعيشية العمالية والشعبية عامة ، تنحدر من سيء إلى أ سوأ . القوى السياسية خارج النظام لاتملك البرنامج الاقتصادي الاجتماعي البديل . لانقابات عمالية مستقلة تملك قرارها وإرادتها لتتحدى وتواجه . و" الحزب القائد " أعلن التعبئة الحزبية والنقابية ، لتفعيل كوادره وخلفها الكوادر الجبهوية ، للدفاع عن تجليات الاقتصاد السيئة الراهنة , للدفاع عن الآفاق التي يجر قادة النظام الاقتصاد إليها على دروب اقتصاد السوق والخصخصة والاستثمارات الأجنبية غير الإنتاجية .
ويتحول المشهد الاقتصادي برمته إلى سؤال كبير ، هل المسألة الاقتصادية الراهنة المثيرة للجدل ، محصورة في الغلاء وانخفاض القدرة الشرائية ، وانحدار المستوى المعاشي للطبقة العاملة والشعبية ، أم أنها مسألة منفتحة على كامل الحقل الاقتصادي .. نمطيته .. مساراته .. آفاقه .. بالمجمل كيف ولمصلحة من يتم توزيع الدخل الوطني .. ووفق أية معايير .. ؟ .
وإذا كان للقوى المعارضة واليسار " المحدود " فيها عذرها المؤقت ، الذي يمكن تفهمه ، في عدم تقديم الجواب المطابق ، وذلك لضعفها الناتج عن تعرضها للقمع المزمن ، أو لبنيتها العضوية الاقتصادية الاجتماعية غير المسقرة ، فإن القوى خارج النظام والمعارضة أو التي متحالفة مع النظام ومازالت تتمسك ب " يساريتها " ، المستثناة من الاستهداف الأمني ، لاعتبارات معينة ، مطالبة بمقاربة أكثر مصداقية في صياغة الجواب . أقله ، ألاّ تسهم في تكثيف ضبابية التمويه لصالح اقتصاد السوق .. واجتماع السوء ، في وقت مايزال فيه التنظيم النقابي مرتهناً لل " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " ، بمحاولة إبعاد المسؤولية عن القيادات السياسية ، وإحالتها ‘ على النقابات القائمة ، والإشارة إلى أن تجميد الأجور والرواتب المديد ، لمصلحة الطبقة السياسية الرأ سمالية الحاكمة خاصة ، كان بناء على عقد اجتماعي بين النقابات والحكومة ، والإشارة أيضاً ، إلى أنه يوجد " شرخ كبير لايردم " بين النقابات والحكومة ناتج عن عدم رضى النقابات عن سياسة الحكومة الاقتصادية ، بمعنى أنه في هذا الشرخ يكمن حراك نقابي واعد .
من ذلك يبدو ، أن تجربة " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " على مدى أكثر من ثلاثين عاماً ، التي اقترنت بعملية " تبعيث الحركة النقابية ، ليست كافية ، لتوفير القناعة ، أن ذلك كان إلغاء للنقابات بمعناها النضالي الاجتماعي المطلبي ، وتجريد الطبقة العاملة من آلية الدفاع عن حقوقها وأجورها وحرياتها النقابية ، وأن ذلك قد أفضى إلى شل الحركة العمالية برمتها بآليات التذويب الاحتوائي الحزبي والجبهوي وبالإقصاء التعسفي والقمعي ، ما أدى إلى عزلة التنظيم النقابي واقتصار منتسبيه على عمال القطاع العام وحسب ، البالغ عددهم أقل من 20 % من الحجم الإجمالي للطبقة العاملة السورية ، وأن النقابية السياسية العتيدة لم تكن إلاّ فخاً مخادعاً ، لتحويل الحركة النقابية إلى أداة في خدمة تحولات اقتصادية تجريها القوى السياسية الاقتصادية الحاكمة ، والتي كان أبرز تجلياتها تفكيك إلتزام النقابات بالنضال المطلبي ، وحصر نشاطها الأساسي بتنفيذ التوجهات والقرارات الصادرة عن السلطة بمؤسساتها المتعددة ، ودمجها مع الإدارة الاقتصادية والسياسية والأمنية في فريق عمل واحد . ما أدى إلى إطلاق التلاعب بمستويات معيشة ستة ملايين عامل ومعيشة أ سرهم ، وإلى الصمت والتواطؤ إزاء تجميد الأجور والرواتب ، وتسهيل سرقة قسم هام من قيمة قوة العمل من قبل الطبقة الرأ سمالية داخل السلطة وخارجها ، والتي تبلغ مقارنة بمستويات الأجور والرواتب مع الأسعار على مدار أكثر من ثلاثين عاماً مايعادل الناتج الإجمالي المحلي لعام كامل أي مئات المليارات من الليرات السورية . . وقد كان العمال وكافة الذين يعيشون بأجر أولى بتلك المليارات التي اقتطعت من لقمة عيشهم من أولئك اللصوص الذين سلبوها وخصصوها لثرائهم وا ستماراتهم في الداخل والخارج .
ومن ذلك يبدو أيضاً ، أن التداعيات والانحدارات المعيشية المؤلمة ، ليست كافية بالنسبة لتلك القوى ، لتوفير القناعة بفشل النقابية السياسية وزيف ومخادعة التبريرات والمسوغات الحزبية والجبهوية والسلطوية ، التي غطت دفع النقابات لولوج مسارات هذه النقابية اللاسياسية بالمعنى الوطني العريض واللاإنسانية بالمعنى الاقتصادي والأخلاقي ، والتي غطت مجتمعة دوراً إجرامياً كبيراً في إيصال أكثر من نصف شعبنا من العمال في القطاعين العام والخاص وجماهير الفقراء إلى قاع البؤس والمذلة . والخلفية الواضحة لهذا الإمعان في التعاطي مع النقابية المستقيلة من النضال المطلبي لحساب الإلتزام السياسي الحزبي والسلطوي ، هي ، كما ذكر في أكثر من مكان ومقال ، الإلتزام ب " هيكلية النظام السياسية والاجتماعية والاقتصادية " على الرغم من أن هذه الهيكلية " العزيزة " هي قيد التفكيك وإعادة التركيب بأشكال أ سوأ مما هي عليه ، من خلال تطبيقات اقتصاد السوق ومتطلباته الخارجية المجحفة .
وهكذا يتضح ، أنه لم يكن هناك ما سمي ب " العقد الاجتماعي " بين التنظيم النقابي والحكومة ، وإنما كان أمراً سلطوياً فوقياً بالتخلي عن النضال المطلبي ، واندماج التنظيم النقابي في فريق واحد مع الإدارة وسادة السوق والسلطة . أي أن ما تحقق كان انسجاماً " نقابياً " تواطؤياً . وبذا ، لايوجد أي معنى لتسمية السرقة التي طاولت قسماً هاماً من أجور العمال بالعقد الاجتماعي سوى منح شيء من الشرعية لهذه السرقة . كما لايبرر أية أوهام حول وجود " شرخ لايردم " بالمعنى التصادمي بين النقابات والحكومة . ما تدل عليه مثل هذه الطروحات ، أن مصادرها تتجاوز .. ! العلاقات " الرفاقية " المراقبة أمنياً بإطار " الحزب القائد " والجبهة والإدارة الاقتصادية - السياسية من طرف ، ومن طرف آخر تحاول الإيحاء ، دون ظهور أي تحرك نقابي جاد " أن النقابات القائمة ، يمكن أن يعول عليها " تحت سقف النظام " في مواجهة سياسة النظام الاقتصادية المدمرة . ما يعني ، أن الحديث عن نقابات مستقلة غير ذي أهمية .. وغير مبرر .
باختصار لايمكن التعويل على بعض " ردود الأفعال النقابية " العابرة ، وسط تواطؤ نقابي ملتزم كاسح مع النظام ، إزاء الغلاء وانخفاض القدرة الشرائية للأجور ، بمعزل عن بنية النقابات الحزبية الجبهوية الراهنة وعن هيمنة السلطة عليها والتحكم بها ، وعن الإلتزام " النقابي " العضوي بهكلية النظام الاقتصادية والسياسية . ما يستدعي ، دون إهمال بل واحتضان أية مبادرة نقابية فردية أو هيئوية قد تخترق ، مع تداعيات الأوضاع المعيشية ، سقف الهيمنة الحزبية والجبهوية السلطوية ، البحث عن بدائل نقابية مستقلة عن الإلتزام بالنظام ، وعدم السماح بتكرار مصير النقابي المعتقل مروان العش .
وعليه ، فإن أي عقد اجتماعي بين النقابات وجهات أرباب العمل والإدارة والحكومة ، إن لم يؤد إلى تحسين القدرة الشرائية للأجور والرواتب ، ويخدم بناء اقتصادي يفضي إلى رفع مستوى معيشة الطبقة العاملة والطبقات الشعبية كافة ، وإلى مستقبل أكثر عدالة في توزيع الدخل الوطني ، فإنه عقد إذعان تعسفي باطل إنسنياً ونقابياً وأخلاقياً .. وأي شرخ بين النقابات الحالية والحكومة ، إن لم يرتبط بشرخ سياسي وانتهاج نقابية مستقلة عن الهيمنة السياسية والأمنية ، هو شرخ ، إن وجد ، ليس أكثر من رد فعل لايعول عليه ، إذ يتم احتواؤه بيسر وسهولة من قبل آليات النظام المتعددة ..
وكل تفكير آخر مخادعة للذات وللطبقة العاملة ..
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجزرة معيشية جديدة
-
الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في مصر تنتزع المبادرة
-
بديل نقابي مطلبي ممكن
-
قمة تحت خط العجز
-
حتى تنهض المعارضة وتحقق التغيير
-
يوم المرأة العالمي وسمات المرحلة الراهنة
-
انتصاراً لشعب غزة البطل
-
وتبقى المعارضة عصية على القمع وعلى الانتهاء
-
حول وحدة الطبقة العاملة والحركة النقابية
-
المواطنة و- هيبة الدولة - والرعب
-
ليس من طريق آخر للفوز بالحرية
-
الأعزة في غزة لستم وحدكم
-
الحرية والحياة لعارف دليلة
-
السؤال الجدي في المشهد المعارض
-
دفاعاً عن الوطن والديمقراطية
-
غزة تحت حصار النار والموت
-
التحدي الديمقراطي وإرهاب السلطة
-
في التحالف ضد الاستبداد
-
مع - الحوار المتمدن - .. مع اليسار والديمقراطية والعلمانية
-
- أنابوليس - .. ورد الشعوب الثوري
المزيد.....
-
وزارة المالية العراقية تحدد موعد صرف رواتب الموظفين لشهر ديس
...
-
حصيلة بقتلى العاملين في المجال الإنساني خلال 2024
-
4th World Working Youth Congress
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر
...
-
بيسكوف: روسيا بحاجة للعمالة الأجنبية وترحب بالمهاجرين
-
النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس
...
-
تاريخ صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر ديسمبر 2024 .. ما
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|