أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - داء الفالج في انتظار الظرف الناضج!















المزيد.....

داء الفالج في انتظار الظرف الناضج!


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 711 - 2004 / 1 / 12 - 04:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


   داء الفالج، لا تعـــالِـــج !
  ( مثل دمشقي)

مئتا مليون عربي نضجت جلودهم تحت سياط القمع والإرهاب والإستبداد ، لكن الظروف المواتية للديموقراطية والحرية لم تنضج بعد !
 أما متى تنضج هذه الظروف ، ومن الذي سيحدد مواصفاتها، فان الأمر مرهون بوقت ينادي حين يأزف، لا يُنادى !

كل شيء ينضج في هذا الشريط المترامي بين المغرب والخليج، إلا الظروف المواتية للحرية والديموقراطية .  ومنذ خمسة عشر قرناً، وهذه الشعوب تنجب مفكرين وقادة وفلاسفة وشعراء وملوك وأمراء وشيوخ ورفاق ،  وكلهم بلغوا درجة التعفن من كثرة ما نضجوا ، ولم يبق شيء غير ناضج سوى الظروف الموضوعية للديموقراطية !

لكن، كيف حدث أن أمة أنجبت هذا القطيع من القادة التاريخيين الناضجين ،  وبقيت هي غير ناضجة لممارسة الحرية والديموقراطية ؟

 كيف حدث أن بطون الأمهات ولدت حكاماً ووزراء وجنرالات وماريشالات وقطاع طُرُق ناضجين، في شعب لم ينضج بعد ؟

واحد من الذين يحملون شهادة الدكتوراة في علم الاجتماع، سألني وعلى شفتيه شبح ابتسامة :
- ما هي الديموقراطية التي تطالب بها ؟  و لمن ؟

أجبت بانفعال ظاهر :
- ديموقراطية بلا ضفاف ،  ديموقراطية للجميع ،  لخصومي في الرأي حتى ولو كانوا أعداء للديموقراطية !

وبلهجته الأكاديمية تابع الحوار وعاد يتساءل وكأنه لا ينتظر جواباً ،  فسؤاله سؤال مفحم :
- معنى ذلك أنه لو جاء الآن شخصٌ ، وطعنك بسكين، فلا يحق لك أن تعترض ،  فهو يمارس حريته ،  وأنت تقول أن الحرية بلا ضفاف .

سكت محدثي " الدكتور " وكأنه يدرس هذا المخلوق أمامه وانتظر، قلت :
- أهكذا تفسر الأمور يا صديقي ؟  وهل معنى الحرية والديموقراطية بلا ضفاف الاعتداء على حريات الآخرين ؟ لكنني لم أحصل على شهادة الدكتوراه والحمد لله ، والحرية عندي لها مفهوم بسيط جداً بساطة الأسماك ، الديموقراطية تعني عندي يا رعاك الله، أن أقول رأيي في الحاكمين دون أن أتعرض للسجن بدون محاكمة عشرين عاماً، أن لا أعتقل بدون سبب قانوني ، أن أتعرض للاستجواب بالحوار لا بالرفس واللبط والخيزرانات ، أن أستطيع كتابة مقال أنتقد فيه أياً كان، وأنام بعد ذلك في بيتي لا في بيت خالتي، غير خائف من زوار الفجر.


لكن صديقي الأكاديمي الناضج لم يتركني، قذف في وجهي حجة ظنها دامغة ، قال بلهجة المشفق:
- ما تقوله صحيح لا يختلف فيه اثنان ، وصحيح أن هناك أخطاء لدى الحكام والأنظمة، لكن شعبنا لم ينضج بعد لممارسة الديموقراطية ، ثم إن الديموقراطية يجب أن تكون نابعة من أرضنا ، من ظروفنا، لا مستوردة من الغرب ، هل تريد ديموقراطية مثل المطبقة في فرنسا وبريطانيا مثلاً ؟

قلت وأنا أكاد أخرج من جلدي :
- إذا كانت الظروف لم تنضج في بلادنا، ونحن أقدم شعوب الأرض حتى الآن ، فمتى تنضج ؟ و ما تسميه أخطاء لدى الحكام هو في الواقع جرائم و آثام ، فهل إبقاء ثلاثة أشقاء في سجون المغرب ثمانية عشر عاماً دون محاكمة، ودون تهمة واضحة، هو خطأ أم هو جريمة موصوفة ؟ هل إن قتل المعتقلين تحت التعذيب هو خطأ أم هو جريمة ؟ هل إن إثراء بعض المسؤولين والحكام بمليارات الدولارات هو خطأ أم أنه جريمة قطع طريق وإفساد في الأرض ؟

أما عن ضرورة أن تنبع الديموقراطية من أرضنا ، فهذه والله قصة عجيبة ، هل سنصل إلى زمن نتعاقـــدُ فيه مع شــركات للتنقيب عن الديموقراطية، كشركات التنقيب عن النفط؟ أعطني ديموقراطية وحرية نابعة حتى من الكونغو وأنا معك ، الفكر لا جنسية له ، ولا توجد ديموقراطيات تختلف عن بعضها ، كل ديموقراطية معناها انتخابات برلمانية وأحزاب وفصل بين السلطات ، كل ديموقراطية في العالم لا يمكن أن تعني غير سيادة القانون وعدم توقيف إنسان إلا بنص قانوني . كل ديموقراطية لا يمكن أن تعني تعذيب الناس وجلدهم وإخفاءهم في السجون عشرات السنين ، ثم لماذا تعترضون على استيراد الأفكار ، وتبررون استيراد المرسيدس والفيديو والتلفزيون ...

استغرقت في الحديث ، علا صوتي ، سَمِعَـــنا كل من في المقهى ، قال لي صاحبي حامل شهادة الدكتوراه :
- تكلم بهدوء ... لماذا تنفعل ؟

قلت بانفعال :
- هذه طبيعتي ، لا أستطيع إلا أن أنفعل ، لكن انفعالي لا يعني أنني أحجر على رأيك ، أو أطالب بمنع هذا الرأي ، بالعكس فأنا مع حريتك في إبداء رأيك حتى ولو كان هذا الرأي لا يثير إلا سخريتي ، فهناك أيضاً حرية السخرية ، إنهم هنا في فرنسا يسخرون من رئيس الجمهورية، يصورونه في التلفزيون على شكل ضفدع ، أو على شكل شخص شبه معتوه، والمذيع ينام مساء في بيته لا في الكـــرَكـــون!

همست بعد ذلك في أذن محاوري ، قلت له إننا لا نطمح إلى ديموقراطية على النمط الفرنسي فهذا كثير، وحجم الحلم لا يجوز أن يتجاوز حجم الواقع المرير ، نحن نحلم في هذه الأيام أن يعاملنا الحاكمون كما تعامل سلطات الاحتلال الفلسطينيين في الأرض المحتلة !

ثم أن الأرض العربية أنبتت خلال مئات السنين عدداً كبيراً جداً من الطغاة والجلادين ، فلماذا لا يراد لها أن تنبت حكاماً ديموقراطيين ؟
التعذيب والاستبداد والقهر ، مفردات لا جنسية لها ، لكنها توشك في هذه الأيام، أن تصبح مفردات عربية مئة بالمئة .

إن تراثنا العربي مليء بقصص عن العدالة والحرية ، عمر بن الخطاب كان إماماً من أئمة الحرية في العالم ، وعمر بن عبد العزيز كان نبعاً من الصفاء والمثالية في التقوى والورع ، فلماذا نضجت الظروف قبل خمسة عشر قرناً للبدو، لكي يمارسوا الديموقراطية والحرية ، ولم تنضج اليوم لشعوب تُخّرج هذا العدد الهائل من الدكاترة والبروفسورات والجنرالات ؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها ...



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلبيس إبليس في أخبار عطســـة الرئيس
- الساق على الساق في انتظــــار العربي إســــحق
- الحَسَــنة القليلة تدفع البلاوي الكثيرة !
- الذئاب العربية بخير !
- الظلمُ مرتعُه و بيلُ
- يتيمة الدهر في مثالب أهل العصر
- فـــك المــربــوط
- فضل الكلاب على كثير من الصحفيين والكتاب
- الخوف والتقيَّـــة في الديموقراطية العربيّــــة !
- تأبّـــطَ شَـــرّاً
- منتخــــب الكـــــــلام في تفســــير المنــــام
- حوار رزكار المتمدّن وأنظمة الإستبداد المتعفن !
- الحـــــــرباء في آراء ســـــــيادة اللـــــواء
- الدَّهــلَــزَة والكَهْرَزة!
- - العــورة - الوثقــى
- بيضــة العقــر وديموقراطية الثيب والبكــر!
- الأطيبان و الأخبثان و الأمـــران !
- وداعاً للسلاح …
- صناعة القرار في زمن التراجع والفرار
- تغييــر الأدوار بين القظـــلار والدفتــردار !


المزيد.....




- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
- -وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة ...
- رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم ...
- مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
- أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
- تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
- -بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال ...
- بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - داء الفالج في انتظار الظرف الناضج!