|
الرابع عشر من أيار : دم و زغاريد - الرابع عشر من أيار : يوم الشهداء
طارق جواد
الحوار المتمدن-العدد: 2289 - 2008 / 5 / 22 - 10:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لقد وصلت همجية الآلة الفاشية الرجعية في تدمير و إبادة أبناء هذا الشعب الكادح، الذي مزقت جيبه زيادات الأسعار و الغلاء ، التفقير ، مثلما مزقت جلده سياط الجلادين الجدد ورثة الجلادين القدماء ، حدا لا تصفه مفردات اللغة . أكثر من 4000 عنصر قمع من مختلف الفصائل طوقت كل مناحي و منافذ الحي الجامعي و كليتي الآداب و الحقوق ، بالإضافة إلى الأحياء الشعبية المجاورة ، و بعتاد لوجيستيكي حربي : سيارات القمع بمختلف أحجامها و سيارات الاختطاف الخاصة ، و سيارات الشركات الخاصة !! ( نيسكافي ، اتصالات المغرب ، و السيارات السياحية ) ، و الدراجون الذين قاربوا الألف و الخيالة و الكلاب البوليسية ، و البومبية ( خراطيم المياه ) ، بالإضافة إلى القنابل المسيلة للدموع و الرصاص المطاطي ، حتى أن الذين جلدوا الطلبة استعملوا القضبان الحديدية بدل هراواتهم . لقد أتت كل هده الهمجية بشكل عام على خلفية المعركة البطولية ( و إنها كذلك بالفعل ) التي دخل فيها الطلبة منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر و أزيد من شهر من المقاطعة الشاملة للدروس و الامتحانات على أرضية مطالبهم النقابية و الديمقراطية المسطرة في ملفهم المطلبي ، وبشكل خاص على خلفية المسيرة التي دعا إليها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب صوب رئاسة الجامعة بعدما قدمت هذه الأخيرة إشارات للحوار مع الطلبة ( في صباح ذلك اليوم ، أي 14-05-2008 نظم أعوان و موظفو كلية الحقوق وقفة احتجاجية رفعت عدة مطالب من ضمنها إقالة العميد زنطار) . و مباشرة بعد خروج المسيرة التي شارك فيها أزيد من 6000 طالب و طالبة أعترضتها قوات القمع التي ظهر أنها جهزت للإغارة أياما . تراجع الطلاب إلى الحي الجامعي فنصبوا المتاريس و بدؤوا الاستعداد للمواجهة من أجل تحصين الحرم الجامعي . صدوا ثلاث هجمات متتالية للقمع ، قاوموا ببسالة لن ينساها لهم التاريخ الحقيقي للشعوب. في جو ملحمي وزعوا الأدوار ما بين من يصوب بالحجر و من يجمعه ومن يبطل مفعول القنابل المسيلة للدموع ، في هذه الملحمة التاريخية التي اختلط فيها الدم بالمبادئ و الخوف انزوى إلى الزوال ، و الرابع عشر من أيار يدندن لحن مخاض بزوغ فجر الحرية الطويل : " هذه مقطعة و غدا تكتمل الأغنية " . وسط الميدان طالبات يأخذن مكانهن في المعركة : " نحن لسنا غريبات عن هذا المجال ، لسنا قاصرات على الوغى " ، لا أبدا لستن كذلك ، أنتن بناتها يا أمل المرأة المغربية و الصحراوية و موضع فخرنا ، و لكن ننحني إجلالا و اعترافا . بعضهن يحضرن الماء والبصل لإسعاف الطلاب الذين اختنقوا و الأخريات يصوبن بالحجر و الملحمة تستمر في الارتسام على شذى زغاريدهن التي تخترق الفولاذ قبل القلوب ، تفرك عيون الغضب ، يلتحم الوريد بالساعد تثقل الضربات على مؤخرة الرجعيين. بيروت جديدة على أرض الحمراء ،امتزج فيها دم المغرب بالصحراء ينفث لهبا يلهب وجوه الفاشست : " جسمان للتوحيد نحن ، على مشيئتنا أردنا أن نكون و لا يكون الناس في الدنيا مشاعا" . الحمراء العروس بيروت ، يجتاحها الصهيوني الطاغوت، لكن سيموت في بيروت . آه يا سعيدة و يا بلهواري و يا دريدي الراقدون على مقربة منا ، الآن يحق للطلاب أن يلمسوا قبوركم الطاهرة . ألا زلتم تشعرون بشيء من البرد ؟ الدم البنزين جاهز لتدفئتكم . أزيد من ثلاث ساعات لم تنجح آلة الرجعية في اقتحام الحي الجامعي بفعل المقاومة العظيمة للطلاب العظام ، إلى أن فتح المجرم مدير الحي باب داره للجنود الذين باغتوا الطلبة . يبدأ الغزو : جنود هولاكو يقتحمون و الطلبة يقاومون و الزغاريد تعانق الدم . خراطيم المياه تقتلع الباب الرئيسي للحي الجامعي ليلتحق حرس هولاكو بجنوده ، يقتحمون عمارة الطالبات يضربوهن بقسوة و حقد الصهاينة : ففي كل مكان صهيونية هناك حتما فلسطين . ينهبون ممتلكاتهن من هواتف نقالة و حواسيب و نقود و خواتم و كل ما وقعت عليه أيديهم و أعينهم ( أكثر من 400 هاتف نقال ) ، بطريقة يندى لها جبين قطاع الطرق . يخرجوهن إلى ساحة الحي بعد نزع أحذيتهن و تصويرهن . يستكملون مسلسل النهب والقتل ، يطاردون الطلبة ، يحاصرون المناضلين ،يضربونهم بالقضبان الحديدية . يصعد بعض الطلبة إلى السطوح يواصلون الرشق بالحجارة ، آخرون يخترقون جدار القمع و يتوجهون صوب الأحياء الشعبية . يصعد التتريون إلى السطوح يمسكون بطالبين يضربونهما و يرمون بهما من علا الطابق الرابع ، تتكسر عظامهما ، دماء تختلط بتراب الحي المقدس . يسقط أحدهما شهيدا شاهدا على الهمجية . يلحق ركب الشهداء الأبرار ، أعز أعزائنا رحل ، في نفس اليوم و بنفس الشكل الذي رحل فيه و به الشهيد حفيظ بوعبيد بفاس سنة 2001 ، و في نفس هذا الشهر من السنة الماضية استشهد كل من الرفيقين عبد الرحمان الحسناوي بموقع الراشيدية و الطاهر ساسيوي بموقع مكناس . يا شهداء آيار و كل الشهداء : تصبحون على وطن . أنتم لم تموتوا ، بل نحن لم نولد بعد . دماء عمال شيكاغو لم تجف ، لا زالت تطارد الرجعيين . و يا شيكاغو الدم المغربي فلتتحول قطراتك سهاما تحاصر الهمجية .فقد علمتنا أن حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء. يا أيار أيها الشهر العظيم، فلتهب قامة التاريخ يومين منك لا يوم واحد : يوم عيد العمال و يوم عيد الطلاب... يسقط العديد من الطلبة في حالات متفاوتة الخطورة بين الجروح و الكسور ، يغتصبون أحد الطلبة ببشاعة ، يتلفون كل ما وقعت أيديهم عليه من أوراق شخصية و كتب و أثاث بل وصل الأمر بهم إلى تمزيق كل الإجازات التي عثروا عليها ، إنه الغزو المغولي بكل ما في الكلمة من معنى . وصل عدد من اعتقلوا تلك الليلة أكثر من 800 طالب و طالبة بين من أشبعوه ضربا و أخلوا سبيله في الطريق إلى المخفر و بين من وصله و نال قسطه من التعذيب و أطلقوا سراحه و من استنطقوه إلى أن أبقوا على .....مناضلا نقل العديد من الطلاب المواجهات إلى الأحياء الشعبية المجاورة ، وحي الوحدة الثالثة على الخصوص، التي انضم إليها العديد من أبناء الأحياء و خاصة التلاميذ ، فنصبوا المتاريس وواصلوا المواجهات إلى أن انسحبت قوات القمع في وقت متأخر من الليل . في صباح اليوم الموالي يلتحق الطلاب و المناضلون بكليتي الآداب و الحقوق لنقاش ما وقع و الاستمرار في المقاطعة. يقاطع الطلبة الدروس بشكل شامل كالعادة ، ليبدأ بعدها مسلسل التطويق و الإبادة الثاني من نوعه . فيشق الطلاب و مناضلوهم الطريق باتجاه النخيل و تستمر المواجهات إلى أن يعتقل العدد الأكبر منهم . ... في الزنزانة : تفوح رائحة الدم المتهاطل جداول من أجساد الثوار العظام : دم الثوار شفاء للجراح و أطهر سائل للاستحمام و دم الثوار لا يتعفن ، لأنه دم معقم بدماء أخرى للجدد، و لا تجف عيونه إلا و فقط بعد إحراق دم الرجعيين العفن. جذوع الأشجار الصلبة لا يسقطها الخريف و الجبال تسخر من الرياح. المعتقلون صامدون صمود حركة التاريخ العتيدة و العتاة ينتظرون حتفهم مع بزوغ شمس الأصيل . اثناء الاستنطاق : الضرب المميت من كل جهات الجسم و الأعين معصبة و بدل الآهات تخرج الشعارات تحارب الصمت الرهيب . يونس أيها الرفيق العظيم ، سمعناك و أنت تصيح : " أنا الآن بين مئات الرفاق أضيف لقبضاتهم قبضتي ، أنا الآن أشعر أني قوي و أني سأهزم زنزانتي ، نعم لن نموت نعم سوف نحيى و لو أكل القيد من عظمنا ولو مزقتنا سياط الطغاة و لو أشعلوا النار في جسمنا ". يمرون من طقوس التعذيب واحدا واحدا ، و من كل طقس يخرجون أكثر صلابة و تحد . بجانبهم تقف الوردة الصخرة ، كانت لبؤة في الحرب و اليوم في زنازين التعذيب فولاذ . تمر بكل أشكال التعذيب من الضرب حتى الكهرباء : "هذي جراح التاريخ تجمعنا ، و جراخ التاريخ ألوان قف رفيقي على دمنا ، فالدم جمر يوقظ الإنسان" . علمني صمودك سيدتي معنى الوطن و الانتماء. أيتها الرفيقة الصامدة ، ثورتك ثورتان: ثورة على الإقطاع و الجور ، و ثورة علي شرق الثكايا و البخور . أيتها المرأة الخالدة : شكرا على الدرس . أشكري رفاقك نيابة عنا. بولمهارز : من هنا مر رفاق كثر و سيمرون أكثر فأكثر إلى أن يدمرك الرفاق الأغلبية . " يا جبل ما تهزك ريح " " إن الناضلين المنحدرين من الشباب الثوري ببلادنا، أبناء العمال و الفلاحين الذين أعطوا حياتهم في المعركة ضد الاحتلال الاستعماري ، أبناء و إخوان الذين سقطوا برصاص الحسن في الريف و البيضاء ، هؤلاء المناضلين ليسوا من الذين يخافون مطرقة العدو . سواء في المواجهة اليومية لجهاز العدو القمعي ، سواء كان ذلك في ساحات الثانويات و الجامعات ، أو في الأحياء الشعبية ، أو في المعامل و في البوادي ، أو في كهوف الكوميساريات و زنزانات السجون ، سينصهر الفولاذ الأصيل الذي يسلح شعبنا ، الفولاذ الذي يسلح ثورتنا ". استشهد الثوار ، عاشت الثورة أعتقل الثوار ، عاشت الثورة المجد و الخلود للشهيد
#طارق_جواد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|