|
وماذا عن المدنيين غير الاسرائيليين؟
عمر نشابة
الحوار المتمدن-العدد: 134 - 2002 / 5 / 18 - 23:09
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
النهار"
السبت 18 أيار 2002
هنا مقال آخر ضمن المحور النقاشي الذي فتحته "قضايا النهار" حول "العمليات ضد المدنيين":
"ان فعل الخير هو أفضل طريقة لضرب الشر (تصفيق حاد ومطول من جانب الجمهور الغفير) لكن دعوني اوضح قولي: ان فعل الخير هو افضل طريقة لضرب الشر في ديارنا (at Home) لكن افضل طريقة لضرب الشر في الخارج تكون باطلاق (unleashing) العسكر".
الرئيس جورج بوش "جونيور"
(نوكسيفل، تكساس 8-4-2002).
ان عبارة "اطلاق" (unleashing) التي استخدمها الرئيس بوش في خطابه تستعمل في اللغة الانكليزية للتعبير عن اطلاق الكلاب الشرسة مثلا او الوحوش الكاسرة...
وهكذا استعادت الولايات المتحدة عضويتها في مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان 21 يوما فقط بعد "اطلاق" الرئيس بوش "جونيور" ذلك الخطاب الرنان.
وتذكر جريدة "النهار" في عددها الصادر في 30-4-2002 الخبر الاتي "وكاد اقصاء واشنطن العام الماضي بعيد تولي الرئىس الاميركي جورج بوش مهماته، يعطل الاتفاق الذي تم التوصل اليه بصعوبة والتزمت الولايات المتحدة بموجبه دفع ديونها المستحقة الى الامم المتحدة وقدرها 900 مليون دولار". هل نفهم من ذلك ان العضوية في مفوضية حقوق الانسان تتعلق بدفع المستحقات؟ ان مرور الامم المتحدة بأزمة مالية حادة يدفع القيمين عليها الى عرض عضوية مفوضية حقوق الانسان للبيع؟ ام ان حقوق الانسان في شكل عام باتت، اكثر من اي وقت مضى، سلعة تباع وتشترى لتستخدم كأحد الاسلحة السياسية والاعلامية في الحروب الدامية وفي المواجهات الساخنة؟
وبينما تنشغل اقلام بالحديث عن "ازدواجية ثقافية واخلاقية" وتتهم بالارهاب الفكري (على الطريقة الاميركية) كل من يعارضها، وتنادي أخرى بالسلام على طريقة "هاري كريشنا"، يؤكد الرئىس جورج بوش ان هدف حربه على "الارهاب" هو الحفاظ على حقوق الانسان، ويخيرنا (بدون لف ودوران) بين الرضوخ لـ"رجل السلام" (شارون) والانضمام لأعدائه "الارهابيين".
ان كلام الرئيس بوش يكرس عدم احترام الولايات المتحدة لقيم حقوق الانسان ومبادئه الصادقة. ومع غياب ذلك الاحترام لدى القوة العظمى الوحيدة في العالم اليوم، نشهد انهيارا كاملا لفكرة حقوق الانسان لأن هذه ليست حبرا على ورق، وشعائر دعائية، وحملات سياسية، بل ممارسة حقيقية ملموسة والزام صادق. وها نحن امام خيارين: اما "ممارسة" الحقوق على الطريقة الاميركية الساعية الى "السلام" مع "رجل السلام" (شارون) في حربه على "الارهاب" واما الموت في الجنينات (جمع جنين) كأرهابيين لا يستحقون حتى حق وداع اهلهم الى مثواهم الاخير..
وها نحن نقرأ ونتنبه لشطارة المدافعين عن حقوق الانسان في ما يتعلق بحقوق "المدنيين الاسرائيليين" في حيفا ويافا وعكا او في مستعمرات كريات شمونة وعلى طول "الخط الازرق" الذين يبيتون في الملاجئ ويحرمون من الخروج الى المطعم "والنايت كلوب".
وها نحن نشهد حماسة بعض الشخصيات الغربية، وحتى العربية والاسلامية، للحملات الاميركية.، وشبه الاميركية، للدفاع عن حقوق الانسان في ايران وكوريا الشمالية والعراق، بينما يتناسى العالم بأسره حقوق الانسان الفلسطيني الذي عاني من ابشع اشكال الاغتصاب والتعذيب، ويتناسى العالم قبل ذلك حقوق الانسان الافريقي في رواندا والصومال والنيجر وسيراليون والغابون وغامبيا وزائير وأنغولا (وغيرها)، المحروم من الغذاء والدواء والعيش الكريم، والمحروم من الحق في التنمية والتطور، وحيث يموت المئات، لا بل الآلاف كل شهر من الجوع والمرض والقتل من جراء حروب العصابات والقبائل بسلاح اميركي وروسي واوروبي.
ان قيمة مجموع السلاح الذي صدر الى بلاد "العالم الثالث" (حسب تقرير الخبير ريتشارد غريمات الى الكونغرس الاميركي، آب 2001) بلغت 25،4 مليار دولار عام ،2000 49،7 في المئة منها من الولايات المتحدة وحدها والباقي موزع على روسيا وبريطانيا وفرنسا. بينما نقرأ في تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية المخصص لحقوق الانسان والصادر عام 2000 الارقام الاتية:
- يموت 14 من اصل كل 100 طفل افريقي قبل بلوغ السنة الاولى من عمرهم،
- ما يقارب ثلث مجموع الاطفال في افريقيا (26 مليون طفل) يعانون من سوء التغذية،
- ما يقارب 186 مليون افريقي جائعون!
- قضى فيروس الايدز في افريقيا على اكثر من 12 مليونا حتى العام .2000
- عدد الايتام في القارة الافريقية 40 مليون طفل عام 2001(!)
وغيرها الكثير من الارقام والمعلومات المخيفة عن حقوق الانسان الغائبة في افريقيا واميركا اللاتينية وشرق آسيا. لكن، ويا للاسف تفضل وسائل الاعلام الاميركية والعالمية (وحتى اللبنانية احيانا) التركيز على مشكلات حقوق الانسان في دول "محور الشر" (حسب التعريف الاميركي) دون غيرها. ولا شك ان في ذلك منافع اكثر واهتماما اكبر وتغطية اوسع خصوصا ان الحملة العسكرية الاميركية على العراق باتت وشيكة.
لقد استعادت الولايات المتحدة عضويتها في مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان وهي تصدر شتى انواع الاسلحة بلغت 26 مليار دولار الى الشرق الاوسط وحده بين 1997 و2000 (تقرير الخبير ريتشارد غريمات الى الكونغرس الاميركي، آب 2001). وتؤكد المصادر الرسمية في واشنطن ان تلك الاسلحة تستخدم للدفاع عن النفس. وها نحن نشهد على استخدامها من جانب جيش "الدفاع" الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة كما شهدنا "الدفاع" الاسرائيلي عن النفس خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 بقذائف النابالم وشتى الاسلحة الاميركية التي تحظر معاهدات جنيف استخدامها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محاضر حقوق الانسان في الجامعة اللبنانية الاميركية والعلوم الاجتماعية
في الجامعة الاميركية في بيروت
#عمر_نشابة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
-
بعد القطيعة.. هل هناك أمل في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟
...
-
ضابط أوكراني: نظام كييف تخلص من كبار مسؤولي أمن الدولة عام 2
...
-
رئيسة البرلمان الأوروبي: ما يحدث في ألمانيا اختبار حقيقي لأو
...
-
مباشر: قتلى وجرحى في ضربة إسرائيلية على مبنى سكني وسط بيروت
...
-
أوكرانيا تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة دفاع جوي حد
...
-
غارات إسرائيلية مكثفة على وسط بيروت والضاحية
-
أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ رو
...
-
عشرات الشهداء والجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من غزة
...
-
كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهد
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|