منذر الفضل
الحوار المتمدن-العدد: 2288 - 2008 / 5 / 21 - 10:44
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تعتبر زراعة الألغام في العراق من المشكلات الجوهرية الخطيرة التي يجب الاهتمام بها من الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي وفقا للألتزامات الدولية المنصوص عليها في القانون الدولي الأنساني وللأتفاقيات الدولية المتعلقة بالألغام الارضية وبخاصة إتفاقية أوتاوا لعام 1977 التي اصبحت نافذة المفعول عام 1999, ويقصد بالمشكلات من الناحية اللغوية , هي الأمور الصعبة الملتبسة التي تحتاج الى حلول , ومن هنا فأن وجود الألغام المخزونة والمدفونه في الحقول يعني ازدياد مخاطر التعرض الى الموت أو العوق الجسدي والمرض النفسي والعقلي مما يوجب معالجة الأخطار وحل قضية حقوق ورثة الضحايا وتوفير العلاج للمتضرر في جسده من عجز كلي أو جزئي ومعالجة الامراض النفسية والعقلية لضحايا الألغام . ومن هذا يتبين إن هناك سلسلة من المشاكل ناتجة عن وجود الألغام يتوجب حلها وتذليل العقبات من خلال وقف إنتاجها من الدول و إزالة الالغام ومعالجة المصابين وتوفير الأموال اللازمة فضلا عن توفير الخبرات الفنية والطبية في هذا الميدان وبدون ذلك ستبقى حقول الموت مصدرا للخطر على الانسان والبيئة ومستقبل البلاد , ولذلك سنتعرض بايجاز لموضوع الألغام الأرضية ضد الافراد فقط تاركين موضوع الالغام البحرية والقنابل العنقودية لدراسات تفصيلية أخرى في فرص قادمة .
ففي العراق ورثت مناطق مختلفة كميات كبيرة من حقول الألغام والتي يعود مصدر زراعتها الى نظام البعث – صدام بسبب الحروب العدوانية التي افتعلها داخليا (ضد الكورد وضد الشيعة ) وتلك التي شنها ضد دول الجوار خارجيا سواء في الحرب التي قام بها نظام صدام ضد الجارة ايران في عام 1980 ودامت 8 سنوات عجاف ولم تتوقف هذه الكارثة الكبرى إلا في 8 آب من عام 1988 مخلفة ورائها ملايين الضحايا من القتلى والمعاقين جسديا وعقليا ونفسيا بالأضافة الى الأرامل والأيتام ومخلفات لا حدود لها من بقايا الحروب من ألغام ارضية وبحرية وخراب ومعدات عسكرية أضرت بالبيئة والحياة ولم تتم معالجتها حتى هذه اللحظة , ثم تبع ذلك احتلال دولة الكويت في 2 آب 1990 وما خلف هذا العدوان من اضرار كبيرة اضافية في جميع المجالات , وأعقب ذلك سلسلة من الحروب اللاحقة مع قوات التحالف الدولية بسبب سياسة نظام الطاغية العدوانية وفي انتاج اسلحة الدمار الشامل وتهديداته للأمن والسلم الدولي .
تتركز حقول الألغام في كوردستان ومناطق الجنوب والوسط حيث زرعت بصورة عشوائية أو ضمن خرائط عسكرية ولكن بفعل عوامل التعرية الجغرافية وسيول الأمطار تغيرت أماكن الكثير منها ولم تعد هذه الخرائط التي تكشف مناطق حقول الألغام ذات فائدة كبيرة , لا بل إن كثيرا من حقول الموت زرعت فيها الألغام بلا خرائط أي بصورة غير فنية وانعدمت المعلومات عنها وصارت مصدرا كبيرا للخطر ضد البيئة والانسان .
إن حجم الإصابات البشرية والحيوانية من الألغام تشير الى جدية المخاطر الناتجة عن زراعة الموت , فالكثير من الضحايا يموتون أو يصابون بالعجزء الكلي أو الجزئي في الجسد وهم لايعرفون كيف يحصلون على حقوقهم فضلا عن إن أعداد الضحايا يكشف عن إن زراعة الألغام كانت ايضا في المناطق المأهولة بالسكان في كوردستان والجنوب والوسط وهو ما يؤكد خطورة الموضوع وضرورة اتخاذ التدابير الجدية والفاعلة من الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة اقليم كوردستان ومن خلال دعم فاعل من الأمم المتحدة والدول الصديقة للتخلص من حقول الموت ووفقا لبنود اتفاقية أوتاوا لعام 1977.
-1-
حقول الموت في كوردستان
خلال زياراتي المتكررة الى كوردستان لفت انتباهي علامات تحذيرية كثيرة تشير الى وجود حقول الألغام المخصصة أصلا ضد الافراد والحيوانات والمواشي وضد الطبيعة , وقد قام نظام صدام المقبور بزرعها في مناطق مختلفة من كوردستان كجزء من عملية قتل الحياة و تدمير البيئة وإلحاق الضرر بها , وبهدف ايقاع أكبر الخسائر البشرية ايضا وهي جزء من سياسة الأبادة ضد الشعب الكوردي مما دفع حكومة اقليم كوردستان الى انشاء مؤسسة فنية تتولى شؤون الألغام رغم إن قضية تنظيف كوردستان من حقول الموت يتطلب جهدا دوليا , إذ نعتقد أن جهود حكومة الاقليم غير كافية فنيا وبشريا في ازالة هذه الألغام التي تتراوح بين 10- 15 مليون لغم . ومن الغريب إن الكثير من هذه الالغام قد تمت زراعتها على جوانب الطرق العامة وأماكن المرور العامة , كما إن النظام الصدامي قام بزراعتها في المناطق الحدودية وفي الجبال والروابي والسهول وقرب مصادر المياه , وهذا دليل على كراهية النظام الدكتاتوري للحياة وعلى نهجه العدواني ضد الكورد .
غير إن المسألة الأساسية التي يجب أن نسلط الضوء عليها هي قضية تطهير الأرض من هذه الألغام وانشاء شبكة فاعلة تساعد الناس المتضررين ( ورثة القتيل والمصابون جسديا بفعل الالغام ) للحصول على حقوقهم القانونية من خزينة الحكومة الفيدرالية حسب القانون العراقي وفقا لما سنبينه لاحقا .
يعود تاريخ زراعة هذه الالغام من النظام الدكتاتوري الى عام 1961 أي منذ اندلاع ثورة أيلول بقيادة القائد الخالد مصطفى البارزاني , ومن ثم ازدادت اعداد زراعتها بصورة كبيرة جدا أثناء الحرب التي شنها نظام صدام ضد الجارة ايران للفترة من عام 1980-1988 حيث تم زراعة ملايين الألغام ومن مصادر مختلفة بحجة حماية الحدود الدولية وحدود كوردستان المتاخمة الى ايران رغم إن زراعة هذه الالغام لم يقتصر على المناطق الحدودية وانما امتدت عملية زراعتها الى مناطق داخل عمق كوردستان وقرب مناطق السكن المأهولة وعلى جانبي الطرق العامة وداخل القصبات والقرى غير الحدودية وبخاصة بعد عام 1974 بحجة وجود الثوار الكورد فيها .
وفي تصريح لمدير المؤسسة العامة لشؤون الألغام في كوردستان يوم 22 اب 2007 ذكر مايلي : ((قبل العام 2000 قامت منظمة UNOPS التابعة للأمم المتحدة،ومنظمة MAG باجراء مسح لكثير من مناطق الاقليم، ونشروا نتائجه،إلا أن المسوحات أصبحت قديمة،ينبغي تجديدها والاستمرار في المسوحات،وقامت مؤخراً منظمة VVAF الأميركية بين عامي 2005-2006 بمسح واسع، وإكتشفت 3150 حقلاً مزروعة بالألغام، بلغت مساحاتها 788 كم2،وفي مناطق محافظة أربيل وحدها كان هناك 679 حقلاً بلغت مساحاتها 333 كم2، وفي محافظة السليمانية وجد 1258 حقلاً بلغت مساحاتها 203 كم2 ، وفي محافظة دهوك وجد 700 حقل للألغام، وبذلك يصبح منطقة الاقليم من أكثر المناطق المبتلية بحقول الألغام، وضحاياها تزداد يوماً بعد يوم،والى الآن ليست لدينا احصائية دقيقة حول أعداد ضحايا الألغام،ولكن المعلومات المتوفرة المسجلة لدينا تؤكد مقتل 7612 ،وجرح 6580 الى العام 2003 )).
يتضح من خلال هذه الارقام حجم الكارثة على مستقبل اقليم كوردستان لأن الضحايا دائما هم من المدنيين الأبرياء فضلا عن تدمير الثروة الحيوانية والنباتية , ويبدو لي إن هناك ضعفا في الامكانيات الفنية ونقصا في الأموال لمواجهة هذه المشكلة في كوردستان , وكذلك عدم معرفة الناس المتضررين بطرق الحصول على حقوقهم بسبب الضرر الذي لحق بهم منها , وهذا يشير الى إن كوارث الحروب تظهر بعد أن تضع الحروب أوزارها لاسيما وأن مراكز التأهيل لضحايا الالغام في كوردستان لا تتناسب مع حجم وعدد الضحايا من البشر , ومن المؤسف ان يكون الشباب من الذكور - وهم الطاقة المنتجة في المجتمع - هم الضحية الاولى لحقول الموت الصدامية .
وقد أشرنا في مقال سابق لنا بعنوان (أولويات في برنامج حكومة أقليم كوردستان ) حين صدور برنامج حكومة الاقليم عام 2006 الى هذا الموضوع حيث أكدنا في الفقرة السابعة من المقال على ما يلي :
(( 7- الاهتمام المتواصل بقضية ازالة الالغام .
وكنت اتمنى استحداث مؤسسة خاصة في حكومة اقليم كوردستان يطلق عليها (( مؤسسة ازالة اثار الحروب )), ونقصد بذلك اصلاح البيئة بالتعاون مع وزارة البيئة ورعاية ضحايا الحروب ورفع او تدمير او ازالة الالغام التي تعد بالملايين والتي تفتقد الى خارطة لغرض ازالتها إذ نعتقد ان العمل الجاري في ازالة الالغام من كوردستان مايزال دون المستوى المطلوب بسبب قلة عدد الالغام التي تم ازالتها حتى الان من بين ملايين الالغام وتضرر عشرات المواطنين الابرياء من هذه الاضرار التي سببت لهم عوقا وقطعا بالاطراف او الساق او العيون او عاهات مستديمة في الجسد . كما لابد من توعية قانونية لضحايا الالغام التي زرعها النظام السابق حيث يحق للمتضرر في جسده او لورثته ان يقيم الدعوى بالحق المدني عن الضرر وفقا الى أحكام المادة 231 من القانون المدني العراقي للحصول على التعويض عن الضرر ..)).
ومن جهة اخرى فقد قامت تركيا وايران بزراعة الالغام في المناطق الحدودية والجبلية بسبب التوتر والحروب ايضا وهو ما يجعل هذه المشكلة من المشاكل الحيوية التي يجب أن تخصص لها الجهود والأموال لمعالجتها , ولا يمكن لجهود حكومة اقليم كوردستان وحدها ولا للحكومة العراقية الاتحادية أن تحلها وانما يتطلب التعاون الاقليمي والدولي الجاد وطبقا لقواعد القانون الدولي .
لهذا نقترح تشكيل لجنة عليا في كوردستان من مختلف الوزارات والشخصيات تدعم جهود مؤسسة الألغام في كوردستان تتألف من ممثلين عن وزارة البيئة ووزارة العدل ووزارة الصحة ( الصحة النفسية ) ونقابة المحامين في كوردستان وممثل حكومة الاقليم في بغداد وممثل عن وزارة البيشمركة والداخلية والشؤون الخارجية مع مختلف وسائل الاعلام وبالتعاون مع الصليب الاحمر الدولي و ممثلية الأمم المتحدة واطراف أخرى وتتولى تفعيل الاجراءات والخطوات نحو تطهير كوردستان من حقول الموت الصدامية وتقديم الدعم القانوني والانساني والطبي الى المتضررين من هذه الألغام .
ومن الجدير بالذكر إن هناك الكثير من الضحايا المدنيين من الكورد الفيليين دفعهم نظام الطاغية صدام صوب حقول الألغام المزروعة على الحدود مع ايران اثناء عمليات التسفير التي قام بها ذلك النظام ضدهم , وهذا العمل يعد من جرائم الحرب وينطبق عليه وصف جريمة ابادة الجنس البشري التي لا تسقط بالتقادم وبالتالي يحق لهؤلاء المتضررين أن يحركوا الدعوى أمام المحكمة الجنائية العراقية للحصول على حقوقهم القانونية .
-2-
حقول الموت في الجنوب والوسط
ترجع عمليات زراعة الالغام في مناطق المحافظات الجنوبية ووسط العراق الى مطلع عام 1980 اي قبل ان يقوم نظام الطاغية صدام بشن الحروب على دول الجوار وكانت محافظة البصرة الحدودية المتاخمة الى ايران والكويت من اكثر المناطق الجنوبية تضررا من زارعة الألغام الأرضية والبحرية وكذلك في محافظة الناصرية ومناطق الاهوار والسماوة والكوت وديالى بأعتبارها من المناطق التي كانت ساحة للمعارضة ضد الدكتاتورية , كما تقدر الهيئة الوطنية العراقية لشؤون الالغام بوجود اكثر من 600.000 طن من الألغام والاعتدة المنتشرة في 17 محافظة والتي يجب ازالتها لكن هذه العمليات ستتطلب سنوات عديدة من اجل تنفيذها كما تبلغ التقديرات الاولية لعدد الالغام في العراق اكثر من 27 مليون لغم يوجد 15 مليون منها في كوردستان و12 مليون في محافظات الوسط والجنوب ( حصة كل عراقي من نظام صدام لغم واحد فقط لابناء الوسط والجنوب و3 ألغام لكل مواطن في كوردستان ..!) وهذا يعني ان العراق يضم أكبر الحقول للالغام في العالم وهذا سيؤدي الى حصد المزيد من الضحايا المدنيين جراء أي تأخر في رفعها من الأرض والمياه وللأسف لا تتوفر اية احصاءات دقيقة في العراق عن عدد المتضررين منها سواء ممن توفى وترك الأيتام والأرامل أم ممن تضرر في جسده وعقله ونفسيته إلا إن من المؤكد أن سبب وجود هذه السياسة ضد الشيعة هي عمليات ابادة منهجية ضد الحياة من قبل حكم البعث و نظام صدام .
ولا تتحدد المشكلات في حقول الألغام فقط في مناطق الوسط والجنوب وانما هناك ايضا مخلفات الحروب والقنابل غير المنفلقة الناتجة عن الهزائم العسكرية والملوثة باليوارنيوم المسبب لمرض السرطان . وعقب تحرير العراق من نظام الطاغية عام 2003, أنشأ الحاكم المدني بريمر الهيئة الوطنية لشؤون الالغام لمعالجة مشكلات التلوث والألغام والقنابل غير المنفلقة الناتجة عن الحروب التي دارت على مدار ثلاثة عقود على العراقيين إلا أن هذه الهيئة لم تتمكن من معالجة كل هذه المشكلات ولم تتلق الدعم الكافي أمام حجم المخاطر مما دفع الحكومة العراقية الى إلحاقها بوزارة البيئة بدلا من دعمها وتطوير نشاطاتها .
الاتفاقيات الدولية ومسؤولية الحكومة الاتحادية في بغداد
بسبب إدراك الأمم المتحدة بخطورة قضية الالغام وبخاصة في المناطق الساخنة من العالم وفي بؤر الصراعات ، فقد أقرت بموجب قرار الجمعية العامة برقم rev.1/L.7 / 60/ c.4/ A الصادر بتاريخ 8/11/2005 اعتماد الرابع من نيسان من كل عام يوما عالميا للألغام وقد جرى في مختلف دول العالم احتفالات ومنها ايضا في العراق للتاكيد على خطورة الالغام وعرض النشاطات والفعاليات والانجازات في هذا الميدان , ومع هذا فان ما تحقق في العراق لا يتناسب ابدا مع حجم الكارثة الانسانية التي يعاني منها العراق الان من مخلفات الحروب ومن حقول الالغام التي لم يتم تطهيرها الا بنسبة ضئيلة جدا لان هذه المشكلة تحتاج الى جهد دولي وفني ومالي مشترك للتخلص منها خلال سنوات , ومن مظاهر الجهد الدولي هو تشجيع الدول على الانضمام لاتفاقية اوتاوا الدولية الخاصة بالالغام و تنفيذها و بتحريم الانتاج والزراعة والتخزين .
إن أهم الاتفاقيات في ميدان الألغام هي اتفاقية اتاوا لعام 1997 والتي اصبحت نافذة المفعول اعتبارا من 1 مارس 1999 كرد فعل دولي على مخاطر الالغام الارضية ضد الاشخاص وقد رفضت الولايات المتحدة الامريكية التوقيع على معاهدة عام 1997, ولهذا فقد صدرت نداءات دولية تحث امريكا على اعادة النظر فى سياستها الحالية والانضمام الى معاهدة اوتاوا التى صادقت عليها اليابان فى عام 1988 . وتتضمن هذه الاتفاقية الاسس التالية :
اولا- ان الغاية من حظر الالغام المضادة للافراد هي وقف الاذى الذي يصيب البشر لانها غالبا ما تلحق الضرر بالمدنيين اكثر من العسكرين واذا اصابت الفرد فهي اما ان تقتله او تلحق به ضررا بدنيا خطيرا وهذه الالغام تستعمل بكثرة لرخص ثمنها وسهولة استعمالها وهنا مكمن الخطر .
ثانيا – يجب على جميع الدول التي انظمت للمعاهدة واجب الامتناع عن استعمال الالغام الارضية وتخزينها وانتاجها او نقلها وواجب تدميرها والتخلص منها في ضوء مدة محددة ( 4 سنوات بالنسبة للالغام المخزونة وفي غضون 10 سنوات للألغام المدفونة ) ولهذا على الدول الاطراف في المعاهدة أن تجتمع وتؤشر على حقول الالغام وتطهير الارض منها .
ثالثا – إن الالغام المقصودة في هذه الاتفاقية هي التي توضع على الارض لتنفجر ضد الفرد ولهذا لا تشمل بهذه الاتفاقية الالغام المضادة للدبابات او العجلات لانها محكومة باتفاقية اخرى وبالقواعد العامة للقانون الدولي الانساني .
رابعا- على الدول التي تنظم للمعاهدة توفير الامكانات الفنية لازالة الالغام ومساعدة ضحاياها واعادة تأهيلهم جسديا ونفسيا وعقليا سواء من الدول او من منظمة الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية والدولية .
خامسا – تتولى الدول الاعضاء في المعاهدة رفع التقارير السنوية الى الامين العام للامم المتحدة تحيطه علما عن الالغام المزروعة ضد الافراد وحقولها وكذلك المخزونة منها , وعند تقصير هذه الدولة يتولى الامين العام للامم المتحدة دعوة الدول للاجتماع والتداول بشأن الالتزامات وفقا لمعاهدة اوتاوا .
قواعد المسؤولية القانونية في مجال الالغام
يراد بالمسؤولية القانونية , المحاسبة أو المؤاخذة وفقا للقانون عن الضرر الحاصل واذا قامت ترتب عليها الجزاء , و يكون محاسبة المسؤول وفقا لقانون العقوبات بصيغة العقاب وهذا ما يقال له بالمسوؤلية الجنائية بينما محاسبة المسؤول وفقا للقانون المدني يكون في شكل التعويض لجبر الضرر وهو المقصود بالمسؤولية المدنية التي قد يكون مصدرها العقد أو الاخلال بالتزام قانوني أي المسؤولية التقصيرية ( الفعل الضار ).
و قد أشرنا الى الالتزامات القانونية التي تقررها اتفاقية اوتاوا لعام 1977 على الدول التي انضمت للاتفاقية ولكن طبقا للقانون الداخلي في العراق فان قواعد القانون المدني تنص على مسؤولية الدولة ( وزارة الدفاع العراقية ) عن الاضرار الناتجة من زراعه الالغام ووجوب تعويض المتضررين وفقا للقانون المدني فضلا عن محاسبة الفاعلين جزائيا بايقاع العقاب عليهم عن جرائم زراعة الالغام التي أضرت بالبشر والبيئة وكل مناحي الحياة الحالية والمستقبلية , والفاعلون المسؤولون عن ذلك هم اركان النظام السابق وقيادة الجيش العراقي .
واذا رجعنا الى الاساس القانوني في تعويض المتضررين من الالغام فنقول ان السند القانوني هو في نص المادة 231 من القانون المدني العراقي التي جاء فيها مايلي :
(( كل من كان تحت تصرفه آلات ميكانيكية أو اشياء خطرة تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها يكون مسؤولا عما تحدثه من ضرر مالم يثبت إنه اتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع هذا الضرر . هذا مع عدم الاخلال بما يرد في ذلك من احكام خاصة )). هذا بالاضافة الى نصوص القانون المدني ذات الصلة المنصوص عليها في قسم الاعمال غير المشروعة التي تقع على النفس .
وقد تسنى للقضاء العراقي ان يحكم على وزارة الدفاع العراقية بمسؤوليتها عن زراعة الالغام وتعويض المتضرر منها حيث حكمت محكمة التمييز العراقية بقرارها المرقم – ادارية ثانية - 78 في 19 -10-1988 بان المتفجرات من الاشياء الخطرة التى تخضع لاحكام المادة 231 مدني حيث ان المدعى عليه ( وزارة الدفاع ) لم يتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر للمدعى الذى اصيب بعجز قدره 65 % لأن المتفجرات من الاشياء الخطرة التى تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها .
وفي ضوء ما تقدم فأن لحكومة اقليم كوردستان والحكومات المحلية في محافظات الجنوب والوسط وورثة الضحايا والمتضررين من الالغام أن يحركوا الدعاوى على وزارة الدفاع العراقية في الحكومة الاتحادية للحصول على التعويضات عن الاضرار وأن يطالبوا الحكومة الاتحادية بتفعيل دورها مع الامم المتحدة والدول الموقعة على اتفاقية اوتاوا لغرض ازالة حقول الالغام , وهذا لا يغني عن محاسبة المسؤولين جنائيا عن زراعة الموت في كوردستان والجنوب والوسط لأن جرائم من هذا النوع لا تسقط بمرور الزمان .
كما نشير الى ان هناك قضية اخرى وتحتاج للدراسة لاتقل خطورة عن الألغام وهي مشكلة القنابل العنقودية , وهي عبارة عن حاوية تنشر عند انفلاقها آلاف القنابل الصغيرة على مساحة واسعة وفي الكثير من الاحيان لا تنفجر هذه القنابل الصغيرة فورا، بل تظل مخفية حتى يعود المدنيون الى دورهم لتنفجر فيهم , وقد تعرضت مناطق كوردستان الى عمليات عسكرية من قوات صدام سابقا ومن الجيش التركي قبل فترة بحجة وجود قوات حزب العمال الكوردستاني الى مثل هذه القنابل الخطيرة , وفي يوم 19 -5- 2008 عقد في دبلن اجتماع دولي مخصص لصياغة ميثاق يحظر استخدام القنابل العنقودية , غير أن العديد من الدول المنتجة ترفض الانضمام لهذا الميثاق ومنها مثلا اسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند , وللمزيد من التفاصيل حول الذخائر العنقودية ومخاطرها على الانسان راجع :
http://www.icrc.org/web/ara/siteara0.nsf/html/cluster-munitions-news-140508!OpenDocument
----------------------------------
السويد في 20 -5- 2008
الدكتور منذر الفضل
#منذر_الفضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟