|
عندما تَطْعِن - المقاومة- اللبنانية ظهرَها !!
حميد خنجي
الحوار المتمدن-العدد: 2287 - 2008 / 5 / 20 - 11:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
حينما ظهر السيد حسن نصرالله ، أقوى اللاعبين السياسيين اللبنانيين ، على شاشات الفضائيات عصر يوم الخميس ما قبل الفائت الموافق الثامن من مايو، بادئاًً الحديث بنبرة واطئة وهدوء بَيّن ، متحكما في انفعالاته وعواطفه مبدياً رباطة جأش واضحة وغير اعتيادية.. شعرتُ أن المسألة غير عادية وان هذا الهدوء الظاهري ما هو إلا الشروع في عملٍ حاسمٍ تتجاوز كل التوقعات.. وقد صدق ظنّي حين خرج عن المألوف والنبرة الهادئة تلك ، مهدداً بتطبيقِ قطعِ اليد ( كلمة السر) ، معلنا عن بِِدء مرحلة جديدة ، مطلقاً العنان لميليشياته المدجّجة بالسلاح للسيطرة على شوارع بيروت وزواريبها لتنفيذ محاولة انقلابية "حماسية"، أُُريد لها أن تكون غير مكتملة (أشبه بعملية انتحارية) تجسّدت أساسا في ضرب مرتكزات الحريات المدنية والمراكز الإعلامية !
تراءى، لبُرهة دامت 48 ساعة ، لتلك الميليشيات الزاحفة أنهم وحدهم سادة الميدان في بيروت وكل لبنان وذلك بعد انسحاب مسلحي قوات "الموالاة" من المعركة وظهورهم بمظهر الخاسرين ، المسالمين والضحايا العزّل المحتاجين للشفقة والعطف! ولعل الأغرب هو موقف الجيش اللبناني وقائده" ميشال سليمان" ، مرشح رئاسة الجمهورية الوحيد ، الذي سمح لعبث ميليشيات حزب الله وحركة أمل والحزب القومي السوري ، في مختلف الأماكن اللبنانية للوصول إلى الذروة ونشوة النصر! .. بدا في تردده وكأنه شريكا لقوات حزب الله ، إن لم يكن حرصا منه على وحدة الجيش وخوفا من أي انقسام في صفوفه. والسؤال الآن هل كان هناك فخّ قد نصب للمعارضة ولحزب الله بالذات ومخطط جهنمي نُسج بدقة ؟! ..هذا ما لا يمكن تأكيده ولو أن المؤشرات توحي بذلك. أم أن المسألة أبسط من ذلك ولا توجد حاجة لإطلاق العنان للخيال و"فَبْركة" شيء غير موجود أصلا في الواقع ! ما أن طافت الساعات الـ 48 الصعبة ، حتى قلتُ في سري إن السكرة قد تبخرت وغداً تأتي الفكرة ، وها هي تجليات الفكرة وتداعياتها قد اتسعت .. نرى الآن كيف استعادت أطراف الموالاة ، بسندٍ قويّ من مؤيديهم الإقليميين والدوليين ، المبادرة بهجوم إعلامي كاسح ، حيث أن الخاسر على الأرض في الأيام العصيبة الماضية بات الآن وكأنه الرابح الأكبر عبر الفضائيات والأرضيات !
خاض حزب الله بطولات عديدة في المقاومة الوطنية ضد الاعتداء الإسرائيلي ، ونال سمعة عظيمة ليس بين مؤيديه الأقربين بل حتى من أبعد الأبعدين بما فيهم شريحة لا بأس بها من الرأي العام الغربي المبتلى بالاستغلال الرأسمالي المُركّز من جهة ، والاغتراب الاجتماعي من جهة أخرى في مجتمعاته المرهونة لنوع من الوعي الاجتماعي التي تشكلها وتطوعها الأجهزة الإعلامية الرهيبة للنظام الرأسمالي السائد ، بُغية التحكم والسيطرة على عقول وأفئدة الناس . في خضم نضاله المقاوم ، ارتكب حزب الله اللبناني بالطبع بعضاً من الأخطاء من فترة لأخرى! ولكن التاريخ سيجلده هذه المرة حين قام بعملية حمقاء تتسم بالمغامرة والرعونة والانفلات والهيجان العاطفيين ؛ لم تتجسد في الاعتداء على البيوت الآمنة للمواطنين فحسب بل سمح لنفسه للاستيلاء وحرق مراكز تمثل الرأي وحرية الكلمة ، التي تعتبر مقدسة بالنسبة للشعب اللبناني .. وكما قال "اينشتاين" يوما أن الأحمق يكرر نفس الأخطاء آملاً الحصول على نتائج مختلفة !
لقد جرّد حزب الله نفسه من سرّ قوته ، طعن نفسه ومؤيديه في الظهر وقطع يد ظهيره من حيث لايدري ممرغاً سلاح المقاومة في الوحل ، وفقد كل أوراقه الأساس المتمثلة في مقاومة العدو الخارجي الإسرائيلي بشرط أن لا يشهر مسدسا واحداً على أي مواطن في الداخل ، وذلك لان المقاومة لاتستمر ولا تستقوي إلا بتأييد الرأي العام والمواطنين العادين وها هي "هالة" المقاومة قد تلطخت ببقع لا تزيلها التطمينات مرة أخرى. فالصورة المثالية والمقدسة لشرف المقاومة قد اهتزت في أذهان الألوف المؤلفة من المواطنين والرأي العام المحلي والعربي والدولي .. يبدأ الآن العد العكسي لطرح مسالة تجريد حزب الله والآخرين جميعهم من سلاحهم. ولعل الطامة الكبرى أن النظام العربي الرسمي المشهود له باستبداد شعوبه ، بدا الآن وكأنه المنقذ للديمقراطية في لبنان!
وأكاد اتفق مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من أن مرحلة جديدة قد بدأت بالفعل، ولكن من منظور آخر تماما ، بسبب أن قطب ما يسمى بالموالاة سيكون في وضع هجومي وقطب المعارضة وخاصة حزب الله في وضع دفاعي ! ولو أن المسألة أوالمرحلة القادمة لا تجري سلساً كما يبدو لأي من طرفي المعادلة في الوقت الحاضر ، حتى لو توصلت الأطراف المشاركة في الحوار الوطني اللبناني في "الدوحة" إلى حل مؤقت يرضي الجميع ، ومرد ذلك التعقيدات المحلية والإقليمية والدولية التي التقت وتضاربت مصالحها المتناقضة في شرق المتوسط وتكثفت كلها في الساحة اللبنانية.
#حميد_خنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لبنان .. على صفيحٍ ساخن !
-
مسيرة الأول من مايو/ أيار .. العابرة للطوائف الجامعة للشعب ا
...
-
مؤتمر النقابات العمالية الأول في البحرين تدشين لانطلاقة جديد
...
-
مقدمة عن تعثّر موجة التغيير ودَمَقْرطة الأنظمة العربية
-
سِحرُ سَمرٍ قادمٌ من قلبِ الصحراء
-
مرة أخرى.. المعضلة الإيرانية إلى أين؟
-
إيران إلى أين.. من خلال انتخابات البرلمان؟
-
المكر والمغامرة وجهان لعملة واحدة !!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|