أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالوهاب حميد رشيد - جذور ازمة العنف السياسي في العراق - قراءة في المواريث التاريخية















المزيد.....



جذور ازمة العنف السياسي في العراق - قراءة في المواريث التاريخية


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 710 - 2004 / 1 / 11 - 03:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



        العنف وسيلة قسرية لفرض رأي او حل او موقف اوحد. ويجسد التطرف الفكري والمثالية العقائدية من منطلق "الاعتقاد الجازم" لكل طرف انه صاحب "الحق المطلق". وهو بهذا المعنى يقوم على الغاء حق الغير و/أو  وجوده. ويتراوح في مداه بين التعذيب النفسي، بما في ذلك الوعيد والتهديد واستخدام لغة الشتيمة وتحقير الغير، وبين التعذيب الجسدي بدءاً بالضرب ولغاية القتل باشكاله.
     ولكن لماذا يستخدم الإنسان العنف وهو المتميز عن الحيوان بصفته الاجتماعية؟.. المعروف في علم الاجتماع ان التنازع صفة طبيعية ملازمة للبشرية الى جانب صفة التعاون. أي ان التنازع والتعاون صفتان في الإنسان لا ينفصلان. وتعتمد درجة الميل نحو التنازع او التعاون في اطار المجتمع الواحد على مدى تطوره الحضاري. بمعنى ان صفة الاختلاف/ التنازع وصفة التآلف/التعاون قائمتان لدى كل فرد. وان غلبة احداهما على الاخرى في تعامله مع طرف آخر تتعلق بدرجة تحضرهما وطبيعة التعامل بينهما ومستوى فهم واستيعاب كل منهما للآخر وللظروف الموضوعية محل الاختلاف وتقديرهما لحصيلة النزاع او التعاون. وهذا ينطبق على مستوى المجتمعات والدول في تعاملها مع بعضها. من هنا كان ضروريا وضع هذه الاختلافات في المكونات الشخصية محل اعتبار في التعاملات الاجتماعية، بالاضافة الى اهمية دراسة شخصية الفرد (المجتمع) لخلق فهم اوسع من اجل تسهيل التعامل معه وايجاد نقاط التقاء مشتركة لحل التنازع سلميا. وتجد صفة التنازع البشري (وكذلك التعاون) منطقها في ثلاثة امور (الوردي،ج2،ص328-329): اولها الحاجات البشرية اللانهائية.. وثانيها الموارد البشرية المحدودة.. وثالثها اختلاف العوامل الوراثية والبيئية المكونة لشخصية الفرد. من هنا يواجه الانسان باستمرار الخلاف مع غيره في الحياة اليومية. وهو امام احد خيارين لحسمه: اما استخدام العنف من منطلق الغاء حق و/أو  وجود الآخر، وما يترتب على هذه الممارسة من اهدار معنوي و/او مادي، او التعاون في محاولة لايجاد نقطة وسطية مشتركة تلتقي عندها المصالح المتنافرة للاطراف المعنية، اي القبول بمنطق التآلف والمصالحة بدلا من منطق الانتصار والهزيمة.
     ومما يجدر ذكره ان الحيوان يمارس العنف بطبيعته ولكن من اجل حفظ وجوده فقط. وهو لا يمارس- في الغالب- العنف مع نوعه. اذن فممارسة الانسان للعنف مع ابناء جنسه يتعارض مع نواميس الطبيعة ويرتب- على الاقل- ثلاث نتائج ضد طبيعته البشرية:  اولاها انها تقود الى تدمير جزء من موارده المادية والمعنوية المحدودة.. وثانيتها تقود الى الالغاء القسري لصفة التعاون الملازمة لطبيعته.. وثالثتها تدفع الى الحط من قيمته الانسانية والعقلية الى دون ممارسات الحيوان المفترس. إذن، تكمن الجذور الاصيلة للعنف او التعامل السلمي في مستوى التطور الحضاري، بعامة، بغض النظر عن المكان والزمان والمجتمعات والدول.
     ان ظاهرة العنف هذه التي نشأ عليها الفرد وتعمقت في دمائه واستفحلت في الساحة السياسية للعراق الحديث تقترن بالتخلف والاستبداد وسيادة عقلية البداوة: الغزو والانتصار. كما وتمتد جذوره الى عمق التاريخ العراقي. ولا تقف معالجتها عند الحلول الآنية بالتطوير النوعي للعملية التعليمية والثقافية والاعلامية،حسب، بل تتطلب ايضا معالجات جذرية طويلة الامد لتمتد الى اعادة بناء اصول التنشئة والثقافة والتربية المنزلية، بما في ذلك منح المرأة حقوق المواطنة الكاملة على اساس المساواة القانونية، كنقطة بداية للتربية الاجتماعية، وبناء التنمية من القاعدة الاكثر فقراً لصالح الانسان. يضاف الى ذلك اعادة قراءة المواريث التاريخية. (للباحث، العراق المعاصر، طبعة ثانية، دار المدى، دمشق، تحت الطبع). 

     عُرفت منطقة الأهوار بصعوبة الحياة من حرارة خانقة ونهرين شديدي التطرف من حيث وقت فيضاناتهما في مواسم غير مناسبة للزراعة وقوتهما المدمرة، علاوة على الجهود الضخمة التي تطلبتها اعمال تجفيف الاراضي. من هنا بذل سكان وادي الرافدين جهوداً شاقة لترويض هذه البيئة القاسية. انعكست آثار هذا الصراع البشري مع الطبيعة في ظهور أُولى المجتمعات السياسية. بل أن جهود أُولئك الرواد برزت بتحويل بيئة وحشية عنيفة من الأهوار والمستنقعات والأحراش إلى بيئة مِعطاءْ. "بحيث لا يسع المرء المتتبع لتاريخ هذه الحضارة إلا أن يُقدر ما بذله سكان العراق القدماء من جهود جبارة للسيطرة على نهرين من أشد أنهار الدنيا عنفا" (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات...،ص36). ويذكر Jacquetta Hawkes,The First Great Civilization,1973,p.23 : أن الزائر لمنطقة سومر - مهد الحضارة- في الصيف، حيث لم يتبدل المناخ منذ الألف الرابع ق.م، قد يصاب بالدهشة والرعب بسبب صعوبة العمل في ظل الحرارة الخانقة.. ويقول كافن يونغ في كتابه: العودة إلى الأهوار، ص26 " تشكلت هذه الحضارة العظيمة في ظروف غير ملائمة، على حافة الأهوار- وحتى في وسطها...، وحيث تصل درجة حرارة الصيف إلى 120 ْ فهرنايت مصحوبة برطوبة كثيفة تجعل التنفس، فضلاً عن العمل البدني، أمراً في غاية الصعوبة"..  إن الاختلاف المتضاد لهذه البيئة الطبيعية بين الهدوء والانتظام وبين العنف والتدمير انعكس بنفس المواصفات تقريباً في المقومات الحضارية- الفنية والأدبية والدينية والسياسية- في حضارة وادي الرافدين، حيث تحققت عملية خلق الكون- حسب عقيدة القوم- من خلال صراع طويل وحرب رهيبة.

     وهذه البيئة القاسية وآثارها المدمرة، بقدر ما كانت عاملاً مهماً في نشوء الحضارة، ساهمت أيضاً بزوالها تدريجيا في ظروف عقيدة القوم التي نبعت من هذه البيئة. تجسَّدت حصيلة الفيضانات المدمرة والملوحة وتحول مجرى النهرين في واحدة من نتائجها الخطيرة إلى ظاهرة متكررة هي ترك مناطق الاستيطان القديمة والانتقال لأِراضٍ جديدة لشق وبناء مشاريع ري جديدة، بما رتبتها هذه الظاهرة من التأثير باتجاه عدم الاستقرار السكاني والسياسي.  كما شكلت عوامل كمنت فيها جذور الحرب الأهلية والوحدة السياسية على السواء. (جورج رو، العراق القديم،ص26- 27).  ويُعتقد أن هذين الخطرين (الملوحة والفيضان) هما سر ذلك (التشاؤم المتأصل) الذي يميز... فلسفة سكان وادي الرافدين القدماء. وبالعلاقة مع الموقع، يُعد وادي الرافدين أرضاً مفتوحة على الخارج. لذلك تعرَّض إلى هجرات الأقوام الكثيرة والغزوات العنيفة واختلاط السكان وما استتبع ذلك من عنف وتدمير وتطور وتبدل في التكوين الاجتماعي- السياسي وظهور ذلك في سير حضارته. "اننا نعرف بِأن كافة مدن ما بين النهرين الكبيرة والصغيرة قد دُمِّرَتْ لمرات عديدة بواسطة الحروب". (ليو اوينهايم،بلاد ما بين النهرين،ص22).
      يصعب فهم جذور ازمة العنف في العراق قبل دراسة العقيدة الدينية لحضارة وادي الرافدين. هذه الحضارة التي لا تزال تعيش معنا- بهذا القدر او ذاك- في معتقداتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، رغم مرور اكثر خمسة آلاف عام على نشوء هذه الحضارة التي بنى اسسها السومريون وظهرت حضارة ناضجة قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام، والتي نشأت وماتت في احضان الدين. ذلك ان القوم عاشوا في الدين كما يعيش السمك في الماء يزودهم بالاوكسجين الروحي والفكري. وهكذا  شكل الدين وعاء حضارة وادي الرافدين وروح المجتمع. "ولم يلعب الدين الدور الكبير الذي لعبه هنا قط في أي مجتمع قديم آخر لأِن الإنسان في هذا المكان كان يشعر على الدوام بِأنه يعتمد كلياً في استمراره بالوجود على إرادة الآلهة"..(جورج رو،ص128).. هذه  الآلهة التي تجسدت في العوامل الطبيعية ذاتها (حسب عقيدة القوم) بكل مواصفاتها من خير وشر التي كان يواجهها الإنسان يومياً في حقله وعمله وحياته.
     وارتباطا بكثرة الظواهر الطبيعية- الكونية، كثرت آلهة حضارة وادي الرافدين، وذلك بالعلاقة مع عقيدة القوم بوجود قوى خفية في مختلف الظواهر الطبيعية- الكونية: الشمس، القمر، الكواكب والنجوم، السماء، الأرض، الهواء، الأمطار، المياه، النبات، بل حتى الخمر والشعير.. وبمرور الزمن جُسِّدتْ هذه القوى في شكل آلهة لها صفات وخصائص مميزة وواجبات محددة، وصار لكل من هذه القوى إِله، او ان كلاً منها في ذاتها جَسَّدتْ إِلهاً معيناً. وشبَّه القوم آلهتهم بالبشر فخلعوا عليها جميع الصفات البشرية، فهي تأكل وتشرب وتتزوج وتفرح وتحزن وتمرض وتحب وتكره وتغضب وتحقد وتعفو وتنتقم وتتخاصم وتتحارب وتُجرح وحتى تموت أحيانا وتذهب إلى العالم الأسفل، أي تشبيه الآلهة بالبشر في هيئتها العامة وحواسها وعلاقاتها الاجتماعية، عدا انفرادها عن البشر بالخلود والقدرة الخارقة. بإِيجاز، كانت الآلهة تمثل أفضل الجوانب البشرية وأسوأها موضوعة في ميزان ما فوق بشري (خارق).
     وتبعاً لذلك صُوِّرَتْ الآلهة بِأنها تعيش، كما يعيش البشر، في مجتمع تحكمه قوانين وضوابط محددة، وعلى رأس هذا المجتمع رئيس الآلهة (الملك/ الأب)، يساعده في إدارة شؤون مجمع الآلهة عدد من الآلهة  الكبار. وان المجتمع البشري الأرضي نسخة مطابقة للمجتمع الإِلهي السماوي، وأن ما يقع من أحداث في السماء تقابلها أحداث مماثلة في الأرض.
      تحكي ملحمة الخليقة البابلية-السومرية الأصل- قصة وقوع حرب رهيبة طويلة بين جيل الآلهة الحديثة (الأبناء) من القوى الخيرة وبين قوى الشر من جيل الآلهة القديمة (الآباء). وبعد انتصار القوى الخيرة، خلقت الآلهة الأرض والسماء والشمس والقمر والكواكب والنجوم والهواء والعواصف والأمطار والمياه والموارد. ثم قررت خلق الإنسان من التراب ودم إله شرير ( او من التراب والماء في بعض الأساطير الأخرى)، ليكون هذا الانسان عبدا للآلهة يقوم على طاعتها والعمل في اراضيها وتزويدها بمتطلباتها من النذور والقرابين ليكسب رضاء آلهته ويحقق الصحة والنجاح والمركز الاجتماعي وطول العمر، ويحتفظ باستمرار بإلهه الحامي (الملاك الحامي) معه والا عند معصيته يثير غضب وانتقام الخالق فيتخلى عنه الهه الحامي ويكون عرضة لهجوم الشياطين والعفاريت والكوارث والأمراض وقصر العمر.
     والآلهة قوى خارقة خالدة، مصدر كل شيء، محرك كل الأحداث. وهذه القوة الخارقة تتجسد في: القدرة  على الخلق، والتي تقوم على النطق (الكلمة). فعندما يقول الإِله لشيء "كن فيكون". وهنا يذكر كريمر (عالم السومريات) " ان فلاسفتنا السومريين طوروا مبدءاً صار فيما بعد عقيدة في انحاء الشرق الأدنى كافة، وهو مبدأ القوة الخالقة الكامنة في الكلمة الإلهية. فكل ما على الإله الخالق ان يفعله وفقاً لهذا المبدأ هو ان يضع خططه، ينطق بالكلمة ويعلن الاسم"..(الماجدي، خزعل، متون سومر،ص257) .. القدرة على تحديد هيئة المخلوق وصفاته الجسدية والروحية، أي تعيين جوهره- قواه البدنية والعقلية- وسلوكه من خير وشر.. القدرة على رسم مصير المخلوق مسبقاً (النصيب: القضاء والقدر): يوم ولادته، فترة حياته، طبيعة الأحداث اليومية التي ستواجهه، مكانته الاجتماعية- الوظيفية- المالية- الصحية.. والقدرة على منح المخلوق وسائل يستطيع من خلالها تنظيم مجتمعه وبناء حضارته (النواميس الإِلهية) التي قيل أنها بحدود المائة ناموس، تتقدمها الملوكية والتاج والصولجان، بالاضافة الى عدد من المهن والقيم الاخلاقية الطيبة والسيئة.. وتمكينه من معرفة إرادة الآلهة وفق علامات كونية: طبيعية، بشرية، حيوانية، تتطلب الفحص والتفسير بقراءة الطالع والتنبؤ (الفأل) والسحر.  "ان الطوالع التي تبين المشاريع الإلهية للعالم لا يُحصى لها عدد، واهمها ذات نظام ميتافيزيقي، ويلعب الحلم، الذي له قيمة دينية، دوراً في تكوين الدين نفسه". ويمكن استخلاص الكثير من الطوالع من ولادة الكائنات الحية وغيرها من الظاهر الطبيعية والبشرية- الحيوانية. فالتشوه في خلقة المولود عند الانسان او الحيوان (حيث لم يكن وارداً في عقيدة ميزوبوتاميا ان تمنح الإلهة ولادة اطفال معوقين او مشوهين)، والتصدع في بيت وهو في طور البناء، طوالع سيئة. بل هناك ما لا تُحصى من الظواهر والحركات اللاإرادية الي تُشكل علامات عن المصير الذي ينتظر الانسان- المجتمع. كل هذه الحركات الغريزية وحتى الصرخات وحركات المجيء والرواح للحيوانات والطيور الداجنة والبرية، علاوة على حركات النجوم والكواكب ومظاهر الكون الاخرى، كانت محل دراسة الكهنة (شمارن جورج بوييه،المسؤولية الجزائية في الآداب الآشورية والبابلية،ص77).. يضاف الى ذلك الكثير من الطوالع الجنسية..Asher-Grave,Julia M.,The Essential Body, Mesopotamia Conceptions of the Gender...,p.39
     آمن سكان وادي الرافدين بوجود الارواح الخيّرة والشريرة، إذ يبين نص مسماري ان "سبعة آلهة شريرة (مجموعة خاصة من العفاريت) شقت طريقها نحو قبة السماء، وتجمعت غاضبة حول هلال إله القمر". وفي هذا النص كانت الآلهة نفسها تتعامل مع هذه المعضلة. ولكن للناس دورهم حين يحدث الخسوف، وذلك بالمساعدة على طرد العفاريت التي سببت الخسوف. إذ يتم نصب نوع من الطبلة (النقارة) في ساحة المعبد وقرعها. وهذه العادة ظلّت ممارسة تقليدية للناس حتى بعد ان اكتشف البابليون سبب الخسوف واستطاعوا حساب ذلك ّبدقة فائقة"..(ساكز، هاري،ص215).. بل واستمرت هذه الممارسة لغاية فترة متأخرة في العديد من المدن والقصبات العراقية، عندما كان النساء والاطفال يهرعون الى السطوح عند خسوف القمر ومعهم ما متاح من ادوات المطبخ النحاسية (وغيرها) لضربها ببعضها واحداث اصوات عالية من اجل تخويف العفاريت وطردها وتحرير القمر.
     من الحقائق البديهية التي أدركها القوم هي حتمية الموت على الإنسان واستحالة نيله الخلود. فالآلهة جعلت الموت من نصيب الإنسان منذ بدء الخليقة بينما استأثرت هي بالحياة الخالدة. وعند الموت (انقطاع آخر نفس للإنسان) تخرج روحه لتذهب إلى العالم الأسفل- عالم الأموات- عالم ألا ّرجعة- بينما يعود جسمه إلى التراب. وفي هذا العالم المظلم الذي يلفه الغبار والتراب ويُعدم فيه الهواء والضوء، لا تجد أرواح الموتى ما تعيش عليه سوى ما يُقدم لها من نذور وقرابين. وإذا لم يتذكرهم أحد فسوف يردون إلى الأرض في شكل أشباح مؤذية للناس. ونفس الشيء يحدث عند عدم دفن الميت أو عدم أداء الطقوس الدينية أثناء الدفن وبعده من صلوات وقرابين..(نائل حنون، عقائد ما بعد الموت،ص107-108.. طه باقر، مقدمة في ادب...،ص223-224).. ووفق هذه العقيدة يصبح الإنسان بعد الموت في حضارة وادي الرافدين أقل مما كان عليه، رغم ضآلته وتفاهته futile life في الحياة الدنيوية. عليه لا وجود لمفهوم الثواب والعقاب في الآخرة عند القوم "فآلهتهم آلهة حسودة وطاغية، خلقت الإنسان لخدمتها وليس هناك ما يسمى ثواب الإنسان ولكن عقاب فقط إذا لم يقم بواجبه تجاهها"..(جورج بوييه شمّار،ص23)..
     وبذلك اعتقد القوم ان الانسان مركب من عنصرين اولهما حسي- مادي منظور هو الجسد، وثانيهما غير منظور هو الروح التي اطلق عليها السومريون (كدم) GIDIM. كما صور القوم روح الميت بهيئة مخلوق بجناحين من الريش، وربما يفسر هذا اعتقادهم قدرة هذه الارواح على التنقل السريع. اخذ عرب ما قبل الاسلام (الجاهلية) هذا المفهوم وصوروا روح الميت على هيئة طائر اطلقوا عليه اسم (الهامة). وحين تعود هذه الروح لشخص مقتول، عندئذ يهيم الطائر (روح المقتول)، في حالة عدم اخذ ثأره من قاتله، وهو ينعق "اسقوني!اسقوني!..."..(حنون،نائل،عقائد ما بعد الموت...،ص110-111 (و) 130-131).. وهنا يكمن اصل الثأر القبلي..
       تميزت الحضارة السومرية منذ نشوئها في عصر فجر السلالات بالعلاقة مع خصائصها السياسية بظهورها على أساس عدة دول مدن مستقلة لكل منها حدودها وأسوارها وأُسرتها الحاكمة وإِلهها الحامي (الوطني) ونظمها وقوانينها. شكلت دول المدن السومرية هذه أُولى الأنظمة السياسية المعروفة وأساس نشوء المجتمع السياسي المنظم. وهو ما أُصطلح عليها بـ (دولة المدينة) City State. وبالعلاقة مع عقيدة القوم الدينية أن ما يحدث في السماء يقع نظيرها في الأرض، وأن الآلهة خلقت البشر لخدمتها، والمدينة بما فيها من أرض وموارد هي مُلك (الإِله الحامي)، وأنه اختار من بينهم الملك لتمثيله في الأرض وتنفيذ أوامره وتعظيمه، لذلك فمن أولويات واجب الملك قيادة شعبه لرفع شأن ومنزلة الإِله الحامي (الوطني) في مجمع الآلهة، وهو ما يجسد في نفس الوقت رفع شأن مدينته ورفع منزلته بين الملوك. كما أن نظام الملوكية في بلاد الرافدين قام أصلاً على أساس ديني وأن العلاقة بين الملك والإِله الحامي تتمثل في أن انتصار الحاكم في الحرب يعزز دور إِلهه ومنزلته ورخاء مدينته. من هنا يلاحظ مثلاً  "أن الملوك الآشوريين الأقوياء الذين بسطوا سيادتهم على إمبراطورية شاسعة من نهر النيل إلى بحر قزوين، لا يعتبرون أنفسهم أكثر من عبيد متواضعين يسعون لإرضاء آلهتهم آشور"..(جورج رو،ص128)..
  وهنا ربما يقبع أحد المبررات الرئيسة ذات الجذور الدينية العميقة لظهور النزاعات والصراعات (العنف) بين دول المدن المختلفة والتي إستمرت بصفة متصاعدة في المراحل اللاحقة من حضارة وادي الرافدين، سواء كان هذا الصراع دفاعاً عن أرض الإِله من الهجمات المعادية أو بهدف توسيع أرض الإِله الحامي من خلال الفتوحات العسكرية. وعامل التبرير هذا لا ينفي بطبيعة الحال الدوافع الاقتصادية بقدر ما يمنحها زخماً أكبر كترجمة عملية لهذه الصراعات. من هنا يبدو أن التنافس والتناحر بدأ منذ نشأة هذه المدن وأنظمتها السياسية القائمة على العقيدة الدينية للاستحواذ على الأراضي الزراعية ومصادر المياه وطرق التجارة الموصلة إلى المواد الاولية، خاصة وأن ابتلاع مدينة  لأُِخرى كان يعكس حسب عقيدة القوم أحداثا مرادفة في السماء. من هنا صار هذا النظام الإِلهي المقدس (النظام الملكي) الأقل استقراراً في وادي الرافدين.
      رسمت العقيدة الدينية لإنسان وادي الرافدين أشكالاً معينة من التصرفات والممارسات التي ترضي الآلهة، وأُخرى لا ترضيها وتكون عرضة لجلب غضبها وانتقامها. فحرص القوم على إِرضاء آلهتهم لتحاشي غضبها وإنزال الشرور والأمراض بهم، كما حرصوا على تقديم القرابين لأِرواح الموتى لاعتقادهم بِأنها تحقق الراحة والاستقرار لروح الميت في العالم الأسفل، واهتموا كذلكً بدفن موتاهم وفق الشعائر والطقوس الدينية لأِن ذلك يمنع خروج روح الميت في شكل شبح مخيف يلحق الأذى بالناس. ومع ذلك بقي الإنسان هذا يعيش في خوف دائم من هاجس إِلهي جائر وآلهة غير مبالين careless. وبملاحظته انتصار الشر على الخير يومياً، استمرت حياته متشائمة، وأصبحت نظرته السائدة: أن حياة الانسان ليست ذات جدوى إن لم تكن تافهة.
     إن  ارتكاب ذنب- خطيئة ينجم عنه أضراراً جسيمة سواء على المدينة التي يقترف أهلها الذنوب أم على الشخص المذنب. فالإِله الشخصي يتخلى عنه ويصبح عرضة لهجمات الشياطين والعفاريت. وكذلك حال المدينة المذنبة إذ يتخلى إِلهها الحامي عنها فتصبح مفتوحة أمام الأعداء وعرضة لأِشكال المصائب والويلات والخراب. بمعنى أن زوال المدينة "الدولة" يقع على عاتق أهلها ممن تخلوا عن واجباتهم تجاه إله المدينة، فهجر مدينته وصارت مفتوحة أمام الأعداء لتدميرها.
     وَلّدت هذه المعتقدات وما ارتبط بها من هاجس الموت والبؤس والحرمان والمرض والحزن وهموم الحياة، بعامة، عناصر الكآبة والقلق والخوف والتشاؤم وعدم الاطمئنان وغياب الاستقرار النفسي والمعيشي. هذه الظروف أحاطت بإنسان وادي الرافدين، خاصة عندما يشعر بِأداء واجباته والتزاماته تجاه الآلهة، وفي نفس الوقت يتلقى الضربات والمصائب التي لا يستحقها. ولم يكن التشاؤم لدى إنسان وادي الرافدين حالة عرضية لليأس، بل كان ميتافيزيقي metaphisics الأصل- غيبي. كمنت جذوره في الآلهة ذاتها التي تجسدت في عناصر الطبيعة والكون وحملت في ذاتها عناصر الخير والشر وأصبحت مصدراً للحياة والكوارث معاً.
     الأنهار والرياح والأمطار، مثلاً، وهي جالبة الحياة، يمكن إن تتحول لقوى مدمرة تهلك الزرع والإنسان.. وبمواجهة هذه الظواهر الطبيعية (الآلهة) القاسية، وجد القوم أنفسهم بلا حول ولا قوة.. ولَفَّهم القلق الشديد إزاء ترقبهم لغد غير مضمون تجاه حصيلة جهودهم، بل وحياتهم غير المستقرة.. فكانت حياة الإنسان وعائلته ونتاج حقله وماشيته، ومستويات الأنهار وفيضاناتها، وتوالي الفصول المختلفة، وحتى الكون ذاته، تحت رحمة القدر على الدوام. فإِذا بقي البشر أحياء، وإِذا عادت الحياة إلى الحقول بعد لهيب الصيف، وإِذا استمر القمر والشمس والنجوم والكواكب في حركتها. فإِن كل هذا يتحقق بإِرادة الآلهة التي تقرر مصائر الكون سنوياً. لذلك ففي مطلع ربيع كل عام، كانت تُقام احتفالات هائلة ومثيرة في مدن عديدة، وفي بابل بخاصة، تشمل تلاوة ملحمة الخليقة، وإعادة تثبيت الملوك، وتتوج أخيراً باجتماع الآلهة الذين "يقضون في المصائر" للسنة التالية". عندئذ فقط بوسع الملك العودة إلى عرشه والراعي إلى قطيعه والفلاح إلى حقله. وعندئذ كذلك يستعيد ساكن وادي الرافدين ثقته بما حوله فبإِمكان العالم أن يستمر بالوجود، بِإِرادة الآلهة المسترضاة، لعام آخر أيضا"ً..(رو،جورج،ص147-148).. "وإذا كانت حياة البابلي شاقة مثل حياة المصري فإِنها لم تستطع أن تحطم بشاشته الطبيعية ومرحه اثناء عمله اليومي. غير أن إنسان بلاد الرافدين كان غريباً عن الضحك، ويبدو أنه لم يكن قد تعلَّم كيف يلهو"..(جورج كونتينو،ص501)..
      وفي مثل هذه العقيدة التي جعلت من الشخص في مرتبة العبد، على أفضل افتراض، خضع إنسان وادي الرافدين في عقله وجسده وحياته إلى ثلاثة أشكال من القوى المسيطرة عليه سيطرة لا فكاك منها: الأول الخضوع لقرارات القدر التي لا تُرَدْ، وتقررها الآلهة وتحدد الخطوط العريضة والتفصيلية لحياته.. الثاني الخضوع لسلطة مطلقة يمارسها الملك باعتباره نائب الإِله في أرضه.. الثالث الخضوع لوهم هجوم القوى الشريرة والمتوحشة غير المنظورة من الشياطين والعفاريت المحيطة به كظله والتي تترقب الفرصة لمهاجمته في كل لحظة. وهكذا قادت هذه القوى الثلاثية المسيطرة على إنسان وادي الرافدين (الإِله،الملك،الشياطين) إلى خضوع عقلية القوم للغيبيات متضمنة مسلمات دينية وطقوساً سحرية متداخلة معها. "لقد كان الآلهة العنيفون المسارعون إلى الغضب لا يكفون عن المطالب التي يبتزونها من البشرية، والتي كانت تلف كل عمل من أعمال الحياة الدينية في شبكة من التزامات خالية من الرحمة، من أمثال تصوير العالم وهو مأهول بالعفاريت والأتنة التي تُطارد فرائسها،والطبيعة المعادية... وحياة في الآخرة أكثر شقاء من الحياة الأرضية... ذلك الفزع هو الانطباع عن الشقاء المستور الذي كان يخلفه الدين الذي لا يرحم والذي كان سكان بابل من أسراه"..(جورج كونتينو،ص500)..
     وهكذا كان على الانسان دوماً، سواء ارتكب خطيئة بقصد أو دون قصد أو لم يرتكبها أصلاً، أن يتوجه أثناء أداء التزاماته الدينية اليومية (الصلاة مثلاً) نحو الآلهة طالباً المغفرة من ذنوبه. ففي أحد التعاويذ السومرية يقول التائب: "أيها الإِله، إن أخطائي وإساءاتي كثيرة، إن البشر خرس لا يعرفون شيئاً، والإنسان مهما بلغ مركزه، ماذا يعرف؟، سواء أتى إِثماً أم خيراً، فهو لا يعرف شيئا"ً..(حنون نائل،ص147)..
   تضمنت ملحمة الخليقة البابلية مضامين فلسفية واسعة، إذ وضعت الخلق،ليس باعتباره، بداية، بل كنهاية، وليس عملاً غير مبرر قرره إِله واحد، بل نتيجة معركة كونية بين وجهي الطبيعة: الخير والشر- النظام والفوضى، وكشفت، بين أمور أُخرى، وجوب خدمة البشر للإِله، وشرحت سبب تواجد عنصر الشر الطبيعي لدى البشر المخلوقين من دم إِله شرير. "وإذا كانت قصيدة (حينما في العلى...) قد بقيت تتلى من قبل كهنة بابل كل عام، في اليوم الرابع من احتفالات السنة الجديدة، طوال ألفي سنة تقريباً، فإِن ذلك يعود إلى شعور البابليين بِأن القتال الكوني لم ينته تماماً أبداً، وأن قوى الشر والفوضى كانت مستعدة على الدوام تهديد ومنازلة النظام المكين للآلهة". وكان هذا الاعتقاد (نهاية العالم) أحد مخاوف كثيرة  جعلت إنسان وادي الرافدين يعيش في قلق مستمر من توقعات حصول الكارثة الكبرى..(جورج رو،ص142)..
     كان إنسان وادي الرافدين هدفاً مستمراً لهجمات الشياطين والعفاريت في كل لحظة متوقعة، وكان عليه اتباع ما تكشفه طوالعه والعمل على تحويل تلك السيئة منها. وهذا قد يتطلب منه تعديل حياته سواء بالعلاقة مع عمله ورزقه أو عائلته وعلاقاته الاجتماعية وغيرها. من هنا أصبح إنسان وادي الرافدين ضحية الأوهام والخرافات، تائها منقاداً لتصورات الأخطار (الخرافات) الشديدة التي يتخبط فيها، وكان عليه دوما أن يكشف طالعه ويميز بين الخير والشر تجنباً للمصير المؤلم الذي ينتظره كل يوم وكل لحظة.
     لكن المجتمع السومري كان أبعد ما يكون عن البدائية، بل كانت الحياة الاجتماعية في المدن السومرية راقية مقارنة بالمناطق الأخرى وسادها التنظيم المتكامل. وعُرف الشعب السومري صارماً في عمله وجهده وذا عقلية "بيروقراطية" ترك الآلاف من السجلات والقسائم والعقود. وخلَّف حضارة معطاء مفتوحة. يقول كريمر في كتابه: التاريخ يبدأ من سومر "كان السومريون يتمسكون بالطيبة والصدق،بالقانون والنظام،بالعدل والحرية،بالاستقامة والصراحة،بالرحمة والشفقة،وكانوا يمقتون الشر والكذب،والفوضى والاضطراب،والظلم والقهر،والأفعال الآثمة والإِيذاء، والقسوة وعدم الشعور"..(جورج بوييه شمّار،ص271)..
     وبقيت مشكلة العنف في العراق ممتدة خلال الحقب التالية في اطار بيئة اجتماعية تقوم على الوحدانية والغيبية/السرية والمطلق والعنف.. هذه البيئة التي تولدت في احضان الحضارة السومرية/ الاشورية/ البابلية، واستمرت في المراحل التالية، بما تخللتها من غزوات وحروب، تغذيها القيم القبلية والطائفية والمذهبية التي يحاول المحتل اعادة بناء العراق السياسي على اساسها..

** مقتطفات من كتابين للباحث: حضارة العراق- ميزوبوتاميا "العقيدة الدينية..الحياة الاجتماعية..الافكار الفلسفية"،دار المدى،دمشق،تحت الطبع(طبعة اولى)..العراق المعاصر "انظمة الحكم والاحزاب السياسية"،دار المدى، دمشق،تحت الطبع(طبعة ثانية)..



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقومات التحول الديمقراطي
- العراق المعاصر انظمة الحكم والاحزاب السياسية
- نقد العولمة
- الاقتصاد- النفط العراقي الى اين؟
- الاقتصاد العراقي الي اين؟
- الوضع السياسي في العراق


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالوهاب حميد رشيد - جذور ازمة العنف السياسي في العراق - قراءة في المواريث التاريخية