أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد عبد الحسين - تكّلمْ و إلا قتلتك














المزيد.....

تكّلمْ و إلا قتلتك


احمد عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 2286 - 2008 / 5 / 19 - 10:50
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اللسان ذو طبيعة فاشيّة، ففيه، في صلب كلّ قول ثمة نفوذ وجزم واستبعاد وحصر وعمل دؤوب من لدن رقيب عتيد، وليست هذه بمجملها سوى سمات سلطة فاشية، لكنّ اللسان موضوع السلطة أيضاً وميدان تجاربها

على ما أبان عنه "رولان بارت" في "لذة النصّ"، إذ من أظهر علائم السلطات الفاشية أنها تخشى الصمت كخشيتها الكلام المعارض أو أشدّ خشية، إنها تجبر الألسنة على أن تتكلم، لا لتُظهِر ما هي عليه فحسب بل لأن في كلّ صمتٍ بذرة تأمّل، وكلّ هدوء بين ثرثرتين علامة على اشتغال وعي. الأمر هنا يتلخص بمنع التفكير بقوة الكلام المتصل بالكلام، ففي بلد تحكمه فاشية يغدو الجميع ألسنةً ويتبارى متكلمون على إدامة هذه الآلة الجهنمية التي وقودها اللفظ الذي هو السبيل الوحيد لدرء الموت. هل هناك أمثلة تصلح لايرادها؟ لنأخذ فكرة الليالي الألف: شهرزاد مجبرة على مواصلة الكلام، عارفة أن توقف لسانها يعني توقف حياتها، "تكلمي وإلا قتلتكِ" كان السرد المتصل، الشخوص والمغامرات والحكايا والأساطير وكل ثمرات الأحلام والوهم، السندباد والعفاريت وملوك الأنس والجنّ، كل ما في الف ليلة وليلة مجرد إعدادات محمومة لطرد الموت الذي يترصد الراوية من قبل حاكم يخاف الصمت. هذا مثال قديم، فهل يمكن أن نجد مثالاً قريباً؟ ألم تكن فترة حكم صدام طوفان ألسنةٍ تلهج برميم الكلام شعراً "على وجه الخصوص" ونثراً، أغانيَ، هتافاتٍ، خطباً وزعيقاً يصمّ الأسماع؟ في الشعر تحديداً كانت الثمانينيات ربيع المطوّلات الشعرية التي تريد أن تفرغ القاموس كلّه دون أن تقول شيئاً ذا معنى، ولم تكنْ هذه المطوّلات تعبوية أو ممالئة للسلطة، كانت محايدة، لكنها في صميمها وجوهرها تعضد الفاشيّة حتى دون علم أصحابها لأنها داخلة في ملاك الجيوش الكثيرة التي حاربت الصمت وانتصرت عليه، منتصرة في الوقت ذاته على تأمل الواقعة. في ظل الفاشيّة لا أحد يحدّث نفسه بقول الواقعة، ذلك مطلب انتحاريّ، كان الصمت لوحده عملاً بطولياً، لكننا ندرك الآن أن قول الواقعة كما هي، منقذ من الاصطفاف مع فاشيّة الفاشيّ، واننا إذا ما تكلمنا عما يحدث حقاً فسنكسر سطوة العسف الذي يعتاش بهوام الكلام. ما دمنا تحدثنا عن ألف ليلة وليلة، فهاكم مثالاً من الليالي الألف: يقع السندباد بين يدي مارد يخيّره بين القتل أو يقصّ عليه قصصاً تذهله، تكلمْ وإلا قتلتك، يقوم السندباد بسرد حكاياته الخارقة مع المردة والسحرة والغيلان، لكن ذلك لا يدهش المارد المتسلط، أخيراً يلتفت السندباد إلى ما هو فيه قائلاً للفاشيّ : وهل هناك قصة أعجب من قصتنا، أن يمسك مارد شخصاً ويخيره بين الكلام أو الموت. تتحقق الدهشة وينجو السندباد. الكلام تهويماً ينجي الفاشية ويديمها، لكن كلام الواقعة ينجينا.



#احمد_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ ...
- نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار ...
- مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط ...
- وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز ...
- دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع ...
- المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف ...
- في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس ...
- بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط ...
- ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد عبد الحسين - تكّلمْ و إلا قتلتك