نورالدين علاك الاسفي
الحوار المتمدن-العدد: 2287 - 2008 / 5 / 20 - 10:31
المحور:
القضية الفلسطينية
أخرج العجوز الفلسطيني مفتاح بيته الذي آل ذكرى ثم قبله؛ فألقى الأبناء و الحفدة نظرة ملؤها الأمل بأن يوما قريبا آت لامحالة سيضعون هذا المفتاح في قفل بيوتهم غير تلك التي هدمت أمام أنظار و صمت العالم ..فالسنون تعبق برائحة التضحيات و أرض فلسطين تحفظ الذكرى و لسان الحال يحكي: مَن كان يَسأَلُ عَنّا أَيْنَ مَنْزِلُنا ؟فالزيتونة و الزعتر مِنّا مَنْزِلٌ قَمِنُ.
و أهل الدار..حديثهم يشارك فيه الجيران من وراء الحيطان.. ففي الوقت الذي يسفح فيه الدم العربي علي يد الهمجية الإسرائيلية، تتحدد العلاقات العربية بحبال الكركوز وفق شروط مسبقة، وتتبادل الأطراف العربية الاتهامات وتضع لبعضها الشروط التعجيزية للتلاقي والتقارب مما يزيد من الفرقة فيما بينها وتزيد الهوة اتساعاً.
و لك أن تتساءل بحرية ماذا يجري من محيطنا إلى خليجنا؟ و لك أن تجيب أنت العربي المقهور بكل صراحتك المعهودة بأنه كان الأولى بالسعودية ومصر وهما أهم عاصمتين عربيتين، أن تشترطا علي الإدارة الأمريكية تحسين الأوضاع في العراق حتى تحسنا علاقاتهما مع واشنطن، وكان علي أبو مازن أن يشترط تحسين الأوضاع في غزة حتى يلتقي باراك واولمرت، وكان علي الموالاة والمعارضة في لبنان أن يلجآ للحوار دون شروط مسبقة وضعت مفاتيحها في مطابخ البيوت البيضاء المحكمة الغلق بالقن السري.
فكل يوم تفتح ثقوب في البالون وهم يعون أن هذه الثقوب ستسقطه يوما و ليست ثقوبا للتهوية تجعله معلقا في السماء للاحتفاء بالذكرى المشينة لاغتصاب ارض فلسطين .وهاهي عبقريتهم تتفتق عن ثقب سيتسع ليصبح فجوة.فقد صادق مجلس النواب الأمريكي علي مشروع قرار يعتبر من القرارات الأكثر خطورة علي المسألة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بحق العودة والتعويض الذي أقرته الأمم المتحدة والمتمثل بالقرار 194 الذي يقضي بأن للاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من ديارهم الحق بان يعودوا إلي تلك الديار، و تعويضهم عما لحق بهم من أضرار .. نتيجة ذلك الخروج الذي يعرف العالم انه كان قسريا، حيث مورس بحقهم في حينه ـ ولا يزال ـ كل أنواع القهر والقتل .. وما إلي ذلك من أعمال أجبرتهم علي مغادرة ديارهم طلبا للنجاة من العصابات الصهيونية التي أتت من شتى بقاع العالم لكي تقيم دولة الاغتصاب علي الأرض الفلسطينية.
القرار ـ الذي اعتبر اليهود العرب لاجئين ـ ورغم أنه قد لا يكون ملزما للإدارة الأمريكية الحالية أو غيرها من الإدارات التي سوف تعقبها، إلا أنه فتح الباب علي مصراعيه من أجل اعتبار اليهود الذين غادروا البلدان العربية ـ بعد أن تم تأسيس كيان الاغتصاب ـ متوجهين للإقامة في هذا الكيان، علي أنهم لاجئون وبالتالي فإن لهم حقوق اللاجئين مثلهم مثل الفلسطينيين الذين اضطروا إلي مغادرة أراضيهم عنوة.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي صدرت في اليوم التالي للتصويت علي القرار قالت انه وبحسب نص مشروع القرار فإن المسؤولين الأمريكيين المشاركين في المفاوضات الجارية في المنطقة، والتي تشير إلي موضوع اللاجئين الفلسطينيين، سوف يقومون بإدراج صيغة شبيهة أو مماثلة وواضحة حول مشكلة اللاجئين اليهود من البلدان العربية المختلفة الذين أتوا إلي إسرائيل بعد قيامها. وقد أشارت الصحيفة إلي أن أحد النواب الذين تقدموا بمشروع القرار قال إن علي العالم أن يفهم بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم الذين سلبت ممتلكاتهم وبيوتهم، طرح مشروع القرار هذا، وفي هذه المرحلة والتوقيت بالذات، إنما هو مؤشر خطير، ولا نستبعد أن يكون هناك في الإدارة الأمريكية الحالية من يقف وراء الدفع به إلي الواجهة، أن الرئيس الأمريكي جورج بوش من أشد المعارضين لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلي ديارهم، وأنه من أصحاب الدعوات المتكررة لأن تكون دولة الاحتلال دولية يهودية خالصة لليهود فقط،إنها دعوة مبطنة لكي تقوم دولة الكيان العبري بعملية تطهير عرقي ليتم طرد الفلسطينيين الذين تمسكوا بالبقاء في أراضي عام 1948إلي خارج حدود ـ الدولة اليهودية..مشروع القرار الحالي قد لا يكون ملزما للإدارة الأمريكية ، لكن خطورته تكمن في أن لا احد بضامن أن هذا القرار سيعرض في المستقبل علي مجلسي الكونغرس لإقراره، وبالتالي تحويله إلي قرار ملزم لأي إدارة أمريكية قادمة، كما ذهب إلى ذلك جل المتتبعين للقضايا العربية.
إنهم يسعون جاهدين ليغطوا شمس الحقيقة بالغربال في محاولة يائسة لطمس حقائق التاريخ..ولننصت لشاهد من الأهل؛ أبراهام تيروش (معار يف 16/4/2008 ) يعلن صراحة"المنفى خالد في نفوس اليهود ".فمن السهل إخراج اليهود من المنفى أكثر من إخراج المنفى من اليهود ، إن ظواهر المنفي مختلفة في إسرائيل اليوم، من الغباء السلطوي وحتى موقف المواطنين من السلطة وكأنها ملكية أجنبية يجب التحايل عليها ونزع أكثر ما يمكن منها، يدل ذلك علي أن عملية إخراج المنفى من اليهود لم تنته بعد حتى بعد ستين سنة من الاستقلال".و يحكي كارلو شترينغر:"لم يعد هذا ساحرا في سن الستين "فكرة نفي الشتات تلائم المراهقة ومكانها اليوم قمامة التاريخ في ذكري ميلاد إسرائيل الستين.. علينا أن نحسن لأنفسنا بان نطرح ما يسمي نفي الشتات في قمامة التاريخ. الفكرة الكامنة وراء هذا التعبير شر لليهود ولدولة إسرائيل. كانت فكرة نفي الشتات واحدة من أسس العقيدة الصهيونية. ولما كان اليهودي في الشتات قد صور علي أنه ضعيف، وسلبي، وخانع ـ فقد قصدت الصهيونية أن تخلق بدلا منه يهوديا من طراز جديد:رجولي ومقاتل وعظيم التصميم.و أخيرا "نحن لا نزال طائفة خائفة.. خلافا للأسطورة التي نعيش بموجبها" عوفر شيلح (يديعوت 7/5/2008 ).
عمي.. أنت الشيخ العربي الفلسطيني الأبي. مازلت تحمل بين حناياك ذاك المفتاح الذي كان...قد تسلم الروح للباري.. تحت قذيفة أو على الفراش.. ولكن..وأنت تودعنا.. لن تبخل علينا بابتسامة.. انك احتفظت بحرقة الأرض وما كللت.. وسلمت المفتاح للحفدة ليتابعوا المشوار و هذا يكفيك فخرا.
#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟