أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العباس - حجاب باتجاهين















المزيد.....

حجاب باتجاهين


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 2288 - 2008 / 5 / 21 - 03:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(أورد المقري في" نفح الطيب" الجزء الثاني –ص-288 القصة التالية : قال ابن حزم في طوق الحمامة أنه مرّ يوما هو وابن عبد البر صاحب "الاستيعاب "بسكة الحطابين من مدينة اشبيليه..فلقيهما شاب حسن الوجه,فقال ابن حزم :هذه صورة حسنة,فقال ابن عبد البر:لم نر إلا الوجه. فلعل ما سترته الثياب ليس كذلك ,فقال ابن حزم ارتجالا :
وذي عذل فيمن سباني حسنه يطيل ملا مي في الهوى ويقول
أمن أجل وجه لاح لم تر غيره ولم تدر كيف الجسم أنت عليل
فقلت له :أسرفت في اللوم فاتئد فعندي ردّ لو أشاء طويل
ألم تر أني ظاهريّ وأنني على ما أرى حتى يقوم دليل
يقول الدكتور الطاهر أحمد مكي , محقق كتاب "طوق الحمامة" للإمام الفقيه ابن حزم الأندلسي –في مقدمته لطبعة دار المعارف المصرية "إن هذه القصة ساقطة من نسخة –الطوق –التي بين أيدينا , ولا يمكن رد ذلك بالشك في رواية المقري . لأن جوها أشبه بأجواء الطوق . وأزعم أن يد الناسخ امتدت إلى ما هو أكثر منها ,مما لم يرض عنه من حكايات وقصص الطوق . وأكاد أقول مالم يفهم من قضاياه أيضا "
يجدر القول أن النسخة الوحيدة التي عثر عليها لطوق الحمامة منسوخة في العام -738هج-1337م-أي بعد وفاة ابن حزم بما يقرب من ثلاثة قرون .. يعترف الناسخ فرحا بما فعل :أنه حذف أكثر أشعارها . وأبقى العيون منها . تحسينا لها ,وإظهارا لمحاسنها .و تصغيرا لحجمها وتسهيلا لوجدان المعاني الغريبة من لفظها "
لا شك أن الناسخ قد أمعن في النسخة تشذيبا بما يتلاءم مع عقلية عصره ..وهي عقلية نجد بصماتها في فضائنا العقلي الراهن ..إلا أن طوق الحمامة ورغم ما بتر منه مقص الناسخ بقي كما يقول الدكتور الطاهر "أروع ما كتب عن الحب في العصر الوسيط ,في الشرق والغرب ,في العالمين الإسلامي والمسيحي .تتبع أطواره وحلل عناصره وجمع الفكرة المفلسفة والواقع التاريخي ..وأشهد أنني وقفت مترددا أمام بعض الفقرات كان فيها ابن حزم جريئا صريحا مرتفع الصوت لا يكني ولا يلمح ولا يشير .وإنما يعالج قضاياه مفكرا دارسا لا يتأثم ولا يتردد..ان ما يرتضيه ابن حزم الأديب العالم والفقيه الظاهري ,وما يقبله ذوق المسلمين في قرطبة الزاهرة عاصمة الأندلس أيام الخلافة وما بعدها في القرن العاشر الميلادي ,ليس تدينا ولا ورعا ولا تطورا ولا محافظة أن ترفضه قاهرة القرن العشرين .."
وبعد ..يخيل إليّ أن المقطع من تاريخنا والذي اصطلحنا على توصيفه بعصر الانحطاط :يعيد فينا إنتاج نفسه..ونظن في ذلك أمانة منا للأجداد ..لكأن أجدادنا فقط هم مواليد عصر الانحطاط ..الاأن هذه الانتقائية ليست مفصولة عن مصالح وأساليب قروسطية لإدارتها ,توأمت نفسها مع هذا النفق المسدود أو ذاك, الذي توزع عليه الفضاء العقلي للعرب والمسلمين في عصر الانحطاط ..
كلما أزحنا ما راكمه عصر الانحطاط على ما سبقه , كلما اكتشفنا ما كنا مؤهلين لنكونه ..ولم نفعل !!!
أن نشبه أسلافنا في عصر الانحطاط أكثر من أسلافنا في القرون الهجرية الخمسة الأولى , يمكن لعلم الوراثة أن يبرر شطره البيولوجي ..أما الشطر الأنثربيولوجي منه " الثقافة والأخلاق والحقوق والمؤسسات الاجتماعية" حيث تخفف قوانين الوراثة صرامتها ,وينفتح الباب واسعا على مصادر إعادة النظر بالصفات الثقافية والأخلاقية ..الخ ..كالمدرسة ومنا هج التعليم ووسائل الإعلام السمعية والبصرية وقنوات التثاقف مع العالم المتنوع والمختلف ..الخ ..
هذه جميعها تعطينا الفرصة لإعادة تشكيل وترتيب فضاءنا العقلي وأنماط سلوكنا وأذواقنا الفردية والجمعية ..كونها خاضعة بهذه النسبة أو تلك للإرادة ..أو بتعبير أكثر دقة لمن يمتلك هذه الإرادة ..من هنا ينفتح الباب على مساءلة النخب :السياسية والدينية والاقتصادية – وهي على تشابك حقول عملها , تحكمت بتوجيه الدفة –ففلترت علاقتنا بتراث الأجداد من جهة, وعلاقتنا بثقافات العصر من جهة ثانية.. .ورسمت بانحيازاتها لهذا الخيار أو ذاك على مقلبي التراث /المعاصرة : الخط البياني لأوضاع العرب والمسلمين في القرن الماضي ..
أن تغيب عن مكتباتنا ومنا هجنا التعليمية ,ونتاجنا الفكري والأدبي والفني ما راكمته كتراث مكتوب " الإنسية العربية في القرن الرابع الهجري "- كما حاول أن يلفت النظر إلى ذلك منذ باشر مسيرته الفكرية المفكر الجزائري محمد أركون-شهادة على نوعية التراث الذي مالت إلى توظيفه في الحاضر : النخب الدينية والاقتصادية العربية على وجه الخصوص ..
فأن ’تترك على سبيل المثال الأمراض الجسدية والنفسية لعامتنا في أيدي المطببين " بالطب النبوي" وهو صلى الله عليه وسلم الذي اعتذر لأهل يثرب في حادثة تأبير النخل المشهورة , يدفعنا لمساءلة نخبنا الدينية عن موقفها المعرفي. ونخبنا المالية عن دورها اللوجستي ..فالفضائيات ودور النشر والمواقع الالكترونية ..الخ..
التي تصرف عليها أموال النفط وغيره لإعادة إنتاج عصر الانحطاط , تشير بإصبع الاتهام إلى الجهات المسؤولة عن فشلنا في التموضع داخل خط الأمم الناهضة من عثارها ..
لقد سَبَقَنا الهنود والصينيون رغم أنه أيقظنا من نومنا القروسطي وإياهم نفس المهماز الأوربي ..
لا يمكن رمي المسؤولية عن هذا الوضع الذي نحن فيه على غير عاتق النخب العربية -الإسلامية التي ارتضت أن تقيم حجابا باتجاهين :
1- جهة الشق من التراث الذي راكمته الإنسية العربية في القرون الهجرية الخمسة الأولى ..فغابت رموزه عن التداول ..ولم تحتل ولو جزءا يسيرا من الفضاء الفكري والديني لعرب ومسلمي القرن العشرين .
أين حصة ابن مسكويه في تشكيل تصورنا عن المرحلة التدشينية للإسلام الأولي من حصة ابن الأثير؟
وقد فاقم من المشكلة تضايف عاملين :
-الأول قدم عهد التراث الأولي قياسا إلى تراث المرحلة العثمانية- الصفوية وما يتفتق عن هذا التفاوت في العمر من تفاوت في التعرض لمخاطر الفقد أو التنقيص أو التحريف تبعا لتبدل المزاج الديني أو السياسي ..إلخ ..
- والثاني : التجاهل و الإهمال المتعمد المتصل بخيارات النخب التي تحدثنا عنه سابقا ..
2- جهة العصر الذي تحتل فيه إنجازات الغرب في حقول الفلسفة والعلوم الإنسانية موقع الصدارة ..
لقد وفر فائض المعرفة في أوربا الخارجة من عصورها الوسطى فائضا في القوة .فولدت اتجاهات الهيمنة والسياسات الاستفزازية على أرضية هذا الفائض ..وكل ذلك سهّل على الدعوات المحلية للقطيعة الثقافية مع الغرب, التحول إلى إيديولوجيات شعبية ..وقد تفاوتت حدة هذا من مرحلة إلى أخرى تبعا للخلفية السسيولوجية للنخب المسيطرة ..
إلا أن هذا يجب ألا يخفي النتائج الواحدة التي تمخضت عن فلترة الرشدية - كذروة من ذرى الإنسية العربية –
وفلترة الحداثة الغربية :
الإستنقاع والتلذذ به ..



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من إغتيال الحريري الى اغتيال مغنية الوجه والقفى لإستراتيجية ...
- التكفير في التجربة الإسلامية
- حجاب باتجاهين -2-2
- القاموس المزدوج
- التموضع خلف وجهين لإشكالية واحدة اللعبة المفضلة للراديكاليات ...
- محنة المثقف بين السلف والخلف
- في مسؤولية الغرب عن الإرهاب
- أرقام تدعو للتأمل :
- بين العصبيات التقليدية والحديثة أين يقعد المثقف ؟
- المشهد العربي : عنف وعقما لوجيا ودوران بالمكان
- فيروز خميرة لنضجنا
- البديل عن الدولة هو : ماقبلها
- بنازير بوتو: هل هي ضحية المواجهة مع الإسلاميين أم ضحية التنا ...
- إلى رشا عمران في معطفها الأحمر
- نبوءة ابن خلدون :
- إذا فسد الملح بماذا نملح؟
- في ضرورة خوض المعركة الأيديولوجية
- هل نشد الأحزمة: استعداداً للهبوط في جهنم ؟
- نجوم ليبرالية تسعودت:
- لكي نوِّجع جنبلاط وجعجع : لنضرب طه حسين وأدونيس


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العباس - حجاب باتجاهين