ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2286 - 2008 / 5 / 19 - 03:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بعد استحالة الوصول إلى طاولة الحوار قبل تاريخ الثامن من مايو المشؤوم , يغدو أحياناً وكأنه لا يجدي نفعاً لتسوية مشاكل لبنان , علماً أن لبنان لا يعيش إلا على التوافق , والتوافق لا يتمخض إلا عن الحوار, والبديل الجاهز عن الحوار , الفوضى والفتنة التي أرعبت لبنان والعالم الإسلامي برمته .
إذن , الحوار أولاً , والتوافق ثانياً , هما من أساسيات العيش في لبنان , وبالتالي الحفاظ على صيغته التعايشية , وأي محاولة لا تأخذ بهذين الأساسين موضع الاهتمام والمسؤولية , ستكون في خانة المحاولات التعطيلية والانقلابية .
القفز فوق التوافق , وفرض الحوار (مثلما فعل نصر الله - بري) بجملة شروط مجحفة , يشرعان الساحة للعابثين قبل المنقذين , والغلبة ستكون من نصيب العابثين , باعتبار أن أفعالهم تنم عن سلوك تدميري أسهل بكثير من ذلك السلوك التعميري الذي يحتاج إلى جهود كبيرة .
في هذا المجال, لرب ضارة نافعة, كما يقال, فما أصاب لبنان خلال الأيام الستة المظلمة, قد يكون ضرره الفادح مقدمة نحو حل طال انتظاره, وغالباً ما تولد الحلول التي يحتاجها لبنان, بعد مخاض عسير يوشك أن ينهي الدولة لشدة أخطاره.
وهذا لا يطوي صفحة الأزمة بشكل نهائي , لأنه سيبقى في النهاية طرف معتدي وطرف معتدى عليه , ومن الصعب بمكان نسيان الآثام التي سببها أحد الطرفين للآخر , وما من سبيل لتجاوز تلك الآثام ومحوها من الذاكرة , إلا باستمرار الحوار.
التوافق شرط أساسي لحل الأزمة , ولتمتين عرى الحل , لا بد من انطلاق الحوار على جميع المستويات والصعد , فبدون الحوار يغدو اللبنانيون وكأنهم معدومي البصر والبصيرة , وبالتالي انزلاقهم نحو الاشتباك والاقتتال في كل مرحلة .
ما الذي تغير بالنسبة لحزب الله الإيراني حتى قَبِلَ بالحوار؟ هل عاد إلى رشده وصوابه ؟ لا نظنن ذلك , ما تغير , أنه وبعد تماديه في قلب المعادلة الطائفية الحساسة ضده , وجد نفسه مضطراً لقبول دعوة المسعف العربي إلى الحوار في الدوحة , وكان هذا المسعف أسرع في إنقاذ لبنان , من المسعف الإيراني الذي لا هم له سوى إنقاذ حزبه الإلهي .
إن تطورات الأحداث في لبنان , فرزت ألوان الصورة , وأوضحت الصورة على حقيقتها , وكشفت بما لا لبس فيه , أن مصلحة لبنان تكمن ضمن بيته العربي , الذي سارع بكل ما يملك إلى تضميد جراحه النازفة , بعكس شماتة المحور الإيراني - السوري , الذي وقف موقف المتفرج الأبله من حماقات حزبه التي لا سابق لها في تاريخ لبنان .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟