خالد ديمال
الحوار المتمدن-العدد: 2285 - 2008 / 5 / 18 - 07:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحياة معترك، هي كذلك، لكن أشبه بمسرح، بخشبة يغطيها ستار، يرفع الستار، ثم تبدأ الفصول. ربما تتبدل الصور، والأشخاص أيضا، لكن فلسفة الصراع التي تنتجها العاطفة البشرية في كل لحظة وحين، تبقى هي هي، أحيانا تكون الأوصاف مختلفة، لكن النعوت تتشابه، وجوهرها يتطابق.أليست وحدة المصير،واشتراك الحلم،إيذانا بتأليف مداخل اللعبة،ومخارجها،وهم في الغالب صانعوها،وبإتقان شديد،وفي إثرها يفعلون الخصومات ،ويجعلون لها طعما ورائحة،وحتى تكتمل الصورة أكثر ،يطعمونها ببعض التوابل حتى تصير أشهى ،ومذاق يسلب الخاطر.
لا مكانا للصدفة ،أو الحظ،دائما توجد خلف الستار معركة مستترة،أبطالها يشعلون حربا شعواء،يضرمون نارا تأكل الأخضر واليابس،ولا تبقي ولا تذر..
هناك تساؤل ينطرح بإلحاح:" لماذا؟،وكيف؟،ولأي هدف؟"..،ربما يبدو السؤال بسيطا للغاية،لكنه يخفي الغابة التي تملأ الذعر في كل مكان،وأحيانا بتهيئات عدة،ترمز إلى أشباح وهميين. في التحليل الصائب هكذا يتبدى السؤال،وبالذات عندما نقصد شرذمة من الناس تتساوى في وضع اجتماعي واحد،وذات تنشئة اجتماعية واحدة،وتقريبا متشابهة،فالدافع الأول –الحقيقي-في كل صراع،هو لعبة المصالح،ولكن حين يغيب هذا المعطى،"فعن أي صراع نتحدث؟ّ..
ربما نعطيه وصفا معينا "..قذارة الذات".."خبث الطوية".."والأنانية الزائدة عن حدها" لدرجة مركزة الذات ،وربما تأليهها.
سأسوق مثالا على ذلك:"حين يكون شخص ما محط اهتمام الجميع،تجذبهم إليه بعض المواصفات الشخصية،وغالبا ما يبحث الإنسان عن تحقيق الكمال في ذاته،ولكنه لا يدركه،في معترك الحياة ،فالإنسان مهما علا شأنه يبقى ناقصا ،في الذات تبقى هوة عميقة،يبحث ملء جهده لسدها ،ولا يستطيع إلى ذلك سبيلا،وربما يكمل تلك النقائص بميزات إيجابية تتحقق في غيره،سواء ثقافية ،أو سلوكية،أو مذهبية،أو عقائدية ،أو غير ذلك،ولهذا يكون هذا الشخص الذي تتوافر فيه مثل هذه المواصفات مثار جذب واهتمام كبيرين،يحدث هذا في اللحظة التي يحس فيها طرف آخر أنه مبعث تهميش أو عدم اهتمام ،وبلغة أخرى ،في مراتب الإقصاء،ولجذب الإهتمام إليه ،أول ما يفعله هو تحويل مركز الجذب ،أي المواصفات الإيجابية لدى الطرف الآخر ،إلى سلبيات ،ويوظف في ذلك عوامل لغوية ،بمحتوياتها الثقافية (كحمولة سالبة)،لكسر محتوى الإنجذاب،لتحويل غيرية الإهتمام،إلى أنوية تشكل مركزية جديدة للإستقطاب،وبالتالي إثارة الإهتمام،هذه المرة ليس بدافع فضولي ،ولكن على أساس انتقامي من المركزية الغيرية،وتحويلها إلى المركزية الأنوية،لتحويل محور الإستقطاب،أداة لإثارة الإهتمام،بالذات من طرف الآخرين،أو على الأقل لتحقيق المساواة في درجة الإهتمام.وهو سلوك موجود في البنية الإجتماعية،وهو مؤشر الصراع كثقافة مهيمنة،حيث تنتفي عوامل الصراع الأخرى(المركزية/أو الجوهرية)،أي الصراع الرئيسي،أي صراع المصالح/أو الطبقات.
#خالد_ديمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟