أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سعدون محسن ضمد - كيف تسلل الشيطان














المزيد.....


كيف تسلل الشيطان


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2339 - 2008 / 7 / 11 - 11:03
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


الأكل بحد ذاته ليس جريمة يستحق عليها الإنسان حرمانه من الجنة، عليه لم تكن رغبة آدم بالتفاحة هي المسؤولة عن هذا الموضوع، ولا اغواء حواء. فقد كانا بشريين وأرادا فقط اختبار الرغبة والتنفيس عن الغريزة، وهاتان الفعاليتان طبيعيتان جداً بل مقدستان، فلولا الرغبة وتحقيقها لا يمكن للإنسان أن يستمر بالبقاء ويعمر الأرض.
لكن المغزى من قصة النزول هو الاشارة لضرورة مراقبة الغرائز البشرية وتقنينها. فما لا يمكن التنازل عنه هو القانون الذي يجب أن يحكم تصرفات البشر. وهذا ما دفع الإنسانية وخلال رحلتها التاريخية والحضارية إلى سن الأعراف والشرائع. التي هي تعبير مباشر عن المسموح وغير المسموح به من عمليات تحقيق الرغبات.
كل عملية يتم خلالها مخالفة القانون هي جريمة، مهما كانت تافهة أو صغيرة، ومهما كانت المبررات التي تقف خلفها. فالعبرة لا تكمن بمقدار الجرم الناتج عن مخالفة القانون، بل بنفس عملية المخالفة التي يمكن لها في حال حظيت بشرعية ما أن تتحول لسيل لا ينقطع من المخالفات. وهذا هو السبب الذي نزل بالعراق إلى جحيم الاقتتال الداخلي.
في بداية التغيير حدث أول تجاوز على القانون يوم هرع الناس ـ ومن مختلف الطبقات والمشارب والقطاعات ـ نـحو سرقة الأموال العامة. وكانت الجريمة أن حظيت هذه السرقة بشرعنة بعض المؤسسات وأهمها الدينية وسكوت البعض الآخر وأهمها سلطة الاحتلال التي كانت تمسك بزمام الأمور آنذاك. ثم تبع عملية خرق القانون هذه عملية أخطر. أي تلك التي تمثلت بالجرائم العشوائية الجماهيرية التي كانت تستهدف اغتيال أتباع النظام السابق. كانت تلك الاغتيالات تجري بشكل دموي تجاوز كل القوانين والشرائع والأعراف. فمهما كان نظام البعث وصدام بشعين إلا أن ذلك لا يبرر أن يترك حملة السلاح وكثير منهم مراهقون يقيمون المحاكم وينفذون الاعدامات كيفما اتفق. المشكلة أن هذه العملية حظيت باسناد فتاوى صدرت بشكل غير مفهوم من قبل بعض المرجعيات المستقرة في إيران.
هكذا انفتحت علينا أبواب الجحيم. أي يوم ضرب القانون في أكثر مناطقه حساسية (السرقة والقتل) ولو أن المؤسسة الدينية كان لها موقف آخر من هاتين الجريمتين لهان الأمر إلا أن وقوف (بعض) ممثليها مع هذا الخرق شكل سابقة خطيرة على مستقبل الشعب العراقي.
المهم في هذا الموضوع ليس محاكمة المؤسسة الدينية بل السياسية، التي وقفت ـ إذا لم تكن اشتركت ـ بشكل عجيب بل ومحموم بصف جرائم الاغتيال العشوائية التي تعرض لها أفراد البعث المنحل ورجال النظام السابق. وكان يفترض بهذه المؤسسات (الأحزاب) أنها تمتلك تجربة سياسية وميدانية تمكنها من معرفة مخاطر السماح بمثل هذه الظاهرة. هذا بالإضافة إلى أن أغلبها أحزاب دينية ما يفترض أن يشكل عامل ردع أمام عمليات القتل التي لا تستند لمحاكم مدنية أو على الأقل شرعية. لكن يبدو أن احزابنا لا تؤمن بضرورة تطبيق القانون على جميع الأصعدة وفي مختلف الظروف، بل تؤمن بأن القانون وسيلة لتحقيق غايات الحزب فقط. لا ضابطة يتم الاحتكام إليها باعتبارها فوق جميع الآيديولوجيات والشخصيات. وهذا ما يدعونا لمراقبة سلوك الحكومة وهي تطبق القانون بحذر شديد، فقد تخترقه خلال قيادتها لحملة تطبيقه.
كانت عمليات الخرق تلك والسكوت عنها، هي التفاحة التي أدخلت الشيطان لأرض العراق. وقد ذهبت جميع تحذيرات المثقفين والمراقبين من خطورة تلك الظاهرة. ومن خطورة شرعنتها أدراج الرياح. فقد كانت الرغبة بالانتقام جامحة حد أنها أعمت أعين أهم رجالات السياسة العراقيين عن خطورة انتهاك القانون.
ما حدث قد حدث، وثقافة الاستهانة بالقانون تمكنت من شرائح كبيرة من المجتمع بفضل تواطؤ أهم مؤسستين تتأثر بآرائهما تلك الشرائح وهما المؤسستان الدينية والسياسية. عليه يجب علينا أن نراقب عمليات الالتزام بالقانون داخل هاتين المؤسستين، إذ يبدو واضحا أن الكثير من ملاكاتهما لا يعرفون المغزى الحقيقي له ويفتقرون بالتالي للحد الأدنى من الثقافة الاجتماعية التي تحميه وتساعد على تطبيقه.




#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دويلات عراقية
- سحقا لكم أيها الأتباع
- حتى أنت يا كلكامش؟
- اكتاف الفزاعة
- المخيفون
- عَرَب
- ثقافة التنافس
- عيب عليك
- ارضنة الدين
- يوسف.. لا تُعرض عن هذا
- أصالة العبودية
- هل نتمكن؟
- أحمر الشفاه
- التعاكس بين منطق العلم و منطق الخرافة
- أنياب العصافير
- الجينوم العربي
- ال(دي أن أي)
- كريم منصور
- الأنف (المغرور)
- لمثقف الجلاد


المزيد.....




- مسئول أمريكي سابق: 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى ا ...
- تواصل عمليات الإغاثة في مايوت التي دمرها الإعصار -شيدو- وماك ...
- تسنيم: اعتقال ايرانيين اثنين في اميركا وايطاليا بتهمة نقل تق ...
- زاخاروفا: رد فعل الأمم المتحدة على مقتل كيريلوف دليل على الف ...
- بالأرقام.. حجم خسارة ألمانيا حال إعادة اللاجئين السوريين لبل ...
- الدفاع الأمريكية تعلن إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانا ...
- دراسة: الاقتصاد الألماني يواجه آثارا سلبية بإعادة اللاجئين ا ...
- الأمن الروسي يعلن اعتقال منفذ عملية اغتيال كيريلوف
- دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
- إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سعدون محسن ضمد - كيف تسلل الشيطان