|
حوار في ذكرى النكبة
عديد نصار
الحوار المتمدن-العدد: 2284 - 2008 / 5 / 17 - 10:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن الوقوف على أعتاب القدس و يافا و عكا و حيفا و كل مدينة و دسكرة و سهل و واد في فلسطين المغتصبة.. في هذه المناسبة التي عشناها و نعيشها على مدى ستين عاما طويلة طويلة يجب أن لا يغرقنا في رومانسية قاتلة .. بل يجب أن يجعلنا أكثر حماسة للتعلم و المعرفة و التبصر في الأسباب المادية لحصول هذه النكبة و تراكمها و استمرارها رغم النضال المتواصل و الصمود و التضحيات غير المسبوقة للشعب العربي الفلسطيني و لكثيرين كثيرين من مناضلي الشعب العربي و مناضلي الأممية التحررية من كل أنحاء العالم.. سؤال: في مثل هذه الأيام و منذ 60 عاماً .. قامت العصابات الصهيونية، بعد أن ذبحت و هجّرت آلاف الفلسطينيين و اغتصبت أراضيهم و اعتدت على حرماتهم و أرزاقهم و سلبت حقوقهم، قامت هذه العصابات بإعلان قيام دولة عنصرية صهيونية سُمّيت ب"إسرائيل" أرادوا جعلها "الوطن القومي لليهود" ..
إجابة: إن ما عاناه الشعب الفلسطيني منذ ستين عاما قد يكون أقسى معاناة أذيقت لشعب بعد إبادة الهنود الحمر في أمريكا.. و لكن خسارة فلسطين و نكبة ال48 لم تكن خسارة و لا نكبة للفلسطينيين وحدهم بل خسارة و نكبة للشعب العربي كله و معه للإنسانية جمعاء.. كما أن العصابات الصهيونية لم تأت من فراغ و لم تكن وحيدة على الساحة، بل إن وجودها و تسلحها و حمايتها و انطلاقها في عملية ذبح و إبادة و تهجير الشعب الفلسطيني جاءت بمساعدة و دعم و حماية لا محدودة من الامبرياليين الذين زرعوها كون الصهيونية بالأساس المادي منتج إمبريالي يخدم على المديات المختلفة مصالح و استمرارية و تجدد النظام الرأسمالي العالمي. و كلنا يعرف مدى الارتباط المصلحي بين الصهاينة و الامبرياليين منذ تمويل الصهاينة لحروب الامبريالية البريطانية وصولا إلى وعد بلفور و سايكس بيكو و تهجير اليهود بالجملة إلى فلسطين.. فلسطين القابعة في قلب الوطن العربي تكرس الصهيونية فيها تجزئته و تمنع شعبه من التوحد و استثمرا مقدراته و ثرواته لبناء وطن و تحقيق كيان حر مزدهر و متقدم..
سؤال: ستّون عاماً مرّت، حافلة بالصراعات و السلام و الاستسلام، مليئة بالنكسات و الهزائمة مع شعاع نور ضئيل يصاحب الانتصارات القليلة ..
إجابة لا بد من قراءة مادية نقدية لكل هذه المرحلة لتظهر لنا كيف استغلت القضية الفلسطينية من أجل تكريس التجزئة و أنظمتها خصوصا تلك القابعة على أكبر مخزون للطاقة في العالم و الذي أشبه نزفه الغزير اليوم كما حال شريان أبهر مفتوح تماما نفقد من خلاله دماءنا و نهدر الدماء التي هي حق لكل الشعب العربي و الانسانية جمعاء و لكل الأجيال .. السعودية وحدها تهدر أكثر من 12000000 برميل نفط يوميا من ثروات الأجيال القادمة !!! أليست هذه وظيفة من وظائف الكيان الصهيوني؟؟!!
سؤال: ستّون عاماً، و فلسطين في الأسر .. و أهل فلسطين موزّعين بين متعلّقٍ بوطنه في ظلّ وجوده في بلاد الشتات، و بين مناضلٍ و ثائرٍ يأبى الضيم و الاستسلام، و بين ساعٍ للسلام و (ربّما) للاستسلام، و بين أسيرٍ و معتقلٍ ألِفت أسوار السجن صوته النابض بالحياة ..
إجابة: القضية الفلسطينية قضية الفلسطينيين بامتياز .. و لكن مفاعيلها الهدامة تطال البشرية جمعاء .. و تطال بشكل وثيق جماهير أمة عربية تعاني - رغم وجودها على ظهر أكبر ثروات العالم - من الجوع و القهر و الاعتداءات و التفتيت و التخلف و النزاعات التي هي من خارج التاريخ مذهبيا و عرقيا و عشائريا و طائفيا تعززها الارتباطات بالمشاريع الامبريالية التي نجحت بكل تأكيد في تحويل الشعب العربي إلى قطعان من الذئاب الجائعة يأكل بعضها بعضا.. لقد نشأت الأجيال الفلسطينية ، و لألسف سايقا ، العربية و كثير من قوى حركات التحرر العالمية على النضال البطولي ضد الصهيونية إدراكا منها( هذا أيضا سابقا ) أن إزالة الكيان العنصري الصهيوني تشكل مدخلا للإجهاز على الامبريالية العالمية للنظام الرأسمالي.. فاحتشد ألوف الشبان و الشابات العرب و من كافة الأمم لنصرة القضية الفلسطينية و القتال ضد الغاصب المحتل و الاستشهاد في سبيل دحره و استعادة الشعب الفلسطيني لدياره.. و الأمر لم يتغير أبدا حتى الآن.. فمسؤولية تحرير فلسطين هي مسؤولية عربية أولا ( أقصد الشعوب العربية المضطهدة ) و إنسانية ثانيا ( كذلك أقصد الشعوب المضطهدة ).. و لا يمكن ترك الشعب الفلسطيني يتحمل وحده مسؤولية تحرير العالم و ثرواته من سيطرة الصهاينة و الامبرياليين.. غير أن أنظمة الارتباط العربية بالامبريالية أغرت منظمة التحرير الفلسطينية بوحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني و قضيته تمهيدا للتخلي الرسمي عن تلك القضية ( رغ أن التخلي الفعلي عنها من قبل تلك الأنظمة كان أبكر بكثير ) فكان أن ترك الشعب الفلسطيني وحده في معمعة الصراع عاريا مكشوفا أمام الوحوش الامبريالية و الصهيونية و الحصار الفاضح الواضح من أفرب الدول إليه كما يحصل الآن في غزة و الضفة ما أدى إلى ذلك التراجع المخيف للموقف الرسمي لمنظمة التحرير عن المواثيق السابقة و عن الحقوق الطبيعية التي لا يمكن لأي جهة أن تتخلى عنها .. و بدأت سبحة التنازلات تكر ..
سؤال: ستّون عاماً، و العرب تنازلوا تدريجياً عن حقّ هذا الشعب المظلوم، حتّى بات بعض العرب لا يجد مشكلة في بناء علاقات مع محتلّ الأرض و مغتصب العرض ..
إجابة: أعتقد أنه علينا رؤية الأمور على الشكل التالي تبعا لقراءة مادية تقوم على المصالح .. أرى أن هناك سيبة ثلاثية الأرجل تدعم بعضها بعضا تتشكل من الامبرياليةو الصهيونية و أنظمة التجزئة العربية لا يمكن لأحدها أن يتخلى عن دعم و تمكين الآخر لأت في ذلك إسقاطا لذاته .. الطرف الأقوى في المعادلة هي الامبريالية و الأضعف هي الانظمة العربية لأنها مفككة بفعل الأولى.. لذا فالامبريالية تحافظ على تلك الأنظمة بالجملة و لكنه لا تتوانى عن استبدال أي منه عندما يشكل لها مشكلة بنظام أكثر كفاءة في حفظ مصالحها .. و هذا يجعل العصا مسلطة فوق رؤوس الملوك و الأمراء و الرؤساء الذين عليهم السمع و الطاعة .. كما أن استمرار الكيان الصهيوني ناتج عن استمرار تلك الأنظمة و استمرار الدعم الامبريالي غير المحدود .... فتخلي الأنظمة ليس تخليا بقدر ما هو مصلحة عضوية مادية لهذه الأنظمة .. و هذا لا صلة له من قريب أو بعيد بمصلحة الشعوب أو إرادتها ..
سؤال: ماذا تقولون لفلسطين و أهلها في ذكرى مرور 60 عاماً على احتلالها من قِبل الصهاينة ؟ ماذا تعني لكم ذِكرى النكبة ؟ هل هي مجرّد ذكرى تاريخية عابرة ؟ أم هي الأساس الّذي تنطلق منه كلّ موضوعات نضالنا و ثورة شعبنا و أمّتنا ؟
إجابة: كلما حصرنا قضية النكبة بالشعب الفلسطيني وحده، رغم أنه المصاب الأول بها و بمفاعيلها، و كلما حصرناها بالعرب وحدهم، رغم أنهم أكثر الشعوب تضررا بمفاعبلها و كلما حصرناها بالمسلمين أو بالمسيحيين الذين لم يتبق منهم إلا أعداد رمزية في فلسطين، وحدهم، نكون قد أسهمنا و لو بغير علمنا في استمرار هذه النكبة و تراكم النكسات .. علينا أن نعمل و نناضل بكل ما نستطيع من قوة أن نعيد تلك القضية قضية إنسانية تخص البشرية جمعاء .. أن نجعلها أولى المداخل الضرورية لخلاص البشرية من كل ظلم و استغلال و تفتيت و اقتتال ..
سؤال: هل توافقون على تقسيم فلسطين و إقامة دولة للفلسطينيين موزّعة بين الضفّة الغربية و قطاع غزّة ؟
إجابة: و هل يقبل الكيان الغاصب بذلك ؟؟!!
سؤال: أم تؤمنون بعودة فلسطين "من النهر إلى البحر" كامل أرض فلسطين ؟
إجابة: لا وجود لأي دولة فلسطينية ، لا الآن و لا في أي وقت في وجود الكيان الغاصب !!
سؤال: هل تعتقدون بأنّ "الديبلوماسية" فقط هي الّتي ستعيد الشعب الفلسطيني إلى أرضه ؟
إجابة: الصراع يأخذ أشكالا مختلفة .. و لكن أعداؤك دائما هم من يحوله إلى صراع عنيف!!
سؤال:
ما هو موقفكم من المقاومة الفلسطينية ؟ هل هي قادرة على تحرير فلسطين أو بالحدّ الأدنى ارجاع حقوق الشعب الفلسطيني ؟ هل تؤمنون بأنّ فلسطين ستُحرّر في يومٍ من الأيّام ؟
إجابة: لا يمكن لأي مقاومة فلسطينية وحدها أن تصل بالشعب الفلسطيني إلى إزالة من يعترض طريق تحرره ، رغم أنها ستشكل دائما رأس الحربة في ذلك.. على أن تكون دائما مقاومة وطنية تستلهم المبادئ العلمية و المادية الجدلية و إنسانية النضال الأممي في سلوكها كافة.. ما يمكنها أن تشكل جزءا لا يتجزأ من حركة النضال الأممي المتواصل الصلب في وجه الامبرياليين و الصهاينة .. و إلا فحراكها قد يعيق بدل أن يساعد .. إن مأساة شعبنا العربي في فلسطين ليست إلا خلاصة و تركز مأساة الإنسانية مع هذا النظام الرأسمالي المتوحش الذي لا يعطي أي اعتبار لا لحياة الشعوب و لا لمستقبل الأجيال و لا لمستقبل الحياة على هذا الكوكب.. و كما أن التاريخ لا يتوقف عن التقدم، و كما أن النظام الرأسمالي سيسقط تحت أقدام العمال و الشعوب المضطهدة، فإن الكيان الصهيوني سيتهاوى حتما تحت أقدام أطفال فلسطين و مناضلي الشعب الفلسطيني و لو بعد حين.. المحاور: نرجو المشاركة و التعليق . عديد نصار: أشكرك!!
#عديد_نصار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكرى 13 نيسان، لبنان ما بين حرب أهلية متفجرة و حرب أهلية كام
...
-
زماننا.. زمان الحركة الثورية
-
يتلهون بال - واحد - !
-
تصحيح: أين أخطأ الشيخ إمام
-
نص المداخلة التي وزعت و ألقيت في اللقاء اليساري التشاوري في
...
-
حبي الوحيد
-
النداء
-
رد سريع / حوار من طرف واحد
-
الأولى، دعوة الشيوعيين إلى التوحّد
-
رجلٌ .. علمٌ .. طوته المرحلة ...
-
محكمة
-
من يحاصر القطاع؟
-
وحدة الحركة الشيوعية ثانيا و أبدا
-
شعاع من عدن
-
شاعرٌ … ألقى اليراع
-
كتاب مفتوح (2) إلى العماد سليمان بمناسبة اختياره مرشحا وحيدا
...
-
مساحة نأمل أن تسود
-
الأمثولة
-
خريف الحدائق
-
كتاب مفتوح إلى العماد ميشال سليمان بمناسبةالتسابق على ترشيحه
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|