أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد الرابع: أيار 2008















المزيد.....



طريق اليسار - العدد الرابع: أيار 2008


تجمع اليسار الماركسي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 2282 - 2008 / 5 / 15 - 11:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سوريا /تيم/

محتويات العدد:
1- افتتاحية هيئة التحرير ص 1-4
2- ”الحزب الديني والطائفية السياسية“ نايف سلّوم ص5-6
3- ”في النزعة الأميركانية“ محمد سيد رصاص ص 7-8
4- ”تـنويه“ من القيادة المركزية لـ ” تيم ” حول نشر سلامة كيله استقالته من التجمع، مرفق بنص الاستقالة ص 9-12
5- ”النضال الوطني والاجتماعي مترابطان“ محمد سليمان ص13
6- ”القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز“ –صالح عباس ص 14
7- ”الحكومة والشعب والإضراب ” منصور أتاسي ص 15-17
8- ”الخطاب الأخير “ لــــ
سلفادور أليندي ص 19
”أول مايو “ عيد العمال“
إميلي مان ص 20







افتتاحية :
عيد العمال؛
قلق على لقمة العيش
بلغت أسعار المواد الغذائية هذا العام أرقاماً لا تصدق, جعلت معظمها خارج متناول العمال وسائر الطبقات الشعبية. وهي مرشحة لمزيد من الارتفاع لأسباب محلية و عالمية. حيث بشّرنا البنك الدولي بأن "أزمة المواد الغذائية العالمية؟" ستستمر لسبع سنوات أخرى. وقد رفعت الدولة سعر المازوت, مما سيرفع تكاليف توليد الطاقة، بالتالي, الصناعة والنقل والزراعة. ما يعني موجة شاملة جديدة من ارتفاع الأسعار, دون أن نغفل الوضع المأساوي للعاطلين عن العمل, ممن يعيشون أزمة وجود.
فهل نقص إنتاج العالم من المواد الغذائية فجأة, ولا يمكن تعويض النقص إلا بعد سبع سنوات كاملة؟ أم أن إنتاج بلادنا شحّ وزاد عدد سكانها فجأة لترتفع الأسعار بهذه الصورة الفاحشة؟
في العام المنصرم, روّجت مزاعم تقول إن سبب غلاء المواد الغذائية والخدمات - مقارنة بأعوام سابقة- يعود إلى الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين العراقيين . وها قد نقص عدد إخوتنا هؤلاء هذا العام, وركنت قليلاً إيجارات البيوت وأسعارها, لكن أسعار المواد الغذائية تابعت ارتفاعها بسرعة أكبر مما في العام الماضي! فلماذا؟
تكمن الأسباب الحقيقية لظاهرة موجة غلاء أسعار السلع الغذائية العالمية, من حيث الأساس في الأسباب التالية:
1-فالسبب الرئيسي هو مضاربات الصناديق الاستثمارية في الدول الإمبريالية الرأسمالية الرئيسية, في ظل نظام اقتصادي "معولم", تتخلى فيه الدولة عن دورها في المراقبة والضبط لحركة رؤوس الأموال وتغيب جميع الضمانات ضد خطر المضاربة هذا، ويتحمل الفقراء عبء النتائج الكارثية لهذه المضاربات قبل غيرهم, شعوباً وطبقات, و هو ما أكدته منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو). وقد أدت المضاربات حتى اليوم إلى رفع سعر الألبان 80 % عام 2007, وسعر القمح 180 % خلال العامين الماضيين ووصل الأرز إلى أعلى سعر له في تاريخه إطلاقاً, وذلك وفق أرقام الأمم المتحدة.
2-أما السبب الثاني, فهو خفض, سعر صرف الدولار. و خفض قيمة الدولار المعتمدة منذ بداية عهد بوش الابن هدفها جعل السلع الأميركية أكثر تنافسية أمام السلع اليابانية والأوروبية وقد انعكس ذلك على زيادة سعر برميل النفط، وهو يقود تلقائياً إلى خفض القوة الشرائية لكل المتعاملين به, وإلى خفض القيمة الفعلية للاحتياطات النقدية للدول التي تعتمد الدولار كعملة دولية رئيسية .
وحذرت الفاو من أن ارتفاع أسعار الحبوب خلق في/ 37/ دولة فقيرة وضعا طارئا أدى إلى وقوع اضطرابات. ووفقاً للبنك الدولي فإن /33/ دولة ستكون مهددة باضطرابات اجتماعية - سياسية بسبب عجزها عن شراء حاجاتها من الأغذية الأساسية من السوق العالمية ، في حين سيجني كبار الرأسماليين أرباحاً فاحشة من جراء ذلك!
تُرى, أيمكن أن تكون المضاربات المشار إليها, وخفض قيمة الدولار, جزءاً من سعي الإدارة الأميركية إلى إشاعة ”الفوضى الخلاقة“ السيئة الصيت, بالوسائل الاقتصادية هذه المرة؟!
3-ثمة سبب ثالث، يكشف الانعدام التام لأية قيم أو إحساس بالمسؤولية تجاه البشرية عند طغاة رأس المال, وهو زيادة إنتاج (الوقود الحيوي) بالاعتماد على الحبوب كمادة خام (قمح, ذرة, شعير, أرز ، الخ..). ومعروف أن كمية الحبوب اللازمة لإنتاج طن واحد من هذا الوقود تكفي لإطعام آلاف البشر . والوقود المنتج مكلف وليس أرخص كثيراً من النفط, وقد وصف مسؤول في الأمم المتحدة هذا الإنتاج للوقود بأنه جريمة ضد الإنسانية. 4-يضاف سبب رابع لما سبق, وهو اضطرابات المناخ وما أصاب مناطق زراعية واسعة من جفاف وتصحر, وأصاب غيرها بفيضانات مدمّرة. وهو ناجم بدوره عن جشع لا يعرف الحدود للرأسمالية التي تسعى لزيادة الإنتاج بجميع السبل, ولو كان تدمير المناخ وتشويه الطبيعة بأخطر الأشكال هو النتيجة. ويزيد من بشاعة الأمر رفض الولايات المتحدة - الملوّث الأكبر للبيئة في العالم- التوقيع على اتفاقيات كيوتو لتخفيف تلوث البيئة, بحجة أن ذلك سيزيد تكاليف الإنتاج عندها, ويقلل قدرة بضائعها على المنافسة في السوق العالمية إنها المصالح والسياسات الإمبريالية الكبرى إذاً, التي افتعلت هذه الأزمة, لزيادة أرباحها, وربما لتوسيع دوائر "الفوضى الخلاقة".... ولتذهب الشعوب والطبقات الكادحة إلى جحيم الجوع والفقر والموت!
يكفي الآن أن نتأمل في هذه " العولمة المتوحشة" التي وعدت البشرية بالرفاهية والمن والسلوى .. وردّد سذج أو مغرضون كثيرون أصداء تلك الوعود!
*****
سيقول النظام الحاكم في بلادنا: لا علاقة لنا بـ ”الأزمة“, إنها عالمية, ونحن لا قدرة لنا على معالجتها أو الهروب منها, مثل هذا القول لن يكون سوى تزييف يهدف للتنصل من المسؤولية, ومن إمكانية تلافي المشكلة, بل وتحسين مستوى معيشة الشعب والطبقة العاملة خصوصاً, بإمكانات سوريا ذاتها, بالرغم من هذه الأزمة العالمية المفتعلة.
الغلاء المتفاقم في بلادنا ليس وليد هذا العام, فهو سابق بسنوات وما انفك يتصاعد, بفضل السياسات الاقتصادية للنظام, والتي تتجه بوضوح نحو تكييف هيكلية الاقتصاد السوري والتشريعات الاقتصادية, بما ينسجم مع شروط صندوق النقد الدولي سيئة الصيت, وإن يكن بقدر من الحذر والبطء في البداية.
و من الواضح أن السياسة الاقتصادية للنظام تتقدم بثبات نحو تلبية هذه الشروط, وتكاد تكون أنجزت معظمها فعلياً, ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أنه مهما كان مقدار الإنتاج الغذائي والزراعي و الصناعي السوري, ومهما كانت وفرة الخيرات في البلاد, فإنه سيطرح ليس لمضاربات السوق المحلي فحسب، بل لمضاربات السوق العربي والعالمي أيضاً. و من ثم فإن من يستطيع أن يدفع سعراً أعلى للبضاعة, سيفوز بها, بصرف النظر عن جنسيته ومكان وجوده. فكيف سينافس العامل أو الكادح السوري هذه الجهات في السوق؟ من هنا فإن الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية في البلاد ليس ناجماً عن قلة الإنتاج ولا عن زيادة عدد السكان, بل هو ناجم بالضبط عن سياسة الحكومة غير المهتمة بتأمين حاجات المواطنين بأسعار تتناسب مع دخولهم المتدنية, بحيث تؤمن لأثرياء العالم (سوريين، عرباً وأجانب) خيرة البضائع والمنتوجات السورية, ويترك ما بقي (إذا بقي شيء) ليتنافس السوريون على شرائه بأسعار فاحشة.. ومن الواضح أن ملايين الكادحين والفقراء السوريين قد (انسحبوا) من هذه "المنافسة" الظالمة مستنكفين إثرها عن العديد من حاجات الحياة الأساسية .
ولا تزيد قضية المازوت وكلفته المزعومة الأمر إلا وضوحاً. فلنسلم بأن بضعة مليارات من الليرات (حوالي خمسة مليارات ليرة وفق زعم الحكومة) تخصص فعلاً لدعم سعر المازوت, فلماذا يا ترى ينوء ظهر الميزانية بمبلغ لا يزيد عن واحد بالمئة منها, في حين لا نراها تشكو ولا تحاول استيفاء ضرائب التهرب من قبل أصحاب المليارات والملايين في سوريا, والتي تبلغ قيمتها التقديرية ليس أقل من 40 % من قيمة الميزانية السورية؟؟ وفق اعتراف وزير المالية نفسه! كيف ولماذا "تتسامح" الحكومة مع تهرب ضريبي يزيد عن مئتي مليار ليرة سنوياً, في حين يكاد ظهرها ينكسر من خمسة مليارات تدفعها لدعم المازوت ... هل لأن المتهربين هنا هم من كبار الأثرياء الأعزاء عليها, في حين أن المستفيدين من دعم المازوت هم عموم الشعب والاقتصاد الوطني, الذي هو آخر همها؟!
إنها الطبيعة الطبقية للسلطة, و طبيعة السياسة الاقتصادية التي تتبعها, وهي تسفر عن وجهها, وسيزداد الأمر سوءاً مع مرور الوقت, وستزداد قسوة الحياة على عمال شعبنا و كادحيه وفقرائه, في بلادهم الغنية الخيّرة التي ينتج عملهم فيها أكثر من ضعف حاجة الشعب من معظم المواد الغذائية, فيكافؤون بحرمانهم مما يقيتهم من ثمار عملهم!
وبقدر ما يبدو مفارقة قد يعتقد البعض أنها غريبة وغير منطقية (لتوهمهم بأن الليبرالية الاقتصادية تترافق مع, أو ستجلب حكماً الليبرالية السياسية) فإن السياستين الاقتصادية الليبرالية, والقمعية الداخلية, لاسيما تجاه الطبقة العاملة والطبقات الشعبية المتضررة من تلك الليبرالية, هما أمران يحصلان في الوقت ذاته.
لكن ما يجب أن يكون شديد الوضوح لكل عاقل, هو أن الجوع كافر. وأن للعنف والقمع سقفاً يعجز بعده عن انجاز أي هدف من أهدافه, بل وفي كثير من الحالات إن لم يكن كلها, يرتد هذا العنف سلباً على الأهداف التي يتوخاها, وقد يؤدي إلى نقيضها تماماً.
ليس من باب المصادفة أن العمال في مصر, في واحد من أكبر تجمعاتهم "المحلة الكبرى", كانوا الأكثر غضباً وتمرداً بسبب أزمة الغلاء والفساد الحادة في مصر, حيث انفجر سخطهم برغم سيطرة السلطة هناك على نقاباتهم بالطرق المعروفة, وبرغم العدد الهائل من أعضاء الحزب الوطني الحاكم (الذي فاز في "الانتخابات" المحلية ب 99 % من المقاعد!) . ثمة حدود لصبر الشعب وتحمله للقهر والغلاء والفساد. هكذا تعلّم تجربة الشعوب, وهكذا يعلّم التاريخ.
في عيد العمال العالمي, تحل الذكرى على الطبقة العاملة السورية, وسائر الطبقات الشعبية, في مناخ ثقيل قلق من اتجاه تطور الأوضاع الاقتصادية, وتأثيرها على لقمة العيش والتعليم والصحة, وكل ضرورات الحياة. و يزيد القمع من احتقان النفوس حيث يجري قمع التعبير النقابي والسياسي الحر, والناطق فعلاً باسم العمال والكادحين ومصالحهم.
وللسلطة أن تختار المضي في الطريق الذي أوصل الأوضاع إلى هذه الأزمة الحادة المهددة بالتفاقم, مع كل ما يترتب عليها من نتائج قد لا يكون لأحد أن يقدر عمقها وحجمها مسبقاً, أو تختار فتح المنافذ لأبناء الشعب للتعبير عما يريدون التعبير عنه, نقابياً و مطلبياً وسياسياً, فما من أزمة مغلقة المخارج بحد ذاتها ... البشر, البشر وحدهم هم الذين يغلقون مخارجها أو يفتحونها وفق ما تمليه عليهم مصالحهم وعقولهم.
في عيد العمال: تحية للطبقة العاملة السورية ولكل الكادحين والمنتجين والشرفاء من أبناء هذا الوطن, منتجي خيراته وصانعي مستقبله المشرق.
كل الحرية للعمال في تنظيم نقاباتهم وتحركاتهم و نضالا تهم.
كل الحرية للشعب الكادح
هيئة التحرير

فلنناضل من أجل بناء أوسع تيار وطني- ديمقراطي- تقدمي
و لنناضل مع الطبقات الشعبية في سبيل:
1- رفع الأجور والرواتب بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار
2- تحسين مستوى الخدمات المقدمة للطبقات الكادحة وجماهير الشعب
3- الدعوة والمبادرة لتشكيل لجان شعبية مستقلة لمراقبة الأسعار

































الحزب الدينيّ و الطائفيّة السياسية
نايف سلّوم
يقول إرنست ماندل تحت عنوان "الإمبريالية، عقبة تصنيع البلدان المتخلفة" الكلام التالي:"إن التخلف الاقتصادي في [البلدان المتخلفة هو] نتيجة للتغلغل والسيطرة الإمبريالية. وفي الوقت نفسه تعمل هذه السيطرة على بقائه واستمراره وتدعيمه. والقضاء على هذه السيطرة هو الشرط الأول لفتح الطريق نحو التقدم، وهذه المهمة لها الأولوية حتى على الخلاص من الطبقات المسيطرة وإن كانت المسألتان مترابطتين في غالب الأحيان " [النظرية الاقتصادية ج2 ص 170]
في تعليق أول ننقد هذه العبارة ونبين أن الخلط بين المنهجي النظري من جهة وبين العرضي والتكتيكي أمر ضار ويتوجب توضيحه في التنظيرات الأساسية كمسألة عقبات التصنيع والتقدم الاجتماعي في بلد متخلف .
يبدو أن الخروج من هذا الاختلاط لا يكون إلا بتقديم تصور واضح عن الإمبريالية كبنية كونية متفاوتة ، وتوضيح العلاقة الإمبريالية وصور هذه العلاقة في المراكز الرأسمالية وفي الأطراف.
ما تزال الرأسمالية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية تعزز بنيتها الإمبريالية كاندماج واحتكار ومركزة وميل رأس المال الاحتكاري للمضاربة وميل للغزو والاحتلال في البلدان الرأسمالية المركزية ، وكتخلف اجتماعي وتخلع اقتصادي وميل للسلفية في السياسة والثقافة في أطراف النظام.
يظهر من عبارة ماندل للوهلة الأولى أن الإمبريالية عقبة "خارجية" بحتة ، خاصة وأنه يترك نسبة احتمالية معينة ولو ضئيلة لإمكانية مبادرة البورجوازية "القومية" ("التقدمية") للتصنيع ، بالتالي يتجاوز التحليل الماندليّ مسألة الأوضاع الإمبريالية في الأقطار الرأسمالية المتخلفة؛ أي يتجاوز الطبيعة الاجتماعية للطبقة المسيطرة في هذه الأقطار. ومن هنا النبرة الاحتمالية لعبارته التي تقول: "وهذه المهمة لها الأولوية حتى على الخلاص من الطبقات المسيطرة" . لهذا السبب يضيف ماندل: "وقد شرعت جميع البلدان المستعمرة أو نصف المستعمرة التي حققت استقلالها السياسي، أو التي حكمها ممثلو البورجوازية الصناعية ، شرعت ببذل مجهود جبار للتصنيع لا يتفق البتة مع موقف الحكومات الخاضعة للإمبريالية ، ومثال الأرجنتين في عهد بيرون ومصر في عهد عبد الناصر مثال نموذجي"[ ص 171- مرجع سابق]
واضح أن كتاب ماندل يرصد الاقتصاد العالمي حتى نهاية ستينات القرن العشرين بالتالي لم يستطع رصد مآلات التصنيع الأرجنتيني والمصري ، والذي لم يستطع أي منهما كسر حلقة التخلف بالرغم من سيطرة البورجوازية "القومية " أو الصغيرة -وفق التعبير الماركسي الكلاسيكي- لفترات تصل إلى عشرين عاماً.
إن الدرس التاريخي الذي تظهره هذه المآلات في كلا البلدين يبين أن هوامش التصنيع الذي جرى في مصر والأرجنتين استفاد كثيراً من الحرب الباردة ومن انشغال الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة بمواجهة المد الشيوعي في جنوب وشرق آسيا وأميركا اللاتينية وفي روسيا أساساً، خاصة وأن البورجوازية "القومية" لديها حذر منهجي تجاه الطبقات الشعبية ، ولها دورة نمو تنحط بعدها وتتحول إلى بورجوازيات كولونيالية مندمجة بالنظام الإمبريالي وملحقة به بحيث تغدو سلطتها وممارستها السياسية في الحكم صورة للعلاقة الإمبريالية في أطراف النظام الرأسمالي، معيدة إنتاج التخلف وعلاقة السيطرة الإمبريالية بشكل موسع وخالقة بهذه الإعادة انسدادات معززة في وجه التقدم الاجتماعي والتصنيع القومي/ على شاكلة بلد متطور صناعياً.
يساهم هذا الانسداد الذي تولده الطبقات البورجوازية المحلية المسيطرة والمدعوم من المراكز الإمبريالية في تكريس التأخر الصناعي وتعزيز التخلع الاجتماعي وتخلع البنى والمؤسسات الحديثة ، ويساهم في ميل النظام السياسي القائم نحو المزيد من احتكار الثروة القومية والميل نحو الاستبداد السياسي، بالتالي حرمان الطبقات المظلومة والهامشية من تعبيراتها السياسية الحديثة "الطبيعية" .
في بيئة كهذه يسيطر عليها الاحتكار الاقتصادي- السياسي والحصار الأمني والإفقار المتنامي والإذلال القومي من قبل الدول الإمبريالية المركزية تظهر أشكال من "الطائفية السياسية" التي معناها تحول الفرقة الدينية كالسنة والشيعة ، الخ.. وميلها المتزايد للعب أدوار سياسية واضحة ، أي ميل الفرقة الدينية للظهور وكأنها حزب سياسي حديث؛ أي تميل أكثر لتلعب دور الحزب السياسي الحديث. وهكذا يتحول الجامع والحوزة الدينية والكنيسة إلى أماكن لتفريخ الحزب السياسي الديني ولتوليد الطائفية السياسية. ويجري هجر المؤسسات الحديثة كالمعمل والشركات والجامعات والمدارس كحاضنات لتوليد الحزب السياسي المدني الحديث .
إن الانسداد التاريخي أمام التقدم الذي خلقته الإمبريالية كعقبة خارجية وكأوضاع محلية مجسدة بسيطرة البورجوازيات المحلية الملحقة بالنظام الإمبريالي هو المسؤول الأساس عن هذا التحول في شكل الحزب السياسي وفي صعود ظاهرة الحزب الديني والطائفية السياسية وملحقاتهما مما يسمى "ديمقراطية المكونات" في المنطقة العربية على أثر انتهاء الحرب الباردة وتفكك الدولة السوفياتية وانتصار الثورة الشعبية في إيران ذات الشكل الديني.
هذه الظاهرة الجديدة خلقت تعقيدات إضافية في وجه نمو وصعود الحزب السياسي المدني الحديث ، وفرضت عليه تحديات كبيرة على المستوى الاستراتيجي/ البرنامجي والتنظيمي، وطرحت على الاشتراكية مواجهة أوضاع معقدة وجديدة و أوحت بأن الرد الحقيقي على هذه الأوضاع الإمبريالية من سلفية دينية وحزب ديني وطائفية سياسية و "ديمقراطية مكونات "هو برنامج ديمقراطي أصيل تهيمن عليه نزعة اشتراكية ماركسية .
لقد ألقى التاريخ مهمات جديدة على عاتق الطبقة العاملة وحلفائها من الطبقات المظلومة الأخرى بحيث بات هذا التحالف وبرنامجه الديمقراطي الذي تهيمن عليه نزعة اشتراكية ماركسية ؛ بات هذا التحالف هو "الطبقة" القومية الحقة والوطنية الحقة ، والذي يقع عليه عبء مواجهة السيطرة الإمبريالية ومهمة تحطيم علاقات التخلف وتجاوزها كصور محلية للعلاقة الإمبريالية العالمية. وهكذا انفصلت الليبرالية كمشروع سياسي للبورجوازية الطرفية عن الديمقراطية والعمل الديمقراطي، ورفعت الديمقراطية والعمل الديمقراطي كمهمة عضوية إلى مستوى العمل الاشتراكي الماركسي؛ أي باتت مهمة التحالف الشعبي -الآنف الذكر- الأساسية.
جاء في البيان النظري والسياسي للتجمع الماركسي – الديمقراطي في سوريا- شباط 2008 : "تتجلى عصبوية النظام السياسي في سوريا عبر احتكار الثروة الوطنية والسلطة السياسية ، وعبر تكييف طبقات المجتمع الأساسية (عمال ، فلاحين) وما نتج عنه من انسداد آفاق التحديث الاجتماعية والاقتصادية ومن سلبية شديدة لدى الجماهير الشعبية ، وفراغات سياسية خطرة ، تدفع هذه الفراغات قطاعات كبيرة من الجماهير وبشكل عفوي نحو الدين والتدين كانتماءات سياسية بديلة . وفي ظل ظروف الغزو الإمبريالي الجديد ، وفي ظل ظروف الاستعمار الصهيوني وانتهاكاته اليومية لحق الشعب العربي في فلسطين ، وفي ظل الإفقار المتنامي للغالبية الشعبية، يتحول الانتماء الديني إلى انتماء سياسي يملأ الفراغات السياسية القائمة، فتتحول قوى المجتمع من قوى سياسية اجتماعية- اقتصادية إلى قوى سياسية- دينية أو قوى طائفية، ويتحول الجامع والحوزة والكنيسة من أماكن للعبادة إلى مقرات للعمل السياسي بدلاً من الحزب السياسي العلماني الحديث في المؤسسات المدنية الحديثة كالمدرسة والجامعة والمؤسسات الاقتصادية.
والطائفية هنا لا تعني تعمق الشعور الذاتي للفرقة الدينية القائمة في الأنماط ما قبل الرأسمالية كالسنية والشيعية على سبيل المثال فحسب، بل تعني انقسام أعضاء الفرقة الدينية الواحدة كالسنة في الجزائر (بين مالكية وإباضية) إلى طوائف سياسية متعصبة ومتقاتلة في ظل غياب الحزب السياسي المدني الحديث وفي ظل احتكار الثروة وطغيان الاستبداد السياسي من قبل البورجوازيات المسيطرة وفي ظل حظر النشاطات السياسية المعارضة والمستقلة، وغياب الحياة السياسية العامة النشطة والفعالة .
إن مهمة بناء الحزب السياسي الحديث ومنه الحزب الاشتراكي الماركسي مهمة معقدة في ظروف كهذه ، لكنها ليست مستحيلة.

في النزعة الأميركانية
محمد سيد رصاص

لم يكن هناك إجماع عراقي ضد الاحتلال يوم سقوط بغداد بيد الأميركان عام2003, بعكس ما كان عليه الأمر عند سقوطها بيد الانكليز في عام 1917, إلا أن ذلك لم يكن مقتصراً على بلاد الرافدين في يوم 9نيسان2003بل امتد إلى كثير من المثقفين والأحزاب والساسة العرب, الذين اعتبروا ذلك اليوم يوماً لسقوط صدام حسين وليس لبغداد.
أتى ذلك من نزعة تكوَنت خلال السنوات الأخيرة في بلدان عربية عديدة, وقبل ذلك في العراق, يمكن تسميتها بـ (النزعة الأميركانية), يرى أصحابها بأن الأنظمة العربية المعنية قد قضت أو استأصلت, عبر القمع, العوامل المؤدية إلى التغيير, لهذا لابد- حسب وجهة نظرهم- من إنشاء توازنات ضد هذه الأنظمة (لإجبارها على تعديل مساراتها أو لإسقاطها) لا يمكن للعوامل الداخلية القائمة أن تقود بحكم ذلك الوضع إليها, وإنما العامل الخارجي, الذي يمكن"استخدامه" بحكم توجهه كما يرون - وخاصة بعد 11أيلول- كعامل تغيير أو إسقاط للأنظمة أو كعامل ضغط لتخفيف القمع و إحداث مساحة للحريات وللإصلاح الداخلي.
لم يكن هذا سابقةً في التاريخ العربي الحديث, حيث راهن مصطفى كامل, زعيم الحزب الوطني المصري,على الخلاف الانكليزي- الفرنسي في تسعينيات القرن التاسع عشر لاستخدامه ضد الاحتلال البريطاني, وبعده راهن الكثير من الساسة, في مصر(عزيز المصري،علي ماهر) وفلسطين(الحاج أمين الحسيني) والعراق (رشيد عالي الكيلاني), على هتلر, في ظرف الحرب العالمية الثانية, ضد الانكليز. إلا أن ما يلفت النظر,الآن,أن الساسة العرب,الذين يدخلون في (النزعة الأميركانية), يريدون استخدام (العامل الخارجي), ليس ضد عامل خارجي آخر أو عاصمة دولية, وإنما ضد قوى داخلية أخرى داخل البلد المعني هي في موقع السلطة, وفي الوقت نفسه فإن هذه المراهنات تولد استقطابات لا تجعل فقط السلطة المستهدفة من الخارج أو المختلفة معه ضد العامل الخارجي وإنما يشمل ذلك الكثير من القوى المعارضة التي ترى بأن ذلك سيؤدي في النهاية إلى تسليم زمام البلد للخارج أو إلى تحكمه بالمسار المقبل له حتى لو لم يؤد ذلك للاحتلال.
يؤشر ذلك إلى تفكك داخلي في البلدان العربية التي كانت القوى السياسية, المراهنة على العامل الأميركي, ذات أوزان اجتماعية قوية في بلدانها, مثل العراق, فيما نرى في بلدان أخرى أن النزعة الأميركانية موجودة عند مثقفين أو ساسة أو أحزاب تفتقر إلى النفوذ الاجتماعي أو جُففت ينابيعها الداخلية, حيث تأتي تلك النزعة كتعويض عن ذلك لاستخدامها من قبل أصحابها لتشكيل رقم في الساحة الداخلية (حيث أصبحنا في زمن يمكن لوسائل الإعلام أو لمراكز الأبحاث أو لمراكز القرار الخارجية أن تصنع أسماء سياسية بغض النظر عن مفاعيلها) أو لاستخدام (الخارجي) كأسانسور أو مصعد لـ (الداخلي).
يلاحظ,في هذا الإطار, أن النزعة الأميركانية, في مهدها العراقي, قد شملت أحزاب إثنية تعرضت امتداداتها الاجتماعية إلى اضطهادات كبيرة ومجازر, الشيء الذي وجدناه أيضاً عند قوى وجماعات فئوية تعرضت طائفتها أو فئتها إلى ذلك أيضاً, فيما رأينا أحزاباً, ذات بعد عقائدي, في وضعية التردد والوسطية حيال النزعة الأميركانية, كما كان الوضع عند حزبي الدعوة والشيوعي في الأشهر القليلة السابقة واللاحقة لسقوط بغداد, بينما لم يوجد هذا التردد أو الوسطية عند سياسيين يفتقدون إلى الجذور الاجتماعية (مثلاً:أحمد الجلبي), و لا عند سياسيين تعود جذورهم وخلفياتهم إلى النظام الحاكم (الدكتور إياد علاوي ، و رئيس الاستخبارات السابق وفيق السامرائي,على سبيل المثال لا الحصر).إذا ابتعدنا عن العراق وأيضاً السودان, حيث الالتحاقية السياسية عند القوى المحلية بالخارج تتزامن وتترافق مع التفكك البنيوي للمجتمع أو انفجار "مكوناته", فإننا نجد النزعة الأميركانية في بلدان عربية أخرى تأتي من مثقفين وساسة (يعانون من فقر وجفاف الجذور الاجتماعية) كانوا سابقاً ماركسيين معارضين للسلطات القائمة وتحولوا بعد سقوط السوفييت إلى الليبرالية التي يربطوها الآن بمركز خارجي تماماً كما كانوا يربطون الماركسية بالمركز الدولي الذي كان ممثلاً في الكرملين حتى عندما كان بعضهم يعارض أو يختلف مع الشيوعيين السوفييت, فيما نجد سجناء سياسيين سابقين عديدين قد خرجوا وهم يحملون نزعة ثأرية أصبحت مغلِفة للخطاب السياسي المعارض عندهم, الشيء الذي يتمازج عضوياً مع نزعة لا تلوي على شيء ولا يحكمها الوسواس حيال أي وسائل يمكن أن تؤدي إلى إسقاط أو تغيير الأنظمة, فيما يلاحظ على هذا الصعيد بأن (الأميركانية) توجد أيضاً عند ماركسيين سابقين خرجوا من أحزاب موالية للسلطة كانت ترسم سياساتها مابين (المركز الدولي) و(السلطة) أومن خلال تلاقيهما, ونجد هذه النزعة كذلك عند أناس انضموا مؤخراً إلى المعارضة (في ربع الساعة الأخيرة و بعد أن خفَت وتيرة القمع وأيضاً بعد أن "لاحت" أجواء التغيير) ليس وارداً في اعتباراتهم, كما عند المعارض في زمن انفلات القمع الديكتاتوري, أن السياسة هي فعل تراكمي بطيء وأن الفرق الزمني طويل فيها بين الزرع والحصاد.
لا توجد في التاريخ الغربي الحديث نزعات التحاقية بالأجنبي, باستثناء ما وجد عند آل بوربون والأرستقراطية الفرنسية بعد هزيمتهم أمام قوى الثورة الفرنسية حتى عودتهم للسلطة عبر حراب الأجنبي بعد هزيمة نابليون في عام 1815
يطرح وجود (النزعة الأميركانية), وبهذه القوة في العالم العربي, الأزمة العميقة التي يعانيها العمل السياسي العربي, ليس فقط عند السلطات وإنما أيضاً عند المعارضات, إلا أنها لا تقتصر هنا على الأشكال والواجهات والعناوين والرموز, وإنما تمتد, وهذا هو الأخطر, إلى الذهنيات وطرق التفكير المسيطرة على العمل السياسي؟! ثم، وبغض النظر عن المثال العراقي ومدى "جاذبيته "لبلدان عربية أخرى, هل يجوز لأحد, سواء كان يملك تفويضاً شعبياً أولا, أن يكون ستارة محلية للتدخل الخارجي, وأن يؤمَر ويسلم البلد للأجنبي ليضعه في مسارات لن يحددها (المحلي) بل (الخارجي), و لا يملك هو, و لا الجيل الحالي و لا الأجيال اللاحقة, وقفها أو تعطيلها بحكم التوازنات القائمة والمنظورة؟... أيضاً، هل صحيح بناء السياسة المعارضة, كما حصل عند الكثير من المعارضين السوريين بعد سقوط بغداد, على سياسة انتظارية مراهنة على أن ما حصل في بلاد الرافدين سيحصل في عاصمة الأمويين و لو عبر سيناريوهات غير عسكرية, إلى درجة وصلت فيها الأمور إلى حدود أن تأتي البيانات والتحركات والإعلانات متزامنة ومترافقة ومتوافقة مع ما كان يفعله ”ميليس“ أو مع ما كان يطرحه جون بولتون من مسودة لمشروع قرار في مجلس الأمن؟... وإذا كان ذلك صحيحاً , مع أن كل الوقائع تقول العكس، هل يجوز أن تكون المعارضة العراقية السابقة هي المنارة للمعارضات العربية, بعد أن ساهمت بإدخال بلدها, عبر تشكيلها غطاءً محلياً للغزو والاحتلال, في نفق 9نيسان2003 الذي لن يقل عن ذلك الذي دخلته فلسطين يوم 15أيار1948؟...


تنويه:
ناقشت القيادة المركزية لتجمع اليسار الماركسي (تيم) في اجتماعها الأخير، مبادرة الرفيق سلامة كيله لنشر نصّ استقالته من التجمّع عبر الانترنت.
وكانت قد ناقشت الرفيق في قراره وحيثياته في اجتماعات سابقة وأبلغته بعدم قبولها له واعتباره قراراً خاطئاً.
وحاولت مطولاً إقناع الرفيق بالتراجع عنه ومتابعة نشاطه في إطار التجمع. وبعد نشر الرفيق للنصّ الذي وجّهه لقيادة /تيم/ في وسائل الإعلام يهم القيادة المركزية لتيم أن توضح ما يلي:
1-إنّ القضايا التي يثيرها الرفيق في كتاب استقالته هي قضايا حوار وتفاعل، واتّفاق وخلاف ديمقراطي في إطار تيم. وطالما أن نواظم عمل تيم لا تقيد حقّ أعضائها في نشر آرائهم الخلافية وقناعاتهم الخاصة في مختلف القضايا، فإنّ القيام بذلك مع متابعة التفاعل المباشر ضمن أطر تيم بشأن هذه القضايا وغيرها، هو كما نعتقد الموقف الأصوب والأكثر فعّالية، لاسيما أنّ تيم يشكّل فيما يبدو لنا الإطار الأنسب للتفاعل حول القضايا المثارة، ضمن الخريطة السياسية السورية الراهنة.
2-لقد استخدم الرفيق حقّه بالانسحاب من التجمع، وهذا حقّ محفوظ له بطبيعة الحال، ولكل مناضل يجد نفسه على خلاف مع التجمّع حول قضايا يعتبرها جوهرية ويعتقد أنها غير قابلة للحل ضمن الإطار نفسه. لكن قيادة تيم ترى أن الرفيق قد استخدم هذا الحقّ بصورة تعسّفية ومتعجّلة، فالقضايا التي طرحها لا تقود إلى النتيجة التي وصل اليها، لاسيما في ظلّ ما ذكرناه أعلاه.
3-إنّ قيادة (تيم) تثمّن مساهمة الرفيق سلامة كيله في بلورة الوثيقة التأسيسية للتجمّع، والجهود التي بذلها في هذا السياق. وتؤكّد حرصها على استمرار العلاقة الرفاقية واستمرار التواصل معه، وترحّب بمساهمته دائماً في إغناء طروحات تجمّع اليسار، ونقدها وتصويبها حيثما يبدو له ذلك مفيداً وضرورياً. كما ترحّب بكل ما من شأنه تعزيز هذا التجمّع و إغناء التفاعل و النشاط والفكر الماركسي في شتّى الحقول، نظريّاً وسياسياً وبرنامجياً وتنظيمياً، لما فيه مصلحة شعبنا وطبقته العاملة وقضايا كفاحها العادلة.
القيادة المركزية لتجمع اليسار الماركسي في سوريا /تيم/


استقالة من تجمع اليسار الماركسي في سورية
سلامة كيله
قدمت استقالتي من التجمع بعد تأمل وتدقيق. حيث كان واضحاً لي منذ البدء أن مشكلة تعترض الحوار من أجل تأسيس التجمع، لأن تنافراً يلفّ المشاركين، وتبايناً في التوجهات يصل إلى حد التفارق أحياناً يقوم بيني وبينهم على الأقل. وتتمظهر هذه التوجهات في عدم الاختلاف مع الجو السائد في المعارضة من حيث التعامل مع السياسة أولاً، وبالتركيز على الديمقراطية كأساس (أو كأولوية) دون تحديد تصور شامل للوضع، ودون تحديد طريق الوصول إليها، هل هو الضغط والتفاعل مع السلطة، أو ضدها؟ وكذلك تجاهل الأساس الذي يقوم عليه أي عمل ماركسي، أي الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء (والطبقات الشعبية عموماً). وبالتالي الانحصار في "الدائرة المغلقة" التي تدور فيها الأحزاب السياسية. أي النشاط فيما يمكن أن يسمى "السطح السياسي"؛ في دائرة سياسية مغلقة، ربما كان القمع هو أساس نشوئها، إلا أنه لم يجر العمل على كسرها، وبالتالي ظلت تحكم العمل وكأن السياسة هي انحصار في المستوى السياسي بعيداً عن الطبقات. ولاشك في أن لهذه المسائل أساساً في الوعي الذي يحكم الأحزاب التي تقول أنها تتبنى الماركسية.
رغم ذلك وافقت على الوثيقة التي تبلورت بعد حوار طويل وصعب، والتي اعتبرت أنها تشكل حداً أدنى يمكن أن يشكل نقطة انطلاق وتجاوز، ويفتح الأفق لتفاعل فئات جديدة، يسمح بتأسيس عمل ماركسي مختلف. لكن التجربة الماضية أوصلتني إلى نتيجة هي أن العمل لا زال يدور في الحلقة المفرغة، وأن أوهاماً تتحكم في العديد من الرفاق حول العديد من المسائل، منها الموقف من السلطة، والموقف من الأحزاب الشيوعية المشاركة في الجبهة التي على هامشها. وأن الخط الأساسي الذي يجب أن يتبع، وهو التواصل مع الطبقات الشعبية، لازال خارج الاهتمام. ولقد بدا لي الوضع أسوأ حينما أصبحت المسائل لا تخضع لما هو متوافق عليه في الوثيقة السياسية. وبالتالي يمكن أن أبلور نقدي الذي بنيت عليه استقالتي بالتالي:
1) نحن تحالف، والتحالف يقوم على التوافق. ورغم أننا نسعى لتأسيس حزب موحد كما تحدد في الوثيقة، فإن تجاوز التوافق يرتبط بالتوافق على ذلك، حينما نرى أن علاقاتنا قد تطورت بما يسمح بذلك. أما قبل ذلك فالتوافق هو الأساس. ولاشك في أن الميل الذي بات يحكم العمل هو التعامل الانتقائي مع هذه المسألة، والميل لفرض سياسات بعيداً عن التوافق: إما مباشرة أو مداورة. رغم أن نص الوثيقة واضح في هذا المجال حيث التوافق هو الأساس، أما غير ذلك فيحتاج إلى توافق. ولقد كان التوافق بالنسبة لي هو الحامي من إتباع سياسات أرفضها، وبالتالي أن يبقى العمل ضمن الحدود المتوافق عليها. ولهذا كان تجاهل هذه المسألة يشعرني بأن السياسات التي سوف تتبع (والتي بدأت تتبع) ستكون مخالفة لقناعاتي
من حقكم أن تقرروا تجاوز التوافق، لكنني لا أرى أن الوضع يتطلب ذلك، طبعاً لأنني أرى الاختلافات، وبالتالي أخاف من ممارسة سياسات أرفضها.
2) ورغم اتفاقنا على أننا قوة معارضة، إلا أن ما ظهر في الفترة الماضية، سواء في الحوارات أو عبر البلاغات، أن هناك ميلاً لعدم إظهار التعارض مع السلطة، إذا لم يكن ميل للقول أنه يمكن فتح حوار معها. ولقد ضُمّنت الوثيقة فقرة تؤسس لذلك، ورغم محاولتنا سدها إلا أن هناك من يميل إلى التعمية، ويسعى لتوسيع الخرق.
لا أشكك في مواقف أحد، ولا أبني على التشكيك أصلاً، بل أنطلق من أن هناك من يمارس تكتيكاً خاطئاً وضاراً، أتحدث عن تكتيك خاطئ نابع عن مشكلات فكرية عميقة. حيث تحت ذريعة "عدم التسرع" في الصراع (وأنا مع عدم التسرع كذلك)، لا يعود هناك صراع، وتصبح المهادنة هي الأساس، ويحوّل التركيز عن الطبقي والتناقضات التي تحكمه إلى التركيز على الديمقراطية أو مواجهة المشروع الإمبريالي كونها يجب أن تحظى بأولوية. أو يعتقد بأنه يجب التركيز على الديمقراطية من أجل الضغط على السلطة لكي تحقق بعض الخطوات في هذا المجال. وبالتالي تصبح كل المسألة هي الضغط السياسي من أجل الحريات كونها الأولوية "التي تفتح المجال للنشاط من أجل الأهداف الأخرى" كما هو رائج في "إعلان دمشق" (أي لدى التيار الليبرالي). وليبدو أن الخلاف مع الإعلان هو، ليس في فهم السياسة وما هو طبقي، بل في الموقف من المشروع الإمبريالي: هل نتجاهله أو نتقاطع معه، أم نرفضه ونعلن موقفنا فيه؟ وبالتالي تكون المسألة هي المطالبة الخجولة والمناشدة الرقيقة، وليس خوض الصراع الطبقي. ومن ثم انتظار من يحقق هذه المطالب، الديمقراطية بالأساس.
طبعاً يمكن لنا أن نلعب دوراً ما في هذا الإطار، لكنه ليس الدور الذي يؤسس لعمل ماركسي حقيقي، ولحزب يخوض الصراع الطبقي. الديمقراطية هدف للماركسيين، ويجب أن يعملوا من أجل تأسيس نظام ديمقراطي، لكن أولويتهم وهم مشتتون ويعيشون على هامش الصراع الطبقي، بعيداً عن الطبقات التي يسعون لأن يمثلوها، وفي وضع تختلط فيه الرؤية، وتتشوش الأفكار، ويجري لفظ كل الأفكار "القديمة" لأنه ثبت فشلها كما يقال، أولويتهم أن يؤسسوا الرؤية، ويترابطوا مع الطبقات الشعبية. أن يطرحوا مشكلات هذه الطبقات أولاً، دون أن يعني ذلك تجاهل طرح الأهداف الأخرى، التي هي ضرورية كذلك، والتي هم معنيون بتأسيس الربط بينها وبين مطالب الطبقات الشعبية. بمعنى أنه يجب أن يتم التركيز على مجمل الأهداف معاً دون أولوية بالمعنى الضيق، الذي يفضي إلى الوحدانية.
الأولويات الأساسية هي من أجل بلورة رؤية، ومن أجل التواصل مع الطبقات الشعبية بعد معرفة ظروفها وطرح مطالبها. هذه أساس، أساس كل العمل. أما في النشاط السياسي فإن الأولوية لتأسيس تحالف استراتيجي يقوم على مطالب الطبقات الشعبية وتأسيس نظام ديمقراطي علماني ومواجهة المشروع الإمبريالي. حيث أن توضّع القوى في المعارضة يشير إلى اختلاف في كل هذه القضايا، حتى في مسألة الديمقراطية، لأن ما يطرحه التيار "الليبرالي" هو "ديمقراطية توافقية" وليس ديمقراطية حقيقية تبدأ من مبدأ المواطنة وتقر فصل الدين عن الدولة لتشمل كل الحريات الأخرى. رغم أنه يمكن أن يوجد شكل من التنسيق مع هذا التيار في قضايا الحريات دون الوصول إلى التحالف، نتيجة كل سياساته التي بات يعلنها.
وهنا لازالت بعض الأحزاب المشاركة في التجمع مشاركة أيضاً في "إعلان دمشق". وهذا تناقض مع وجودها في التجمع. وإذا كانت سابقاً تبرر وجودها بأنها تسعى لتغيير سياسات الإعلان، فقد توضح استحالة ذلك، على العكس يسير الإعلان في اتجاه خطر. وهنا يُظهر تحديد الديمقراطية كأولوية كم هو خطر في الممارسة، وكم يقود إلى مزالق وأوهام، وسوء تقدير للوضع.
والمؤسف هنا أن الرفاق الذين يعملون لأن يكون نشاط التجمع منحصراً في الديمقراطية كمطلب، ويرفضون تجذير المعارضة ضد السلطة، هم الذين يتمسكون في الاستمرار في "إعلان دمشق" الذي يسعى "للتغيير الديمقراطي" كما تحدد وثيقته. وهذا يوضح مدى التشوش الذي يحكمنا، هل نريد التغيير الوطني الديمقراطي، أم نريد الضغط من أجل الحصول على الديمقراطية فقط؟ أنا مع التغيير، وأرى أن الحديث عن تغيير الشكل السياسي للسلطة غير كافٍ، وليس صحيحاً. علينا أن نطرح مشروع طبقة، أي أن نطرح مشروع سلطة بديلة طبقياً وسياسياً، يتضمن الرؤية حول وضع العالم والرأسمالية والمشروع الإمبريالي. ولهذا يجب أن ننطلق من مصالح العمال والفلاحين الفقراء. أن نراهم أولاً، حيث أننا ننظر إلى الأعلى وليس إلى طبقتنا، نتعربش بالأعلى، ونتجاهل كل الظروف التي يعيشونها. وربما أقول نتجاهلهم بالأساس، لينحصر نشاطنا في إطار الحيز السياسي فقط، ككل نشاط سياسي برجوازي.
ربما يقول البعض هذا كلام قديم. نعم، لكنه صحيح وهو أوضح من كل التشوش الذي يحكم كل الذين يقولون أنهم قد جددوا، أو يسعون إلى التجديد. لأن التجديد يساوي كما أرى التشويش وليس شيئاً آخر. حيث ليس من الممكن أن تتأسس ماركسية لا رابط يجمعها مع الطبقة التي تبلورت هي كوعي لها. وبالتالي أن تشكل الوعي المعبر عن هذه الطبقة في نضالها من أجل التحرر والانعتاق. إن مهمة الماركسية هي تطوير الصراع الطبقي، تطوير صراع الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء ضد الرأسمالية الجديدة والقديمة، ومن أجل نظام وطني ديمقراطي علماني يحقق مصالح هذه الطبقة، والطبقات الشعبية عموماً. وانطلاقاً من ذلك يمكن تحديد طبيعة الصراع، والتحكم في حدته، وفق الإمكانات الواقعية. وبهذا فنحن الآن معنيون في تطوير نضالات الطبقات الشعبية التي باتت تعاني من فقر شديد، وأخذت في التململ. فهذا أساس في تطوير قدراتنا، ومراكمة النشاط بما يسمح بتطوير الصراع الطبقي.
3) وفي إطار هذا التشويش ظهر ميل قوي لـ "فتح الأبواب" للأحزاب الشيوعية المشاركة في الجبهة (في السلطة)، تحت شعار وحدة الشيوعيين. هل يكفي الاسم؟ هل الاسم هو الذي يحدد؟ قال ماركس مرة ما معناه أنه ليس مهماً ما يقوله الفرد عن ذاته، المهم ما هو في الواقع. ما هم في الواقع؟ أليسوا جزءاً من السلطة ومسؤولين عن سياساتها طيلة العقود الماضية؟ هل تخلوا عن سياساتهم؟
هنا يجري الانطلاق مما هو شكلي، أي من الاسم دون المضمون. كما يجري تجاهل كل التجربة ومشكلاتها، وأسباب فشلها، ولماذا أصبح الشيوعيون جزءاً من سلطة فئة كانت برجوازية صغيرة وأصبحت سلطة "رأسماليين جدد"؟ هل أعمم على كل الرفاق؟ لا، فجزء منهم هم أصدقائي، لكنني أتحدث عن سياسة الأحزاب، عن برنامجها، عما تطرح. وبالتالي فإن أي تحالف يجب أن يكون على أرضية الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء الذين هم في تناقض مع السلطة كسلطة طبقية. أي أن يجري التخلي عن كل السياسات السابقة والتحوّل إلى المعارضة. ودون ذلك ليس من وهم في التحالف وفي الوحدة. ولقد حددت هذه المسألة في الرأي الذي نشرته في العدد الأول من جريدة "طريق اليسار" المعبرة عن التجمع. حيث أشرت إلى أن الوحدة تتحقق في حضن الطبقة التي يعبر عنها الشيوعيون، وعلى ضوء برنامج مناهض لليبرالية والاستبداد، ومن أجل التطور.
لقد جهد بعض الرفاق لفرض علاقة حوار مع بعض الأحزاب، رغم أن القرار الأول الذي اتفق عليه (والذي أبلغته أنا إلى كل من قدري وحنين) هو ليس الحوار والتحالف، بل إبلاغهم أننا لسنا تكتل ضد أحد، وأنه يمكن أن ننسق في القضايا العملية المشتركة. أي في المسائل العملية التي تتعلق بقضايا مطلبية. لكن الأمور اندفعت نحو أوهام بالحوار والتحالف، وبالتالي تجاوز أو تجاهل كونها كأحزاب جزء من بنية السلطة.
وهذا، إضافة إلى أنه لا يحظى بالتوافق وخاطئ، فهو ضار من الزاوية السياسية، لأنه يوضح أننا نفتح خطوطاً على السلطة عبر هذه الأحزاب كونها جزء من السلطة. وهذا الميل كان يقود إلى التخفيف من الموقف من السلطة ذاتها، يعطي المبررات لذلك.
إننا نختلف مع هذه الأحزاب في الأساس، فهي في السلطة ونحن في المعارضة كما حددت الوثيقة. وبالتالي ليس من الممكن التحالف معها، يمكن اللقاء معها ، يمكن التنسيق في قضايا عملية هناك تقاطع حولها. لكن ليس هناك من إمكانية أكثر من ذلك، لا التحالف ولا الوحدة. وهذا ما تعرفه هذه الأحزاب وتؤسس عليه.
4) بمعنى أن عملنا كان يجب أن يتأسس على أننا نسعى للتعبير عن العمال والفلاحين الفقراء (أو على الأقل عن الطبقات الشعبية)، خصوصاً وأن الأوضاع تندفع نحو تفاقم الصراع الاجتماعي مع الزيادة الهائلة في الأسعار، وعجز قطاع واسع من الطبقات الشعبية عن التكيف، وفشله في توفير ممكنات العيش، نتيجة المستوى المتدني للأجور. ومع التوسع السريع في تعميم سياسات اقتصاد السوق، واللبرلة، بما يقود إلى تصاعد متزايد في الأسعار لمختلف السلع، وبالتالي زيادة أزمة المواطن. في هذا الوضع كان يجب أن نركز على دراسة الأوضاع جيداً، وأن نضع سياسة فعل من أجل الدفاع عن الطبقات الشعبية. وهو الأمر الذي كان مهملاً. وكان يؤشر بالنسبة لي إلى أن منطق العمل السياسي الرائج هو الذي يسود هنا كذلك، والقائم على ملاحقة الأحداث السياسية، والتركيز على الديمقراطية، والنشاط في "الحقل السياسي" الذي هو بعيد عن الناس.
كما كان يجب أن يتأسس عملنا على أننا قوة تسعى إلى التغيير، ولا نرى إمكانية لتقاطع مع السلطة لأنها سلطة نهب طبقي، وهي التي تطبق السياسات الليبرالية التي تدمج الاقتصاد السوري بالنمط الرأسمالي العالمي (الأميركي). وهي سلطة استبداد لكبح كل ميل من أجل مواجهة هذه السياسات التي تخدم فئة محدودة فقط. وكذلك هي سلطة تعمل على التفاهم مع الإمبريالية الأميركية التي تقود مشروع السيطرة على الوطن العربي والمنطقة، لنهبه وتفكيكه، من أجل ضمان استمرار سلطتها. وبالتالي علينا أن نضع برنامجاً للتغيير الوطني الديمقراطي يعبر عن الطبقات الشعبية، وليس التوهان وراء وهم أن تتنازل السلطة، أو وراء شعار الديمقراطية، المتحققة بتنازل السلطة (وهذا مستحيل) أو بفعل الخارج الإمبريالي (ونحن ضده). وفي إطار تحالف مع قوى ليبرالية، سياساتها لا تختلف عن سياسات السلطة، أو عن سياسات الطبقات الحاكمة العربية.
لا تكفي المعارضة لكي يتأسس تحالف، فالمعارضة يمكن أن تكون من اليمين أو من اليسار أو من الوسط. أي يمكن أن يكون برنامجها أكثر تخلفاً ورجعية، أو يمكن أن يكون جزئياً، أو ينطلق من الأرضية الطبقية ذاتها التي تحكم السلطة. والتحالف مع هؤلاء حساس، ويمكن أن يكون جزئياً فقط، أو يتحدد في التنسيق فحسب. والديمقراطية ليست أساساً لتحالف مبدأي ، الحريات يمكن أن تكون مجال تنسيق فقط، مع قوى ليبرالية وتسعى للتكيف مع النظام العالمي القائم. [يوجد التباس في هذه العبارة: كيف تتحالف مع قوى ليبرالية تسعى للتكيف مع النظام العالمي وتسكت عن جرائمه في العراق وفلسطين والصومال ولبنان ألخ..س] وأيضاً لا يمكن أن تطغى مسألة مواجهة المشروع الإمبريالي رغم أهمية ذلك وضرورته، لأن الصراع الواقعي هو مع الطبقة المسيطرة، ولن يكون مع المشروع الإمبريالي إلا حينما يطال سورية، أو عبر دعم قوى المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وكل منطقة معنية بمقاومة هذا المشروع. الصراع الطبقي الداخلي هو الأساس الآن، والهدف هو التغيير لتحقيق برنامج الطبقات الشعبية. وبالتالي هل نسعى لتأسيس عمل ماركسي حقيقي أم نريد العمل وفق الآليات والوعي اللذين راجا طيلة عقود؟ هل نؤسس لجديد أم نكرر السياسة ذاتها وآليات العمل نفسها؟
الوعي السائد يشير إلى استمرار الماضي.
هذه هي الأسباب التي جعلتني أقدم استقالتي من التجمع.
يمكن أن نبقى في حوار، لكن لا أجد إمكانية لاستمراري وفق الوضع القائم.
مع ودي الرفاقيّ


النضال الوطني والاجتماعي مترابطان
محمد سليمان


يتميز الوضع السوري اليوم بجملة من السمات التي يمكن تلخيصها بـ:
1- تهديدات خارجية جدية وخطيرة.
2- غياب الحريات الديمقراطية، وإطلاق القبضة الأمنية وزج السياسيين وأصحاب الرأي في السجون والمعتلات، وهشاشة في الوضع الداخلي
3- إفقار متزايد لجماهير الشعب السوري، وغلاء فاحش، وتدن في المستوى المعيشي للجماهير الشعبية وفساد مستشر.
قي مثل هذه الظروف الدقيقة هل يمكن لأية قوة سياسية أن تكون وطنية وهي تتجاهل باقي معاناة الشعب السوري؟
إن أية قوة جادة في الساحة السياسية في سوريا لا يمكنها البتة أن تتجاهل حزمة المهام التي تترتب على الوضع السائد على جميع الأصعدة المذكورة فلن تكون أية قوة سياسية وطنيةً بالمفهوم الشامل للوطنية، الديمقراطية. وهي تتجاهل سياط الجوع
التي تلسع المواطنين، وانحدار أوساط أوسع فأوسع من المواطنين تحت خط الفقر، وتتجاهل هشاشة الوضع الداخلي واحتقانه وغياب الحريات إن الوطن ليس فقط حجراً وأشجاراً وتراباً، الخ... بالرغم من حبنا اللامحدود لأحجار الوطن وأشجاره وترابه، الوطن هو بالدرجة الأولى هو الإنسان بكل مشاعره وأحاسيسه، بكل أفراحه وأتراحه، بحرياته وإبداعاته.
إن الوضع السائد اليوم يفرض خوض نضال لا هوادة فيه، من أجل التغيير السلمي الديمقراطي بإلغاء احتكار السلطة، وإطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومن أجل تحسين المستوى المعيشي للجماهير الشعبية ومحاربة الفساد والغلاء، وتوزيع أقل ظلماً للثروة . إن جملة المهام المذكورة مترابطة جدلياً، ويجب النضال من أجلها بدون هوادة .



































الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715


إن صنع العبارة الثورية غالباً ما يكون مرضاً تعاني منه الأحزاب الثورية عندما تكون ، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، تركيباً، تحالفاً مزيجاً من البروليتاريا وعناصر البورجوازية الصغيرة ، وعندما يتسم مجرى الأحداث الثورية بتعرجات عنيفة وسريعة . إننا نعني بصنع العبارة الثورية تكرار الشعارات الثورية دون النظر إلى الظروف الموضوعية. في اللحظة التي تنعطف فيها الأحداث ، وفي وضع محدد ينشأ في ذلك الوقت ، إن الشعارات جبارة ، مغرية مدوخة (مسكرة) ولكن لا أساس لها. هذه هي طبيعة الجملة الثورية.
فلاديمير إليتش لينين
الأعمال الكاملة ، المجلد 27 ص 19


القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز
صالح عباس

القومية الكردية في سوريا جزء رئيسي من النسيج الوطني في سوريا، ومن تاريخها، والكرد السوريون جزء أصيل من التكوين السوري، شاركوا في الدفاع عن الوطن السوري في كافة المراحل وقدموا التضحيات الغالية، ففي العصر الحديث ومنذ الاحتلال الفرنسي لسوريا، قرر وزير الحربية وأحد المواطنين الكرد المفعمين بالروح الوطنية الوثابة، الشهيد يوسف العظمة التصدي للغزو الفرنسي، وهو يعرف مسبقاً نتيجة هذا التصدي، ومثلما كان الشهيد يوسف العظمة الأول في الدفاع عن الوطن، كان المواطنون الكرد الأوائل في العديد من المواقف، وهكذا كان المجاهد الكردي إبراهيم هنانو أحد قادة الثورة السورية الكبرى إلى جانب كل من المجاهدين سلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي، وكان المجاهد الكردي محي الدين ابشاشو أول من أطلق الرصاص على الحملة الفرنسية في حلب، وفي غوطة دمشق كان المجاهدون الكرد محل قلق القوات الفرنسية، وفي الجزيرة، فقد انتفض الكرد في عامودا ضد القوات الفرنسية التي قامت لإخماد الانتفاضة بقصف مدينة عامودا بالطيران والمدفعية، وكذلك انتفاضة بياندور التي قتل فيها المقاتلون الكرد الكولونيل روغان قائد الحملة الفرنسية على الجزيرة. إضافة إلى أعداد المعتقلين والمنفيين وعلى سبيل المثال نفي المناضل أوصمان صبري، وهو أحد مؤسسي الحركة الكردية في سوريا، وأول أمين عام للحزب اليساري الكردي في سوريا إلى جزيرة مدغشقر، وكذلك شارك الكرد في الدفاع عن الوطن السوري في كل المعارك ضد العدو الإسرائيلي وقدموا شأن كل السوريين الكثير من الشهداء.
في مقابل كل ذلك، فقد تنكرت كافة الحكومات والأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا لكل تلك النضالات، وعاملت الكرد بقسوة وكأنهم من الدرجة الثانية، وحرمتهم من كل حقوقهم القومية والديمقراطية، كما قامت بتطبيق المشاريع الشوفينية عليهم وبخاصة مشروعي الحزام والإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الجائرين وغيرها من القوانين والتدابير الاستثنائية والسياسات التميزية ضدهم بهدف عرقلة تطورهم السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي .
إن مثل هذه السياسات ضارة قطعاً وليست في مصلحة الوطن السوري، بل أنها تضر بالوحدة الوطنية، وتصب الماء في طاحونة كل الأعداء المتربصين بسوريا.
وإزاء كل ذلك، فإن كل الوطنيين والتقدميين والديمقراطيين في البلاد، مطالبون اليوم برفع أصواتهم عالية من أجل إلغاء هذه السياسات الجائرة، وإنصاف المواطنين الكرد بهدف تعزيز الوحدة الوطنية التي تعتبر بحق حجر الزاوية في قوة سوريا وتصديها للمؤامرات التي تحاك ضدها.
إن الكرد السوريون مواطنون مفعمون بالحماس الوطني، تثبت ذلك دروس الماضي والحاضر، وهم يعتبرون قضيتهم قضية وطنية بامتياز، وأنها تحل عبر الحوار الوطني الديمقراطي الجاد والمسؤول، وهي تحل في دمشق وليس في أي مكان آخر.
إن الكرد السوريين ينطلقون في نضالهم باعتبار قضيتهم القومية جزءاً من القضية الوطنية العامة، وهم يحاولون التوفيق الدقيق بين ما هو عام وما هو خاص، العام هو الوطن السوري والخاص هو خصوصيتهم القومية، تماماً كالعلاقة بين الجزء والكل، وأن الخاص القومي الكردي هو جزء من العام الوطني السوري وإذا ما تعارض الخاص مع العام فإنهم يغلبون العام.
بالرغم من كل الدعاية المضللة التي تطلقها الجهات الشوفينية وإعلام السلطة فإن الهم القومي الكردي ليس الهم الوحيد لدى المواطنين الأكراد، إن همه الوطني عارم، وهم يربطون همهم القومي الخاص بالهم الوطني العام، وهم لا يرون أي حل لقضيتهم القومية بمعزل عن حل كافة قضايا البلاد الوطنية والاقتصادية والاجتماعية.
انطلاقاً مما تقدم فإن أبناء الشعب الكردي في سوريا يحاربون بحزم السياسات والإجراءات الشوفينية التي تمارس ضدهم من قبل النظمة والحكومات المتعاقبة ، ويحاربون بنفس الحزم كل التوجهات الانعزالية التي قد تظهر لدى بعض الكرد كردود أفعال تجاه السياسات الشوفينية.


الحكومة و الشعب و الإضرابات
منصور أتأسي

تزداد الأزمات التي يعاني منها الشعب يوميا و يزداد مع الأزمات القمع الذي توجهه الحكومة للشعب يوميا أيضا.
فقد عاد الازدحام على أبواب المخابز التي افتقدناها منذ الثمانينيات ليشكل عبئاً يوميا لكل صاحب أسرة حيث يضطر ليقف ساعة أو ساعات أمام المخبز و يستقبل عدد من الكلمات و الشتائم من رجال الشرطة الذين أصبحوا ينظمون الدور و يضبطون الأمن أمام المخابز، بالإضافة للمعارك اليومية التي تحصل بين المواطنين المنتظرين لساعات أمام المخابز و خصوصا حين قدوم أحد صغار المسئولين ليحاول تجاوز الدور ليحصل على حاجته بسرعة . إن العديد من الجرحى سقطوا في الكثير من المخابز و في غالبية المحافظات في معركة الحصول على خبزهم اليومي .
نحن نعرف أن هناك أزمة أعلاف و أن هناك العديد من مربي الماشية يحاولون الحصول على كميات من الخبز لينقذوا بها قطيعهم المهدد بالفناء بسبب شح الأمطار هذا العام و بسبب عدم تدخل الحكومة لإنقاذ القطيع عن طريق استيراد كميات كافية من الأعلاف و بيعها بسعر مقبول لمربي الماشية أو قروض طويلة الأمد للحفاظ على ماشيتهم فقد تركت الحكومة مهمة إنقاذ القطيع للتجار الذين احتكروا الأعلاف و أصبحوا يبيعونها بأسعار خيالية .
و رغم ذلك فإن الحكومة قادرة على توزيع الخبز للمواطنين و احترامهم و عدم إهانتهم إذا عادت لنظام المعتمدين في الأحياء و القرى الذي كان معمولاً به سابقا أيضا و الذي أثبت نجاحه . حيث يكلف المعتمد و هو صاحب مخزن يعرف من حوله بتسجيل أسماء المعنيين بتوزيع الخبز عليهم و يسجل دفتر العائلة و عدد أفراد الأسرة و هكذا يصبح التوزيع عادل و لا يحصل هذا الازدحام و التضارب و يتجنب المواطن تدخل الشرطة أيضا إلا أن الحكومة ارتأت أن توزيع الخبز مناصفة بين الإنسان والحيوان فاضطرت لتعميم الفرض ...و هكذا كان و مع ظهور واستغلال أزمة الخبز أعلنت الحكومة عن بدء توزيع (( بونات المازوت )) لكل أسرة و حدد الموعد الأول شهر واحد لإنهاء التوزيع ... و هكذا فقد توافد على مراكز التوزيع أرباب الأسر مع دفاتر العائلة ليحصلوا على حصتهم السنوية في بطاقات المازوت .. و أيضا بدأ التضارب بين المواطنين و حضر رجال الأمن لبعض مراكز التوزيع و استخدموا القسوة لينظموا الدور و أيضا اضطر المواطن المسكين أن ينتظر أياما أحيانا قبل الحصول على(( بوناته )).
و الواضح أن الحكومة قد قررت توزيع(( بونات المازوت )) قبل الإعلان عن غلائه كي تلهي الشعب بالحصول على مخصصاته من التموين و التهيئة نفسيا لغلاء المازوت دون أن يقوم بأي تحرك احتجاجي و سيكون سعيداً بحصوله على بوناته من المازوت و الملاحظ أن الحكومة وزعت قسائم المازوت لسنة واحدة فقط وهذا ليس غريبا على هكذا حكومة و نعتقد أن هناك سببين لهذا الشكل من التوزيع :
1ً_كي يبقى المواطن قلقا و رافضا لإدارة الحكومة فلا يوجد قانون يجبرها على التوزيع السنوي فلا تستطيع القيام بأي احتجاج خشية أن تحرمه الحكومة من نعمة القسائم .. و خصوصا و هو منهك اقتصاديا قد لا يستطيع الحصول على دفء الشتاء في حال أوقفت الحكومة توزيع القسائم
2ً_قد يكون التوزيع لمرة واحدة لامتصاص الغضب ثم تنتهي من هذه الأعباء التي تتحملها نتيجة توزيع القسائم بأسعار مدعومة فالمواطن في بلادنا لا يستحق أي دعم.
و إذا تابعنا أزمة المازوت نلاحظ أن الازدحام شديد أمام محطات توزيع المحروقات رغم أن فصل الشتاء قد انتهى و استهلاك المازوت المخصص للتدفئة قد توقف تقريبا .بعد أن تعرضت سورية لادفأ آذار في تاريخها ...و أيضا فان الحديث عن التهريب الفردي للمازوت لم يعد مقنعا لان أزمة توزيع المازوت طالت كافة المحافظات الحدودية و الداخلية ...و هكذا فإن اللامنطق هو السائد في الحكومة التي يتضرر منها المواطن بشكل يومي حيث تقف ما بين الخمسمائة ألف و المليون سيارة و آلة زراعية تعمل على الديزل ساعات للحصول على بضعة ليترات من المازوت لا تكفيها لإتمام عملها اليومي .
و صدر في هذه الفترة قانون السير الجديد و سيبدأ تطبيقه منتصف أيار و يؤكد كل المهتمين والمطلعين أن هذا القانون هو أسوأ قانون للسير في العالم .. حيث حول المخالفة إلى جنحة و الجنحة تحتاج إلى حاكم لا شرطة و بدأ يبتز المواطن صاحب الآلية و شجع شرطة السير لزيادة كتابة المخالفات بعد أن منحهم نسبة من كل مخالفة و أطلق يدهم .. لقد لاحظ الحقوقيون أن تعديلات قانون السير جائرة و متناقضة مع مفهوم المخالفة و متناقضة مع الدستور ..ووضع أكثر من مليوني سائق و صاحب آلية أمام ابتزاز و رعب دائم من أي مخالفة لابد أن يتعرض لها ..خصوصا بعد أن تدفقت ملايين السيارات إلى البلاد و بعد سماح الحكومة باستيرادها وأصبحت طرقنا وشوارعنا لا تتحمل هذا الاكتظاظ الغير مسبوق و بدلا من أن توظف جهدا استثنائيا لتامين ما يلزم من أنفاق و مراتب وجسور يسهل اختناقات المرور و المخالفات . و يخفف من حوادث المرور المؤسفة عمدت الحكومة على تحبير كل هذه المخالفات بشكل أقرب للابتزاز منه لمفهوم المخالفة و قد خمن احد الصحفيين في صحيفة البعث بعددها الصادر بتاريخ الأول من أيار 2008 قيم المخالفات المفروضة و عرض قيمها بالدولار ليخفف الرقم فقد كتب ما يلي حرفيا (( رشد القانون الجديد قيمة الغرامات المالية لتبدأ ما يعادل /5/ دولارات وصولا إلى ما يعادل /2000/ دولار أمريكي أو السجن لمدة سنة في حال التسبب في موت احد الأشخاص و ينص على فرض مبلغ /300/ دولار أمريكي (/15000/ل.س الترجمة عن كاتب المقال ) و حجز المركبة و السجن من شهر إلى ثلاثة أشهر في حال القيادة الرعناء و /200/دولار أمريكي /10000/ل.س في حال عدم تقيد السائق بإشارة المرور الضوئية و /200/ دولار إذا تجاوز السائق مركبة وهي في حال تجاوز مركبة أخرى ... و توالت أرقام المخالفات من /500/ دولار أمريكي و /200/ دولار أمريكي .....و هكذا دواليك ))
و نعتقد أن الكاتب قد حسب قيمة الدولار بــ/50/ ل.س و هكذا رفع ثمن الدولار و خفض قيمة الليرة السورية ....ولو كانت صحيفة أخرى كتبت مثل هذه الأرقام لاتهموها بإهانة العملة الوطنية و التسبب بوهن الروح الوطنية ..وهكذا.. تعتبر أن الكاتب لجأ للدولار للتخفيف من وقع الأرقام الكبيرة أي لا توجد مادة تنص على (جلده مائة جلدة) و هكذا فالقمع هناك مادي بحيث سيدفع موظف أو مهندس مكتب أو طبيب متوسط الدخل كامل دخله لقيمة مخالفة إذا ارتكبت من قبله أو تهيأ لشرطي المرور أن ما قام به يعتبر مخالفة ونحن بانتظار أرقام حوادث المرور العام القادم التي نعتقد أنها ستزداد بنسبة زيادة أعداد المركبات المختلفة فإننا نعتقد أن الحل هو إقامة مشاريع قادرة على امتصاص الاختناقات المرورية الخطيرة التي أصبحت حالة يومية في مراكز مدننا الكبرى و الانتهاء من عقلية قمع المواطن و تحميله مسؤولية فشل الحكومة في إيجاد حل لهذه المسالة.
و مع بداية الصيف بدأت تزداد فترات انقطاع المياه لتصل إلى أرقام غير مسبوقة. ففي بعض المدن الكبرى تنقطع المياه لمدة /20/ ساعة متواصلة . ونعتقد أن الأربع ساعات لن نحصل عليها في منتصف الصيف أو في السنوات القادمة . السبب ليس الجفاف الذي تتعرض له بلادنا هذا العام ورغم انه يشكل نسبة بسيطة من الأسباب الحقيقية السبب الرئيسي هو تقصيرالدولة في تامين مصادر جديدة لمياه الشرب و خصوصا في المدن الكبرى فمن واجبات أي حكومة أن تحسب زيادة عدد السكان كل /25/ سنة و تؤمن مصادر مشاريع مياه تغطي زيادة السكان وتخفف الاستياء خلال هذه الفترة. إلا أن حكومتنا لم تغط هذه الزيادة في أي مدينة كبيرة ، و السبب الآخر هو الفساد و جميعنا يعرف مصير سد زيزون الذي كان مفترضا أن يؤمن ملايين الأمتار المكعبة من المياه . وأيضا الفضيحة الأخرى التي لم يجرؤ احد على إعلانها في بناء سد زيتي في منطقة القصير الذي يفترض أن يخزن /50/ مليون م3 من المياه لصالح مياه الشرب في مدينة حمص و قسم هام من ريفها إلا أن هذا السد لم يستطع تخزين المياه بسبب التشققات الجوفية الواسعة التي سربت المياه رغم ترميم أمكنة التشققات بآلاف الأمتار المكعبة من البيتون و التي كلفت مليارات الليرات السورية وأدت إلى منع تدفق المياه الجوفية على بحيرة عين التنور التي تروي المدينة فانخفضت كميات المياه الواردة إلى حمص بدلا من أن تزداد و لا يجرؤ احد على إثارة هذا الموضوع الحيوي الذي سيؤدي استمرار الصمت عنه إلى كارثة في مياه الشرب في هذه المدينة و أيضا لم يفكر احد بجر المياه الحلوة التي تذهب للبحر و التي تقدر بـ/2/مليار م3 سنويا و التي ستؤمن مردود في حال استخدامها في الزراعة و الري و مياه الشرب؛ مردودا يوازي مردود النفط في ذروته و تؤمن الشغل لملايين العاطلين عن العمل . إلا أن اهتمامات الحكومة ليست هنا .
وبنفس النتيجة العكسية تأتي تصريحات رئيس الوزراء ممثلا حد الحكومة الذي يعلن فيها أن الحكومة بصدد تأمين زيادة مجزية للعمال و بعد كل تصريح من هذا النوع ترتفع الأسعار و تحتكر المواد بهدف بيعها بالأسعار الأعلى وبدلا من أن تأتي الزيادة يزداد دخل التجار المحتكرين الكبار و تقفز الأسعار بنسب جنونية غير منطقية و لا تأتي الزيادة المنتظرة التي ستكون هزيلة مهما كانت نسبتها.. و نحن ننصح الحكومة أن لا تطلق التصريحات غير القادرة عليها وغير المهتمة بها كما يتسع القمع ليشمل الغالبية العظمى من المواطنين .
الاستشهاد في الحصول على رغيف الخبز وعلى قسيمة المازوت وعلى كمية المازوت اللازمة للتشغيل و على الحصول على الأعلاف من أجل الحفاظ على الثروة الحيوانية التي تحميهم و تحمي الوطن . و في الحصول على مياه الشرب و في التدهور المباشر لدخولهم الناجم عن الزيادة المستمرة و اليومية للأسعار . أي في كافة مجالات حياتهم . وكما هو واضح فإن الحكومة غير قادرة على حل أي من الأزمات التي تنتهك كرامة المواطن و حياته اليومية و هذه الأزمات في ازدياد مما يؤشر على فشل الحكومة ...و لكنها تنجح في تأمين ثروات أسطورية لبعض الأسطوريين ...
و كما هو واضح فان أسلوب الكتابة و الانتقاد التي تلجأ إليها بعض الصحف لم تجد شيئا بل زادت في الاحتقان الاجتماعي وساهمت في تسهيل تنفيذ هذه السياسة المدمرة للوطن ووضعت كل الحلول بيد الحكومة حين اعتبرت أن السبب هو الفريق الاقتصادي بمعنى أن الحل بيد الحكومة مخالفة بذلك أي منطق لإدارة الدولة إذ لا يعقل في أية حكومة في العالم أن يستمر فريقها الاقتصادي بعكس توجهاتها .
الحل بيد الشعب كما أكدت الأحداث الأخيرة في مصر و اليمن و لبنان و المغرب وتونس و الأردن، الخ ...
ففي مصر أجبرت إضرابات العمال في ”المحلة الكبرى“ جميع القوى السياسية على التعامل مع مطالبها بكل احترام ، فقد أعلن حزب الأخوان المسلمين على المشاركة في الإضرابات التي دعت إليها النقابات في الثامن من أيار و دعا أنصاره للمشاركة الواسعة في هذه الإضرابات بعد أن رفض المشاركة في إضرابات المحلة الكبرى و اعتبرها لا تعنيه وليست هي الأساس في نشاطه ورفضه الشعب وتجاهله واضطره أن يعلن المشاركة في الاحتجاجات العمالية اللاحقة حتى يحافظ على ما تبقى من تأثيره، وسبق حسني مبارك الجميع وأعلن عن زيادة قيمتها 30% لعمال القطاعين العام الخاص. بعد أن اعتبر أن الاحتجاجات العمالية في المحلة الكبرى من فعل غوغاء . وأن مطالبهم في زيادة الأجور غير مبررة وغير منطقية، وستساهم في زيادة الأزمة الاقتصادية . ولكن أجهزته أبلغته أن الإضراب القادم سيكون واسعاً جداً وقد يهز أركان نظامه وشركائه من الطفيليين والقطط السمان التي طلبت منه إعلان الزيادة الأخيرة لامتصاص النقمة العارمة التي تجتاح الشعب . وهكذا انتصرت إضرابات المحلة الكبرى.
وفي دبي فقد اعتقلت الحكومة جميع المطالبين بزيادة الأجور وعددهم /600/ عامل من الآسيويين وأبعدت قسماً منهم ولكنها بعد ذلك خضعت لمطالبهم وزادت أجور العاملين وخصوصاً عمال الخدمات .
وفي لبنان أفشل معلمو لبنان كل التعبئة الطائفية والمذهبية حين شاركوا جميعاً بإضراب يطالب بزيادة رواتبهم بما ينسجم مع زيادة الأسعار وعندما دعت النقابات اللبنانية لإضراب عام ولاحظت الحكومة أن هذا الإضراب سيشمل كل مناطق لبنان وعماله بدأت حملة كبيرة لكسر الإضراب وتدخل بعض رجال الدين من مختلف الطوائف للتخفيف من أهميته أو لتجيير أسباب الغلاء ضد الخصم ولكن العمال ماضون في الدعوة لإضرابهم وأكدت احتفالات الأول من أيار في لبنان أن حجم المشاركة في تنفيذ الإضراب ستكون واسعة جداً وهكذا يحطم عمال لبنان البنى الطائفية ليصنعوا بجهودهم لبنان غير قابل للاختراق إنهم بكلمة يصنعون مستقبل لبنان الآمن .
وهكذا فإن سلاح الإضراب هو الأمضى والأكثر فاعلية في مواجهة الوضع الاقتصادي المتردي والأزمة الاقتصادية العالمية التي يحاول الطفيليون الهروب من نتائجها والتحريض على العمال مستفيدين من حالة القمع التي تصيب كل محتج . ومن حالة التراجع والتبعثر في الحالة السياسية اليسارية ...
إننا نتوجه إلى كافة القوى السياسية وجميع من تهمهم كرامة شعوبهم ووطنهم كي يتفقوا على التحرك الهادف للتخفيف من تأثيرات الأزمة الاقتصادية التي تتصاعد بسبب السياسة الاقتصادية الفاشلة للحكومة والمدمرة لحياة العمال.

الخطاب الأخير لـ
”سلفادور أليندى“

”التاريخ ملك لنا، فالشعب هو الذي صنعه“

في 11 أيلول 1973، استولت الولايات المتحدة بالقوة على بلد في أمريكا اللاتينية هو "تشيلي". استولى الجنرال "بينوشيه" على السلطة بفضل انقلاب دموي. في آخر لحظات حياته، توجه الرئيس "سالفادور أليندي" إلى الشعب الذي انتخبه, بخطاب نقله راديو "ماغايانيس". وفي ما يلي نص هذا الخطاب، آخر فصل من فصول تجربة "اليندى":
سوف أدفع حياتي دفاعا عن المبادئ العزيزة لدى هذه البلاد. سيجلل العار أولئك الذين خانوا قناعتهم، ولم يحفظوا شرف كلمتهم وتحولوا إلى عقيدة الحكم بواسطة الجيش. على الشعب أن يكون يقظا، وألا يترك نفسه عرضة للتحريض، وألا يتورط في سفك الدماء، لكن عليه أن يدافع عن مكتسباته. عليه الدفاع بوسائله الخاصة عن حقه في بناء حياة كريمة أفضل. وبخصوص أولئك الذين "تظاهروا باحترامهم" للديموقراطية كما يقولون، فقد دفعوا الأمور في اتجاه التمرد، وقادوا"تشيلي" إلى الهاوية بطريقة غير مفهومة وبأساليب مريبة. من أجل المصلحة العليا للشعب، وباسم الوطن، ادعوكم إلى الاحتفاظ بالأمل. التاريخ لا يتوقف، لا بسبب القمع، ولا بسبب الجريمة. إنها مرحلة ينبغي تجاوزها، إنها لحظة صعبة. ربما يسحقوننا، لكن المستقبل سوف يكون ملكا للشعب، ملكا للعمال. الإنسانية تتقدم نحو الحصول على حياة أفضل.
أيها المواطنون، من غير الممكن إسكات صوت المذياع، وسوف أستأذنكم. في هذه اللحظة، تمر طائرات فوقنا، وربما تقصفنا. لكن فلتعلموا أننا موجودون هنا لإظهار أن هناك أناسا في هذه البلاد يقومون بواجباتهم إلى آخر لحظة. سوف افعل أنا ذلك، مفوضا من الشعب، وبصفتي رئيسا واعيا لكرامة ما أنا مكلف به.
إنها بالتأكيد المناسبة الأخيرة التي تسنح لي للتحدث إليكم. لقد قصفت القوات المسلحة الجوية هوائيات الإذاعة. كلماتي لا تحمل المرارة، بل مشبعة بخيبة الأمل. إنها العقاب المعنوي لأولئك الذين خانوا القَسَم الذي أدلوا به. جندي "تشيلي"، القائد العام، شريك الأميرال "ميرينو" والجنرال "مندوسا"، أبدى البارحة تضامنه مع الحكومة وولاءه لها، وسمى نفسه اليوم قائدا عاما للجيوش. أمام هذه الأحداث، يمكنني أن أقول للعمال إنني لن أستسلم. في هذه المرحلة التاريخية، سأدفع حياتي ثمنا لولائي للشعب. أقول لكم إنني متأكد من أن البذرة التي عهدنا بها للشعب التشيلي لا يمكن أن تدمر بصورة نهائية. لديهم القوة، ويمكن أن يقوموا باستعبادنا، لكنهم لن يتمكنوا من تجنب التقدم الاجتماعي لا بالجريمة ولا بالقوة. التاريخ ملك لنا، فالشعب هو الذي صنعه.
يا عمال بلادي، أشكركم على الولاء الذي طالما برهنتم عليه، وعلى الثقة التي أوليتموها لرجل كان المعبر الوحيد عن الرغبة الكبيرة في العدالة، والذي يقسم على أنه احترم الدستور والقانون. في هذه اللحظة الحرجة، آخر ما سأقوله لكم هو أن الدرس سوف يبقى.
لقد خلق رأس المال الأجنبي والإمبريالية المناخ الذي كسر التقاليد: تلك التي يشير إليها "شايدر" والتي قيل إن القائد "أرايا" قد أكدها من جديد. من هناك، وبالمساعدة الأجنبية، يأمل هذا الأخير باستعادة السلطة بهدف الاستمرار في الدفاع عن ممتلكاته ومزاياه. أود التوجه إلى المرأة البسيطة في أرضنا، إلى الفلاحة التي آمنت بنا، إلى العاملة التي كدحت، وإلى الأم التي اعتنت بأطفالها على الدوام. أتوجه إلى الموظفين، إلى أولئك الذين يعملون منذ أيام ضد الانقلاب، ضد أولئك الذين لا يدافعون إلا عن ميزات مجتمع رأسمالي. أتوجه إلى الشبيبة، إلى أولئك الذين غنوا وأشاعوا مرحهم وروح النضال لديهم. أتوجه إلى التشيليين، عمالا وفلاحين ومثقفين، إلى جميع أولئك الذين سوف يلاحَقون لأن الفاشية موجودة في بلادنا منذ بعض الوقت. فالاعتداءات الإرهابية تفجر الجسور، وتقطع السكك الحديدية، وتدمر أنابيب النفط والغاز، في ظل صمت أولئك الذين كان يتوجب عليهم التدخل. سوف يحاكمهم التاريخ.
سوف يسكتون بكل تأكيد راديو "ماغايانيس" ولن تتمكنوا من سماع النبرة المعدنية لصوتي الهادئ. غير مهم، سوف تستمرون في الاستماع إلي، سوف أكون قربكم، سوف تتبقى لديكم على الأقل ذكرى رجل ذي كرامة، كان مخلصا لوطنه. على الشعب أن يدافع عن نفسه، لا أن يضحي بنفسه، ولا أن يسمح بإبادته وإهانته. أيها العمال، إنني أثق بتشيلي وبمصيرها. هناك رجال آخرون لا زال لديهم الأمل في تلك اللحظة الرمادية والمرة التي تفرض فيها الخيانة نفسها. تقدموا وأنتم تعلمون بأن طرقا كبيرة سوف تنفتح قريبا، يمر فيها الإنسان الحر لبناء مجتمع أفضل.
عاشت تشيلي، عاش الشعب، عاش العمال! هذه هي كلماتي الأخيرة، وأنا متأكد بأن التضحية لن تكون بلا جدوى وأن عقابا معنويا على الأقل سوف يحل على أولئك الذين ارتكبوا الجبن والخيانة.


سلفادور أليندى غوسينر
رئيس تشيلي من 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1970 حتى تاريخ اغتياله في 19 سبتمبر/ أيلول 1973

أول مايو؛ عيد العمال
العمال في بؤرة الضوء مرة أخرى
إميلي مان

ترجمة : أحمد زكي

كلمة أول مايو باللغة الإنجليزية لها مرادف صوتي في هذه اللغة والذي يعني الهم الدائم. (May Day means mayhem). و لكنها ليست كذلك هذا العام، فكما اخبرونا، أصبحت العبارة لا تكاد تعني الآن أي شيء على الإطلاق. "التبلد يقتل احتجاجات يوم أول مايو"، كان هذا هو صياح الـBBC العالي في نهاية شهر مارس.
في تقرير للـBBC ، قالت أن تعاونية لندن للاحتفال بأول مايو، وهي المنظمة التي برزت في قلب الاحتجاجات المعادية للرأسمالية طوال الأعوام الخمسة الماضية، قررت ألا تشرع في وضع خطط خاصة باحتفال مايو لعام 2004. المعلقون في وسائل الإعلام الذين طيروا السباب والشتائم ضد أحداث السنوات الماضية لم يضيعوا وقتا كثيرا قبل أن يحتفلوا منتشين بهذا التوقف. ولكن النعي سابق لأوانه جدا.
يمكن تتبع يوم أول مايو – المعروف أيضا بعيد العمال العالمي – إلى القرن التاسع عشر. في 1889، وكرد فعل للمظاهرات المطالبة بيوم عمل من 8 ساعات التي اندلعت في استراليا والولايات المتحدة، قرر مؤتمر دولي للعمال أن يجعل من أول مايو يوما عالميا يتحرك فيه العمال للمطالبة بشروط عمل أكثر عدالة وضمانات اجتماعية أفضل. لا يزال عمال العالم كله يضعون نفس المطالب. ومعظمهم يعتبر أن الرأسمالية هي العقبة الرئيسية أمام كلا من العدالة الاجتماعية والسلام الأممي. ومنذ 1890، أصبحت نقطة بداية مسيرة لندن المعتادة هي كليركنويل جرين، المكان ذو التاريخ الذي حتى أكثر المناهضين للرأسمالية فوضوية لابد وأنهم يميزون هويته. في القرن الرابع عشر، وات تايلر وأقسام من تمرد الفلاحين الذين ساروا إلى لندن، عسكروا في هذا المكان؛ وفي القرن التاسع عشر، كان هذا المكان موقعا للقاءات الحركة "الشارتية -Chartist "، التي أدى كثير من لقاءاتها هذه إلى صدامات عنيفة مع البوليس. مثل هذه الصدامات العنيفة غير متوقع حدوثها في أول مايو هذا العام: المشاركون متأكدون من أن مسيرتهم هذا العام لن تختطف بواسطة مناهضي العولمة الآخرين، كما تم في الأعوام القليلة السابقة.
يوجد منطق لنأمل حتى في أن البعض من هؤلاء الذين كانوا سابقا يحبطون المسيرة بشقها وجر قسم منها إلى ميدان الطرف الأغر ويهيجون صفوفها الأمامية سوف ينضمون بدلا من ذلك إلى الصفوف. وطبقا لروجر ستاوتون من لجنة لندن المنظمة لاحتفال أول مايو، فإن أعداد المشاركين قد تزايدت في الأعوام الأخيرة. لقد ساعدت خبرة الناس المكتسية من الحركة المعادية للحرب في تغيير المنظور، وأكدت تلك الخبرة على فوائد عقد التحالفات. ضم تنويعات واسعة من الناس، كما يفسر ستاوتون، هو بالضبط كل ما يعنيه يوم أول مايو.
الاختلافات بين أعضاء المسيرة التقليدية وبين هؤلاء المنخرطين في صفوف الاحتجاجات المعادية للرأسمالية في السنوات الأخيرة غالبا ما تضخمها المبالغات. فمنذ زمن طويل ضمت صفوف مسيرة أول مايو كل أنواع أنصار البيئة، والفوضويين والاشتراكيين، براياتهم الخضراء والسوداء والحمراء. ولكن ربما الأكثر أهمية من تعدد ألوانهم هو تنوع ثقافات المشتركين في المسيرة. فواحد من أكثر جوانب المسيرة إثارة للمشاعر وأغناها حميمية هو الدور المحوري الذي تلعبه الجاليات الدولية التي تقيم بشكل دائم في العاصمة. ستضم المسيرة هذا العام العديد من جماعات الأتراك والأكراد، والعراقيين، والإيرانيين، ومن بنجلاديش، والبيرو، والقبارصة، واليونانيين، والأسبان، وغيرهم. يتغير شعار المسيرة من عام إلى عام، ليعكس تقلبات السياسة الدولية. نقابيو شيلي وجنوب أفريقيا الذين كان لهم على سبيل المثال وجودا ظاهرا في مسيرات الأعوام الماضية عاد اغلبهم إلى بلادهم؛ ممثلو كولومبيا سوف يكون وجودهم هو الأكثر وضوحا هذا العام. من العسير أحيانا أن تكون نقابيا في بريطانيا. ولكن المسيرة الكولومبية في لندن تقدم تذكرة مدهشة بأن هناك أوضاع أسوأ من أن تكون مهمشا ويتجاهلك الآخرون: في بعض البلاد اليوم، يطارد النقابيون ويقتلون. على ضوء ذلك، سيكون يوم أول مايو مخصصا لما هو أكثر من المطالبة بالحقوق؛ انه دفاع عن الحق في أن تقدم هذه المطالب على الإطلاق.
الصفة الدولية للمسيرة لها مغزى على أكثر من مستوى. إنها أولا تذكر بأن بعض من العمال الواقعين فريسة للاستغلال أكثر من غيرهم في بريطانيا هم عمال من الأقليات العرقية ومجتمعات اللاجئين. ولكنه يعني أيضا أن يوم أول مايو ليس مجرد يوم عن العمال في بريطانيا: انه يوم عن الاعتراف بتورط بلادنا اللصيق في قضية الأجور وشروط العمل فيما وراء البحار – مباشرة من خلال ممارسات مثل تنويع المصادر (outsourcing) وبشكل غير مباشر من خلال الضغوط الاقتصادية من اجل بضائع ارخص وأرباح أعظم. وللبعد الدولي علاقات جديدة هذا العام، حيث يصادف عيد أول مايو دخول عشر دول جديدة للاتحاد الأوروبي – رغم أن ما يعنيه ذلك تماما بالنسبة لحقوق العمال هو أصل الصراع. كونفدرالية النقابات الأوروبية (ETUC) تدعم توسع الاتحاد الأوروبي ولكن رغم ذلك تستخدم المناسبة لتصر على أن نجاح الاتحاد الأوروبي يعتمد على أن يأخذ في اعتباره احتياجات 450 مليون مواطن.
وتبدو حقيقة أن الاتحاد الأوروبي قد فشل توا في أن يقوم بذلك، تبدو أنها قد تاهت من الكونفدرالية الأوروبية، ولكنها لم تضع بعد من ناظري الكثير من النقابيين الذين سوف يشاركون في مسيرات المدن عبر القارة. لقد كان ثمن دخول الاتحاد هو تخفيض الضمان الاجتماعي، والخصخصة المكثفة، والبطالة المتزايدة من اجل الوفاء بمعايير الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي – نتائج معيقة مفهومة جيدا من هؤلاء "المتبلدين" المعادين للرأسمالية. كثيرون سوف ينتقلون بيوم أول مايو إلى دبلن، لان ايرلندا ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي. سوف يكون الاحتجاج من أجل "أوروبا بديلة"، تصاحبه أيام للعمل تركز على الخصخصة، والعسكرة وسياسات الهجرة.
أينما كانوا، سوف يستفيد المشاركون في مسيرات أول مايو من وقوع اليوم في عطلة نهاية الأسبوع هذا العام، ولكن يبقى هناك شيئا واحدا غالبا ما يرطب الاحتفالات في بريطانيا: الطقس. لنأمل أن تزودنا الشمس بأحسن ما فينا كلنا.

نيو ستيتسمان؛ 30 ابريل 2004
نقلاً عن ز. نت العربية




#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل مجلة فكرية- سياسية – ثقافية العدد 2 : نيسان 2008
- طريق اليسار - العدد الثالث: نيسان 2008
- طريق اليسار العدد 2 : شباط 2008
- طريق اليسار جريدة سياسية - العدد الأول : أواسط كانون الأول 2 ...
- جدل - مجلة فكرية- ثقافية- سياسية : العدد الأول: أواسط كانون ...
- بيان عن أعمال اجتماع القيادة المركزية لتجمع اليسار الماركسي ...
- بيان
- الوثيقة التأسيسية
- بيان اعلان تجمع اليسار الماركسي في سوريا - تيم


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد الرابع: أيار 2008