أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - العفيف الأخضر - استئصال الفقر يساعد علي استئصال التطرف الديني














المزيد.....

استئصال الفقر يساعد علي استئصال التطرف الديني


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 708 - 2004 / 1 / 9 - 07:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"لو كان الفقر رجلاً لقتلته" عمر بن الخطاب 
 خلال مؤتمر القاهرة الثقافي في يوليو الماضي سألني صحفي عن أنجع الوسائل للتصدي للتطرف الديني أجبته: تحديد النسل وإصلاح التعليم الديني والقضاء على الفقر. شعرت وكأن إجابتي أصابته بالإحباط لأنها لم تكن من بين الإجابات التي كان يتوقعها . ومع ذلك وبعد إعادة التفكير في إجابتي وجدت أنها الإجابة الواقعية التي تدعمها التجربة التونسية غير المسبوقة في هذا المجال. فلولا تنظيم النسل لكان عدد التونسيين 25 مليون نسمة بدلاً من الـ 10 ملايين الآن،ولولا إصلاح التعليم سنة 1990 لكانت المدرسة التونسية، مثل المدرسة في معظم البلدان العربية، مفرخة لتفريخ التعصب الديني والإرهاب،ولولا الصندوق القومي للتضامن[26_26] الذي بادر إليه سنة 1993 الرئيس بن علي للقضاء على ما تحت الفقر الذي كان يكابده في بداية التسعينات 13 % من التونسيين أي حوالي مليون نسمة . وفي بداية 2001 انخفضت نسبة   من يعيشون تحت عتبة الفقر إلى 4 % والمتوقع هو أن تصبح هذه النسبة في أفق سنة 2005 صفراً أساساً بفضل صندوق [26_26] كما يسميه المواطن التونسي.
وظيفة صندوق [26_26] هي دمج الشباب التونسي في مجتمعه.من أهم سمات المجتمع الديناميكي قدرته على دمج شبابه فيه عبر العمل المأجور. هذا الدمج هو الوحيد الذي يعطي الشباب الشعور العميق بالانتماء إلى مجتمعهم. هذا الانتماء مشروط بشعور المواطن خاصة الشباب بامتلاكه لحقوق المواطنة التي في طليعتها الحق في مستقبل أي في عمل وسكن وأسرة. في غياب هذا العقد الاجتماعي المعاصر يفقد الشباب الشعور العميق بالانتماء إلى مجتمعه بل ويغدوا ميالاً إلى أخذ الثأر منه بالانتماء إلى أكثر التنظيمات عنفاً وعدمية كالتنظيمات الإسلاموية. وقديماً قال الشاعر: أنا لا أذود الطير عن شجر / قد بلوت المر من ثمره.
الحركات الدينية المتطرفة تستغل ضعف الشعور بالانتماء لدي الشباب الأكثر فقراً وبؤساً عاطفياً وحرماناً جنسياً لاستدراجهم إلى مشروعها الانتحاري الذي يلاقي في أنفسهم هوي. وقد أكدت اليومية "الأحداث المغربية" أن جميع انتحاري الدار البيضاء جاءوا من مدن الصفيح.
استراتيجيا حركات التطرف الديني هي ملؤ فراغ الانتماء . كيف؟ بتقديمها لليائسين من المستقبل بديلاً عن الانتماء إلى أمتهم القومية التي عجزت عن دمجهم فيها الانتماء إلى "الأمة الإسلامية" وتزين لهم التضحية من أجل هذه "الأمة" التي يسمع بها الجميع ولا يراها أحد، مقدمة لهم شيك بدون رصيد على الجنة إذا نحروا وانتحروا في سبيلها.
استطاعت الحركات الدينية المتطرفة بالمساعدات النقدية والعينية التي تقدمها لمن يعيشون تحت حد الفقر وهم أكثر من نصف سكان العالم العربي، أن تكسب دعمهم. فقد حلت محل دولة الرعاية الغائبة في المجتمعات العربية كسبت الأصولية الشيعية في إيران بالزكاة التي كان يدفعها المؤمنون للملالي تعاطف سكان جنوب طهران الذين حملوها على أعناقهم إلى السلطة لكنها عندما استولت على السلطة قفزت نسبة من يعيشون تحت حد الفقر من 19 إلى 65 % وهرّب الملالي خلال سنوات الحرب الإيرانية 70 مليار دولار إلى الخارج. بدورها استطاعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ كسب انتخابات البلدية والتشريعية بفضل المساعدات الكثيفة التي قدمتها لفقراء الجزائر من مليارات البترودولار التي أغدقها بعض حكام الخليج عليها، لم يشذ الإخوان المسلمون في مصر عن هذه القاعدة فهم اليوم أكثر شعبية من جميع الأحزاب الديمقراطية مجتمعة بسبب الانفجار السكاني والإعلام والتعليم خاصة الدينيين والفقر الكاسح وفتات المساعدات التي تقدمها هذه الجماعة إلى الفقراء كبديل عن الدولة وجمعيات المجتمع المدني الإنسانية.
لولا الصندوق القومي للتضامن في تونس لاستطاعت حركة النهضة الدينية المتطرفة أن تكسب الفقراء إلى صفها لتهدم بهم المجتمع التونسي كما هدمت الخمينية المجتمع الإيراني والجبهة الإسلامية للإنقاذ المجتمع الجزائري.
فقد نجحت خطة صندوق التضامن [1993 _ 2000 ] في القضاء على "مناطق الظل" أي المساكن التي لا تليق بالكرامة البشرية والتي كانت تغطي 1950 "منطقة ظل" يعيش فيها 181 ألف عائلة معدمة. تلقت الخطة 500 مليون دينار تبرع بها المواطنون بمن فيهم أكثرهم فقراً حتى كان الواحد منهم يدفع ديناراً واحداً تعبيراً رمزياً عن تضامنه مع مشروع القضاء على الفقر.استهدفت الخطة تثبيت السكان في أراضيهم لإيقاف مد النزوح الريفي بتوفير موارد الرزق وتحسين شروط حياة السكان. أما الخطة الرباعية [2001 _2004] فهدفها هو القضاء على المساكن البدائية وتعويضها بمساكن تليق بالإنسان في بداية الألفية الثالثة وتوفير الطرقات والماء الشروب ..إلخ.
نجاعة تجربة الصندوق القومي للتضامن في تونس أهلته ليصبح نموذجاً عالمياً فقد تبنته الأمم المتحدة في شكل صندوق التضامن الدولي للقضاء جنباً إلى جنب مع الصناديق المماثلة على ظاهرة الفقر التي يكابدها أكثر من نصف ساكنة الأرض.
حبذا لو أن جميع الدول العربية تتبنى تجربة التضامن التونسية لتحارب بها الفقر وما تحت الفقر في بلدانها التي باتت فريسة سائغة للتطرف الديني الذي لا تنبيت جذوره إلا في اليأس من المستقبل.
تاريخياً مر القضاء على الفقر المدقع في أوربا بطورين متكاملين: الطور الأول تصدت له جمعيات المجتمع المدني الإنسانية باسم التضامن الأخلاقي مع الفقراء، وهكذا أنشئت جمعيات الإحسان للفقراء منذ القرن التاسع عشر إلى الحرب العالمية الثانية آخذة على عاتقها تخفيف وطأة الفقر المدقع وإعطاء الفقراء اليائسين بصيصاً من الأمل بتحسين شروط حياتهم،وبدأ الطور الثاني في الحرب على الفقر غداة الحرب العالمية الثانية عندما انتقلت هذه المهمة إلى دولة الرفاه التي أصبحت قوية اقتصادياً بما فيه الكفاية لتقدم مساعدات مقننة للفقراء وهكذا تحولت مساعدة المحتاجين من واجب أخلاقي إلى واجب قانوني أي إلى من حقوق الإنسان.
فتشبهوا بالكرام إن لم تكونوا مثلهم. 



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا خوف على حرية مسلمات فرنسا
- خمسة أحداث تاريخية واعدة؟
- العلمانية ليست ضد الدين وهي مفتاح الحداثة المعاصرة
- حديث مع العفيف الأخضر - تجديد الفكر الديني يمر بتجديد التعلي ...
- حديث مع العفيف الأخضر-الأصولية والفاشية استبطنتا المرأة كأم ...
- سقوط بغداد دون قتال و استسلام صدام دون مقاومة
- مبرر وجود الأصولية محاربة الحداثة
- دور العامل الخارجي في إدخال العرب إلى الحداثة
- التعليم الديني اللاعقلاني عائق لدخول الحداثة
- لماذا النرجسية الدينية عائق ذهني لاندماجنا في الحداثة؟
- الجابري يكتب عن العقل ولايكتب به
- المساواة في الإرث ضرورية وممكنة
- رهانات التعليم الديني التنويري ثلاثة : رد الاعتبار للآخر ولل ...
- عوائق توطين الديمقراطية في المجتمعات العربية
- العلمانية الفرنسية ليست ضد الدين
- ردا علي الشيخ عبدالقادر محمد العماري إن الحق والرجوع إليه خي ...
- لماذا النرجسية الدينية عائق ذهني لاندماجنا في الحداثة؟
- في سبيل تعليم ديني تنويري
- الإسلاميون والمثقفون: مشروع اضطهاد
- كيف تضافر جرحنا النرجسي ونرجسيتنا الدينية علي تدمير مستقبلنا ...


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - العفيف الأخضر - استئصال الفقر يساعد علي استئصال التطرف الديني