التعاون الامريكي الايراني في محاربة الحركة الوطنية الثورية رغم صراعهما للهيمنة على الشرق الاوسط

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2280 - 2008 / 5 / 13 - 11:22
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

التعاون الامريكي الايراني في محاربة الحركة الوطنية الثورية
رغم صراعهما للهيمنة على الشرق الاوسط
جاءت الحرب الداخلية اللبنانية الاخيرة بين حزب الله الممثل للنفوذ الايراني وحكومة الاكثرية الممثلة للنفوذ الامريكي في جولة من جولات تقاسم الادوار واتفاق المصالح بين القطب الاكبر الامبريالية العالمية وايران التي تحلم بالهيمنة على الشرق الاوسط من خلال التضليل باوهام عفى عليها الزمن . واذ يتنافس الطرفان في الهيمنة على المنطقة، فانهما يلتقيان في استخدام الدين في تضليل البشرية وفي محاربة الوعي الوطني والطبقي وابادة مقاومتها. فكان التعاون بينهما في الحرب على العراق وافغانستان باعتراف الجانبين تسجيلا لاعترافهما بعجز كل منهما على تحقيق هيمنته على أي من البلدين بمفرده. ومن الطبيعي ان يشتد بعد ذلك الصراع بين الطرفين على اقتسام الهيمنة فضلا عن العمل على اضعاف نفوذ كل منهما للاخر في مناطق النفوذ. وهذا ما نشاهده يوميا على الساحة العراقية متسترا في صراعات طائفية حينا وصولات ضد المليشيات احيانا، وعمليات ارهابية واسعة وتارة تعاون في القضاء على تحشدات الكادحين كما جرى في البصرة ومدينة الثورة. اما في لبنان فقد جرى اقتسام النفوذ الايراني الامريكي في خضم الصراع ضد الطموحات الاسرائيلية لاحتلال لبنان بدعم امريكي، باعتبارها منفذ الشرق الاوسط العربي على البحر الابيض المتوسط ومركزها المالي والتجاري الكبير، وفي الهيمنة عليه، مدخل للهيمنة عليها جميعا. فنشأت وتطورت حركة مقاومة وطنية للاعتداءات الاسرائلية المتكررة على لبنان ضمت طلائع جميع فئات الشعب اللبناني على اختلاف مكوناته الطبقية والسياسية و الدينية والطائفية. واستطاعت ايران من خلال التضليل الديني المتلبس بالطائفية من كسب فصيل من فصائل المقاومة الوطنية " حزب الله" وتسليحه باحدث ما تمتلكه من اسلحة في مقاومة النفوذ الاسرائيلي الامريكي في لبنان كمقدمة لحماية نفوذها في المنطقة بل وحماية نفسها من طموحات الهيمنة الامريكية التي لا تعرف الحدود. لم تجد فصائل المقاومة الوطنية اللبنانية الاخرى بدا من التعاون مع حزب الله في مواجهة العدو المشترك النفوذ الامريكي والعدوان الاسرائيلي المتكرر لا سيما وهي محرومة من أي دعم حكومي لبناني او دولة عربية ، وهو الاكثر تسليحا وتمويلا . ومن خلال وحدة جميع فصائل المقاومة حققت المقاومة انتصارات كبيرة على اسرائيل وتوجيه ضربات قاصمة لها ولاسيما في عدوانها الاخير عام 2006 وحتى على مواقع امريكية مهمة في لبنان كاغراق احد بواخرها و تفجير قاعدتها في بيروت وقتل اكثر من مائتين من جنودها. ولتوطيد الهيمنة الايرانية على المقاومة اللبنانية الوطنية شدد حزب الله على فرض افكاره الطائفية وتمسكه بالمفاهيم السلفية ووسائله الرجعية لترويض الفصائل الاخرى . وحارب الفصائل الثورية بمختلف الوسائل والاساليب التي ادت الى خروج عدة فصائل عن هيمنة حزب الله واضعف مقاومتها.
واليوم جرى افتعال الحرب بين حزب الله الممثل للهيمنة الايرانية في لبنان وحكومة الاكثرية الممثلة للهيمنة الامريكية فيه لا لتقاء مصالحهما في افشال الاضراب العام لعمال لبنان الذي اعلنه الاتحاد العام لنقابات العمال اللبناني احتجاجا على ما يعانيه عموم الشعب اللبناني من كوارث جراء الاقتتال بين الطرفين وغياب المؤسسات الدستورية وضياع حقوق الجماهير وما تعانيه من بؤس واستغلال ولاسيما الطبقة العاملة . والاستعداد اللقيام بتظاهرات جماهيرية كانت ستهز ضمير الشعب اللبناني والشعوب العربية بل والبشرية . لاسيما وقد جاء الاعلان عن الاضراب في الاول من الايار لهذا العام وقد شهد تصاعدا في وعي الطبقة العاملة على الصعيد العالمي. والتفافا لقوى البشرية حولها لمواجهة العدو المشترك الامبريالية العالمية بقيادة الامبريالية الامريكية . كما شهد في لبنان ولاول مرة بعد سنوات عديدة من الخوار والترهل استعادة الحزب الشيوعي اللبناني مواقعه في الحركة الجماهيرية والعمالية .
ونجحت الامبريالية الامريكية واسرائيل باستغلال الصراعات الحالية بين حزب الله والاكثرية وتهويلها في اشغال البشرية عما تقترفه من جرائم في العراق وعما تعانيه اسرائيل من انهيار اخلاقي وصل قمة السلطة وصراع سياسي، لقاء تمكين اخر لنفوذ ايران من خلال توسع نفوذ حزب الله، فضلا عن تحقيق الهدف المشترك وهو الغاء الاضراب وما كان له ان يؤدي الى تطوير وعي المقاومة الوطنية ووحدة الشعب اللبناني ضد الامبريالية الامريكية واسرائيل من جهة والهيمنة الايرانية من جهة اخرى . فعلى الشعب اللبناني وطلائعه الثورية الاستفادة من تجربة الحرب العالمية الثانية التي اجبر توازن القوى في حينها الاتحاد السوفيتي الى التحالف مع الاقطاب الامبريالية الاخرى في محاربة الفاشية الامر الذي ادى الى نهوض الفاشية المعاصرة مجسدة بالامبريالية الامريكية، وعدم تكرارها لاسيما وان توازن القوى في عصرنا عصر انهيار الراسمالية وتفاقم ازمات استمرارها ، الى جانب الشعوب. فعلى القوى الوطنية وفي طليعتها الحركة العمالية الثقة بقدراتها اذا ما استطاعت رفع وعي الشعب ووحدة صفوفه بعيدا عن الطائفية والاستقواء باي هيمنة امبريالية معاصرة او سلفية كالهيمنة الايرانية واداواتهما : الانظمة التابعة اوالاحزاب الطائفية، تحقيق النصر وبنا الوطن الحر والشعب السعيد والمساهمة في بناء العالم الحر والبشرية السعيدة .

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات