|
في الذكري ال 90 لثورة اكتوبر الاشتراكية
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 2300 - 2008 / 6 / 2 - 11:19
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
(ورقة قدمت لاجتماع الاحزاب الشيوعية والعمالية :منسك 3 – 5نوفمبر 2007 م ) في البداية ، نشكر الاصدقاء الأعزاء في الحزب الشيوعي – بيلوروسيا على تنظيمهم لهذا اللقاء بعنوان: الذكرى ال90 لثورة اكتوبر الاشتراكية : واقعية وحيوية افكارها ودور الشيوعيين في النضال ضد الامبريالية ومن اجل الاشتراكية . كانت ثورة اكتوبر الاشتراكية من اهم احداث القرن العشرين والتى رفعت فيها الجماهير في روسيا شعارات: الحرية – الخبز – السلام ، مثلما كانت الثورة الفرنسية من أهم احداث القرن الثامن عشر والتى رفعت فيها الجماهير في فرنسا شعارات : حقوق الانسان – الاخاء – المساواة ، وكما يقول ماركس : الثورات قاطرة التاريخ ، فقد كانت الثورة الفرنسية والثورة الروسية من اهم معالم التحول في التاريخ الانساني و الاجتماعي. نعم ، كانت ثورة اكتوبر نقطة تحول هامة في تاريخ البشرية والعالم المعاصر ، لأنها طرحت قضية تحرير الانسان من الحاجة والظلم والجهل ومن مآسي الحروب وتحرير شعوب المستعمرات من النير الاستعماري ، وشهد شعب السودان، بعد نهوض الحركة الوطنية في نهاية الحرب العالمية، تضامن الاتحاد السوفيتي معه من اجل استقلاله وسيادته الوطنية ، اضافة لتقديم المساعدات التى سوف لن ينساها شعب السودان في التنمية ، والتعليم والخدمات الصحية والتضامن مع شعب السودان ضد الانظمة الديكتاتورية والفاشية كما حدث ابان احداث يوليو 1971 . كما كانت ثورة اكتوبر الاشتراكية منارة سامقة اعطت الأمل لكل العاملين والمضطهدين في العالم بامكانية زوال استغلال الانسان للانسان ، وتحقيق مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الحقيقة بمحتواها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وتحرير الانسان من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والعنصري والجنسي والاثني ، واقامة التنمية المتوازنة بين كل شعوب العالم ، وضمان حق تقرير المصير كحق ديمقراطي انساني وكفالة حق الاقليات القومية في تنمية ثقافاتها ولغاتها الخاصة ، وضمان المساواة الفعلية بين المرأة والرجل ، باعتبار أن تطور اى مجتمع يقاس بمدى تحرر وتطور المرأة ، وتحقيق السلم الوطيد في العالم ، ،وتحقيق التعايش السلمي بين الشعوب بغض النظر عن انظمتها السياسية والاجتماعية ، وتاكيد السيادة الوطنية للشعوب وعدم التدخل في شئونها الداخلية ، وحقها في السيادة على مواردها الطبيعية . كما اكدت ثورة اكتوبر أن التشكيلة الرأسمالية ليست خالدة ، وان هناك امكانية للبديل الاشتراكي . ورغم الانتكاسة المؤقته للتجربة الاشتراكية ( والتى نتوقع أن نسمع من اهل مكة الذين هم أدرى بشعابها في هذا اللقاء ، حول التحليل الباطني لاسباب الفشل والدروس المستخلصة من ذلك ) ، الا أن القضايا التى طرحتها ثورة اكتوبر مازالت حية ، ومازالت جذوتها متقدة ، ونلحظ ذلك في النهوض الجماهيري الواسع في العالم ضد مآسي الرأسمالية المعاصرة العولمة أو المرحلة الجديدة من الامبريالية والتى تتمثل في زيادة حدة الفوراق الطبقية وشدة استغلال فائض القيمة النسبي( نتيجة الثورة العلمية التقنية) من العاملين بايديهم وادمغتهم ، وشدة التناقض بين الطابع الاجتماعي للانتاج وبين الملكية الخاصة لوسائل الانتاج بواسطة الشركات متعددة الجنسية ، وضد تدمير البيئة والامراض الفتاكة مثل : الايدز والتهديد بمخاطر الحرب النووية والجرثومية والغاء الديون الباهظة على بلدان العالم الثالث وضد سياسات التكيف الهيكلي التى ترفع فيها الدولة يدها عن تقديم خدمات التعليم والصحة ودعم السلع والخدمات الأساسية، وسحب القوات الاجنبية من العراق والحل العادل لقضية شعب فلسطين . وستظل شعارات ثورة اكتوبر واقعية وحيوية وباقية تنتظر الانجاز ، بعد استخلاص دروس فشل التجربة الاشتراكية والتى اهمها أن التحول الاشتراكي لايمكن ضمانه الا عبر الديمقراطية واسهام الجماهير النشط في تلك العملية ، وأن الطريق للاشتراكية لايسير في خط مستقيم وانما هو طريق معقد تتخلله تراجعات وهزائم ، وأن الاشتراكية هى عملية لاتحقق بضربة واحدة وانما هى عملية طويلة تتحقق فيها مطالب واحتياجات الانسان المتنوعة باستمرار، وكل خطوة نخطوها في هذا المضمار تقربنا من الاشتراكية وأن الديمقراطية هي الطريق السالك للاشتراكية ، وان هدف الاشتراكية الوضاء تتنوع طرق الوصول اليه ويعتمد على خصائص وتقاليد كل بلد ، وتظل الاشتراكية الامل في وجه هجمة الرأسمالية المعاصرة (أو العولمة أو المرحلة الجديدة من الامبريالية) على كل مكتسبات الشعوب التى حققتها في الدول الاشتراكية السابقة وفي دول الرفاه مثل : الحق في مجانية التعليم العام والخدمات الصحية والحق في السكن والضمان الاجتماعي وحقوق الامومة والطفولة والشيخوخة... الخ ، واصبحت البشرية الان امام طريقين :اما البربرية المدمرة للحضارة البشرية أو الاشتراكية. ولاشك ان التجربة الاشتراكية التى قامت في الاتحاد السوفيتي السابق سوف تشكل رصيدا تاريخيا هاما وسوف تستند اليها الحركة الشيوعية والاشتراكية العالمية بعد دراستها واستخلاص دروسها في بناء نماذج اشتراكية تستند الى ظروف وخصائص كل بلد بتنوعه السياسي والفكري ، وان التجارب العملية باخفاتها ونجاحاتها تغنى وتثري الفكر النظري . لقد تابعنا في الحزب الشيوعي السوداني لحظة بلحظة احداث انهيار التجارب الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي ، وفتحت اللجنة المركزية للحزب مناقشة عامة كانت محاورها : - دروس فشل التجربة الاشتراكية . - الماركسية ومستقبل الفكر الاشتراكي . - تجديد برنامج الحزب ودستورة والتقويم الناقد لمسيرته حتى يواكب المتغيرات المحلية والعالمية . ولقد استمرت هذه المناقشة لفترة 14 عاما جنبا الى جنب مع نضال الحزب السياسي والفكري ضد ديكتاتورية الجبهة الاسلامية التى صادرت الحقوق والحريات الديمقراطية والنقابية وشردت الالاف من اعمالهم وزجت بالمعارضين في السجون ونكلت بهم تعذيبا وقهرا ونفيا خارج البلاد، وفقد العديد حياتهم من جراء التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له مثل الشهيد الدكتور على فضل . ورغم الظروف والمحن الصعبة التى مر بها شعب السودان ، الا أنه استطاع أن يتجاوز تلك الظروف نسبيا بفضل صموده وتضامن شعوب العالم ومنظمات حقوق الانسان معه ، وننتهز هذه المناسبة لنقدم الشكر والامتنان لكل الاحزاب والمنظمات والدول التى تضامنت مع شعب السودان حتى تم تحقيق الانفراج الحالي بعد توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام والتى جاءت نتيجة للضغوط المحلية والعالمية والتى انهت حربا ضروسا استمرت حوالى 22 عاما ، فقد فيها مليون نسمة ارواحهم وتعرض حوالي 4 مليون للتشريد . رحبنا في الحزب الشيوعي السوداني بوقف الحرب والسلام ، وطرحنا مواصلة الصراع من اجل: - التحول الديمقراطي والغاء كل القوانين المقيدة للحريات . - عقد مؤتمر جامع لكل القوى السياسية والاقليمية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية حتى يتم الانتقال من الحل الثنائي الى الحل الشامل والذي يضمن استدامة السلام . - تحسين احوال الناس المعيشية والتنمية في الشمال والجنوب والتى تجعل الناس يحسون بان تغييرا حقيقيا تم في حياتهم ، وتجعل عملية السلام لارجعة فيها . - الحل القومي الشامل لقصية دارفور وتحقيق مطالب الحركات المعارضة في التقسيم العادل للثروة والسلطة ووحدة اقليم دارفور حسب حدود 1956 ، والتعويض العادل للمتضررين وعودة النازحين الى ديارهم ، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب ، وتحقيق التنمية في الاقليم وتوفير مقومات الحياة من صحة وتعليم وخدمات المياه والكهرباء والطرق .. الخ ، وحق الجميع في الاستفادة من الحواكير ونزع سلاح الجنجويد ، وضرورة اتفاق الحركات على حد ادنى من موقف تفاوضي واحد وحل شامل يتراضي عليه كل اهل دارفور ، باعتبارذلك هو الضمان لنجاح مهمة القوات الدولية . - تنفيذ اتفاقية نيفاشا للسلام حتى لاتتجدد الحرب في البلاد ، وحتى تكون وحدة البلاد هى الخيار الجاذب في النهاية . ويتابع الحزب التحضير لعقد مؤتمره الخامس بعد انجاز التلخيص الختامي للمناقشة العامة ، وانجاز مشروع التقرير السياسي العام ومشروع الدستور الجديد ، ومتابع انجاز مشروع البرنامج الجديد ، كما عقدت كل مناطق الحزب مؤتمراتها وانتخبت قياداتها الجديدة ( متبقي ولاية الخرطوم ) . ولاشك أن مؤتمرنا الخامس سوف يتناول الاوضاع العالمية والمحلية ويخرج بمؤشرات عامه حول دروس فشل التجربة الاشتراكية والماركسية كمنهج وليست عقيدة جامدة ، ويجيز البرنامج والدستور والخطوط العامة لنشاط الحزب السياسي والجماهيري في الفترة الحالية من تاريخ السودان والتى سوف يتقرر مصيره هل يظل موحدا أم يتشظي وسوف يعمل الحزب الشيوعي ما في وسعه من اجل توحيد البلاد وترسيخ الديمقراطية والسلام وتوفير احتياجات المواطن السوداني الاساسية . كما سوف نعمل على التنسيق مع كل الاحزاب الشقيقة في العالم والحركات الديمقراطية والاشتراكية العالمية المناهضة لسلبيات العولمة والمطالبة بعالم خال من الاستغلال الطبقي والقومي والجنسي والاثني ، ومن الاسلحة النووية والجرثومية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل حتى يعم السلام كل العالم ، والحروب وحماية البيئة والغاء الديون الثقيلة على بلدان العالم الثالث وتحسين احوال الكادحين المعيشية ، ودعم الدولة لخدمات التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء ،ووقف سياسات الخصخصة التى تفقر الشعوب وتكرس التفاوت الطبقي ، وحق كل شعب في الدفاع عن ثقافته في وجه هجمة العولمة(أو الرأسمالية المعاصرة) الحالية التى تهدف لتصدير نمط الانتاج الرأسمالي لكل بلدان العالم وثقافة الرأسمالية التى تهدف الى مسخ الهوية الوطنية للشعوب ومن اجل حقوق الانسان ، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترام سيادتها الوطنية على سبيل المثال سيادة شعب العراق على اراضيه وموارده الطبيعية وسحب القوات الاجنبية من أراضيه ، وأن تبنى العلاقات بين الاحزاب الشيوعية والاشتراكية والعمالية في العالم على اساس الاحترام المتبادل والندية والتكافؤ وحق كل حزب في تقرير مايرى من سياسات داخلية وخارجية .
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقاط منهجية في تناول الاشتراكية
-
حول حوار ضياء الدين بلال مع محمد ابراهيم نقد ومصادر تاريخ ال
...
-
الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني( الحلقة الاخيرة)
-
الماركسية والدين
-
المفهوم المادي للتاريخ محاولة لتوسيع مدي المفهوم
-
وداعا عالم الاثار الجليل البروفيسور اسامة عبد الرحمن النور
-
حول تجربة الاسلام السياسي في السودان الفترة:(1967- 2007)
-
تجديد الماركسية
-
بمناسبة الذكري ال36 :دروس انقلاب 19يوليو1971
-
الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني الفترة:مايو 1969- يو
...
-
موقع السلطنة الزرقاء في خريطة التطور الاجتماعي للسودان
-
ابعاد جديدة لنشأة الدولة السودانية في الاكتشاف الاثري الاخير
...
-
الماركسية وتحرير المرأة
-
كيف تناول التقرير السياسي المنهج الماركسي
-
الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني
-
من تاريخ الفكر الاشتراكي في الذكري ال 160 لصدور البيان الشيو
...
المزيد.....
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|