أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ساطع راجي - وقود رخيص جدا














المزيد.....

وقود رخيص جدا


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2280 - 2008 / 5 / 13 - 03:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بينما تتصاعد أسعار النفط بسرعة جنونية تثير التفاؤل في منطقة الشرق الاوسط بشكل جزئي بسبب ما قد يترتب على هذه الطفرة السعرية من إرتفاع في أسعار السلع التي تستورده دول المنطقة المنتجة للنفط من الدول المستوردة للنفط، ولكن في كل الاحوال زيادة أسعار النفط مهمة لكن إنخفاض قيمة الحياة البشرية هو ما يهدد منطقتنا بالفعل، حيث تتوافر دائما أعداد كبيرة من الراغبين بالتحول الى وقود في حروب وحالات إقتتال بين متصارعين سياسيين يستضلون بمختلف الشعارات.
لقد برزت خلال السنوات الاخيرة حالة هستيرية من الرغبة بالموت بمجرد توفر جهة تمنح تبريرا ما مهما كان هشا لتسويغ الاندفاع نحو الموت، وإمتدت هذه الهستيريا من أفغانستان وحتى شمال أفريقيا وأنتقلت عابرة البحر المتوسط الى الجاليات المهاجرة من هذه المناطق والمستقرة في أوربا ليشكل أولئك المهاجرون سؤالا مستعصيا على الفهم السياسي والنفسي والاجتماعي، واليوم تضاف الحالة اللبنانية لنجد شعبا متحضرا شكل معبرا للحداثة والتمدن في المنطقة وهو يوفر أعدادا كبيرة من الشبان بمختلف إنتماءاتهم ليحملوا السلاح بوجه مواطنيهم مانحين شتى القيادات السياسية وقودا لإنضاج مطامعها المتضاربة.
وقد شهد العراق أيضا حالة محمومة من الرغبة في حمل السلاح والقتل والموت في سلسلة غير مفهومة من الشغف بالعنف، كما أنخرط الشباب الخليجي المترف بالجماعات المتطرفة التي تحرض على الموت بشتى أشكاله وبمختلف شعاراته التي لا يمكن التأكد منها إلا بالموت نفسه في رهان صعب لا تصمد أمامه مختلف التحليلات والتبريرات.
هناك من المحللين من سلك الطريق السهل وتحدث عن القضايا العادلة، لكن جميع القضايا عادلة بالنسبة للمعتقدين بها وهذا لا يدفع بهم الى الموت من أجلها بالسهولة التي تشهدها منطقتنا، كما إن القوى السياسية كثيرا ما تبتكر طرقا أكثر فاعلية من الموت في الدفاع عن قضاياها بينما تسرع التنظيمات والحركات السياسية والعقائدية في منطقتنا الى دفع أعضائها الى الموت مسوغة ذلك (بالشهادة من أجل القضية) وكأن الشهادة / الموت هو الطريق المعبد نحو النصر وهذا ما ثبت بطلانه على مدى العقود المنصرمة فغمس القضية بالدم لا يسهل حلها بل ربما يعقده، والأسوأ من ذلك إن دعاة الموت لا يستحلونه لأنفسهم بل هو يصلح للآخرين فقط، ليواصل هؤلاء الدعاة بالترويج للموت.
حتى التبريرات الاقتصادية للإقبال على الموت غير كافية فغالبا ما تقاتل الشبان وماتوا لينتفع غيرهم إقتصاديا من موتهم وبالتحديد القيادات السياسية التي كانت هي نفسها سببا في التدهور الاقتصادي لعامة الناس.
لقد ظهرت خلال السنوات الماضية الكثير من قصص الانتحاريين الذين تحولوا الى مسارات الموت بسرعة جنونية لم تسمح لهم بالتفكير مرتين في جدوى ما يقومون به ولكن كان واضحا إن الذين يريدون الموت قتالا غالبا ما يرغبون بأخذ أكبر عدد ممكن ممن يعتبرونهم خصوما أو أعداء معهم لتصطبغ حالات الموت القتالي تلك بالكراهية العميقة، وليتبين إن الحقد هو ما يدفع غالبا الى حمل السلاح، إنه حقد تدميري يستهدف الذات أولا لكنه يحتاج الى المرور بالآخرين للحصول على تبرير ما.
هناك مفارقات كبيرة في هستيريا الموت المنتشرة في الشرق الاوسط، حيث تنخفض حالات الانتحار التقليدي كما يأخذ الانتحار المسيس أو القتال بصورة عامة طابعا دينيا في تأكيد على التفنن في الموت والعجز عن إنتاج دعائم الحياة بشكل مخيف، وهكذا نشهد يوميا إنخفاضا في قيمة البشر كوقود للحروب في منطقتنا وإرتفاعا في أسعار النفط حيث تتسابق الدول والشركات على مصادر الطاقة التي تدعم الحياة.
يبدو إن ثقافة هذه المنطقة لا توفر ما يكفي من مبررات الحياة ولكنها توفر منظومة كاملة من الدفع الى الموت ولهذا يزداد إحترام الانسان بعد وفاته وتذرف الدموع عليه بينما كان منسيا وهو يتألم من الجوع والبطالة والمرض والتشرد دون أن يأبه له أحد، إنها بالفعل عبقرية المكان الساخرة التي تجعل من الموت حلا لكل المشاكل.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانشقاقات والابواب المغلقة
- قبل الإنتخابات
- جولات المصالحة العراقية
- الأول من آيار 00 العمال في عالم متغير
- طرق مهملة في العراق
- جيران العراق...آمال محبطة
- السياسة الإمامية ( نظرية السيد محمد الصدر )
- الخروج من حلقة التناقض
- سياسة الكتمان
- سيادة الدولة...مبادئ ومصالح
- الحاجة الى معايير جديدة
- عوامل العنف الكامنة
- خصخصة الحرب في العراق
- تفعيل قانون الأقاليم
- كفاءة الديمقراطية في العراق
- مسارات السياسة في الإقتصاد العراقي
- شفير المواجهة
- الملامح العراقية للإتفاق القادم
- خرائط معقدة
- محنة قانون المحافظات


المزيد.....




- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
- للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م ...
- مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ساطع راجي - وقود رخيص جدا