|
الكهنوت الإسلامي..الوكالة الحصرية للشريعة الإسلامية
طارق جنيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2279 - 2008 / 5 / 12 - 11:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكثير من نجوم الدين في هذا الزمان اعطوا لأنفسهم قدسية دينية و صفات علمية غير معلومة المصدر، فأصبحوا يلاحقون المشاهد و المستمع و القاريء في شتى الوسائل الإعلامية بصفة أنهم رجال دين و علماء دين، فضلا عن أنهم "أهل الذكر". هنا يجب أن نتوقف حول هذه الألقاب و الخرافات السحرية التي يستند إليها هؤلاء للسيطرة على المتلقي حتى لا يجرؤ على مجرد التفكير فيما يدعوه لأنهم مبعوثي العناية الإلاهية و حماة الفضيلة و هم العالمين ببواطن الأمور و لديهم صكوك الغفران و الوصفة السحرية للوصول إلى الجنة.
عند التمعن في أول الألقاب و هو لقب رجل الدين، يأتي سريعا إلى ذهني سؤال هام: ما معني رجل دين؟ ما المقصود بهذا المنصب؟ هل هي وظيفة؟ هل يوجد في الإسلام شيء إسمه رجل دين؟ هل كان من أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، عمر بن عبد العزيز و غيرهم رجال دين؟ هذه وظيفة مستحدثة لإعطاء بعض المهابه لمن يتم وصفهم بأنهم رجال دين. هذه وظيفة من صنع الدولة الوهابية و الإسلام السياسي حيث الصقوا الكثير من البدع في الإسلام من أجل فرض سيطرتهم و الترويج لأنفسهم على أنهم محتكري الحقائق الإسلامية و ما دون ذلك يعد كفر و ضلال. و لكي يتم تنفيذ هذا المخطط كان يجب إختراع الكهنوت الإسلامي و تمريره من خلال من ُيطلق عليه "رجل دين" ليحلل و يحرم كيفما يشاء. الدين لا يحتاج لمثل هؤلاء الرجال، الدين دين الله و الله سبحانه و تعالى ليس في حاجة لرجال للدين، فرسالته واضحة لمن يبتغى روحانية الدين و لكن المتأسلمون الجدد يرغبون في تعقيد ما قام الله بترسيخه من مباديء عامة في القرآن الكريم. القرآن هو رسالة من الله للعباد، و هذه الرسالة فيها دعوة مباشرة من الله للتعقل و التدبر و التفكر و لم يشر إلى وجود رجال لحماية الدين بل الرسالة مفتوحة لقوم ما أنذر اباءهم من قبل فهم غافلون، فالقرآن رسالة تنويرية و لكن الجمود الفكري الوهابي هو الذي يسعى إلى القضاء على أي نور لأن أفكارهم المظلمة لا تستطيع أن تنمو سوى في المستنقعات المظلمة.
اللقب الثاني أشد خطورة على الناس من اللقب الأول، فصفة العالم تجعل الناس تثق في عقل و فكر هذا الانسان، أريد فقط أن أعلم من أي جهة علمية حصلوا هؤلاء على لقب العالم؟! ما هي الأبحاث و الدراسات التي قدموها لكي يحصلوا على لقب"عالم"؟ لقب العالم الذي يمنح لكل من تخرج من كلية للدراسات الإسلامية هو لقب مضلل، فالدراسة في هذه الكليات دراسة نظرية تقليدية و ليست بحثية، و لذا فالهدف من هذا التضليل هو فتح المجال لمثل هؤلاء العلماء المزيفين للإفتاء في كل صغيرة و كبيرة، ليصبح الكون كله مقسم الى حلال و حرام ، و أصبحوا مثل قاضي المسرحية الشهيرة للفنان المبدع عادل إمام عندما قال يا أبيض يا أسود و أن اللون الرمادي لا يعجبه، و لكن الحقيقة أننا الآن نعيش في عصر اللون الرمادي فالخطأ لم يعد خطأ في كل شيء و الصواب لم يعد صواب دائم. و لكن علماء الأمة أصبحوا ببعض الروايات و القصص الدينية قادرين على أن يفتوا في الإقتصاد و السياسة و الإجتماع و الإحصاء و الفن و الصحة و كل شيء, فأصبحنا نرى كلمة حلال على كل المنتجات حولنا، فاللحوم مكتوب عليها بالخط العريض ذبحت طبقا للشريعة الإسلامية، و المضحك أن مصدر هذه اللحوم من البرازيل! فهل ستذبح البرازيل الأبقار وفقا للشريعة الإسلامية! و اصبحنا نرى البنك الإسلامي و القروض الإسلامية و التأمين الإسلامي و الساعة الإسلامية و الموبيل الإسلامي، لكن غفل علماء الأمة عن شيء هام جدا: هل الشيبسي حلال أم حرام؟ أتوقع إنه في البداية يجب أن نتأكد من تقشير البطاطس وفقا للشريعة و بعدها نأتي لنية الشخص إذا أكل الشيبسي بنية الشبع فهو حلال أما إذا أكله كنوع من الرفاهية فهنا يقع تحت طائلة التبذير و يكون من أخوان الشياطين !
وأما اللقب الجوهري الأخير فهو أنهم أهل الذكر. أثبت المفكر الإسلامي المستنير الأستاذ جمال البنا – رغم عدم اتفاقي مع بعض أفكاره – أن اهل الذكر المذكورين في القرآن الكريم هم اليهود ، و أعلم أن هناك من سيحجر على رأي الأستاذ جمال البنا متفلسفا بأن الحكمة تأخذ من القرآن بعموم اللفظ و ليس بخصوصه، و هو أمر لا يستند إلى أي منطق، حيث أن القرآن الكريم به الكثير من الأمور التي كانت مختصة بزمن نزولها فقط و ليس لها أي مجال للتعميم في حياتنا الآن ، الأمثله على ذلك كثيرة مثل سورة المسد و سورة قريش، و غيرهم الكثير من السور التي تحمل في ثناياها أمور خاصة بزمن معين و وقت معين, و لكن المتأسلمين لن يتخلوا عن ذلك اللقب بسهولة فهو الحصانة الدينية التي تحميهم من أي مسألة أو مناقشة.
مما سبق نجد أن فكرة وجود مرجعية دينية إنسانية لا محل لها من الإعراب في ظل وجود مرجعية ربانية متجسدة في الكتب السماوية، و مهنة رجل الدين لا وجود لها فى الاسلام ، فالدين من عند الله لعباد الله و ربنا قال فإذا سألك عبادي عني فإني قريب.. و لم يقل فالقرضاوي قريب، أو عمرو خالد قريب، يوسف البدري قريب!!
#طارق_جنيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسفة الأديان
-
مشايخ خمس نجوم
المزيد.....
-
نزل تردد قناة طيور الجنة الان على النايل سات والعرب سات بجود
...
-
آية الله السيستاني يرفض الإفتاء بحل -الحشد الشعبي- في العراق
...
-
بالفيديو.. تظاهرة حاشدة أمام مقر السراي الحكومي في بيروت تطا
...
-
مغردون يعلقون على التوجهات المعادية للإسلام لمنفذ هجوم ماغدب
...
-
سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
-
بالصور.. الزاوية الرفاعية في المسجد الأقصى
-
جماعة -الإخوان المسلمون- تنعى الداعية يوسف ندا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|