أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رعد حسن - مذكرات طبيب عراقي














المزيد.....

مذكرات طبيب عراقي


رعد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 707 - 2004 / 1 / 8 - 03:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


1- جوهة و أخواتها

توقفت سيارة النقل أمام العيادة مساء و كانت تحمل بعض الأشخاص و أحدهم مسجى على أرضية السيارة من الخلف ،و يبدو للوهلة الأولى أنه مريض ، بعد قليل نوديت لأرى الحالة ، كانت امرأة تناهز الثمانين من عمرها و قد أصيبت إصابة بالغة في عضدها الأيسر ،و كانت الجروح ملفوفة بخرق بالية عليها آثار دماء غزيرة ،عرفت بعدها أن المرأة قد أصيبت بإطلاقة نارية أثناء مناوشات جرت بين عشيرتها و  القوات النظام حيث خرجت عليهم قوات الأمن الحزبية و الشرطة لإلقاء القبض على ابن أخيها الذي كان قطباً من أقطاب المعارضة ، و أثناء المناوشات احتضنت العمة الكبيرة " جوهة " ابن أخيها لتحميه من الرصاص فجاءت الرصاصة في عضدها البالي فكسرته في الحال ، نظرت للسيدة المسكينة و هي ملقاة في الخلف تعاني آلام جراحها ، و بالحال طلبت منهم إحضار ورقة شرطة كالمعتاد في مثل هذه الحالات ، لكن كيف ذلك و المعركة مع الحكومة ذاتها ، طلبت منهم الذهاب إلى المستشفى العام في المحافظة لإجراء عملية عاجلة لها فانبرى أحدهم و أفهمني أن الحال لا يساعد ماديا للذهاب على الإطلاق لأي مستشفى أو اجراء جراحة ، يا للمأساة !!

 بعد جهد جهيد و معاناة يوم كامل وافقت السلطات المحلية على علاج السيدة و أنزلوها للعيادة التي أعمل بها ، و تفحصت جروحها جيدا فوجدت أن إصابتها بالغة و لابد من أن يتم بتر الطرف تماماً من فوق المرفق  ، حيث كان عظم العضد مهشماً تماماً و لم يبق سوى بعض الأعصاب و الشرايين سالمة ، و الحمد لله أنه تمت الموافقة من قبل ذويها و إلا أتى الجرح عليها تماماً ، أجريت العملية الجراحية الرهيبة تحت ناظريها و بتخدير موضعي فقط الشكر للحروب !  حيث علمتنا أسرار الجراحة و الكسور بأكثر الطرق بدائية ،و امتعضت جوهة حين رأت ذراعها تُبتر و عندما قطعت شريانها العضدي  .. يا للهول .. تدفق الدم حتى وصل لسقف الغرفة ، فضحكت هي من المشهد ! و سألتها أن كيف كان دمها إذن حين كانت شابة؟؟  قامت هي و أخذت الذراع المقطوعة و ألقت بها على بعض النسوة الجالسات في صالة الانتظار فارتفع ذعر و عويل النسوة حين رأينّ الذراع بل و سقطت إحداهن مغشيا عليها من المفاجأة ، و راحت ذراع جوهة للأبد ...

و بعد فترة شهر من العلاج المركز أغلقت الذراع المبتورة المتبقية و شفيت جوهة تماما بعد شهرين لكنها أصبحت بذراع واحدة ..

 الطريف بالأمر أن جوهة هي واحدة من ثلاث بنات شقيقات عازبات تجاوزن الثمانين و لم يتزوجن أبدا ، إحداهن توفيت قبل الحادثة بسنوات قليلة و بقيت اثنتان منهن ، كانت  جوهة تأتي لزيارتي بين الحين و الآخر مع أولاد صغار للعائلة و كانت بصحة جيدة ،و عاشت حوالي أربع سنوات ثم انتقلت لرحمة ربها بعد أن أتمت التسعين .

أما ابن أخيها المعارض للحكومة فقد افلت إلى ايران ،و بعد العاصفة الأخيرة التي أطاحت بالحكومة البعثية عاد ، و عاد معه أولاد أخوة جوهة ،و كلهم يطالبون بثأر جوهة و بثأر من لقى حتفه على يد الأمن البعثي يوم أصيبت جوهة ، و بالطبع ليعيدوا مجد القبيلة و يرفعوا رأسها من جديد ، و ليقيموا فاتحة على أرواح من استشهدوا "لأجل الوطن" في حروب صدام الهوجاء ،أو على يد البعث الفاشي ، و ارد للناصرية اردود ارد بألف حسرة .

د رعد حسن

الناصرية - العراق



#رعد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. كلبة سناتور -توجه رسالة- أثناء جلسة استماع لمجلس الشي ...
- جبل -بايكتو- المقدس في كوريا الشمالية يُدرج ضمن قائمة اليونس ...
- وزير الدفاع السعودي يصل طهران في زيارة رسمية
- صحة غزة تعلن الحصيلة اليومية للقتلى والجرحى في القطاع
- مدفيديف: عصابة كييف ستناقش في باريس عدد التوابيت التي تستعد ...
- -المنطقة العازلة- الإسرائيلية - كيف تقوض معيشة سكان قطاع غزة ...
- -حماس- تطالب الجنايات الدولية بمحاكمة كاتس وبن غفير لـ-تجويع ...
- محكمة أوكرانية تبدأ النظر في دعوى بوروشينكو ضد زيلينسكي
- بايدن يلتقي مع طلاب جامعة هارفارد
- القوات الأوكرانية تهاجم منطقة بالقرب من محطة زابوروجيه الكهر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رعد حسن - مذكرات طبيب عراقي