|
العراق والولايات المتحدة الاميركية .. أي مستقبل ؟
ابراهيم خليل العلاف
الحوار المتمدن-العدد: 2278 - 2008 / 5 / 11 - 05:56
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
كشف تقرير مشترك لكل من وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، تم تقديمه إلى الرئيس جورج دبليو بوش في 20 كانون الأول 2003 عن (أن الولايات المتحدة ذهبت الى العراق من اجل مصالح وأهداف يجب أن تحققها). وأوصى التقرير بعدد من الإجراءات لتحقيق هذه المصالح والأهداف وأهمها وفقا لنص ذلك التقرير (أن تسهم الولايات المتحدة وبشكل مباشر في تحديد معالم النظام السياسي المستقبلي في العراق بما يضمن وجود أصدقاء للولايات المتحدة في مراكز مهمة في النظام السياسي المزمع إقامته، وعدم التسرع في سحب القوات الأميركية من المدن قبل تأمين الأوضاع السياسية وقبل انتقال هذه القوات إلى قواعد عسكرية دائمة في العراق والتعامل مع هذه القواعد العسكرية باعتبارها من أهم ضمانات النفوذ الأميركي في العراق والحيلولة دون عودة العراق إلى سابق عهده)، ومن هذه الإجراءات كذلك ربط العراق بعد قيام الحكومة الدستورية بإبرام سلسلة من الاتفاقيات تشمل الجوانب الأمنية والدفاعية وقضايا النفط وتحرير التجارة بين العراق والولايات المتحدة وتوسيع السفارة الأميركية في بغداد بحيث يصل عدد العاملين فيها إلى ما لايقل عن 3000 أميركي وفي اختصاصات أمنية واستخباراتية. وقد اتهم جورج كيري المرشح الديموقراطي الذي نافس بوش في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة بوش بانه يبعث برسائل خاطئة إلى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الذي يعتقد الآن أن الولايات المتحدة تسعى لغزوه كله، ودلل على ذلك بإقدام واشنطن على بناء (14) قاعدة دائمة في العراق وقال: (اعتقد أن جزءا مهما من النجاح في العراق هو قدرتنا على إقناع العراقيين والعالم العربي بان ليست لأميركا أية خطط طويلة ضدهم . وحسب فهمي ليس هذا هو الوضع الحالي ، فنحن نبني (14) قاعدة عسكرية هناك الآن وبعض الناس يقولون أن لها جانبا يجعلها دائمة). ومعنى هذا كله أن الولايات المتحدة تعمل على جعل العراق مرتكزاً ومحوراً للتغيير في المنطقة كلها وتنفيذ (مشروع الشرق الأوسط الكبير) وتذهب كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية هذا المذهب فتشير في مقال لها بعنوان: (تأملات في التحول المنتظر بالشرق الأوسط)، نشرته صحيفة الواشنطن بوست في عددها الصادر بتاريخ 7 آب 2005 فتقول: (أن العراق، بعد حدوث التغيير الشامل فيه، يمكن أن يصبح عنصرا أساسيا في منطقة الشرق الأوسط مثلما أصبحت ألمانيا العمود الفقري لأوروبا الموحدة الحرة). هل يتحقق هذا الذي تدعو إليه كونداليزا رايس في ضوء التطورات التي يشهدها العراق حاليا حيث التضارب بين من يرى (أن العملية السياسية وإقامة الدولة الدستورية الفيدرالية التعددية هي الحل لمشكلة العراق). وبين من يرى العكس وفيما يتعلق بالحل الأول فان العملية السياسية قائمة على قدم وساق وكما أكده رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي الأسبق بعد اجتماعه مع الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي السابق، وفي مؤتمر صحفي مشترك: (أن الوقت قد حان لتعزيز العملية السياسية وان ثمة احتمالاً لانسحاب القوات الأجنبية المعروفة الآن بـ(القوات متعددة الجنسيات). وقد أعلن جورج كايسي قائد القوات الأميركية في العراق: (أن تخفيض القوات الأميركية ممكن، إذا استمرت العملية السياسية في السير على مسارها الايجابي، وإذا استمر تطوير القوات الأمنية). ومن جانبه قال الدكتور الجعفري: (انه من الضروري ألا تتفاجأ الحكومة العراقية بانسحاب قوات الاحتلال) مشددا على ضرورة التنسيق مع الحكومة لتهيئة الظروف المناسبة. وتبقى القضية الصعبة الأخرى وهي الأسلوب الذي يمكن أن يستخدمه الأميركيون لمواجهة (العنف) في العراق. وهنا كشف مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية وهو (الجنرال جاك كين)، ان:(الولايات المتحدة لديها صورة جيدة لقيادة المجموعات المسلحة، فيما لاتمتلك معلومات واضحة عن الكوادر الوسطى والصغرى). وأوضح كين في تجمع نظمه (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) (نعرف من هم.. أن القادة المسلحين يجتمعون معا ولقد سجلنا ذلك ليس فقط في العراق وإنما في الأردن وسوريا). وتشكل ملاحظات كين إضاءة نادرة حول مدى العمليات التي تقودها الولايات المتحدة ضد الجماعات المسلحة في العراق.. وقد سبق لكين أن قدم العراق مرتين بمنصبه العسكري ومرتين كمدني، وذلك لتقييم التطورات الأمنية بطلب من الجيش الأميركي. وأوضح كين، انه ليس لديه علم بحجم الجماعات المسلحة، لكنه استدرك انه على الرغم من آلاف التحقيقات التي أجريت، والتقارير التي رفعت، فان تكوين صورة واضحة عن تركيبة الكوادر الوسطى لهذه الجماعات لم يعد ممكنا حتى الآن. وأضاف كين (إن المسلحين يعتقدون انه باستطاعتهم الحفاظ على المعدل الحالي لوتيرة العنف لنحو 10 أعوام مقبلة). السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو كيف سيتمكن العراقيون، من تكييف أنفسهم بطريقة تساعدهم في تحقيق أهدافهم المتمثلة بانسحاب القوات الأجنبية، وتحقيق الاستقلال، واستكمال إعادة بناء الدولة والمجتمع وفق معايير وطنية.. وفي حالة عجزهم أو فشلهم في الاستجابة للمتغيرات الخطيرة التي عصفت وتعصف ببلدهم فأنهم سوف يتحملون وزراً وخطيئة لايمكن أن تغفرها لهم الأجيال القادمة.. نأمل في أن يستطيع العراقيون، وهم شعب متحضر، وواع، ويمتلك إرادة صلبة، تجاوز ماهم فيه وبأقل التضحيات . المصدر: كتاب للأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف بعنوان (العراق والولايات المتحدة الأميركية: دراسات في التاريخ والسياسة والنفط والتعليم)، أصدره مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2006) والمقال اعيد نشره في جريدة الصباح (البغدادية ) صفحة افاق استراتيجية العدد 11378 ،3 ايار 2008 .
#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدكتور سهيل ادريس والمزاوجة بين الهوية والمعاصرة
-
الاستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد ومكانته العلمية
-
أكرم فاضل الصيدلي والمشهد الثقافي العربي
-
علاء الدين السجادي 1907-1984 ودوره في خدمة الادب والثقافة ال
...
-
البرلمانيون العرب وقضايا التنمية الاقتصادية والمشاركة السياس
...
-
الاستاذ الدكتور عادل محمد البكري ..سيرة رائد ومبدع عراقي
-
مير بصري 1911-2005 واسهاماته في خدمة حركة الثقافة العراقية ا
...
-
التأريخ وسيلة لتقوية فكرة المواطنة في العراق المعاصر
-
حامد علي البازي 1920-1995 وجهوده في توثيق تأريخ البصرة الحدي
...
-
اسهامات المؤلفين العراقيين المعاصرين في دراسة الصلات بين الع
...
-
تحية الى استاذي الدكتور عمر محمد الطالب
-
عبد الباسط يونس والنهضة الصحفية المعاصرة في الموصل
-
الدكتور محمد الهاشمي 1910- 1996 والتأريخ لحركة الفكر العربي
...
-
حمادي الناهي والصحافة الساخرة في العراق المعاصر
-
جماعة رواد الادب والحياة في الموصل :فصل من تأريخ العراق الثق
...
-
جماعة الصحيفة 1924-1932 فصل من تأريخ حركة الفكر والثقافة الع
...
-
بواكير العمل الصحفي في الموصل
-
اليساريون في العراق هم ليسوا الشيوعيين فقط !!
-
هل نحن بحاجة الى الاصلاح والتغيير ؟ وكيف؟
-
الدكتور محمود عبد الله الجادر وحركة التحقيق التراثي في العرا
...
المزيد.....
-
ردًا على ترامب.. المكسيك في طريقها لفرض رسوم جمركية انتقامية
...
-
رئيسة المكسيك تحذر من عواقب وخيمة للرسوم الجمركية التي فرضته
...
-
شولتس يستبعد أي تعاون مع اليمينيين المتطرفين
-
تديره شركة إماراتية.. حقل غاز شمالي العراق يتعرض لهجوم دون إ
...
-
كندا والمكسيك.. ردة فعل انتقامية
-
عودة 300 -مرتزق روماني- من الكونغو بعد مشاركتهم في دعم الجيش
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تفجير مبان ومقتل عشرات المسلحين في الض
...
-
الخارجية الأمريكية: روبيو أبلغ الرئيس البنمي بأن ترامب لا ين
...
-
سيدة تلتقي بأطفالها لأول مرة منذ 6 أشهر بعد تحرير قريتها في
...
-
مينسك لا ترى أي مؤشرات لنشوب عدوان عليها
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|