|
شركة بلاك ووتر تستمر بالعمل رغم أنف القانون العراقي
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2276 - 2008 / 5 / 9 - 11:08
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
بالرغم من انطباق المبادئ العامة لقانون العقوبات العراقي النافذ على الأفعال الإجرامية التي ارتكبتها شركة بلاك وتر الأمريكية للحماية ، وبالرغم من عدم اتخاذ أي إجراء قانوني بحق هذه الشركة والتي يسري عليها نطاق تطبيق قانون العقوبات من حيث الزمان والمكان ، بالإضافة الى أن ضحايا الأفعال الإجرامية التي ارتكبتها الشركة هم من الأبرياء المدنيين العراقيين . الا أن انتهاكات القانون العراقي والسيادة العراقية من قبل سلطة الاحتلال مستمرة استخفافا ليس في القوانين والسيادة العراقية فحسب ، إنما استخفافا بالمواطن العراقي ، إذ يجسد حماية الشركة من المسؤولية والمسائلة القانونية ، ومنع الإجراءات القانونية العراقية وفرض الحصانة على عناصر تلك الشركة ، وهو تصرف ليس له ما يبرره سوى حماية الشركة وعناصرها من تلك الإجراءات ، لأن الشركة ليست جهة دبلوماسية ، كما أنها لاتحظى بحماية القوانين العراقية . ومع أن عقد الشركة المذكورة ينتهي بنهاية شهر نيسان 2008 من هذا العام ، ومع كل تلك الإشكاليات التي حدثت في تصرفات الشركة ، وحيث أن وجود عناصر تلك الشركة والتي تزعم الولايات المتحدة الأمريكية أنها تعمل لحماية الدبلوماسيين الأجانب ، ما يثير الدهشة والتناقض مع وجود قوات مسلحة وشرطة وجهاز امن ومخابرات عراقية ، تتبع سلطة مستقلة في بلد يفترض انه يتمتع بسيادة تؤدي الى تطبيق قانوني سليم وعام ، ويفترض أن حماية المؤسسات والسفارات من مهمات الأجهزة الوطنية . إلا أن تمديد عقد الشركة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية أو الدفاع الأمريكية التي تزعم أن التمديد تم بموافقة الحكومة العراقية ، يضع العديد من الأسئلة الكبيرة بهذا الخصوص . فإذا كانت الشركة متهمة بأعمال القتل العمد والاستهتار بأرواح المواطنين العراقيين ، فأن واجب السلطة يقتضي أن يكون باتجاه محاسبة القتلة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق الشركة سواء من الناحية الجنائية أو المدنية ، وحيث يقال أن التحقيقات مازالت مستمرة منذ ارتكاب تلك الجرائم في أيلول 2007 ولغاية اليوم ولم تنته ولن تنتهي ، يستوجب الأمر أن يتم حل الأشكال القائم بين الحكومة العراقية وحكومة الاحتلال في تمكين القانون العراقي من الفاعلية والتطبيق بحق الجناة أولا ، والإفصاح عن حقيقة تمديد العقد بموافقة الطرف العراقي ، لان تمديد العقد من قبل الحكومة الأمريكية لوحدها أو بموافقة الحكومة العراقية أن صح الزعم يسجل خللا وتناقضا مع السيادة وتطبيقات القانون . وحيث أن أحكام قانون العقوبات يسري على جميع الجرائم التي ترتكب في العراق ، وتعتبر الجريمة مرتكبة في العراق أذا وقع فيه فعل من الأٌفعال المكونة لها أو أذا تحققت نتيجتها أو كان يراد أن تتحقق فيه ، ويشمل الاختصاص الإقليمي جميع أراضي الجمهورية العراقية ، وكل مكان يخضع لسيادتها . ولانعتقد بأن شركة بلاك ووتر تتمتع بالحماية الدولية التي نصت عليها المادة 11 من قانون العقوبات ، حيث لايسري القانون على الجرائم التي تقع من الأشخاص المتمتعين بالحصانة المقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية أو القانون الدولي أو القانون الداخلي . فلا الأمم المتحدة أصدرت قرارا بهذا لخصوص ، ولا مجلس الأمن قرر شمول الشركة بالحصانة ، ولا توجد اتفاقيات معلنة أو سرية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية تمنح عناصر الشركة حق ارتكاب الجرائم ، كما لايوجد منطق يضفي على تصرفات عناصر الشركة الإجرامية تلك الحماية . وعليه فأن عمل الشركة محكوم بالقانون العراقي ، مادامت تعمل على الأرض العراقية ، وبالتالي فأن هذه الشركة من الشركات الأهلية التي تعتمد عناصر مسلحة لحماية بعض الشخصيات مقابل أجور مالية ، أو أنها تتولى تأمين حماية بعض الأماكن الحساسة مقابل أجور باهظة يتقاضاها المسؤولين عن الشركة ، وغالبا ما يتم اعتماد عناصر من المسرحين من القوات المسلحة أو ذوي السوابق في الأفعال الإجرامية في بلدان متعددة ، وهذا شأن خاص بالشركة وطبيعة عملها . وحيث مددت وزارة الدفاع الأمريكية مهام شركة بلاك ووتر الأمريكية في بغداد والتي تعمل لحماية الدبلوماسيين الأجانب في العراق ، مع أنه مازالت التحقيقات مستمرة مع هذه الشركة الأمنية المتهمة بقتل 17 عراقياً في بغداد العام الماضي ، بإطلاق النار عليهم عشوائيا في شارع عام يزدحم بالمشاة والمحلات التجارية وسط العاصمة بغداد ، نتج عنه ارتكاب مجزرة بشرية أودت بحياة مجموعة من العراقيين من النساء والأطفال والرجال كبار السن ، بالإضافة إلى الجرحى ، والهلع الذي أصاب الناس في تلك اللحظة الإجرامية . وبشهادة الجميع لم يتعرض عناصر تلك الشركة إلى أية مواجهة أو عملية مسلحة ، بالإضافة الى عدم تعرضهم للرشق بالحجارة من المارة ، ولم يكن لتصرفهم الهمجي في إطلاق النار العشوائي من الرشاشات الاوتماتيكية ، سوى الاستهتار والاستخفاف والإصرار على ارتكاب الجريمة . حيث وردت الأخبار التي تفيد بأن وزارة الدفاع الأمريكية أفادت بأن شركة بلاك ووتر ستعمل في العراق بموافقة الحكومة العراقية, لمدة سنة أخرى ، يقتضي على الحكومة العراقية أن توضح حقيقة هذا الادعاء في الموافقة من عدمها . وتعمل في العراق عدة شركات أمنية أمريكية لحماية الدبلوماسيين الأجانب من الأعمال الإرهابية التي يشهدها العراق ، غير أن بعض أعمال هذه الشركات أظهرت تصرفات عشوائية واستهتار متعمد بأرواح الأبرياء ، بالإضافة الى عكس أفعال الاستهانة بكل القوانين العراقية . وإذ تثير الشركة المذكورة جدلا وخلافا بين الأوساط العراقية والأمريكية ، فأن تمديد عقد عملها على الأرض العراقية ينهي كل تلك الخلافات ، ويضع الحكومة العراقية على المحك ، في ضرورة أن يكون القانون العراقي محترما من الجميع ، مادامت الحكومة تسعى لقيام دولة القانون ، وتتمسك بسيادتها على الأرض العراقية ، ومن الناحية القانونية لا يختلف التصرف الذي قامت به الشركة المذكورة في قتل بعض المدنيين السابلة في مدينة المنصور ببغداد في العام الماضي ، لايختلف عن تصرف أية مجموعة إرهابية أو خارجة عن القانون . ولم يزل المواطن العراقي ينتظر أن تتخذ الإجراءات القانونية الجنائية منها بحق الشركة والأفراد الذين ارتكبوا تلك الجرائم وحتى لايصير الدم العراقي مهدورا وحياة الإنسان لاقيمة لها ، وحتى يمكن البدء بتباشير إرساء دولة القانون التي تحمي الجميع وتنصف الجميع ، يجب إن يكون هناك أجراء رادع لهذه الشركة ومن ارتكب من موظفيها الجريمة أينما كان وكيفما كان ، وحتى لايكون تمديد عمل الشركة ووجود القتلة تحديا لمشاعر العراقيين وكرامتهم ، وتحديا صارخا للسيادة والقانون العراقي .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استشهاد الشيخ طالب السهيل في الذاكرة 12/4/1994
-
ما يصيب القلب يضر بالجسد
-
يرحل الكبار وتبقى الجذور ثابتة مثل جذور النخيل
-
الفتنة الطائفية من يوقظها ؟ من يخمدها ؟
-
كلمة قصيرة الى خاطفي المطران بولص فرج رحو
-
رسالة الى رقيب المطبوعات في الأردن
-
الأيزيدية وطلب الآمان في دولة السويد
-
رحل عبد الأخوة التميمي بعد أن أدى الأمانة
-
الشهيدة فوزية محمد هادي (( ام سعد )) عروسة الفرات
-
هل يمكن تحديد فترة ظهور الديانة الأيزيدية بين البشر ؟
-
المرأة التي قادت الرجال زينب بنت علي ابن ابي طالب
-
أنور شاؤول الذي يحمل العراق في تلافيف روحه
-
الأيزيدية خارج الدستور أو داخله ؟
-
رسالة الى ابنة العراق ميسون البياتي
-
لعنة الأيزيدية
-
العدالة حين تغيب مع عبد الله أوجلان
-
المسؤولية القانونية في قضية الكورد الفيليين
-
ثبات مسيرة الحوار المتمدن
-
شهادة السيد أحمد الحبوبي حول الواقع السياسي في العراق
-
قراءة في شهادة جواد هاشم (( مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام
...
المزيد.....
-
لبنان يتقدم بشكوى ضد إسرائيل إلى الأمم المتحدة بسبب تشويشها
...
-
بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لـ -CNN-: اتهام طهران بمؤامرة ض
...
-
إسرائيل استهدفت 70% من مدارس الأونروا في غزة
-
منتدى الحوار الإقليمي حول حقوق الإنسان يوصي بضرورة تعزيز الو
...
-
غارة إسرائيلية استهدفت منطقة مكتظة بالنازحين في مواصي خان يو
...
-
تقرير عبري: خلافات بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية بسبب صف
...
-
شاهد.. متطوعون بولاية القضارف في خدمة النازحين من سنجة وسنار
...
-
الهند تقدم 2.5 مليون دولار للأونروا من أجل رعاية اللاجئين ال
...
-
الأمم المتحدة: نزوح 10 ملايين سوداني والجوع يهدد نصف السكان
...
-
فرنسا تستنكر لاستهداف الاحتلال مدارس النازحين في قطاع غزة
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|