|
نهاية نقابة المنشأة
سامح سعيد عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2276 - 2008 / 5 / 9 - 11:16
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تواجة الطبقة العاملة مصريا وعالميا أوضاعا تعوق تطورها وتبلورها كطبقة ذات فاعلية، إلا أن الكثيرين من المعنين بتحقيق هذا التبلور والفاعلية لا يراعوا هذه المعوقات، ولا يفكروا فى حلول لها، فقديما عندما كانت المنشآت الرأسمالية تضم مئات العمال، كان من الطبيعى أن ينمو وعى العمال وتنظيمهم وفعاليتهم، فى صراعهم مع ملاك المنشأة، بادئين من النضال النقابى بالمنشأة، ثم متحدين ومتضامنين بعد ذلك مع عمال المنشئات المجاورة أو التى تمارس نفس النشاط، ثم الدولة ثم العالم على التوالى. إلا أن الوضع الآن قد تغير، واصبحت مسألة تركز قوة العمال فى منشآت كثيفة العمالة تنتمى لعالم قديم لم يعد له وجود الآن. الوضع الحالى لكثافة العمال فى مصر هو أن منشئات القطاع العام فقط هى التى تتميز بكونها منشئات كبيرة ، تزيد فيها كثافة العمل عن خمسين عامل ، يعمل بتلك المنشئات أقل من مليون عامل، وهذا استثناء من الطابع الغالب فى منشئات القطاع الخاص من حيث كون غالبيتها الساحقة هى مؤسسات صغيرة ومتوسطة تتقلص فيها كثافة العمل، وتبلغ فى الصناعة والخدمات أكثر من 99% من المنشئات، و تتجاوز فى الزراعة 99% من الحيازات الزراعية، و توظف هذه المنشآت أكثر من 85 % من العاملين في الوظائف الخاصة خارج القطاع الزراعي، و فى نفس الوقت نلاحظ التضاؤل الحاد لمنشئات القطاع الخاص الكبيرة التى تبلغ 0.2% من المنشئات فى الصناعة والخدمات، و تقل فى الزراعة عن 1% من الحيازات الزراعية حسب احصائيات 1996 ..و توظف 15% أى حوالى نصف مليون عامل. و هذه المنشئات هى التى يسمح القانون بتشكيل لجان نقابية للعاملين بها. وعمليا فإن العاملين فى هذه المنشئات هم الذين يستطيعوا أن يمارسوا صراعهم فى مواجهة صاحب العمل لتحسين شروط عملهم، ويمكن أن يتكون لديهم وعى طبقى عفوى إنطلاقا من ممارسة الصراع الاقتصادى عبر المنشأة. المشروعات الصغيرة جدا و الصغيرة والمتوسطة التى توظف من عامل إلى 49 عامل لا تنشأ بها لجان نقابية وفقا للقانون، وإنما يسمح لعمالها بتشكيل لجان إدارية نقابية بالمنشأة تابعة للنقابة العامة أو لجان نقابية عمالية مهنية بالأحياء والمدن والأقاليم تابعة للنقابة العامة تضمهم مع زملائهم فى المهنة أو الصناعة،هذا على المستوى القانونى، أما على المستوى العملى فإن العاملين فى هذه المنشئات لا يستطيعوا أن يمارسوا صراعهم فى مواجهة صاحب العمل لتحسين شروط عملهم ، ولا يمكن أن يتكون لديهم وعى طبقى عفوى إنطلاقا من ممارسة الصراع الاقتصادى عبر المنشأة. للعديد من الاعتبارات أهمها اعتماد هذه المنشئات غالبا على العمالة المؤقتة والموسمية وبالتالى سهولة استبدالهم بعمال آخرين. و أنهم غالبا ما يكونوا قد وقعوا على استقالات مسبقة من العمل عند التحاقهم بالعمل، وفيما يتعلق بالمنشئات الصغيرة والصغيرة جدا التى يقل عدد عمالها عن عشرة عمال، والتى تبلغ 97.3% من المنشئات فى القطاع الخاص، و التى يعمل فيها ثلاث ملايين عامل بنسبة 77.3% من إجمالى العاملين بالقطاع الخاص وفق احصائيات1996 ، فإن العلاقة بين العمال و صاحب العمل غالبا ما تتسم بطابع حرفى ينتمى لما قبل الرأسمالية. ومن ثم يصعب على هؤلاء أن يتكون لديهم وعى طبقى عفوى، ولا يمكنهم الانخراط فى الصراع الاقتصادى عبر المنشأة.مما يجعلهم أقرب لوضع عمال الزراعة والمهمشون من حيث صعوبة التنظيم. العاملين بأجر ليسوا جميعا عمالا بالمعنى الدقيق للكلمة، ومن ثم فهم يشكلون أربع طبقات هى البيروقراطية وموظفوا الحكومة والمهمشين والعمال، وباستثناء البيروقراطيون فإن كل الأجراء أصحاب مصالح مؤكدة فيما يتعلق برفع الأجور وخفض الأسعار وساعات العمل وتحسين سائر شروط العمل والحياة فضلا عن التحرر من نظام العمل المأجور، وهم برغم عددهم الذى يتجاوز العشرين مليون فى مصر، فأنه غير مسموح سوى لربعهم تقريبا بتشكيل نقابات وفقا للقانون، وعمليا فهم محرمون من المنظمات التى تعبر عن مصالحهم وتنظمهم للدفاع عنها، ومن ثم عاجزون عن تحقيق مصالحهم الآنية والمستقبلية نظرا لحالة التفكك التى يعانوها و السابق توضيحها. لدينا مليون ونصف مليون عامل وخمسة ملايين موظف حكومى فقط هم الذين يمكنهم النضال عبر المنشئات، وتنظيم أنفسهم انطلاقا منها، فماذا عن العاملين بأجر فى القطاع غير الرسمى، والمنشئات المتوسطة والصغيرة فى القطاع الرسمى، وهم يبلغون أكثر من 15 مليون عامل، وإذا كانت النقابة القائمة على أساس المنشأة، صالحة لتنظيم عمالة مستقرة نسبيا فى أعمالها ومهنها وأماكنها، فهل مازالت صالحة لعمالة غير مستقرة، حيث تسود الآن ظاهرة العمل المرن ، فلا استقرار للعامل فى عمل أو مهنة أو مكان، كل هذه الظروف لابد أن تدفعنا للتفكير بشكل مختلف، ونحن نسعى لأن تنتظم الطبقة العاملة دفاعا عن مصالحها. اعتقد أن الواقع نفسه يفرز الأشكال المناسبة للنضال العمالى بعيدا عن الأشكال الشرعية والبيروقراطية، و هو ما نلاحظه فى الواقع المصرى فى أشكال تنظيمية مثل اللجنة التنسيقية للدفاع عن الحقوق والحريات النقابية، وعمال من أجل التغيير، وأطباء بلا حقوق، وحركة المدرسين، وحركة 9 مارس لأساتذة الجامعات، إلا أن الطريق مازال طويلا لكى تتطور هذه الأشكال التنظيمية لما هو أكثر تبلورا،ولكى تتحول من لجان نخبوية قليلة العدد إلى حركة جماهيرية واسعة،ربما يكون تشكيل لجان و مجالس للعمال والموظفين والمهمشين على أسس جغرافية كالأحياء أو المدن أو على أسس مهنية المهندسين أو عمال المحلات التجارية والورش، و هو شكل يتجاوز مرحلة نضال المنشأة و أشكالها التنظيمية لنضال وتنظيم أكثر تطورا، إلا أن الضرورة أصبحت تفرضهما. http://fasail.blogspot.com/
#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمال تحت نيران القمع
-
هوامش على إضراب 6 إبريل (1)
-
اللاسلطوية ليست عقيدة و لا يوتوبيا
-
إلى البروليتاريا الفلسطينية . حماقة النخب لن تأتى لكم بالعدا
...
-
القيمة فى العمل(3) ماركسيون قوميون ضد الطبقة العاملة
-
القيمة فى العمل(2) يحرمون القمار و يحللون المضاربة
-
القيمة فى العمل(ا) يحرمون الربا و يحللون فائض القيمة
-
المنزل ينهار و نتجادل فى وضع لوحة على الجدار
-
كيف نقاوم ارتفاع الأسعار؟
-
أصول النضال العمالى
-
الحكام بين المستورد و المحلى الصنع
-
الاستثمار فى الدين والغيبيات
-
لماذا مالكولم إكس؟ وليس مارتن لوثر كنج
-
موجز تاريخ المادة والوعى(11) كيف تنعكس الأشياء؟
-
موجز تاريخ المادة والوعى(10) تطور الكائنات الحية
-
موجز تاريخ المادة والوعى (9) الخلية الحية و أصل الحياة
-
موجز تاريخ المادة والوعى(8) ظاهرة الحياة
-
موجز تاريخ المادة والوعى(7) قانون البنائية
-
موجز المادة والوعى(6) كيف نقسم الأشياء
-
موجز تاريخ المادة و الوعى(5) من يحكم الواقع؟
المزيد.....
-
يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل
...
-
واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع
...
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. جدول رواتب المتقاعدين الجديد
...
-
The WFTU statement on the recent development in the Ukraine
...
-
بيان اتحاد النقابات العالمي حول التطور الأخير في الحرب الأوك
...
-
مزارعون يغلقون ميناء في فرنسا احتجاجا على محادثات مع ميركوسو
...
-
“وزارة المالية العراقية”.. استعلام رواتب المتقاعدين شهر ديسم
...
-
السيد الحوثي: الامريكي منذ اليوم الاول بنى كيانه على الاجرام
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|