أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - في سيكولوجيا الدين والتعصب















المزيد.....

في سيكولوجيا الدين والتعصب


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة مفهوم شائع، بخاصة بين السياسيين والمفكرين ، ان المتدينين يكونون متعصبين وأن المثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟
ولكي نكون جميعا" داخل حدود الموضوع ، لنضع تعريفا" للتعصب اولا".
ان المعنى الحرفي لكلمة التعصب في اللغة الانجليزية (Prejudice ) هو الحكم المسبق ، فيما ينظر علماء النفس الاجتماعي للتعصب على أنه اتجاه سلبي غير مبرر نحو الفرد ، قائم على أساس انتمائه الى جماعة معينة لها دين أو طائفة أو عرق مختلف ، أو اتجاه عدائي نحو جماعة معينة قائم على أساس الانتماء اليها . ويعني أيضا" النظرة المتدنية لجماعة أو خفض قيمتها أو قدراتها أو سلوكها أو صفاتها ليس لها أساس منطقي . كما يعني أيضا" اصدار حكم غير موضوعي بشأن جماعة معينة. بهذه المعاني فان التعصب اتجاه مؤذ قائم على تعميمات غير دقيقة بخصوص جماعة على أساس لونها أو عرقها أو دينها أو جنسها، أو أي فرق أو اختلاف آخر قابل للملاحظة .
وعلى وفق نظرية التصنيف الاجتماعي Social Categorization فان الناس ينزعزن الى تصنيف عالمهم الاجتماعي الى صنفين " نحن " ( أو الجماعة الخاصة بالفرد ) و " هم " ( أو الجماعة الاخرى ) . وانهم يحابون جماعتهم ويبالغون ويعظّمون ايجابياتها ويغمضون اعينهم عن سلبياتها ، فيما يعمدون الى تضخيم سلبيات الجماعة الاخرى وغض الطرف عن ايجابياتها .
وثمة معلومة مهمة ، هي ان العداء بين الجماعات يمكن ان يظهر حتى في غياب تضارب المصالح ، فمجرد الانتماء الى جماعة معينة يمكن ان يكون سببا" كافيا" لظهور التعصب ضد جماعة أخرى .
ولسنا معنيين هنا بطبيعة الدين ونشوئه فهذا موضوع يخص علماء الدين وفقهاء الشريعة ، انما الذي يهمنا ـ بوصفنا سيكولوجيين ـ معرفة علاقة الفرد بالدين .. أو مقاصده منه ، والاسباب التي تساعدنا على فهم العلاقة بين الدين والتعصب . وما يشغل تفكيرنا هو : هل هناك سبب واحد ، أم اسباب مختلفة يدفع/ تدفع الناس الى أن يكونوا متدينين ؟
تشير الدراسات المعنية بهذه " الاشكالية " الى ان الناس يكونون متدينيين لأسباب متعددة وليس لسبب واحد.. ويمكن تصنيفهم على النحو الآتي:
1. التدين " الغرضي ". ويعني التوجه نحو الدين بوصفه وسيلة للحصول على اشياء اخرى ذات قيمة . فالذهاب الى اماكن العبادة يوفر فرصة لتكوين صداقات، يمكن ان تفيد في أوقات الازمات، أو حين يكون الشخص بحاجة الى مساعدة أو اسناد اجتماعي. كما ان هذا النوع من التدين قد يحقق لصاحبة مكانة اجتماعية أو اعتبارية أو وظيفية . وبهذا يكون الدافع هنا تحقيق منفعة تهدف الى خدمة المحافظة على احترام الذات، ويكون الوجدان الديني فيه غير ناضج.
2. التدين الباحث عن الحقيقة . ويعني التوجه نحو الدين بوصفه سفر دائم من أجل فهم القضايا الاخلاقية والروحية المعقدة، والمصحوب عادة بمعتقد ان الاجابات السريعة والبسيطة ، خاطئة تماما".
3.التدين الحقيقي. ويعني التوجه نحو الدين الذي يحاول الناس عن طريقه أن يعيشوا دينهم ويستدخلوا تعاليمه . ومن هذا المنظور فأن الدين ليس وسائل لتحقيق بعض الاهداف ، وليس رحلة من أجل البحث عن حقيقة، انما هو غاية بحد ذاته ، يكون فيه الوجدان الديني ناضجا" ، ويكون الانسان فيه قد سلّم له نفسا" طوعا" لذاته وليس من أجل استعماله.
وقد تسأل الآن : من من هذه التوجهات الثلاثة في الدين ، هو المتعصب أو الأكثر تعصبا"؟ .
لنبدأ بالتوجه الثالث منها " التدين الحقيقي " الذي يؤمن اصحابه بأن الدين ليس وسيلة لتحقيق غاية ، ولا هو البحث عن حقيقة الروح والاخلاق والحقيقة ، أنما هو الغاية النهائية للأنسان .
ان معظم الاديان تدعو الى التسامح ، والافراد في هذا النوع من التدين-الحقيقي- يسعون ويتمنون ان يحققوا نوعا" من التكامل بين معتقداتهم الدينية وهوياتهم وسلوكهم.وعليه ، فأننا نتوقع من هذا الصنف ان يكونوا الأقل تعصبا" بين المتدينين . وتشير الدراسات الى ان هذا الصنف من المتدينين ليسوا أكثر تعصبا" حتى من اولئك الذين يصفون انفسهم بأنهم غير متدينين . وما يميزهم أن الوجدان الديني عندهم يكون ناضجا ، يثير لديهم الشعور بالمتعة ويحول مشاكل الحياة من سياقها الروتيني الى منظور اكثر شمولية واعمق معنى .. فيكون ثقلها أخف عليهم موازنة (مقارنة ) حتي بغير المتدينين.
والصنف الثاني من المتدينين ،أي الذين ينظرون الى الدين بوصفه رحلة بحث وتقصي دائم لفهم قضايا روحية واخلاقية معقده ، فأنهم يكونون من النوع المنفتح عقليا" على مسائل أخرى أيضا" فكرية أو علمية أو ثقافية . وهذا الصنف من المتدينين هم الأقل ميلا" نحو التعصب.
اما الصنف الأول من المتدينين ، الذين يتخذون من الدين وسائل للحصول على أشياء اخرى من قبيل الصداقة والمكانة والاسناد في الاوقات الصعبة ، فأن هؤلاء يميلون الى ان يكونوا الاكثر تعصبا"، والأقل نضجا في الوجدان الديني .
ان هذه الأصناف الثلاثة من المتدينين موجودة في معظم الأديان .ولكن فيما يخص الدين الاسلامي ،فان هنالك صنفان آخران ، الأول ما اصطلح على تسميته ب (الاسلام اسياسي )والثاني جماعة ( القاعدة ).
ومع أن هذين الصنفين يمكن أن ينضويا تحت صنف ( التدين الغرضي )لأنهما يستخدمان الدين وسيلة لتحقيق غايات أخرى ،الا أن " الغايات " لدى هذه الأطراف داخل هذا الصنف تحكمها فروق نوعية .فالغايات هنا سياسية وليست اجتماعية من قبيل تكوين صداقات ،بل السعي الى تحقيق زعامات تشبع الحاجة الى السلطة والسيطرة ،ومصالح اقتصادية ترفع صاحبها درجات في سلّم المكانات في الهرم الاقتصادي للمجتمع .
وعلى وفق هذا المنظور يكون المتدينون السياسيون أو ( السياسيون المتدينون ) هم الأكثر تعصبا بين الناس ، ليس فقط لأنهم يستخدمون الدين وسيلة لتحقيق أهداف أخرى ، بل ولأن التنافس السياسي وصراع المصالح يضطرهم الى أن يكونوا متعصبين .
ولكن هل يصح هذا التعميم على الأحزاب الاسلامية ؟ أعني القول بأن كل الأفراد المنتمين الى أحزاب اسلامية هم تعصبيون ، أو هم الأكثر تعصبا بين الناس ؟.
ان الموضوعية العلمية لا تميل الى التعميم في مثل هذه الأمور ، فقد يكون بين الأحزاب الاسلامية أفراد أقل تعصبا من أفراد ينتمون الى أحزاب علمانية مثلا .الا أننا نرى أن العامل الحاسم في الحكم على تعصب هذا الحزب او ذاك هو انفراده بالسلطة،مصحوبا بعامل نفسي هو توليد الشعور بالاحباط لدى الأطراف او الجماعات الأخرى التي أعاقها أو حرمها أو حال دون تحقيقها لأهداف وحاجات مشروعة .
ان الأحزب السياسية كانت قبل زلزال انهيار الاتحاد السوفياتي تسعى جميعها الى تحقيق هدف واحد هو ( الحصول على السلطة ) ،وأن تعصبها لهذا الهدف بالذات هو الذي أسقط تلك التي وصلت الى السلطة ،وهو نفسه " التعصب " الذي لن يمكّن تلك التي تسعى للحصول عليها ، مثل ( القاعدة ) التي تهدف الى اقامة (دولة اسلامية )وتدعي بأنها تحكم بأمر الله وتنفذ ارادته ،أو الأحزاب اليسارية المتطرفة التي ما تزال تريد اقامة دولة البرولتاريا . فلا فرق في التعصب بين حزب "ماركسي " وحزب ديني اذا كان كلاهما يسعى الى الحصول على السلطة والانفراد بها .
وثمة معلومة سيكولوجية مفادها : ان الذين لديهم ميول تعصبية ينخرطون عادة في أحزاب أو حركات متطرفة ، سواء كانت دينية أم علمانية ، أويمينية أم يسارية بالمصطلح السياسي.غير أن احداث الألفية الثالثة أثبتت أن الدين اذا توحّد بالتعصب ودخل شاهرا سيفه في الساحة السياسية فانه يضطر الاخرين الى أن يشهروا سيوفهم او يتمترسون في خنادقهم .. وغالبا ما تكون الواقعة!






#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس من 9 ابريل / 4- العراقيون ..وسيكولوجيا الانتخابات
- دروس من 9 أبريل 3- تبادل الأدوار بين السنّة والشيعة
- دروس من 9 أبريل- تحليل سيكوسوسيولوجي
- دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء
- الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة /مدخل لثقافة المص ...
- الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة(مدخل لثقافة المصال ...
- الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المصا ...
- الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المص ...
- دور وزارة التعليم العالي ....
- مؤتمر الخدمات النفسية والرعاية الأساسية عقب الكوارث ، الرؤى ...
- حوار مع فرويد - 5
- حوار مع فرويد -4
- حوار مع فرويد -3
- حوار مع فرويد - 2
- حوار مع فرويد
- ماركس ولينين ام فهد وسلام ؟!
- بعض الأمراض النفسية في قوى اليسار العراقي
- البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي ..وساطة لتوحيد قوى اليسار
- البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي / ملاحظات على دعوة ..ودعوة ...
- العلم العراقي ..المقترح اقراره


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - في سيكولوجيا الدين والتعصب