في نهاية سنة 2003 لاحظ سكان العاصمة الاقتصادية المغربية طلعات جوية نهارية وليلية تقوم بها طائرات استكشافية وهذا ما لم يتعودون عليه حتى في أحلك الحالات التي مرت بها البلاد.
وهي ذات الطائرات التي اقتناها المغرب مؤخرا من الولايات المتحدة، وهي من " لاما" لتخصيصها لمطاردة الإرهابيين. وهي طائرات مروحية مجهزة بكاميرات تسجيل متصلة بقاعة مراقبة الأمن بواسطة الأقمار الاصطناعية. وتتوفر كذلك على كشافات ضوئية تعمل بأشعة تحت الحمراء لتسهيل المطاردة ليلا.
ويدخل اقتناء هذه الطائرات في إطار تطبيق استراتيجية أمني جديدة بعد أحدات 16 مايو 2003 وهي استراتيجية معتمدة على سياسة القرب كما تم بلورت النموذج الفرنسي المرتكز على وحدات للتدخل المبكر وتطويق الانفلاتات الأمنية المحتملة. إلا أن العائق الحالي الذي لازال قائما في وجه تكريس هذه الاستراتيجية على أرض الواقع هو عائق مالي بالأساس، إذ أن سياسة القرب ستطلب توظيفات جديدة وهذا ما لا يمكن لميزانية 2004 أن تتحمله.
ومن المعلوم أن المغرب مصنف من طرف قادة تنظيم القاعدة ضمن الدول الموالية للولايات المتحدة الأمريكية، كما نعت اسامة بن لادن حكومته بالحكومة العملية.
وقد اعتمد المغرب سياسة القرب في المجال الأمني باعتبار أنها سياسة أثبتت نجاعتها بفرنسا التي تعتبر أن الحق في الأمن حد الحقوق الملزمة للدولة، لاسيما وأن مكونات المجتمع أضحت معنية بهذا الحق عبر تكريس سياسة التطويق والتدخل الاستباقي للتصدي للعنف والإرهاب.
إلا أن القضية الأمنية والحق في الأمن بالمغرب يظل مرتبطا بالأساس بخدمة مصالح المواطنين اليومية واحترام حقوقهم والعمل على تمكينهم من الاستفادة من حقهم في الشغل والصحة. علما أن فرنسا أسست سياستها الأمنية على الاعتناء بالمطالب الاجتماعية أولا وعلى تجديد النسيج العمراني وتحقيق الكثافة السكانية في الأحياء الهامشية. وتحسين جملة من الخدمات الاجتماعية ومن ضمنها النقل الحضري والمرافق الاجتماعية.