لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)
الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:14
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
تأثرت المدرسة العمومية بجبال شمال إقليم الرشيدية بسياسة الميز الجغرافي المعتمدة بجهة مكناس تافيلالت. ولا غرو, فكل المصالح الخارجية وعامة مرافق المؤسسات الاجتماعية مدعوة للسير على نهج المؤسسة التابعة لأم الوزارات على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي. ولئن كانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد أنجزت جزءا من مهمتها لما اعترفت, تحت قوة اقتراح الجمعيات و ضغطها و مرافعتها بعلاقة التنمية بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان , فإنها لم تقم ,للأسف, بالحفر الجيد في كل المواقع المتأثرة بالنسيان والإهمال تسهيلا لرسم خريطة تنموية تبين نطاقات الضرر لتشكل مرجعا للاستئناس يشكل مجالا للممارسة في المستقبل. ونعتقد أن الخرائط الجيوبوليتيكية لسنوات الجمر والرصاص, لو ظهرت إلى الوجود, ستمثل بألوان قاتمة مواضع البنايات المدرسية بجبال شمال إقليم الرشيدية. و لأن المدرسة وحدها تمثل الوجه التنموي الوحيد في وسط ذي بنية تحتية هشة فإن اعتمادها مرجعا لرصد السياسة التنموية الجهوية والمحلية لا بد منه. إن المشكل التنموي بالنقط العمرانية المتأثرة بسنوات الجمر والرصاص مرتبط بالإرادة وليس الإدارة. و باختصار فقد حان الوقت لتغيير الوضع الخطير الذي بات يضرب المؤسسات الاجتماعية عامة والمدرسة العمومية خاصة ويؤخر عملية التنمية والحداثة إلى أجل بعيد. وفي أفق إعداد خرائط جيوبوليتيكية للأوساط التي صنعها القرار السياسي القاضي باختيار المنطقة ميدانا للاعتقال والتعذيب مما نتج عنه تخلف التنمية ,لا بد من الوقوف عند بعض المؤشرات وفق ما توفر لدينا من إحصائيات.
- 1- النطاقات الجيوبوليتيكية بإقليم الرشيدية
ينقسم إقليم الرشيدية إلى نطاقين غير متجانسين ثقافيا وتنمويا,نطاقين صنعهما القرار السياسي الداخلي اعتمادا على الثقافة والقيم والتاريخ. يغطي النطاق الأول كل جبال الأطلس الكبير الشرقي وبعض النقط العمرانية التي يعمرها ذوي الأصول الجبلية الأطلسية مثل واحة كلميمة و بوذنيب وفركلة العليا و تاديغوست وبعض قرى الخنك و مدغرة, أي كل المواقع الآهلة بالسكان المنحدرين مما كان يسميه الدارسون الفرنسيون بلاد السيبا. ويشمل النطاق الثاني الواحات الجنوبية المتجانسة سوسيوثقافيا والمرتبطة من قبل بما كان يسمى بلاد المخزن. وفي هذا الصدد نستثني من النطاق الثاني النقط العمرانية التابعة لقبيلة ايت عطا. ونعتذر عن استعمال المصطلحات الموظفة في السوسيولوجية الكولونيالية لأنها ذات مغزى ودلالة في هذا الجزء من وطننا الحبيب. فالنطاق الأول المنسوب من قبل- باستثناء واحتي الخنك وتيعلالين - لبلاد السيبا تطبعه البداوة والعزلة, لذلك اختير كمجال للمعتقلات السياسية و مواقع للنفي والتعذيب والتشريد من عهد الحماية الفرنسية إلى سنة1992 تاريخ إخلاء معتقل تازممارت السيء الذكر. والنطاق الثاني مشهور بالثقافة العالمة وبالتصوف الطرقي والفقه, و يزخر بالأولياء والزوايا , و هو موطن الأرستقراطية القديمة التي صنعتها أرباح تجارة القوافل. و في هذا المجال تصادف الدور والقصور و النخيل والزيتون والأعناب والرمان و منه الحضارة الإسلامية المغربية, والمجال باختصار جزء من بلاد المخزن. إن هذا التقسيم قائم على التاريخ والسياسة لذلك اعتمد في التقطيع الانتخابي البرلماني. وتشكل مدينة الرشيدية حدا فاصلا بين النطاقين غير المتجانسين والدائرتين البرلمانيتين, لأنها ملتقى للتواصل الثقافي والتجانس الإثتوغرافي. ولقد ساعد الوضع الاجتماعي بعض الأسر الأرستقراطية بالجنوب لتصبح سيدة القرار بعاصمة الإقليم مما عمق سياسة الميز الجغرافي بين المناطق من نتائجه عدم تكافؤ الفرص بالمؤسسة التعليمية وفي توزيع الإمكانيات التنموية. و لرصد سياسة الميز الجغرافي والسوسيوثقافي بإقليم الرشيدية في الفضاء المدرسي يجدر التركيز على المناطق الآهلة بالسكان حيث ترتفع نسب التمدرس. و مرد اعتماد المؤشر الديموغرافي لاختيار مجال الممارسة إلى كون مصلحة التخطيط التربوي التي تحمل على السير في الطريق المرسوم بالإقليم والجهة لن تستطيع إخفاء تأثير الميز الجغرافي في الأوساط التي تندر فيها البنيات التربوية المضمنة للأقسام المشتركة. أما المناطق الفقيرة ديموغرافيا والتي تصادف فيها بؤر الأقسام المتعددة المستويات فهي تساعد على إخفاء ذلك الميز أمام الناظرإليه من زاوية العلاقة التناسبية بين الديموغرافيا والمؤسسات التعليمية وهي زاوية تكشف عن مدى تكافؤ فرص التعليم في وسط جغرافي معين.لذلك نأخذ في النطاق الشمالي بلدتي الريش و كلميمة كمجال للممارسة وفي النطاق الجنوبي نختار الجماعات المحلية التالية :الرتب, أوفوس,أرفود, مولاي علي الشريف.
-2- انخفاض مؤشر الاكتظاظ بالمؤسسات التعليمية الابتدائية بالنطاق الجنوبي.
لرصد تكافؤ الفرص التنموية لا بد من توفر المعطيات الإحصائية لذلك سنعتمد على الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004 والإحصاء الذي قامت به مصلحة التخطيط التربوي لنيابة التعليم بالرشيدية في الموسم الدراسي 2005/2006.ففي النطاق الجيوبوليتيكي الجنوبي تغطي الجماعات, الرتب, أوفوس, أرفود, مولاي علي الشريف, شريطا متجانسا متقاربا آهلا بالسكان يمكن أخذه كعينة لرصد تكافؤ الفرص في المدرسة العمومية بإقليم الرشيدية. ويبين الجدول رقم (1) المتوفر من المؤسسات التعليمية الابتدائية بمجال الممارسة الجنوبي.
الجدول رقم (1)
الجماعة عدد السكان عدد المؤسسات التعليمية الابتدائية عدد الأساتذة عدد التلاميذ
الرتب 13324 3 65 1742
أوفوس 14294 4 63 1438
أرفود 23637 7 113 3704
مولاي علي الشريف20469 6 116 3840
تمكن الإحصائيات المضمنة في الجدول رقم 1 باستخلاص مؤشر الاكتظاظ بمدارس الجماعات المذكورة وهو مؤشر إيجابي جدا لأن معدل عدد التلاميذ بالفصل الواحد لا يتجاوز 34 . انظر الجدول رقم (2).
الجدول رقم 2
الجماعة معدل عدد التلاميذ بالفصل
الرتب 26.8
أوفوس 23
أرفود 32.77
مولاي علي الشريف 33.1
وإذا وزعنا المؤسسات التعليمية على عدد السكان نجد مؤسسة تعليمية واحدة من نصيب 4441 نسمة في جماعة الرتب. وفي جماعة مولاي علي الشريف كان لكل 3411.5 نسمة مدرسة مستقلة.و يمكن استخلاص ما بقي من النتائج بقسمة عدد سكان الجماعة على عدد المؤسسات الكائنة بها.
3- المؤشرات السلبية في مؤسسات النطاق الشمالي.
و إذا أخذنا من الجماعات الآهلة بالسكان في النطاق الشمالي,بلدية الريش, وبلدية كلميمة لتصبح عينة للاختبار و اعتمدنا على الإحصائيات المضمنة في الجدول رقم (3),
الجدول رقم 3
الجماعة عدد السكان عدد المؤسسات عدد الفصول عدد التلاميذ
الريش 20155 4 86 3178
كلميمة 17931 5 87 2676
يتبين لنا ارتفاع عدد التلاميذ بالفصل الواحد , بلغ حوالي 31 بكلميمة و37 بالريش. أما تناسب المؤسسات التعليمية وعدد السكان فغير متكافيء حيث كان نصيب 5038.75 نسمة من سكان بلدية الريش مدرسة واحدة فقط. وفي بلدية كلميمة تتناسب المدرسة الواحدة و3586.2 نسمة. والناظر في عدد المؤسسات يلمس أن عددها بالمركز الحضري الريش لم تبلغ المعدل المطلوب.
4- الميز الجغرافي والسوسيوثقافي في مؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي.
لم ينج التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي من سياسة الميز الجغرافي والسوسيوثقافي .فإذا استحضرنا أن مدينة الرشيدية أهلتها مكانتها الإدارية لتستقبل تلاميذ المحيط المجاور الراغبين في متابعة الدراسة التقنية و المختارين لبعض التخصصات الغائبة في باقي مؤسسات مراكز الإقليم , فلا يصح اعتمادها عينة للقياس في التعليم الثانوي التأهيلي لأن ذلك سيؤثر على التناسب بين عدد السكان والمؤسسات,و إذا كان من المتعذر ضبط كل الروافد القروية لكافة مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي والتعليم الثانوي الإعدادي فإنه من الجدير اعتماد مؤشر الاكتظاظ وحده والاستغناء على مؤشر التناسب بين المؤسسات وعدد السكان. وبالنظر إلى مؤشر الاكتظاظ سيتجلى الميز المذكور.
الجدول رقم (4): المؤسسات الثانوية الإعدادية بمجال الممارسة
الجماعة عدد المؤسسات عدد الفصول عدد التلاميذ
الرشيدية 3 116 4369
أرفود 1 60 2271
كلميمة 1 52 2084
الريش 1 64 2710
الريصاني 1 48 1838
تحتل بلدية الريش المرتبة الأولى في معدل الاكتظاظ 42.34 تلميذ بالفصل الواحد تأتي بعدها بالطبع بلدية كلميمة 40 تلميذا. وفي الرشيدية نجد معدل37.66 تلميذا بالفصل وفي ارفود 37.85 وفي الريصاني 38.29. أما مؤشر الاكتظاظ في التعليم الثانوي التأهيلي فقد تأثر بنزوع تلاميذ المركز الحضري كلميمة لمتابعة التعليم التقني. ورغم ذلك لم تختف المؤشرات الدالة على الميز الجغرافي والسوسيوثقافي (انظر الجدولين5 و6).
الجدول رقم (5): المؤسسات الثانوية التأهيلية بمجال الممارسة
الجماعة عدد المؤسسات عدد الفصول عدد التلاميذ
الرشيدية 5 181 6444
أرفود 2 39 1397
كلميمة 1 52 1838
الريش 1 44 1612
الريصاني 2 46 1327
الجدول رقم 6
معدل عدد التلاميذ في كل فصل الجماعة
35.82 أرفود
35.60 الرشيدية
35.34 كلميمة
36.63 الريش
28.84 الريصاني
يتبين من خلال إحصائيات مصلحة التخطيط التربوي في الموسم الدراسي 2005/2006 والإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004 أن الفرق بين النطاقين المذكورين قائم على سياسة الميز. ويظهر أن النطاق المنسوب من قبل لبلاد السيبا تأثر كثيرا بسنوات الجمر والرصاص حيث تخلفت التنمية بمركز كلميمة وفي معظم النقط العمرانية بجبال شمال إقليم الرشيدية. إن هذه المؤشرات التنموية المخيفة التي ترد إلى سياسة الميز الجغرافي و نعتقد أن هذه المعطيات تبطن صيحة لمراجعة هذا الوضع الذي لا يشرف جهة مكناس تافيلالت ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)
Ait_-elfakih_Lahcen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟