|
واجبات القائد الشيوعي حين يلاقي إنتقاداً
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:38
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
1- الإصغاء الحسُن للإنتقاد بأخذ النقاط والأبعاد الموضوعية في الإنتقاد وتنميتها بالصور النظرية والعملية المناسبة والبعد عن مجرد السمع إلي الإنتقاد والإسراع في الرد عليه بالشجب والنفي والإنكار أو بالتبرير .
2- التواضع النظري والعملي جهة تقويم نقاط الإنتقاد لكونه يهدي للقائد المُنتَقد عللاً تصح بها أموره وتسعد بعلاجها أو بالوقاية منها، وهو تواضع يوجب البعد عن التعامل مع الإنتقاد بغرور برجوازي أو حتى بغرور شيوعي.
3- الرد الموضوعي وبأطيب الكلمات وأحكمها على نقاط الإنتقاد أو في جملتها، والبعد التام عن عبارات الإستهجان، وعبارات الإستخفاف وعبارات التهديد والمحق، والتبرير الجزاف بأن الأمور عامة في ما يرام، ومما يساعد على هذا البعد إعتبار الإنتقاد مجالاً للتعلم، وإشارة تفيد في عملية تحسين مستويات العمل ووتنميته.
4- إحالة نقاط الإصطدام إلى هيئة دراسة يراعى في تشكيل عضويتها التنوع والتوازن في العدد والرأي، لتعالج بشكل موضوعي ومتقدم تقويمات نقاط الإختلاف، وفرز وعلاج بعض أسباب التناقض الذي أدى لإصطدام هذه النقاط.
5- التوكيد النظري والعملي لقيمة الإنتقاد وقيمة الإنتقاد الذاتي وعلى حق الأعضاء والجمهور في الثقافة جهة موضوع معين وعلى حق المثافقة الراقية بين أطراف النقاش دون ضجر أو تأفف من الإنتقاد أو موضوعه، إضافة إلى توكيد قيم الإنتظام والنمو الفكري بما يتطلبه ذلك من فتح مساحات رحبة للرأي الآخر والتعامل الرفاقي العلمي مع موضوع الإنتقاد بأسس عقلانية خارج لغة الغضب والوصاية والتهديد والبعد عن الأساليب الإحتكارية والعسكرتارية فالتعامل بالسياسات الأمريكية والطائفية والقبيلية القائمة على منطق إما أن تكون معنا أو تصير خارجاً على الملة، مسألة تبعث على القلق أن يرفضها سكرتير حزب في العالم ويمارسها ذاخل نشاطات حزبه لرد إنتقاد من أحد أعضاءه!؟
من سياق هذه النقاط أقيس مسألة أساس كان الرفيق الأستاذ محمد أبراهيم نُقُد قد تناولها حين (رد) برنة غاضبة على إنتقاداتي التي وجهتها إلى طبيعة تدهور في وضع الحزب الشيوعي لأسباب متصلة بأخطاء في سياسة قيادته، حيث صرح بإعتداد شديد بلغ في تقديري حد الغرور الشيوعي بـكلمات إرتبطت بالمعنى التالي: أنه متأكد و واثق كل الثقة من صحة كل الخطوات والمواقف والسياسات التي أتخذت في الحزب إبان عهد قيادته على كافة المستويات: المستوى الإقتصادي والمستوى السياسي والمستوى الإجتماعي والمستوى الثقافي!! وهو رد يجاف الموضوعية أثار إستيائي وأثار إستياء وصدمة لبعض الحضور، ولكنه على علة الرد فقد أثار سؤالاً جديداً هو: إن كانت كل الأمور تمام التمام ولا توجد أخطاء كبرى أو صغرى طيلة عهد قيادته الموقر الذي قارب أربعين سنة جليلة من النضالات والتقدمات والتراجعات في جدليات كبرى، لماذا إذن بعد كل هذه الصحة والثقة الحزبية طرحت كل الحياة الحزبية وآفاقها في مناقشة عامة؟ وهل كل شيء في حياة الحزب وقيادته أو في الحياة عموماً يوحي بالثقة التامة؟
هذه العبارة "الثقة التامة" عبارة رنانة خُلب بالذات في قطعية مفردة "التمام" فبقليل تحليل نراها تواشج فهوم "الحقيقة الكاملة" و"العصمة" و"القيادة المنزهة" وكلها من علامات الإستبداد والرفض العميق للإنتقاد وهي تصدر من الأستاذ الجليل الذي يقود الحزب الذي علم كثير من أجيالنا قيمة الحقوق والجسارة والحصافة في الإنتقاد، ولكن، في يوم غناء للشفافية وهسهسات وسنانة تخفق بمعان جيل البطولات وجيل التضحيات رأيت وغيري الأستاذ محمد إبراهيم نُقُد يواجه الإنتقاد بعبارات خشنة ملوحاً فيها بمغادرتي الحزب إن لم أتفق معه؟! وهذا التناقض المريع بين الدعوة للشفاف وبين رفض الإنتقاد والغضب منه ذكرني بحمدلة مدير المخابرات السوداني لمصور الجزيرة سامي الحاج سلامة إطلاق سراحه من قسوة سجن غوانتنامو بينما المعتقلات الرهيبة والتعذيب والإعدامات خارج القانون أو بتشريعه وافرة في السودان، بل إن المتحمدل نفسه من الذين أسهموا في ملء سجن غوانتنامو!!؟ بينما في موقف الأستاذ محمد أبراهيم نجد نفس التناقض إذ داعية الشفاف يغضب من إنتقاد موضوعي في لقاء محصور!!؟
ولعل هذه التناقضات هي جزء عام من عقلية "ولد البلد" التي تتناول المواقف بالجزء والقطعة دون نظرة إستراتيجية عامة تتجاوز تامينات بقاء الحزب ذات الطابع السلب بتأمينات موجبة تعزز فاعلية الحزب. وعمومية النظرة الإستراتيجية الثورية تختلف تماماً عن تصريحات وردود الأستاذ محمد أبراهيم نقد ذات الطابع التجزيئي الذي يتناول المشاكل والأزمات واحدة فواحدة دون ربط جذري بينها، وهي عمومية حيوية حيث ترى بشكل شامل العلاقة الحيوية بين تغيير علاقات الإنتاج وتقدم قوى الإنتاج ولا تؤجل الأولى بدعوى إنتظار إكتمال الثانية فتبقى الأمور محلك سر! وهي نظرة لا تفصل الديمقراطية عن الإشتراكية العلمية، ولاتفصل السيادة والوحدة الوطنية عن الإستقلال الإقتصادي أو الإشتراكية عن التنمية ولا التنمية عن ضرورة التأميم والمصادرة ضد البنوك الأجنبية العلمانية والإسلامية. وهي نظرة لا ترفض بشكل موضوعي "نقابة المنشاة" التي تضم العامل والوزير في مجال العمل بينما تقبل نفس الفكرة أساساً لرسم جديد للطبقة العاملة وحزبها بإصطلاح إسم مخاتل هو "العاملين" يجمع مصالح العامل ومصالح الوزير !!؟
إن التصدي للمهام الحزبية والوطنية بصورة جزئية وبالقطعة كما هو أسلوب قيادة الأستاذ محمد أبراهيم نُقُد للنضال لتحقيق ثورة وطنية ديمقراطية في أمور السلطة والثروة إختلف بنتائجه التي يشهدها الحزب والسودان والماثلة في التفكك والتشتت عن الطبيعة المتناسقة لأهمية التصدي الشمولي للمهام الحزبية والوطنيةبشكل عام بداية من تجميع بعض القوى المهمشة والثائرة في الريف والمدينة لتكسير أو هدم أو تخريب أضعف حلقات النظام في كل منطقة طبقية أو جغرافية تعاني الإستغلال والتهميش ليضحى وجود الحزب الشيوعي أقرب للعمال والكادحين والمهمشين والمعطلين عن العمل بصورة تبعد الحزب الشيوعي عن قوى ومؤسسات الحكم الليبرالي (= ديكتاتورية البرجوازية والتملك الإنفرادي لموارد عيش وحياة الناس) سواء كانت ديكتاتورية البرجوازية بأشكالها المدنية أو بأشكالها العسكرية وأيما كانت صورها علمانية أو إسلامية. من هنا الفرق يبين خطأ إتجاه التجزئة والتجريب في السودان إلى حل الأزمة الطبقية والقومية بمؤتمر جامع فوقي ذي لجان ومواثيق سرعان ما تنقض وهو خطأ يتضاعف بإنصراف قيادة حزبنا إليه وبعدها عن الإتجاه القديم الأكثر عقلانية الداعي إلى عقد مؤتمر قومي دستوري يتكون تصاعداً منضبطاً بمواثيق حقوق الإنسان ومعادلة توزيع السلطة بمعادلة توزيع السكان والموارد، حيث إن فاعلية المؤتمرات الجامعة المفتوحة البدايات والخواتيم من الصعب وضع تصور منطقي لها إذ لا تتساوى فيها مصلحة العامل ومصلحة شيخ الطائفة أو القبيلة حيث يغيب المعيار الناظم لتوزيع ولإعتبار المصالح وتمثيلها في مداولات وقرارات مؤتمر كهذا أقرب للنادي السياسي أو لنقابة منشأة في دنيا السياسة.
كان بإمكان سكرتير الحزب مع مقدم المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني بعد حوالى 40 سنة من المؤتمر الرابع بكل إشكالاته أن يطرح في مواجهة إنتقاد سياساته وتشتتها وتفككها أن يقر بوجود إمكانات أكبر ووسائل أفضل في حزبنا وبلادنا لقيادة نضال متنوع في المستقبل يواجه خطوط السياسة التقليدية في السودان التي تنتهي في رخص تجارية ووظائف عليا وفوارق طبقية زائدة تفاقم الجوع والجهل والمرض والتخلف في نواحي السودان وتزيد الثراء الفاحش في نقاط تمركز السلطة والسوق في أرياف السودان ومدنه، وأن للمؤتمر القادم إمكانات أفضل لتنمية خط نضال شيوعي عام جديد لا تجزيئي بل شمولي يجمع المهمشين والعمال والنساء والشباب في كتل ثورية جماهيرية وثقافية ونقابية ونضالية تخوض بشكل متقدم متناسق غمار نضال متنوع ضد أسس وأشكال النظام الرأسمالي التابع المُركِز لأمور الثروة والسلطة في السودان دون تفريق ودون لبس ودون إدغام بين أحمد وحاج أحمد، ولكن الأستاذ محمد إبراهيم نُقُد رأى أن نقدي تنطع وأن الأوضاع في الحزب تمام التمام، و((كان ماعاجبني الحال أمرق وأمشي أعمل لي حزب تاني)) !!؟؟ بينما الذين يتحدثون عن تحويل الحزب برنامجاً وإسماً إلى حزب ليبرالي من الصنف الإشتراكي الديمقراطي تفتح لهم المنابر وساعات الزمن الحزبي وحتى لبعضهم الذين تركوا الحزب، أما أن أطالب بحزب شيوعي فعال فأجد مثل هذا الرد المصفر أعلاه كجزاء سنمار!؟ أولا يشبه (رد) الأستاذ نُقد على إنتقادي أسلوب قيادته ثقافة "الفصل للصالح العام" التي شُرد بها مئات الألوف مفصولين عن أعمالهم؟؟ وبالذمة ده كلام ده ؟؟
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنقلاب الدقائق الأخيرة في موسم الهجرة إلى اليمين
-
النتيجة العامة لتحولات العناصر الأربعة الرئيسة في الوضع العا
...
-
الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة
-
!!!!!!!!!
-
42 مسألة إنتقادية لمشروع التقرير السياسي
-
جورج حبش
-
نجوم
-
الحفارين وأهل الطبقات
-
الحوار المسلح (2)
-
يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!
-
وقائع موت مُعلن للإنسان
-
نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
-
الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
-
كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن
...
-
نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
-
بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
-
ثلاثة أخطاء قاتلة
-
تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما
...
-
حُمرة أنغام الخريف
-
نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
محاضرة عن الحزب الماركسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|