|
إسلامنا بحاجة إلى إعادة نظر
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 2274 - 2008 / 5 / 7 - 10:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ننطلق هنا من أجل ترتيب ما يجب وما يلزم في علاقتنا بالدين ، وكيف يمكن لنا ان نجعله ممكناً أو هو واحداً من الممكنات ؟ التي يستطيع الجميع التعايش معها من دون أحقيات أوتغييب أو تغلييب في الجوانب الفكرية والثقافية والنفسية ، ولهذا كان أختيارنا لعنوان مقالتنا هذه لهو مدلول ودلالة في آن معاً ، فهو إذ ينطلق من هذا الفهم أو لنقل إنه ينطلق ليس من ترميم العلاقات العتيقة والفهم القديم أو الإبقاء على ما هو موجود بالفعل ، بل يأتي هذا منا من أجل تقييم ظاهرة الدين ككل ومدى صلاحيتها للناس ولماذا يعتمده أهل السياسة كشعار تعبوي وتحريضي في زمننا الراهن ؟ ولماذا هذا التركيز على الدين في عملية الجذب الرومانطيقي الواضح في حال التدافع بين المتخاصمين ؟ ولماذا الإبتعاد عن البحث عن البدائل المنطقية في تأسيس أو بناء الدولة الحديثة ؟ . وهذا مع الدقة المعرفية يظهر لنا إن إسلام السياسة المطروح والمتداول إنما يعبر عن خيبة أمل ونقصان في الطريقة الممكنة للتعايش مع الغير أو في صُنع المشاريع والبرامج التي تبني الوطن وتنمي المواطن ، ولقد ثبت بالدليل إن منهج الإسلام السياسي يعمل على تعقيد حركة التطور من خلال الضرب على وتر الأخقيات المزعومة في ساحة العمل اليومي . لهذا نعتبر نحن دعاة التغيير والإصلاح – إسلامنا - اليوم بحاجة إلى حذف الكثير من متبنياته الفكرية والعقدية والتشريعية ليكون أكثر قبولاً وموائمة للواقع ويكون بالفعل قادر على فهم الآخر من دون زوائد ، ذلك لأن الدين عندنا يعبر في مقاصدة وغاياته عن قضايا الناس أو هو ينطلق منها مع حُسن الظن الذي نعتمده في مثل هكذا مسائل ولم نقل إن الدين نتاج بشر أو هو حاجة بشرية في وقت من الأوقات وقد زال بزوالها . وحين نقول إن الإعادة للإسلام ضرورة في حد ذاتها أو هو لازم من لوازم عملية التغيير السنني خاصة بلحاظ ما هو مطلوب من إجابات حاسمة ، فيما يتعلق ببنيته الداخلية وتكوينه الذاتي كما في قضاياه العامة مثل قضية حقوق المرأة أو حقوق الإنسان عامة والموقف من قضية الحرب والسلام وكذا الموقف من قضية الدولة المدنية . وللتاكيد فالإسلام السياسي هو أبشع صور الدكتاتورية والأستبداد ، وهذا القول منا شواهده كثيرة تاريخية ومعاصرة ، ونحن حينما نقول إن ليس في الإسلام معنى للدولة !! إنما نقول إن محمد الرسول لم يؤسس دولة إسلامية أو حكومة إسلامية لا في الدينة ولا في غيرها كما يزعم البعض من أنصاف المثقفين ورجال دين مزيفين ، ولم يحصل ذلك أعني بناء وتأسيس دولة أو حكومة إسلامية حتى مع عهد الخلفاء الأربعة الذين جاءوا بعد محمد الرسول بل إن عهدهم كان يُمثل الحرب الأهلية الداخلية - أو ما نسميه بالمرحلة الإنتقالية - ومع مقتل الإمام علي تم الإنتقال للدولة الأمبراطورية مع معاوية وظل هذا الوضع سائداً إلى يومنا هذا مع تبدل في الشكل وليس في الممارسة ، وهذا يعني إن القول بالدولة الإسلامية الرشيدة لم يحصل في كل وقت ، ولهذا يجب رفض مبدأ التغني بهذا الفكر الثيوقراطي الرجعي الذي يحاول ترويجه دعاة الدين السياسي ، كما يجب التركيز من أجل الإعادة الصحيحة على أخلاقية الدين ومنظومته القيمية التي تعتني بالإنسان من حيث هو كائن له حقوق وعليه واجبات . الإعادة التي ننشدها إذن هي في الحفر المعرفي الواجب في كل أدوات وآليات الدين في نصوصه المقدسة وشروحات رجاله المعتبرين ، وهذا يعني نبذ التراكم التاريخي وإعتماد الفصل العلمي بين قراءات أهل التراث وقراءاتنا الحديثة التي يجب إن تنطلق من فهم الواقع ، وفهم التاريخ ومنطقه وهذه العملية نعدها النقلة الأولى في تفكيك دين الفرق والمذاهب الذي أغرق الناس بالفوضى والدماء . كما يجب التفريق بين الإسلام التاريخي والإسلام القرآني فالأول هو دين السلاطين والهامانات الذي يعلو صوته فوق صوت الإسلام القرآني ، الذي نعرف عنه التسامح والمحبة والدعوة للعمل الصالح والإبتعاد عن كل ما من شأنه إن يفرق ولا يجمع ، ونحن هنا لانجافي الحقيقة إذا ما قلنا بان هذا الإسلام المتداول اليوم يسبب لنا وللغير ارباكاً مزدوجاً ، فهو من جهة يعبر عن نفس متأخر ورؤية تاريخية غير مضبوطة وهو في الوقت نفسه يُمثل الدكتاتورية الدينية والتخلف وقلة الحيلة وعدم الوعي لحركة الواقع الذي يصنعه العلم في ظل المناخ الطبيعي . الإسلام اليوم غريب عن نفسه وعن واقعه وليس له غير التجييش الأجوف والشعارات ومجموعة من المتخلفين الذين لاهم لهم غير تغييب العقول ودفعها للإيمان عن غير وعي وعن غير قناعة ، وإلاَّ ما بال هذا الإصطفاف بين القبلية المتخلفة والدين السياسي ؟ ولماذا هذا الغزل بين البدائية والجهل عند الإسلامويين الجدد ؟ .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السماء لا تمطر ذهباً
-
أين الكتاب العربي ؟
-
تأسيس علم أصول جديد – ح4
-
تأسيس علم أصول جديد – ح3-
-
تأسيس علم أصول جديد – ح2 -
-
تأسيس علم أصول جديد
-
( لازلتُ أبحثُ عن الإسلام )
-
الليبرالية حوار بين الله والإنسان
-
الرسوم المسيئة للرسول محمد
-
شاء الله ان يراك قتيلا .. !!
-
الجزء الرابع : من كتاب إشكالية الخطاب في القراءة التاريخية ل
...
المزيد.....
-
-أنا بخير في غزة-.. سرايا القدس تبث مقطعًا مسجلًا للمحتجزة أ
...
-
سرايا القدس تبث رسالة مصورة من الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهو
...
-
شاهد..رسالة من الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود لنتنياهو وترا
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود تناشد فيه نتنياهو و
...
-
شاهد.. الرهينة الإسرائيلية أربيل يهود المحتجزة لدى -سرايا ال
...
-
تردد قناة طيور الجنة أطفال 2025 على نايل سات وعرب سات
-
الشيخ قاسم: المقاومة الاسلامية التزمت بالكامل بعدم خرق الاتف
...
-
هل الولايات المتحدة جادة في رصد -مكافأة كبيرة للغاية- على رؤ
...
-
الشيخ قاسم: المقاومة الاسلامية تصدت بكل اطيافها لعدوان الاحت
...
-
الشيخ قاسم: لا ننسى مساندة الجمهورية الاسلامية ودولة العراق
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|