|
ماركس ... ما بين النقض ووعي الضرورة ... ( الحلقة الأولى )
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 10:59
المحور:
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة
عندما يتم طرح موضوع ( آفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة ) للبحث يمتلكني الخوف إلى درجة الأنبهار ، وتستبد بي رغبة جامحة قاتلة نازفة للتعرف على الأقل على ملامح وبوادر وأولويات سمات المدخل ، فالموضوع أبعد من حدود أبعاد المخيلة التي قد تخدم فانتازيا سياسية ، وأبعد عن عبارات التشهي والمجاملات التي نغدق بها من كل حدب وصوب ونتشدق بها لأحتيالات وتدليس سياسي ، وأبعد في التصور والإدراك من الأكتراث الجزئي لبعض أو مجمل المنطلقات الفلسفية والأبستمولوجية – الغنوصيولوجية ، فهو الدمج مابين الجزئي والكلي ، ما بين الأرضي واللاأرضي ، مابين الأدراكي السياسي القلسقي الأقتصادي الأجتماعي الرياضي الفيزيائي الكيميائي التاريخي ، أنه التصور الدائري التصاعدي الذي يتجاذب نحو الحقيقة النسبية المتكاملة ، أنه النمو العلمي ، وكيف يمكن أن يكون النمو علمياً ! هذه هي إحدى أهم الأشكاليات في فكر ماركس ، وهذه الأشكالية مزدوجة في الموضوعية وفي الوضعانية ، في الموضوعية في ذاتها ، وفي الوضعانبة لذاتها ، والعلاقة مابين ( الموضوعية في ذاتها ) و ( الوضعانية لذاتها ) تحتاج بخصوص وعيها إلى إشكالية أخرى ، هي إشكالية وعي الضرورة ، وكيف يمكن لي ولك وللآخرين إدراك هذا التصور والتقيد العلمي المعرفي بأستنطاقات وحيثيات هذا التصور ! تلك هي إشكالية ثالثة ، هي إشكالية ( إشكالية وعي الضرورة ) .. كي تتحدد الصورة تناغياً مع مستوى البحث ، لامندوحة من تبيين الملاحظات التي تعين مسالك ومسارب خيوط وخطوط هذا الموضوع برمته ... . الملاحظة الأولى : ماالمقصود من مفهوم التاريخ ؟ أي ما هو التاريخ ؟ هل هو الزمن بكل بساطة ! ثم ما المقصود من كلمة الزمن ! هل هو حركة الأجرام السماوية ! وخاصة بالنسبة لنا سكان الأرض هل هو دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ! أم هو الزمكان ، أي علاقة الأرتفاع والطول والعرض والزمان بمنطوق التكوير ! وإذا ما ركزنا على محتوى إن العلاقة ما بين التاريخ والزمن هي التي تقيس لنا أبعاد مدلول التاريخ ، فكأننا ننتحر على قارعة موت الفكر والجدل ، كاننا نتغافل عن المعنى المشخص للأشياء وننفي فيما بينها كل أنواع مفهوم العلاقة ، أي كأننا نحصل على تاريخ فارغ ، خارج ذاته ، تاريخ مطلق كالزمن المطلق ، وهذه المسألة في رأي لاتصمد إزاء الدحض والتفنيد ، فالتاريخ الزمني هو لاتاريخ إلا لذاته ، يحتاج إلى علاقة و فحوى ، علاقة تغوص إلى المعاني ، وفحوى يتركز نحو تلك المعاني وتطوراتها . وهذه قضية لاأتجاسر على مناقشتها الآن .... الملاحظة الثانية : ماالمقصود من مفهوم التاريخ ؟ أي ماهو التاريخ ؟ هل هو الحدث بكل بساطة ! ثم ما المقصود من كلمة الحدث ! هل هو الحدث الذي أقوم به أنا ، أم الذي تقوم به أنت ، أم الذي نقوم به نحن ! أم هو ما يغزله المجتمع وجدله ! أم هو ما يغزله الوجود ، الكون ، الأكوان ! وإذا ماركزنا على محتوى إن العلاقة ما بين التاريخ والحدث هي التي تعين لنا أبعاد مدلول التاريخ ، فكأننا ننتحر على قارعة موت التطور والصيرورة ، كأننا نتغافل عن المعنى الواعي للموضوعي ، وننفي عنه كل أنواع الغايات ، أي كأننا نحصل على ناريخ هو حصراً تاريخ الواقع فقط ، تاريخ موت الضرورة ، تاريخ موت الغاية ، فالتاريخ الحدثي هو لاتاريخ إلا للآخروي ، يحتاج إلى نهج وميكانيزم ، نهج يغوص إلى المفاصل ، وميكانيزم يحدد العلاقة ما بينها كطرف متأصل في القضية ..... الملاحظة الثالثة : ماالمقصود من مفهوم التاريخ ؟ أي ماهو التاريخ ؟ هل هو جدل خارج الطبيعة ، خارج المحسوس ، خارج الأنساني ، خارج التكويري ، خارج الآلة العلمية ، خارج العلاقة ! أي هو متعلق في هويته وكنهه وماهيته ومعناه بما هو ( خارجنا ) ، ولايهم هنا لاأسم ولا معنى هذا الخارجي ، لأننا نغدوا عندئذ أشباح ، أنعكاسات مرآتية ، أجندة تافهة تابعة للأصل المفترض الموهوم وخاضعة له ليس كعنصر في اللعبة إنما كظل لللاشيء . وهكذا نكون في حال مزيفة لامعنى لها ، ولامعنى لجملنا ولكلامنا ، ولامعنى لمنطقنا ، لأننا يكل بساطة نكون نحن الخارجي عندئذ ويكون هو الداخلي ، المعنى ، الغاية ، الوجود .... الملاحظة الرابعة : ماالمقصود من مفهوم التاريخ ؟ أي ما هو التاريخ ؟ هل هو جدل الطبيعة وتناقضاتها بكل بساطة ! ثم ما المقصود من عبارة حدل الطبيعة وتناقضاتها ! هل هو ما يطرحه كارل ماركس من مقولات الأستغلال ، الأستعباد ، التناقض ، صراع الطبقات ، مبادئ الجدلية ، الأغتراب، ولادة الدولة والقانون وأنطفاؤهما ، علاقات الأنتاج ، الخ ! يؤكد ماركس وجود خمسة مراحل جوهرية في التاريخ هي التشكيلات الأقتصادية التاريخية ، التشكيلة المشاعية الخالية من الأستغلال والأستعباد والتناقض ، وتشكلية الرق والعبودية حيث تتولد فيها ، ولأول مرة في التاريخ ، تاريخ المجتمع المدني السياسي ، كافة المقولات السابقة التي تستمر في وجودها في التشكيلة الثالثة الأقطاعية وفي التشكيلة الرابعة الرأسمالية وفي المرحلة الأولى الأنتقالية من التشكيلة الخامسة الأشتراكية ، وتنطفئ في المرحلة الثانية من التشكيلة الخامسة وإلى الأبد بفضل وعي الضرورة لدى الطبقة العاملة . مع أخذ العلم ، وهذه نقطة أرجو الأنتباه إليها ، إن علاقات الأنتاج هي ماركسياً تحدد السمة الأساسية للنشكيلة الأقتصادية التاريخية ، كما أنها تجدد عند الأنتقال من تشكيلة إلى أخرى . وتحديداً حينما تحل علاقات أنتاج جديدة التي تنشأ بفضل تطور الآلة العلمية محل علاقات الأنتاج السائدة ، فإن تشكيلة جديدة تبدأ ضمن النسق والنظام الكاملين في القضاء على التشكية السائدة .... أي ، واعتماداً إلى ما سبق هذه النقطة الأخيرة ، نتحقق بكل بساطة ووضوح ، إن مبادئ المادية الجدلية لاتنطبق في كل مراحل التاريخ لافي المرحلة الأولى ( المشاعية ) ولا في الجزء الثاني من المرحلة الأخيرة ( الأشتراكية ، الشيوعية ) لأنتفاء وأنطفاء الأستغلال ، الأستعباد ، التناقض ، الطبقات وصراعها ، الدولة ، القانون . وهي ليست قوانين الطبيعة إلا في مرحلة محددة ، تلك المرحلة التي تناظر تحديداً مرحلة الأغتراب فقط ، المرحلة الوسطى في دورة الكمال التاريخي . وهنا ، إذا كنا نؤمن ، أنا وأنت وماركس ، بمصداقية وحتمية مبادئ المادية الجدلية ، ينبغي أن نقر إننا إزاء إشكاليتين ، وإشكالية إضافية أخرى . الأولى . ماقيمة هذه القوانين ، مبادئ المادية الجدلية ، إذا أدركنا أنها لاتستحوذ على قيمة مطلقة في أنطولوجيتها ، بدليل أنها لاتنطبق في جميع مراحل التاريخ . ثم ألا يعني هذا أنها ليست مبادئ الوجود العام الكلي . أم ينبغي أن ندرك تماماً إن نسبية الحقيقة لاتلحق مفهوم تطور الأشياء في الطبيعة وحده ، إنما تلحق أيضاً المبادئ التي تستحكم به ، وهذه مسألة مفتوحة ، لأن الأيمان بالأتجاهين يولد أشكاليات جديدة خاصة بكل إتجاه على حدة ، وقد نطرح هذه الأشكاليات في كتابات قادمة . الثانية . ما هي القيمة الفعلية لمفهوم وعي الضرورة الذي يتدخل لأول مرة بصورة حاسمة إلى جانب علاقات الأنتاج في مسألة الأنتقال من تشكيلة تاريخية إلى أخرى . ويلعب دوراً مميزاً وفريداً في التخلي الذاتي عن مفهوم الأستغلال ، الأستعباد ، القانون ، الدولة ، وبالتالي أضمحلال هذه المقولات . ثم ما هي الضمانة الأكيدة ( درجة الحتمية ) في تحقيق هذا التصور . ثم ألا ينم هذا عن تناقض ما في نسقنا ونظامنا قي علاقة الوجود بمبادئه وعلاقة الطبيعة بقوانينها إذا ما أضفينا تلك القيمة على مفهوم الوعي ، وعي الضرورة . وهنا قد تتدخل دالة الأمتلاء في تحديد العلاقة ما بين الحاجة والوعي ، بحيث يبدو هذا الأخير وكأنه عنصر من عناصر الحاجة وبالتالي جوهراً مقوماً لممفهوم الضرورة . الأشكالية الثالثة الإضافية . ماالمقصود من مفهوم التاريخ هنا ! هل هو تاريخ الأستغلال والأستعباد المطابق للمرحلة الوسطى قي دورة الكمال التاريخي ! أم ما هو هذا التاريخ الذي يناسب التشكيلة الأقتصادية التاريخية الأولى ، والمرحلة الثانية من التشكيلة الخامسة والأخيرة ! أم أن تعريف ومحتوى التاريخ هما الآخران مرهونان بدرجة التطور المحايث الفعلي .... وهكذا ، تترائ العلاقة الحدية ، من جهة مابين الموضوعية في ذاتها والوضعانبة لذاتها ، ومن جهة أخرى ما بين وعي الضرورة و دوره التاريخي ، ومن جهة ثالثة ما بين التاريخ نفسه ومعناه والمقصود منه ودرجة تطوره ، ومن جهة رابعة ما بين إشكالية وعي الضرورة و إشكالية الأشكالية . وهكذا تترائ لنا أبعاد المدخل الحقيقي إلى إدراك موضوع آفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة .. وهذا سيكون حديث الحلقة القادمة ...
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الأولى )
-
رسالة سرية للغاية للرئيس مسعود البارزاني
-
نقض اللوغوس .... وموت النظام
-
نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الثانية )
-
نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الأولى )
-
الشيوعي العمالي ... مابين ماركس وتروتسكي
-
الطيور المهاجرة .... نقض الأنسان وموت الطبيعة
-
1 رؤية مستعصية في واقع متناقض ....جدلية المعنى والقوة ... ال
...
-
الأشكالية اللبنانية ... ما بين السياسة ... ونقيضها
-
رؤية مستعصية في واقع متناقض ....جدلية المعنى والقوة ... الحا
...
-
دالة العنف ... ما بين الأرهاب والجهاد
-
رسالة نضالية إلى المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي الكردستاني
المزيد.....
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
-
افاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عصر العولمة-بق
...
/ مجلة الحرية
المزيد.....
|