أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - الكذبة الحقيقية














المزيد.....


الكذبة الحقيقية


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2271 - 2008 / 5 / 4 - 10:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


علمنة.. لطائفية
تسير في الشارع، وتسمع الناس جميعاً يتحدثون بثقة، يقولون لبعضهم البعض "أنا ضد الطائفية" ثم يستدرك أحدهم بحزم "أنا مع علمنة النظام لأنه الحل الوحيد" ومن ثم يبتسم جميع الحاضرين تأييداً وإرتياحاً لهذا التوافق.
أراهن أن كل الشعب اللبناني ضد الطائفية، وأخاطر بمنطقي لأضيف أنه كله -أي الشعب اللبناني- مع علمنة الدولة. لكنني في المقابل أؤكد أنه على إستعداد تام لدفن كلامه هذا ونفيه بسرعة البرق في جيوب النسيان والتمترس تلقائياً خلف العصبية المذهبية والعشائرية عندما تستدعي الحاجة. إننا نعيش وسط نفاق مثير للسخط حقاً، كلنا نؤمن بالحق، لكننا نلتف عليه لنحقق حقاً أخر هو بمثابة اللاحق. لو أجرينا الآن إستفتاءً جدياً لرأينا بأم العين والأرقام أننا علمانيون منذ الولادة. نحن شعب إحترف الكذب حتى النهاية.
النفاق لدينا صار وظيفة أو هواية وغواية. كيف تكون علمانياً وتتمترس خلف رأيك؟ كلنا علمانيون، هذا صحيح، لكن ما هي هذه العلمانية المتفق عليها؟ كيف تكون لا طائفي ولا تطيق الأخر؟ كلنا ضد الطائفية، هذا صحيح، لكن ما هي هذه الطائفية البغيضة المتفق على كرهها؟
ما يثيرني حقاً أننا ندعي. نحتل المراكز الأولى في الإدعاء، نكذب أولاً على أنفسنا ومن ثم على العالم كله ولاحقاً نصدق كل شيء. لا نعترف أبداً بعصبيتنا الطائفية، لكننا نمارسها بفجور ووقاحة ومن ثم ننهرها لأنها عيب ومخالفة للقيم والأخلاق التي ندعيها. لم أرَ إنساناً بعد يعترف بأنه طائفي، رغم أننا نعيش في أشد وأحنق الحالات طائفيةً وتطرف. نختبئ -بمهارة- خلف إصبعنا... دليلاً على الشطارة اللبنانية.
هذا التأييد للعلمانية والرفض للطائفية، كالإكسسوارات التي يرتدينها النساء في الحفلات واللقاءات الإجتماعية، بمعنى أخر هي زينة خارجية، تخفي الداخل وتغش الناظر، وحين نخلعها تبان الحقيقة أمامنا جلية واضحة... لكنها سيئة ومقرفة ووضيعة.

جبران خليل جبران
أدب جبران خليل جبران، أدب عالمي بإعتراف العالم أجمع، تناولته دراسات عديدة من مختلف الجوانب والأصعدة، أثبتت جميعها نبوغ كاتبه وتألقه فوق الجميع. لكن لهذا الأدب صفة أو وجه أخر، لم ينتبه له الدارسون والفاحصون. فالأدب الجبراني أيضاً دخل في صميم الزينة اللبنانية والكليشيهات المتكررة، مثله مثل تأييد العلمانية ونبذ الطائفية.
هذه السنة، هي السنة الـ125 على ولادة أديبنا العملاق جبران خليل جبران، لبنان كله يحتفل بهذا الحدث الهام.
ولا شك أن جبران حاز على تقدير جميع اللبنانيين، ولربما يكون هو الوحيد من بين الكتبة والأدباء اللبنانيين، الذي نال حيزاً واسعاً من مادة الأدب العربي المدرسية في كافة الحلقات الدراسية (والجامعية)، فلا يخلو كتاب مدرسي من نص أو نصوص لهذا الأديب الكبير.
ما أريده الآن، هو أن نسير مرة أخرى في الشارع اللبناني، في كل الشوارع والأزقة والدساكر، وأن نسأل المواطن "فلان" عن أديبه المفضل، طبعاً هذا المواطن لن يتردد ثانية في أن يقول "جبران خليل جبران بكل تأكيد" ومن ثم يمضي في مسلكه معجب بإجابته. هي ظاهرة لافتة أن كل اللبنانيين يعتبرون جبران خليل جبران أديبهم المفضل. الكلام هنا ليس بهدف "إهانة" الأدب الجبراني، فأنا لست في أي موقع أو مستوى يجيزان لي القيام بذلك، لكن الغاية الأساس من هذا العرض، التأكيد المستمر أننا نمتهن الكذب والنفاق. فهذا المار الذي طرحنا عليه السؤال، هو غالباً لم يقرأ يوماً كتب جبران، لكنه سمع به لشهرته الواسعة.
هاتين الظاهرتين "تأييد العلمنة ونبذ الطائفية" و"حب أدب جبران خليل جبران" تنتشران بشكلٍ واسع وكبير في صفوف الشعب الموتور هذه الأيام، كما في صفوف الفنانين اللبنانيين المحترمين(ليس تهجماً على الفن)، فلا تخلو مقابلة سخيفة أو مركبة وملفقة، من ذكر هذين العاملين. ويا للصدفة أنهم جميعاً متفقون... ولو فعلاً نحن هكذا، فكيف لم نستثمر هذا الإتفاق لصرع الحروب وقمعها، وخاصة أن هذين العاملين يحملان من القيم الإنسانية ما يكفي حقاً للنهوض والمقاومة!؟
هذا الكذب الجلي، لا ينمي في نفوسنا سوى الضمور والفشل، فالعلمانية إذذاك يُنتهك عرضها وتشوه وتصبح أداةً للترفع أو نوعاً من الوجاهة الإجتماعية، رغم أنها أصلاً من صلب الناس المجردين من أي إضافة غير إنسانيتهم، ومن دونهم لا تقوم ولا يقوم بلد ولا ديمقراطية ولا تستمر الحرية ولا تنمو الثقافة. ويصبح رائداً كجبران خليل جبران، مطية إدعاء ليبرز هذا أو ذاك أنه "مثقف"، فتتلاشى حينها قيمة أدبه القائمة في صلبها على الحب والنبوة الإنسانية المفقودين في هذا المجتمع الإنعزالي الإنغلاقي والحجري المتخلف. إلا إذا كنا –والله أعلم- نقرأ دون إستفادة أو فهم، وهنا مشكلة أخرى أكثر وطأة وقسوة وكارثية من عدم القراءة وإنعدام القراء!
أخيراً نبني وطناً: أرضه من كذب، جدرانه من كذب، بيوته من كذب، عائلاته من كذب، شوارعه وأزقته من كذب، ناسه من كذب، عقوله وأرواحه وأجساده من كذب، ملحه الكذب والدجل والنفاق... فنقطع الشك باليقين عندها أن بلدنا محض كذب. وهي قطعاً الكذبة الحقيقية المؤكدة!





#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شؤون -المحادل- والديمقراطية
- ساقطة.. ساقطة.. ساقطة
- شهداء مجانين
- بل بحبل مشنقة
- -الحسبة- والمواطن السعودي
- الله إلكترونياً: تسعيرات واضحة!
- تضامناً مع وفاء سلطان:ماذا عن الرأي الآخر؟
- هي لحظة
- ماذا عن ميشال سورا؟
- لا أريد أن أموت
- الزواج المدني: الخطوة الأولى
- بيروت،أدب وفن
- حالة حب (قصة قصيرة)
- بيروت:-مملكة الغرباء-
- غزة فوق الحصار
- ثقافة -حرق الإطارات-
- أسئلة وقبلة
- القتل العادي!
- ترسبات طائفية!
- حول مقولة: الدين لله والوطن للجميع


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - الكذبة الحقيقية