|
في إطار المنهج والسلوك:
محمد صبحي السويركي
الحوار المتمدن-العدد: 2270 - 2008 / 5 / 3 - 07:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في إطار المنهج والسلوك النقد الذاتي ضرورة أخلاقية للحركة الإسلامية تابعت باهتمام النقاش الدائر حول أداء الحركة الإسلامية المعاصرة (الجهاد الإسلامي على وجه الخصوص) وهو نقاش مبشّر بلا شك، ذلك أن المراجعة الذاتية هي سمة إنسانية واجبة، ولو تأملنا مسيرة حركة الجهاد الإسلامي منذ بدايتها لوجدنا أن النقد الذاتي كان باستمرار حاضرا، ليمثل ما هو أكثر من ضرورة إنسانية، بل تحول النقد الذاتي إلى ضرورة أخلاقية قام على أساسها بنيان حركة الجهاد. ترجع معرفتنا بحركة الجهاد الإسلامي إلى أوائل الثمانينات (1981 تحديدا) وقد تعرفنا عليها من خلال بروزها كتيار نقدي لمسيرة الحركة الإسلامية آنذاك، ونقصد حركة الإخوان المسلمين التي أكن لها شخصيا كل احترام. وأبرز ما جاءت به حركة الجهاد الإسلامي آنذاك محاولتها جسر الهوة الواسعة في عمل الحركة الإسلامية في مجال العمل الوطني الجهادي، ذلك أن حركة الجهاد الإسلامي ومن خلال فعل ناقد للواقع استحضرت منظومة من الأفكار والسلوكيات التي لم يكن للحركة الإسلامية عهد بها آنذاك. ومن خلال الجلسات التثقيفية التي كان يعقدها رموز هذا التيار كان واضحا أن المبرر الأخلاقي لوجود الجهاد الإسلامي إنما يرتكز بشكل أساسي على نقد الواقع وليس التعايش معه، ولم يكن هذا دأب الدكتور فتحي الشقاقي وحده ،رحمه الله، بل دأب إخوانه الآخرين كالشيخ عبد العزيز عودة، والدكتور رمضان شلح، والدكتور محمد الهندي، والشيخ نافذ عزام.. الذين قادوا الانقلاب على المفاهيم السائدة آنذاك، ومن نافل القول أن المضمون الأخلاقي للتحولات التي قادها الجهاد الإسلامي آنذاك هو ما جذبنا إليه، ودفعنا إلى ترك ارتباطاتنا البسيطة مع التيار الإسلامي العام الذي لم يكن قد تبلور بعد في صورة حركة الإخوان المسلمين. وإذا ما تأملنا ما جاء به الجهاد الإسلامي لوجدنا أن السمة النقدية تتجلى في كل مجالات عمل هذه الحركة الرائدة، ابتداء بالشعار المعجزة الذي حاول هذا التوجه أن يرسيه (فلسطين قضية مركزية) وليس انتهاء بإرساء مفاهيم النقد الذاتي للحركة الإسلامية (كانت حركة الجهاد أول من نشر كتاب ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية للدكتور خالص جلبي) مرورا بكون مشروع الجهاد الإسلامي الوحيد الذي ارتكز في نشأته على رؤية حضارية عملية واقعية لتحرير فلسطين، وقد تجلّت تلك الرؤية في ضرورات مثل/ ضرورة الجهاد ضد الاحتلال بدون تأخير (أول عملية عسكرية للجهاد قام بها كل من أحمد مهنا وأحمد أبو حصيرة في ساحة ميدان فلسطين).. وعمليات الطعن بالسكاكين التي شغلت حيزا مهما في الواقع الفلسطيني سنة 1986 (أبطالها خالد الجعيدي وعماد الصفطاوي فك الله أسرهما) فكانت تلك العمليات بمثابة إرهاصات لانتفاضة 87 المباركة. كما اهتم الجهاد الإسلامي منذ بداية نشأته بالثقافة، التي اعتبرها أداته لفهم الواقع تمهيدا لإحداث التغيير المنشود. وإذا ما نظرنا إلى واقع حركة الجهاد الإسلامي اليوم لوجدنا ما يدلل على وجود أزمة فعلية في هذا التنظيم، ففي مجال العمل الجهادي لم يعد الجهاد الإسلامي يمتلك رؤيته المعهودة لتحرير فلسطين، وإنما بات يمتلك مجموعة كبيرة من الصواريخ التي يتم إطلاقها بمناسبة وبغير مناسبة! أما على صعيد الثقافة والوعي فلم يعد الجهاد الإسلامي متصلا بماضيه الذي كان أشد ما ميزه هو الوعي وامتلاك نظرية للتحليل. ولعل الأصوات التي نسمعها اليوم من هنا وهناك (ليس انتهاء بعبد الله الزق، مروان أبو شريعة، سائد السويركي، حسن أحمد، مصطفى النشاصي.. الخ) من أوضح الأدلة على اشتداد الأزمة التي يعيشها الجهاد، فما يجمع بين هؤلاء جميعا هو أنهم جميعا تربوا في الدفيئة الأولى للجهاد الإسلامي، التي مكّنتهم من امتلاك أداة لتحليل الواقع والتعامل معه.. ومن هذا المنطلق فهم يقارنون بين جهاد الأمس وجهاد اليوم فيبدو لهم البون شاسعا.. إن ما يثار اليوم من أسئلة حول عمل الحركة الإسلامية بشكل عام هي أسئلة مشروعة تستحق التوقف عندها باحترام، ويزداد إلحاح السؤال إذا علمنا أن المئات (إن لم نقل الآلاف (من أبناء الجهاد الإسلامي تحديدا) قد تركوه لسبب وحيد، أنهم لم يعودوا يجدون أنفسهم معه! إنني من هنا أتوجه للأخ الصديق الدكتور رمضان شلح برجاء الاستماع إلى هذه الأصوات المخلصة، والتي تمثل أحد روافد الضمير الحي للحركة الإسلامية المعاصرة، ونقول له: هذه الأصوات تشكل اليوم ما كنتموه بالأمس.. فلا تحرموهم من حق التعبير عن آرائهم باحترام، وبعيدا عن المهاترات الشخصية! إننا وإذ نتوقف عند واقع الحركة الإسلامية المعاصرة (حماس والجهاد الإسلامي على وجه الخصوص) نذكر بأن النقد الذاتي لم يعد مجرد خيار بالنسبة للحركة الإسلامية، بل بات ضرورة أخلاقية ملحة، بعد أن تعرضت تجربة الحركة الإسلامية في غالبية المواقع العربية للاهتزاز.. ومن هنا فإننا نقف باحترام أمام كل الأصوات الشجاعة التي امتلكت القدرة على نقد الذات، فألف تحية لغازي حمد، أحمد يوسف، صالح النعامي، ياسر الزعاترة، عبد الله الزق، مروان أبو شريعة، وأخيرا وليس آخرا.. سائد السويركي.
#محمد_صبحي_السويركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|