أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهيل أحمد بهجت - الثقافة العراقية و الطريق إلى الحداثة















المزيد.....


الثقافة العراقية و الطريق إلى الحداثة


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2269 - 2008 / 5 / 2 - 00:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كيف نصل بالثقافة العراقية إلى الحداثة و العصرنة؟ إن هذا السؤال يصلح لأن يكون كتابا و أي كتاب، لكنني سأحاول أن أطرح أهم أفكاري بهذا الشأن بشكل موجز و أترك التفصيل للكتاب الذين يمتلكون الإمكانية لإنجاز عمل مهم كهذا، و إذا كنا سننتقد الثقافة العراقية و نعرف مواضع الخلل و الضعف و القوة فيها فذلك لكي نصبح قادرين في المستقبل على إنجاز مشروع ثقافي ناجح و حقيقي ، لأن الثقافة العراقية تعيش أزمة "عقل" و أزمة إنتاج و إبداع.
و لأن المعرفة و الثقافة هي أشبه بالمحيط الكبير الذي لا يقدر أحد على تلمس شواطئه فإن الباحث و الكاتب يجب أن يستعين بنماذج تكون أشبه بالعيِّنة التي يمكن أن توصلنا إلى الخطوط العامة للتفكير و المنطق الثقافي العراقي، و ليعذرني المثقفون إذا لم آت بنماذج بعينها لأنني لا أريد أن أشخص أي مثقف ـ أو حتى ذلك الذي يعتبر نفسه مثقفا ـ بالشكل السلبي و بالتالي يظن أن المسألة ,,شخصية’’ و لكن هذا لا يعني أن ما أود الوصول إليه ليس واقعيا حقيقيا.
هناك من العراقيين من يريد الوصول إلى الثقافة الحداثية بسرعة تكون ضوئية دون طرح السؤال الثقافي الأهم: ما هي شروط الثقافة الحداثية؟ و كنت أجد بعض الإخوة الفنانين و المسرحيين في دهوك يعاتبونني دوما لأنني كنت أعبر عن عدم قناعتي بقيمة ما يقدمونه من أعمال فنية، كذلك يفعل رسامون و كتاب، لأن المسألة ببساطة أن البعض يريد أن نقول أننا كعراقيين نعيش في عصر الإنجازات الفضائية و التقنية في العراق بينما على أرض الواقع لا نكاد نمتلك الخدمات الحياتية الأساسية.
الحداثة لا تعني الهروب من الواقع إلى الخيال القسري و الحداثة و المعاصرة لا تعني أنك بمجرد أن تحذف القافية من القصيدة و تتلاعب بواقع شخصيات الرواية المراد تأليفها تكون قد دخلت عصر الحداثة، فالأدب الرمزي إذا كان رائجا في الدول الأوروبية و أمريكا الديمقراطية فهو منتشر أيضا في دول "دكتاتورية" مستبدة تعمل الرقابة على المطبوعات و تخنق حرية التعبير، إذا فإن بعض تجليات "الحداثة" قد لا تكون في صالحنا، لا أعني هنا أنني أقف معارضا لحرية الخيال كونه الأساس الأول لأي عمل فني ممتع، لكن البعض من مثقفينا يلجأون إلى الرمزية المفرطة و كأن هذا العمل المسرحي أو اللوحة و القصيدة هي محض خيال كامل يناقض الواقع و بالتالي نقع في أوهام بعض الأدباء الذين يرفعون شعار "الأدب من أجل الأدب"، "الفن من أجل الفن".. و إلى غير ذلك من المنطق السلبي الذي ينزع عن الفن و الثقافة و الأدب كل روابطه الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الفلسفية، فنظرية أن "الأدب مرغوب بحد ذاته" أو الثقافة و الفن مرغوبان ذاتيا!! فذلك أمر سلبي كليا ـ و الأنظمة الدكتاتورية و الجهات السياسية و الثقافية ذات النزعة الدكتاتورية هي من يروج لهذه النظريات ـ فاللغة مهما كانت جميلة و منمقة و بليغة و لها أصول "فصحى"!! لا تعني شيئا إذا لم تكن انعكاسا للمجتمع أو تعبيرا يريد نشر فكرة جديدة أو قيم جديدة للمجتمع الحداثوي السائر نحو التقدم تصاعديا.
من هنا كان بعض أو جل الحداثويين في بلداننا الشرقية عموما و العراق خصوصا، لا يختلفون عن أصحاب المنطق القديم التقليدي، فالتقليدي أو أصحاب البلاغة هم مقلدون للقدماء و الحداثيون هم مقلدون للحداثيين في الغرب أو غيرها من الدول التي تطورت لتبلغ تلك المرحلة بعد أن استنفذت الواقعية كليا، لذلك فإن اللجوء إلى الرمز في أوروبا اللبرالية و الديمقراطية يختلف كليا عن أسباب مواطني الاتحاد السوفيتي و الدول النامية الدكتاتورية إلى الرمز، فالمجتمعات الحرة بعد أن شبعت و أتخمت بالحرية و الإبداع، راحت هذه المجتمعات تبحث عن مجالات أخرى من اللا مفكر فيه و المناطق المظلمة من العقل التي تحتاج إلى أن تستكشف، بينما لجأت المجتمعات التي تعاني من الضغط و الكبت إلى الرمز هربا من الرقابة و الاعتقال و الاضطهاد الفكري ككسر للحواجز دون الاصطدام بالسلطة الحكومية أو الاجتماعية.
و أفضل تغيير حصل للثقافة العراقية منذ الإطاحة بنظام البعث و طاغيته هو عودة "الشعر الشعبي" إلى الانتعاش بعد أن خنقه النظام و كاد يختفي لو استمر القهر عقودا أضافية، ذلك أن هذا الشعر الشعبي رغم كونه يمتلك قواعد و أصولا هي أشبه بالنحو و الصرف و أصول الكتابة الشعرية إلا أن الشعر الشعبي هو خروج سلمي من "تقديس اللغة" الذي طغى للأسف على العربية الفصحى و جعلها لغة جامدة لا روح فيها على الأغلب، صحيح أن هناك من استطاع أن يبدع بهذه الفصحى أعمالا فنية تنبع من رحم المجتمع و مظالمه، كنموذج نأخذ الشاعر العراقي الكبير موفق محمد، لكن اللغة "العامية" الشعبية التي تتوفر في الشعر الشعبي ستخلق بمرور الزمن هوية "عراقية" تختص بالعراقيين فقط، ليس بمعنى أنها لن تكون مفهومة من الشعوب الأخرى بل بمعنى أنها ستطبع جزءا كبيرا من الشخصية العراقية إلى درجة أنني أجد في العراق شخصا لا يفهم كل كلمات "قصيدة شعبية" لكنه يجدها عموما تعبر عن انتماء إلى "طبقة الفقراء" أو المواطن العادي و مشاكله.
لكن ما يخشى منه أيضا أن تتحول الفصحى إلى لغة ـ الطبقة الحاكمة ـ و تبقى العامية لغة منفصلة وسط الشعب الفقير، و أن الطبقة المهيمنة دائما ما تلجأ إلى خلق لغة يصعب التقاطها و فهمها، لكنني أعتقد أن التركيبة السياسية و الاجتماعية للعراق الجديد تمنع و تحمي الثقافة من الوقوع في هذا المطب، فهذا الأمر كان واقعا حينما كان يهيمن نظام قائم على العنصرية و الطائفية يعتبر أن الحاكم يمتاز بصفات جنسية "عرقية" تميزه عن أولئك المحكومين الأدنى نقاءا من حيث "الدم و العرق" حسب الخرافات القومية، إذ لم نعد في نظامنا الجديد نحتكر السلطة لفئة معينة أو تقسيمها على هذا الأساس، فكل عراقي قادر أن يعتبر نفسه متساويا مع الآخرين دون أن يمتاز عليه أحد لأسباب عرقية أو جنسية أو دينية طائفية، و إن كان هذا لم يطبق بحذافيره على أرض الواقع إلا أن إعادة تأسيس العراق على هذا الأساس سيحول النهر العراقي إلى مجراه الإنساني الذي ينبغي أن يكون.
مطلوب من مبدعينا الآن أن يجسدوا واقعنا بكل آلامه و مشاكله، ليس في إنتاج الأعمال الفنية ضد الإرهاب حصرا، ربما لهذا الأمر أولوية بسبب الأوضاع الحالية، لكن لا بد من تجسيد كل الطموحات و المعانات الشعبية فبدأ من حاجات الإنسان العراقي إلى العلاقة العاطفية الجنسية ـ للعراقيين و الشرقيين عموما حسياسية تجاه هذه الكلمة ـ و مرورا بعبودية الأشخاص و المثل الدينية و القومية و انتهاءا بالحكم و السياسة و التاريخ، كل هذه المجالات تنتظر من العراقيين أن يفجروا طاقاتهم الإبداعية ليضعوا أيديهم على مواضع الألم و المرض و يجدوا لها الحلول، فالإبداع يعني الثورة على كل التراث ـ المقدس و غير المقدس ـ لخلق مفاهيم و قيم تعبر حتى بالمتدين الذي يرى لنفسه ارتباطا بالماضي السحيق إلى عصر الحداثة و التنوير حيث لا سؤال ممنوع و لا فكرة ممنوعة من الطرح ما دامت لا تستعمل السلاح و العنف.
لا يحق لأحد حسب الحداثة ـ إن أردنا لها أن توجد في العراق ـ أن يملي على المفكرين و المبدعين في أن يقسموا أفكارهم إلى ممنوع و مسموح، فالحداثة مقترنة بكسر القيود لا بالعنف كما نتصوره نحن الشرقيون و لكن عبر تطوير الأفكار من خلال الحرية المحمية قانونا، فمحاولة العثور على الحقيقة هي ألذ من العثور على هذه الحقيقة ذاتها، و مشكلتنا مع الحرية أننا حينما نطرح أفكارنا نلجأ دوما إلى التبرير الديني لتبرير طرح الفكرة، بينما الطريقة الواقعية الصحيحة التي يمكن أن توصلنا إلى نتائج مفيدة هي في مناقشة الفكرة ذاتها بعيدا عن أي أفكار و أحكام مسبقة قد تعيق فهمنا للواقع و للمحيط البيئي، المجتمع و قوانينه و أفراده و قوانين العقل الفردي في مجتمعنا.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]





#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حربنا المصيرية ضد الإرهاب
- فليأكل الجياع -الكعك-!!
- الأحزاب -الشعاراتية- العابرة للحدود
- العراق و النقلة الحضارية
- العراق .. نحو -الهوية الإنسانية-!!
- المواطن العراقي .. و حكم الأقلية الفاسدة
- سؤال حيَّر العراقيين!!
- حياة ثقافية.. للرجال فقط!!
- لبننة العراق و عرقنة لبنان!!
- المشهداني: -وا معتصماه.. وا صدّاماه-!!
- لن ننسى جرائم البعث.. و لن يخدعنا المسئولون الجدد
- تحيّة إلى أهل الجنوب..
- لا عيون و لا آذان..
- حول الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة
- لا لقوانين الصحافة..
- حول دعوة مقتدى الصدر للتظاهر.. -ضحايا-!! يبكون على صدام..
- وعي المواطن العراقي للإنتخاب!!
- العراق على عتبة الديمقراطية
- هل يعود البعثيون إلى الحكم؟
- لا يبني دوْلة..!!


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهيل أحمد بهجت - الثقافة العراقية و الطريق إلى الحداثة