فتنمة العراق / برنامج الاغتيالات في العراق - إحياء مشروع فينكس

المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديمقراطي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 704 - 2004 / 1 / 5 - 07:24
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 كتب روبرت دريفوس في العدد الأخير لمجلة The American Prospect المهتمة بالسياسات غير المعلنة للإدارات الأمريكية وذلك في عددها الصادر في الأول من يناير/كانون الثاني الحالي مقالة بعنوان "إحياء مشروع فينكس". ولأهمية وخطورة هذا المقال يقوم مكتبنا الاعلامي بترجمته ونشره :

بمرور الوقت واقتراب الانتخابات وسط الاهتمام المتزايد من الجميع بأمر الفوضى في العراق والإصابات الأمريكية، يقوم صقور إدارة الرئيس بوش بتصعيد البراهين عسكرياً. لمن يعرف بأمر اغتيالات فينيكس الخاصة بالمخابرات الأمريكية في فيتنام، أو جماعات الموت في أمريكا اللاتينية أو سياسة إسرائيل الرسمية بعمليات الاغتيال التي تستهدف النشطاء الفلسطينيين، لمن يعرف أيا من هذه الأمور  فالنتائج تبدو مألوفة ببرود.

  المشهد الذي أمامنا يُعلمنا أن جزءً من ثلاثة بليونات من الدولارات في الاعتمادات المالية الجديدة - والتي هي جزء من 87 بليون دولار مخصصة للاستيلاء على العراق أقرها الكونجرس في نوفمبر الماضي - هذا المبلغ - ثلاثة بليونات دولار - سيستغل في تكوين وحدة شبه عسكرية تخضع لإدارة قوات تتحد مع ميليشيات المجموعات العراقية العاملة ضمن مجلس الحكم في العراق. يقول الخبراء أن هذا قد يؤدي إلى موجة من الاغتيالات الشرعية المتزايدة، ليس فقط من قبل المتمردين المسلحين بل من الوطنيين كذلك؛ المعادين لاحتلال الولايات المتحدة للعراق بالإضافة إلى الآلاف من المواطنين الذي ينتمون لحزب البعث - والذين يصل عددهم إلى 120.000 وهم الباقين من 2.5 مليون عضو في حزب البعث العراقي السابق.

قال فينسنت كانيسترارو، الرئيس السابق لجهاز مكافحة الإرهاب في المخابرات المركزية الأمريكية: "من الواضح أنهم يعدون لتكوين فِرَق مشتركة لتقوم بأعمال تشبه فينيكس السابقة في فيتنام". وعبّر بسخرية أن القوات الأمريكية في العراق تعمل مع بعض أعضاء وكالة المخابرات الخاصة في نظام صدام حسين لبدء تشغيل هذا البرنامج. وأضاف: "إنهم يعدّون فِرَقاً صغيرة من القوات الخاصة مع فِرَق من العراقيين، ليعملوا مع أُناس كانوا قادة في المخابرات العراقية سابقاً للقيام بهذه الأشياء".

هذه الخطة هي جزء من المحاولات اليائسة للفوز بالحرب قبل فوات الأوان. توجيه الجهود يتم من قِبَل المحافظين الجدد بالولايات المتحدة وحلفائهم في البنتاغون وفي مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، والذين يبدون قلقاً واضحاً حول عدم تمكن الولايات المتحدة من إخماد التمرد العراقي بوقت كاف قبل نوفمبر/تشرين الثاني القادم. كما يبدون قلقهم من أن مستشاري الرئيس بوش السياسيين سيفرضون سلطتهم على فريق الأمن القومي ويقنعون الرئيس بإنهاء عملية العراق. ولذا، قرروا تجنيد جهود حربية مكثفة للاتحاد مع برنامج متطرف جديد مضاد للتمرد.

سيُمول مبلغ الثلاثة بليونات دولار المخبّأ عمليات مقنّعة (سوداء) كبرنامج مصنف للقوات الجوية. ويقول جون بايك، خبير الميزانيات الحربية في موقع globalsecurity.org، أن المبلغ، المُوزع على ثلاث سنوات، غالباً ما سيتم نقله مباشرة إلى المخابرات المركزية الأمريكية مما يعد دعماً إضافياً بنسبة 25 % حيث أن المخصصات المالية السنوية لها تصل إلى أربعة بليونات دولار. ستمتص عمليات العراق معظم هذا المبلغ بينما يكون نصيب أفغانستان بسيطاً. إن عدد ضباط المخابرات المركزية الأمريكية في العراق الآن يصل إلى 275 وهو سيتزايد بشكل كبير ليكتمل في النهاية العدد الضخم من أفضل القوات "المضادة للتمرد" العسكرية الأمريكية. طبقاً لما قاله ميل جودمان، المحلل بالمخابرات الأمريكية سابقاً، سيذهب قدر وافر من هذه الاعتمادات المالية السرية لشيوخ القبائل الضجرين خاصة في منطقة وسط العراق التي تسودها العقيدة السُنية. وأردف قائلاً: "أفترض أن هناك عملاء للمخابرات المركزية يمشون وفي أيديهم حقائب  تمتلئ بالنقود".
لكن هذا الكم من الأموال المخبأة سيدعم جهود الولايات المتحدة لتكوين قوات أمن عراقية ذات عقلية انتقامية وقاتلة. ويقول بايك: "ستُخصص هذه النقود الوفيرة لتكوين شرطة عراقية سرية لتصفية المقاومة. ويجب أن يكون ولائهم الكامل للولايات المتحدة."
ونظراً لعدم قدرة البنتاغون على قمع المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي، فهو يجدد مهمات قواته للعمليات الخاصة والمخابرات في العراق؛ وهي وحدة مصنفة تحت قيادة قائد لواء قوات جوية. كما يتم إغداق الأموال لتكوين جيش عراقي سري قوامه الأساسي هو الجنود بالإضافة إلى أعضاء من مجلس الحكم العراقي الألعوبة الصوري. جنود الميليشيات هؤلاء على علاقة بالمؤتمر الوطني العراقي المسؤول عنه أحمد الجلبي، وقوات البيشميركة الكردية ووحدات الشيعة شبة العسكرية، خاصة الذين ينتمون للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي تسانده إيران. فنياً وبشكل غير شرعي، فإن البنتاغون قد تسامح بل وشجع هذه المليشيات المسلحة. وبعضاً من هذه المليشيات تقوم علنياً بحراسة بغداد ومدن أخرى، وفي جنوب العراق، تم حشد عدد لا بأس به من الأحزاب شبه العسكرية ذات الجذور الإسلامية مثل تلك التي تحمل اسم (انتقام الله).
ولأن عدداً كبيراً من جنود الميليشيات هؤلاء الذين يكونون القوات شبه العسكرية كانوا من الجماعات السياسية العراقية التي سبق وعملت من خارج العراق، فالعديد منهم لهم حسابات شخصية ليصفوها. فهم متسلحون بقوائم مفصلة عن البعث العراقي استولوا عليها من ملفات الحكومة السابقة. ففي بغداد والبصرة والعديد من المدن والبلدات الصغيرة، تم إطلاق النار على المئات من المسؤولين العراقيين السابقين وأعضاء من حزب البعث العربي الاشتراكي، ولم يتم القبض على الجناة بل ولم يطاردهم أحد. فعلياً يعد هذا فتح باب النار على أعضاء البعث سابقاً. حيث يقول الرائد إيان بول، المتحدث الرسمي للقوات البريطانية المتحكمة في البصرة لجريدة (نيويورك تايمز): "الحقيقة أنه من الصعب جداً حماية مسئولي حزب البعث السابق هؤلاء".
    يعد المؤتمر الوطني العراقي المسؤول عنه أحمد الجلبي فِرَق المخابرات الخاصة بها لاستخدام القوة ضد معارضي القوات الأمريكية. ويقود الجلبي، الابن المدلل للمحافظين الجدد بالولايات المتحدة والمختار من قبل البنتاغون ليصبح أول رئيس وزراء عراقي، يقود المقاومة المسلحة ضد سياسة البعث العراقية. هذا ويعترض الجلبي دائماً عند محاولة عناصر من قوات الولايات المتحدة الاستعانة بمساندة قوات البعث منخفضة ومتوسطة المستوى بأمل تحجيم البيروقراطية الوطنية إلى مكانها الأدنى، وعادة ما يصطدم الجلبي بضباط قوات الولايات المتحدة الأمريكية الذين يرعون المصالح المدنية.
ويحذو العديد من صقور الولايات المتحدة والمحافظين الجدد حذو الجلبي. ويقول أحد محرري جريدة (وول ستريت جورنال): "إن الأكراد والمؤتمر الوطني العراقي لهم العديد من عمليات المخابرات الممتازة التي يجب أن نسمح لهم باستغلالها. وبخاصة في إدارة العمليات المضادة للتمرد في المثلث الُسني".
     بوضوح أكثر، أستشهد هنا بعمليات أمريكية مماثلة أثناء حرب فيتنام  حيث كتب جاري شميت، المدير التنفيذي لمشروع "قرن أمريكي جديد" بحثاً ينادي فيه بجهود مضادة للتمرد مثل تلك التي تسمى برنامج كوردس (COORDS) في فيتنام، والتي هي عبارة عن جهود موازية الاغتيالات فينيكس الشهيرة. وعلى مائدة الغداء في واشنطن، سألت أحد الاستراتيجيين من المحافظين الجدد عن كيفية التعامل مع العراق، رد قائلاً: "لم يعد هناك وقت للطف واللياقة في المعاملة. فيجب أن نقتل هؤلاء الذين يصيحون "السقوط لأمريكا" ويرقصون في الشوارع عندما تهاجم أمريكا."
فاحتلال الولايات المتحدة للعراق يشبه فيتنام في أكثر من موضع. فالقوات الأمريكية إذا ما هوجمت، عادة ما ترد الاعتداء بإطلاق نيران عشوائية لتحصد المقاتلين والأبرياء معاً. فعدد القتلى يختلف، على سبيل المثال، ما حدث في سامراء عندما ادعت القوات الأمريكية قتل 54 متمرداً عراقياً، لكن أهل المدينة الغاضبين قالوا أن عدد القتلى لا يكاد يكون أكثر من 12 (بما فيهم من نساء وأطفال). وتم تفجير منازل المتمردين المشتبه فيهم. كما تم القبض على زوجة وأولاد عزت إبراهيم، مسؤول عراقي هارب يشتبه في تنظيمه للتمرد، وتم احتجازهم كرهائن. كما أصبحت قرية العوجة (مسقط رأس صدام حسين بجانب مدينة تكريت) بأكملها مُحاطة بأسلاك شائكة وتحولت إلى معتقل، لا يمكن الدخول إليها ولا الخروج منها إلا ببطاقات هوية تصدرها القوات الأمريكية.
في وقت مبكر من نوفمبر الماضي، أمر مدنيو البنتاغون القوات الأمريكية في العراق ببدء عمليات مسلحة مكثفة ضد رؤوس المقاومة المشتبه فيهم، باستخدام القاذفات المقاتلة، والصواريخ الموجهة بالليزر، وأساطيل إطلاق النيران والطائرات الهليكوبتر ضد كل الأهداف التي تعد على قدر من الأهمية مثل المخازن والمنازل الخالية. يقول بوب بورستين، الذي يشرف على سياسة الأمن القومي لمركز التقدم الأمريكي؛ مركز الفكر الليبرالي، يقول:"هي استراتيجية غير عاقلة على الإطلاق".
وحتى يتم إطلاق هذه القوات (قوات الاغتيالات)، كانت القوات المسلحة الأمريكية تحاول محاولات فاشلة لحشد الجماهير والتقرب إليهم قلباً وقالباً. لكن تماشياً مع سياسة المحافظين الجدد "لم يعد هناك وقت للطف واللياقة في المعاملة"، أمر البنتاغون بإيجاد العملية العدوانية الجديدة والتي تمثلت بعملية الزوبعة الجامعة وعملية المطرقة الحديدية. يقول دانيال بليتكا، نائب رئيس المركز التجاري الأمريكي للدراسات السياسية الأجنبية والدفاع، والذي عاد لتوه من زيارة للعراق، يقول: "إن لديهم أوامر "يجب عليكم القتال، والقتال بجدية"، وكأن فكرة أن هؤلاء الناس هم أشرار ويجب علينا القضاء عليهم، هبطت عليهم من السماء فجأة".
لكن "القضاء عليهم" ليست باستراتيجية، والولايات المتحدة غير موفقة في العراق، خاصة باتباعهم سياسة التجربة والإخفاق التي تبدو عشوائية وغير موجهة. مع الأخذ في الاعتبار قلق المحافظين الجدد بأن بوش الذي اتخذ جانب المحافظين الجدد وأطلق شعار الحرب على الإرهاب والذهاب إلى العراق، يمكن أن يتخلى عنهم كنوع من استراتيجية للهروب من أجل حماية جهود إعادة انتخابه. يقول البعض بصراحة أن البيت الأبيض "متذبذب"، بينما يؤمن البعض، مثل دونيللي التابع للمركز التجاري الأمريكي، بثبات بوش، لكنهم يعترفون بإعادة التفكير في الأمر. فيقول دونيللي بسخرية: "لشخص من المحافظين الجدد مثلي، وجود شخص من عائلة بوش يحمل لافتة ما يثير الأعصاب".
لكن بورستين والعديد من الأشخاص في واشنطن يؤمنون أن كارل روف، المرشد السياسي للبيت الأبيض، يفقد أعصابه مع فوضوية الموقف في العراق. يقول بورستين: "ليس لدي شك أن كارل روف على استعداد للحصول على ما يريد ثم التخلي عن الموقف". تناصر "بتلكا"، والتي تتمتع بعلاقة وثيقة مع مسئولي البنتاغون والبيت الأبيض، تناصر هذا الشعور، لكنها تقول: "بعض الذين يحيطون بالرئيس بالفعل على استعداد للحصول على ما يريدون ثم التخلي عن الموقف، لكن ليس مستشاريه للسياسات الخارجية".
يبدو أن آخر عمليات القوات بالإضافة إلى الجهود المضادة للتمرد تهدف إلى إقناع "روف"  بعدم وجود اختيارات والاستمرار في المقامرة بأن المضاربة على العراق ستؤتي بثمارها. يقول ريتشارد بيرل، أحد التابعين للمركز التجاري الأمريكي وعضو مجلس الدفاع السياسي وقد يكون رئيس التخطيط للسياسة الأمريكية في العراق، يقول: "هذا الرئيس غير عادي. فقد خاطر برئاسته ليقوم بعملية العراق". لكن "بيرل" يُبدي قلقه أن تتفوق الأمور السياسية على السياسة. ويضيف: "أتمنى ألا يصبح الأمر قضية سياسية، لأن هذا سيشجع كل من يريدون لنا الفشل وكل من يصطفون للوقوف أمامنا. فإذا ما كنا سنتراجع فأنا أرتعد عند التفكير في موجة الإرهاب التي ستتحرر بانسحابنا هذا".

ترجمة الدكتور محمد العبيدي / من المكتب الإعلامي  للتيار الوطني الديموقراطي .

#المكتب_الإعلامي_للتيار_الوطني_الديمقراطي_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات